وزيرة البيئة تنفي بيع المحميات الطبيعية: نتجه للاستثمار فيها    حماس تدين الفيتو الأمريكي ضد مشروع قرار وقف إطلاق النار بغزة: ضوء أخضر لمواصلة حرب الإبادة    رونالدو يقود البرتغال للفوز على ألمانيا والتأهل لنهائي دوري الأمم الأوروبية    الزمالك يواصل التصعيد.. سالم: لا رحيل لأي لاعب قبل يوليو والموسم لم ينتهِ بعد    رسميا.. سيموني إنزاجي يقود الهلال في كأس العالم للأندية    هيجيتا: على خصوم الأهلي في مونديال الأندية الحذر من خطورته    أمن قنا يكشف ملابسات العثور على جثة مذبوحه أسفل كوبري (تفاصيل)    استعلم.. نتيجة الصف الثالث الابتدائي الترم الثاني برقم الجلوس في القاهرة والمحافظات فور إعلانها    «الحمد لله نجانا».. وليد يوسف يتعرض لحادث مروع بطريق المنصورة    أغانى الحج.. رحلة من الشوق والإيمان إلى البيت الحرام    دعاء يوم عرفة..خير يوم طلعت فيه الشمس    واقعة اقتلاع الحجر الأسود.. كيف هاجم القرامطة مكة وأزعجوا المسلمين؟    دبلوماسية روسية: أمريكا أكبر مدين للأمم المتحدة بأكثر من 3 مليارات دولار    انقطاع التيار الكهربائي عن بلدات في زابوريجيا جراء قصف أوكراني    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن غوريون بمسيرتين من نوع يافا    مصادر مطلعة: حماس توافق على مقترح «ويتكوف» مع 4 تعديلات    استطلاع رأي: نظرة سلبية متزايدة تلاحق إسرائيل ونتنياهو عالميًا    دخول رسوم ترامب الجمركية بنسبة 50% على «الصلب والألومنيوم» حيز التنفيذ    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عزون شرق قلقيلية بالضفة الغربية    الأمم المتحدة تدعو إلى التوصل لمعاهدة عالمية جديدة لإنهاء التلوث بالمواد البلاستيكية    مفتي الجمهورية يهنئ رئيس الوزراء وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى المبارك    التأمين الصحى بالقليوبية: رفع درجة الاستعداد القصوى بمستشفيات استعدادًا لعيد الأضحى    مسابقة لتعيين 21 ألف معلم مساعد    «مدبولي» يوجه الحكومة بالجاهزية لتلافي أي أزمات خلال عيد الأضحى    قبل نهائي الزمالك وبيراميدز.. أبطال كأس مصر آخر 25 عامًا    فاروق جعفر: نهائي الكأس بأقدام اللاعبين.. والزمالك يملك التفوق    وكيله: عودة دوناروما إلى ميلان ليست مستحيلة    نور الشربيني تتأهل لربع نهائي بطولة بريطانيا المفتوحة للاسكواش وهزيمة 6 مصريين    «التضامن» تستعرض عملها في الحماية والتمكين أمام الدبلوماسيين    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير.. سعر الذهب اليوم الخميس 5 يونيو في الصاغة (تفاصيل)    حفروا على مسافة 300 متر من طريق الكباش.. و«اللجنة»: سيقود لكشف أثري كبير    تجارة الحشيش تقود مقاول للسجن المشدد 18 عاما بالوراق    مطار العاصمة يستقبل أولى الرحلات القادمة من سلوفاكيا على متنها 152 راكبا (صور)    محافظ الدقهلية يتابع إزالة تعديات بناء ورفع كفاءة النظافة والحدائق غرب المنصورة    نجل سميحة أيوب يكشف موعد ومكان عزاء والدته الراحلة    "عصام" يطلب تطليق زوجته: "فضحتني ومحبوسة في قضية مُخلة بالشرف"    مينا مسعود يروج ل «في عز الضهر»    انطلاق أولى