تسللت الصين داخل إفريقيا حتى أصبحت أغلب المظاهر الحضارية مطبوعة بالطابع الصيني من أول المواد الغذائية والملابس وحتى الطرق والمدن المهمة في القارة أصبحت صناعة صينية. كانت الحكومات الغربية تتخيل أن لديها كل القوة الناعمة داخل إفريقيا، خاصة بعد وجودها في القارة لأكثر من 100 عام خلال سنوات الافتراس الاستعماري، التي حاولت بعد انتهائه أن تحافظ على موطئ قدم لها في القارة السمراء من خلال توفير الإغاثة في حالات الطوارئ ودعم المؤسسات الصحية والتعليم وشفافية الديمقراطيات، لكن هذا التخيل سقط تماماً واكتشفت الحكومات الغربية أن وجودها في إفريقيا هش للغاية، وأن الصين أصبحت القوة الناعمة التي طردت القدم الغربية بعيداً عن القارة. قال موقع فايننشال تايمز، إن الصين استطاعت فعلياً أن تكون قوة ناعمة في القارة؛ من خلال التواجد في شتى المجالات بغرض الاستثمار وليس الاستعمار؛ حيث أنشأت الطرق والسكك الحديدية والملاعب الرياضية والمطارات والمشاريع في جميع أنحاء القارة السمراء التي تبنى بعمالة صينية بشكل كبير حتى تكاد الدول الإفريقية تنطق بالصينية، لكن محللين سياسيين يرون أن ما تفعله الصين انتزاع للنفوذ والقوة وفقاً لهدف غامض. وأضاف الموقع أن الحكومات الديكتاتورية في إفريقيا ساعدت على تغلغل الصين بشكل قوي من أجل القضاء على التصنيع المحلي وإدماج الحكومات في دورة جديدة من الديون، وتتذرع تلك الحكومات أن الصين طرف فاعل في إنجاز الأمور على عكس الغرب ليس له أهداف خبيثة. وأوضح "فايننشال تايمز": "رغم الإعجاب بالتغلغل الصيني في الدول الأفريقية، إلا أن الوضع لن يسلم من الانتقاد، ففي غانا، اتهم المواطنون مواد الخرسانة الصينية بالرديئة، كما اتهموا الصينيين بتجاوز قوانين التعدين المحلية، وفي زامبيا، حيث يعيش حوالى 100 ألف شخص صيني، يتهم السياسيون المحليون بكين بانتهاك قوانين الهجرة من خلال جلب العمالة غير الماهرة. وأكد موقع هيت بيبر ليبيريا، أن الصين تحظى بالإعجاب؛ ففي بلدهم بنت طرقا ذات نوعية جيدة، وجامعة جديدة على الطراز الصيني، وتشير الحكومة إلى ما تنفقه من أموال في المشروعات، مقارنة بالولايات المتحدة، ذات التأثير البطيء، ويكشف رئيس البنك الإسلامي للاستثمار عن منافسه للمقرضين، مثل مصرف التنمية الآسيوي والبنك الدولي، حيث يمكن أن تقرض البنوك الصينية أكثر من 250 بليون دولار. وتابع الموقع: "في كينيا، على سبيل المثال، الشركة الصينية المملوكة للدولة على وشك الانتهاء من إنشاء خط سكك حديدية من المحيط الهندي إلى نيروبي، تكلف 4 مليارات دولار، وفي أوغندا ورواندا، بنيت مشاريع عديدة تكلفت مبالغ ضخمة، وتم الانتهاء منها في الموعد المحدد، وتنعكس مشاركة الصين الأكثر وضوحاً على التجارة والاستثمارات الناجحة". واستطرد "هيت بيبر ليبيريا": "من عام 2000 إلى 2015، قدمت الصين قروضا بقيمة 63 مليار دولار لإفريقيا، وساهم البنك الصيني إكسيمبانك في جميع البلدان الإفريقية البالغ عددها 54 دولة بأكثر من 60 بليون دولار، في حين لم يساهم بنك إكسيمبانك الأمريكي سوى ب1,7 مليار دولار تقريباً".