في مقابلة لموقع دويتش فيلة الألماني مع جوديث هونداك هيلفمان، من جمعية رجال الأعمال الألمانية الإفريقية، قامت بتفسير النهج المختلف من قبل أوروبا والصينوالولاياتالمتحدة لاستغلال طاقات إفريقيا للاستثمار. وأضافت: نحن ندرك أن البلدان الإفريقية تمتلك موارد كبيرة وفي جميع الميادين، كالموارد المعدنية والنفطية، والموارد الزراعية، والموارد السمكية، وموارد الغابات، ولكن هذه الموارد لا تجهز، للأسف، بطريقة مفيدة في إفريقيا. وهذا يشكل فرصة كبيرة ضائعة لإفريقيا، وإن هذه الموارد تمثل مجالات استثمارية قوية، بجانب فرص أخرى متاحة في مجال بناء المنشآت الأساسية والبنى التحتية، كبناء الطرق والسكك الحديدية والمطارات والموانئ، وتوليد الكهرباء والسدود والخزانات وإمداد الماء، ومنشآت أساسية أخرى في مجال الخدمات المختلفة، أو إعادة تأهيل وبناء لما تقادم عهده منها. وتابعت هيلفمان أن دول العالم استغلت تلك الفرصة لاقتحام إفريقيا والاستفادة من مواردها، ولكن كل دولة كان لها نهج مختلف في التعامل معها. النهج الصيني لدخول إفريقيا الصين فضلت الزحف الهادئ نحو القارة، مستفيدة من الأخطاء التي ارتكبها الغربيون فيها للتقارب مع شعوبها وإقامة علاقات متبادلة بين الجانبين، والاستفادة مما تكتنزه القارة من ثروات معدنية مقابل تنمية دولها لتمتين العلاقات الصينية الإفريقية. واعتمدت الصين في دخول القارة السمراء على تغليب لغة المصلحة المتبادلة والاحترام والمساواة دون التدخل في شؤون الآخرين، مع تبني منطق مختلف عن السياسة المالية الغربية في التعامل مع دول إفريقيا، ويتضح ذلك في القروض الميسرة، والاستثمارات دون شروط، إضافة للمساعدات الجزيلة، فقد أنشأت الصين في إفريقيا 3300 كم من الطرق، وأكثر من 30 مستشفى، و50 مدرسة، و100 محطة لتوليد الطاقة، في أكثر من 40 دولة إفريقية، وبعثت التجار والأطباء، فأرسلت ما يقارب ال 1600 طبيب إلى المناطق الريفية الإفريقية. ومنذ عام 2000 أصبحت الصين المنافس والشريك الذي يلي الولاياتالمتحدة وفرنسا في القارة، لما تتمتع به من قوة اقتصادية هائلة جعلتها تقوم بهذا الدور بفاعلية واقتدار، وفي أكتوبر 2000 بادرت الصين بإنشاء منتدى التعاون الصيني-الإفريقي (FOCAC) لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين الصين والبلدان الإفريقية في القطاعين العمومي والخاص، وقد أصبح مؤخرًا يضم في عضويته أكثر من 45 دولة إفريقية، وهو ما أسهم في ترسيخ التغلغل الصيني في القارة، ووضع العلاقات الاقتصادية الصينية-الإفريقية في مسار سريع؛ حيث نمت التجارة الثنائية بينهما من 10.6 مليارات دولار في عام 2000 إلى 160 مليار دولار في عام 2011. وفي عام 2016 تخطت الاستثمارات الصينيةالولاياتالمتحدةالأمريكية في إفريقيا، وتخطي الولاياتالمتحدة يعني أن الصين ستصبح أكبر مستهلك ومستورد لجميع السلع في العالم تقريبًا، وبشكل دائم، وسيكون لذلك تأثير بالغ على الأسواق التي يتحول اتجاهها باتجاه تعاظم القوة الصينية وزيادة منافستها، وبذلك يمكن القول بأن القارة الإفريقية ستكون المصدر الأساسي للموارد المتنوعة للصناعة والسلع المختلفة في العالم مستقبلًا لذلك تواصل الصين زحفها بهدوء على القارة الغنية بمواردها، مستغلة ضعف وتراجع الاقتصاديات المنافسة الأخرى. النهج الغربي في الدخول لإفريقيا أشارت جوديث من خلال دويتش فيلة إلى أن الاستراتيجية الغربية تعتمد في الدخول لإفريقيا على مستعمراتها القديمة التي ما زالت تفرض سيطرتها عليها من خلال اللغة أو من خلال القواعد العسكرية التي ما زالت تنشئها حتى الآن، وركز النهج الغربي على الاستثمار في مجال التغذية والقدرة الزراعية، مقللةً من الجوع من خلال مبادرات مثل التغذية من أجل المستقبل، والتي استمرت في العمل على الحد من الوفيات الناجمة عن فيروس الإيبولا، وفيروس نقص المناعة المكتسبة، والملاريا، والسل في جميع أنحاء إفريقيا، من خلال مبادرات مثل خطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز وبرنامج الأمن الصحي العالمي. وتالعت جوديث: هذا بالإضافة الى التركيز على النفط الإفريقي الذي ركزت الدول الغربية على استغلاله وتوطيد العلاقات مع الدول التي تتمتع بالنفط، خاصة بعد توجه الدول الآسيوية إلى القارة، فأعلنت الإدارات الغربية ضرورة إعادة التوازن باتجاه آسيا والمحيط الهادئ، والبحث عن فرص جديدة للشراكة والاستثمار في إفريقيا، من خلال قانون الاستثمار لنمو الفرص في القارة (أغوا) في عام 2000، والذي يعزز إلى حد كبير وصول الولاياتالمتحدة إلى الأسواق الإفريقية. الجدير بالذكر أن النهج الآسيوي تفوق على النهج الغربي سواء الأوروبي أو الأمريكي؛ نتيجة لتركيز الدول الآسيوية على مساعدة الدول الإفريقية دون شروط ودون تدخل عميق في السياسة الداخلية لدولها، والذي ولد عند الدول الإفريقية خوف من من النوايا الغربية، وشجع التقارب الآسيوي الدول الإفريقية على التوجه نحو الصين واليابان والهند؛ مما دفع الغرب إلى التفكير في تغيير النهج المتبع نحو إفريقيا؛ لاستمالتها، فوصلت الآن المنافسة إلى ذروتها داخل القارة.