رحلات «سمارت وينجز» السلوفاكية إلى العاصمة الإدارية الجديدة    بداية جديدة للتموين.. المنوفي يشيد بتحويل البقال التمويني إلى سوبر ماركت    «الأوقاف» تعلن موضوع خطبة عيد الأضحى    رمضان عبدالمعز عن ثواب الحج : «لو عملت الخطوات دي هتاخد الأجر الحج وأنت في بيتك»    حكم صيام يوم عرفة لمن لم يصم الثمانية أيام قبله| فيديو    فوائد اليانسون يخفف أعراض سن اليأس ويقوي المناعة    قبل يوم عرفة.. طبيب قلب شهير يوجه نصائح للحجاج    «جهار» تعلن نجاح 17 منشأة صحية في الحصول على الاعتماد    وفد الأقباط الإنجيليين يقدم التهنئة لمحافظ أسوان بمناسبة عيد الأضحى    مصرع طالب جامعي بطلق ناري في مشاجرة بين عائلتين بقنا    كريم محمود عبد العزيز يحيي ذكرى ميلاد والده برسالة مؤثرة    أهم أخبار الكويت اليوم الأربعاء.. الأمير يهنئ المواطنين والمقيمين بعيد الأضحى    نقابة الفنانين السوريين تعلن وفاة الفنانة حنان اللولو    جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى والطوارئ بجميع مستشفياتها    الصحة: 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج خلال فترة إجازة عيد الأضحى المبارك    مد فترة التشطيبات.. مستند جديد يفجر مفاجأة في واقعة قصر ثقافة الطفل بالأقصر    صلاح عبدالله يستعيد ذكرياته مع سميحة أيوب في مسرحية رابعة العدوية    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    البابا تواضروس الثاني يهنئ فضيلة الإمام الأكبر بعيد الأضحى المبارك    مسابقة لتعيين 9354 معلم مساعد لغة إنجليزية من «العاملين بالحصة» (تفاصيل)    نتيجة الصف السادس الابتدائي 2025 بالمنوفية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمى والهوية المصرية
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 01 - 09 - 2019

يتناول الكثيرون الهوية المصرية من منظور العلم والتاريخ وسطور الكلمة، ولا يدركون أن تلك الهوية هى موروث جيناتى يسلمه جيل لآخر، فمفهوم الهوية عند الكثيرين هو آثار الحضارة المصرية المتواجدة فى كل مكان بأرض مصر، كل ذلك ليس صحيحًا، فالهوية هى الموروث الحياتى الثقافى الفلكلورى الذى يستلمه الأبناء من الآباء والأجداد، ويتم تسليمه للأحفاد، وهو نمط معيشى فى المأكل والملبس والتعاملات والسكن والعمل والسلوكيات، وهذا ما جعل الشخصية المصرية متفردة عن باقى الأجناس البشرية، لأن لها جذورًا وعمقًا تاريخيًا يخترق جدار بداية التاريخ.
وأمى التى رحلت إلى السماء منذ أيام، كانت رسولًا حيًا للهوية المصرية، تعايشت معه بالجسد والروح لمدة خمسين عامًا، واستلمت منها تلك الهوية لكى أسلمها لأولادى وأحفادي، كانت البداية هو ثدى حنانها الذى ترعرعت فيه، وعند النطق بأول حروف الكلمات كانت كلمة أمي، التى كانت تصطحبنى فى كل زيارتها للأهل والأقارب والأحباب وانأ طفل صغير، هنا موروث الترابط الاجتماعى والإنسانى الذى استلمته أمى من آبائها وأجدادها، وسلمته لى كتابًا مقدسًا حيًا، فالخال هو الوالد والخالة هى آلام والعم هو الأب والأخ هو السند والأخت هى الحنان والجيران هم الأقارب هكذا تعلمت من أمى المعنى الحقيقى للمحبة والتسامح والإخاء.
