علّق عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة، على الحادث المأساوي الذي شهدته إحدى المحافظات مؤخرًا، بعد أن أقدم طفل على إنهاء حياة زميله وتقطيعه، مؤكدًا أن الأسباب وراء هذا السلوك معقدة ومتعددة، وأن الطفل الجاني في الحقيقة «ضحية قبل أن يكون مذنبًا»، مشيرًا إلى أن هناك مجموعة من العوامل النفسية والاجتماعية التي تتضافر لتفسير هذه الواقعة، مشيرًا في المقام الأول إلى التعرض المتكرر لصدمات نفسية ناجمة عن الخلافات الزوجية والانفصال بين الوالدين، وما يتركه ذلك من أثر بالغ على الاتزان النفسي والقدرة على التمييز بين الصواب والخطأ لدى الطفل. وأرجع المختص تشوش إدراك الطفل وإضعاف قدرة تمييزه للأدوار الأسرية إلى بيئة أسرية مضطربة، ومنها حالات زواج الأم من قريب بعد الانفصال، ما يخلق لدى الطفل ارتباكًا في مفاهيم الأمان والانتماء داخل الأسرة. ونوّه حجازي إلى أن التعرض المستمر لمحتوى عنيف عبر الإنترنت في ظل غياب رقابة أسرية يسهم بوضوح في تأصيل سلوكيات عنيفة عند بعض الأطفال، الذين يعتادون مشاهد القسوة دون وعي بمدى خطورتها أو حدودها الواقعية، موضحاً أن الطفل المحتمل أنه يعاني اضطرابات في التعلق وصعوبة في فهم المشاعر وتنظيمها والتعبير عنها بطرق صحية، إضافة إلى انحرافات سلوكية لم تُكشف مبكرًا أو تُعالَج داخل الأسرة أو في محيط المدرسة. ورأى أن غياب الدور التربوي الفاعل للأسرة من توجيه وقدوة ورعاية يؤدي إلى خلل في بناء الشخصية ويضعف الوعي الاجتماعي والسلوكي لدى الطفل، مما يسهّل انزلاقه نحو أفعال لا يدرك خطورتها، محملاً الأسرة مسؤولية متابعة الأبناء والرقابة على نشاطهم الإلكتروني، داعيًا إلى الكشف المبكر عن أي علامات انحراف أو اضطراب نفسي والعمل على تقديم العلاج والدعم بسرعة. وشدد أستاذ علم النفس التربوي على دور المدرسة والأخصائي النفسي في رصد الحالات المعرضة للخطر وتقديم الدعم الاجتماعي والنفسي اللازمين، مع ضرورة وجود قنوات تواصل مفتوحة بين الآباء والأبناء تقوم على الحوار والمودة والاحتواء؛ لأن ذلك يسهل اكتشاف المشكلات قبل تفاقمها. واختتم حديثه بالتأكيد على أن الحادث يجب أن يكون إنذارًا لكل عائلة، مؤكدًا أن غياب الرعاية والاحتواء قد يحوّل الطفل من ضحية إلى مُرتكب فعلٍ دون وعي، ما يستدعي تعزيز الرعاية الأسرية والمدرسية للحد من وقوع مثل هذه المآسي.