رغم أن «نيويورك تايمز» تعتبر من أكبر الصحف في العالم، والرسمية للولايات المتحدة، ولا تهتم بالشأن الأمريكي فحسب، بل العالمي ولها باب مخصص عن إفريقيا، إلا أن هناك تقصيرا ثقافيا واضحا تجاه القارة السمراء؛ حيث تتعامل معها ككتلة واحدة وليست دولا منفصلة، وكل دولة لها ظروفها وتاريخها وأحداثها الخاصة، كما يتضح من خلال التقارير المنشورة في الصحيفة عن الدول الإفريقية حجم الجهل بثقافة القارة وعدم تحري الصدق فيما يكتب. وقالت صحيفة واشنطن بوست أن «نيويورك تايمز» ارتكبت نفس الأخطاء الاستعمارية القديمة التي يرويها التاريخ عن القارة الإفريقية، وعلى سبيل المثال، نشرت مقالا حول نهر الكونغو، استعانت بالمادة العلمية التي نشرها من قبل الاستعماريون، ولم يكتبوا معلومات حديثة عن النهر، وفي العام الماضي، كرمت الصحيفة الممثلة الاسكتلندية لويز لينتون، عن مقالتها التي كانت عنوان "كيف تحولت سنة حلمي إلى كابوس في أفريقيا"، استندت فيها على مذكرات لرجل أبيض اللون صور نفسه المنقذ لإفريقيا، كما صور القارة مليئة بالمناطق المتعبة ودارت مقالتها هول الحرب وفيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز"، والأيتام والأسود والفيلة والتماسيح والثعابين والملاريا، وكل شيء سلبي، متجاهلة النقاط الإيجابية في أي دولة، ولم يقتصر الأمر على نشر هذه المقالة المبتذلة المأخوذة من مذكرات شخص آخر، لكن الممثلة أسندت القصة إلى نفسها وزعمت أنها تجربتها الشخصية، بل انتقدت السفارة الزامبية حتى تعطي مصداقية أكثر لمقالتها المسروقة المزيفة. وأضافت الصحيفة أن فضيحة «نيويورك تايمز» من المفترض أن تجعل المحررين يفكرون أكثر من مرة قبل نشر أي تقرير أو مقالة عن إفريقيا خاصة التي توضح القارة كمكان، مظلم، بدائي وخطير، لكن نفس الخطأ تكرر، وبتاريخ 18 أغسطس، كتب المؤرخ بجامعة هارفارد، مايا جاسانوف، مقالة بعنوان "كونراد على نهر الكونغو" من خلال نظرة استعمارية وكيف نهض الاستعمار بالكونغو، وكيف طورالملك ليوبولد الثاني ملك بلجيكاالكونغو، ويعتبر ما جاء في المقالة مناقض للحقيقة التي تؤكد أن ليوبولد الثاني اختطف الملايين من الكونغوليين، للعمل في بلجيكا كعبيد كما قام الاستعمار بالذبح والتشويه، وكان رد فعل الأفارقة ووسائل الإعلام الإفريقية عنيفا وساخنا وشرسا ضد الأكاذيب التي تنشر في الصحيفة الأمريكية. والجدير بالذكر أن صحيفة نيويورك تايمز تأست في عام 1851 أي أنها جريدة عريقة لها تاريخ لا يجب أن تشوهه بتضليل القراء، كما أنها صحيفة وطنية أمريكية تعتمد كثيراً على الإشارات الرمية والموثوقة للأحداث الحديثة، فكيف تقع في ذلك الخطأ الفادح، خاصة أنها فازت ب95 جائزة بوليتزر؛ أي أكثر من أي صحيفة أخرى.