امسكت يدى ومعها القلم الرصاص لكى تعلمنى أن اكتب أول حروف الكلمات، لا تنزل عن السطر يا بنى وكأنها تعلمنى استقامة الخط والأخلاق، وفى حضن الكنيسة كانت تصطحبنى لتعلمنى الصلاة والألحان وتقول لى هنا المسيح العطاء والشبع لكل جعان.
أمام فرن الخبيز الصعيدى تجتمع نساء الأقارب والجيران ليشتركوا فى يوم الخبيز، يوم غير عادى يوم فرح تقريبًا، وفى أثناء ذلك ترسل أمى العيش البتاو السخن إلى الأقارب والجيران وربما معه طاجن البطاطس أو البدنجان، ولا انسى فتة عيش البتاو بالسمن البلدى أو الفطير الرقاق، هكذا كانت تفعل كل السيدات فى ذلك الزمان.
وعلى طبلية كبيرة كانت تجمع كل أفراد المنزل ومعهم أولاد العمومة والخالة، لتغذينا من فيض خيراتها، وتروينا من نبع حنانها، لم يكن الغذاء أكلًا بل أحضان محبة وودًا وتسامحًا، وفى المحبة يحدث الانصهار ما بين أخيك وابن عمتك وابن خالتك وكل أطفال الجيران.، هكذا هى الهوية المصرية المحبة التسامح التلاحم التماسك الوحدة .
وفى المجلس عند الكبار أنصت للأحاديث واحترم وأحب الكبير وكل الحضور، أراها مثقفة قوية فى الكلمة والتعبير، صوتها حاضر فى كل الأحاديث وحكمتها تعطيها الصدارة والقيادة فى كل ما يطرح من موضوعات، كانت المثل والقدوة، لأنها لم تكن امرأة بالمعنى التقليدي، بل كانت قائدة ثائرة مناضلة عظيمة ضد كل الظروف والأوضاع، لم تستلم يومًا ما لعنف الزمان أو قسوة الأيام، وهكذا استلمت منها حياة النضال والانتصار فى كل المعارك.
وفى اخر النهار كنت أراها تقف وترفع يدها للسماء ليس لكى تطلب، بل لتشكر على كل حال ومن أجل كل حال، كنت أسمعها تشكر الله على الصحة وعلى الستر، وتصلى من اجل كل تعبان ومريض ومحتاج، كانت هكذا طول فترة حياتها، لديها ثقة ويقين فى صلواتها مهما تأخر طلبها، كانت غنية بالإيمان وعند تقدمها فى الأيام كنت اطلب منها، أن لا تصوم من اجل قسوة طعام الصيام على صحتها، فكانت ترفض وتنتهرنى بقوة وتقول كيف أفطر فى الصيام المقدس؟ هكذا استلمت منها الإيمان.
وفى مناسبات وأعياد أخواتى المسلمين أراها تذهب إليهم فى المنازل لتزورهم، وتقدم لهم الواجب والتهانى وتطلب منى ألا أنسى أحدًا من الجيران لكى أهنئه، نعم رحلت الهوية المصرية أمى الذى أرضعتنى مصريتي، إنها كانت حقًا حفيدة أجدادى عظماء التاريخ إنها حقا كليوباترا وحتشبسوت فى شموخها وعظمتها وقناعتها وحكمتها وصبرها ونضالها وقوتها وحكمتها.
شارفنا أنا وأخواتى العقد الرابع والخامس من أعمارنا، لكن كنا عندها كأطفال تهتم بشئوننا واحتياجاتنا ومتطلباتنا وتعطينا النصيحة والرشد، كانت شمعة تحترق من أجل أن تضئ لنا الطريق.
كم كانت عظيمة كعظمة مجد مصر فى الماضى، رحلت أمى بالجسد ولكن سوف تعيش معى بالهوية، وكل ما استلمته منها لكى استكمل طريق نضالها واسلم ما استلمته إلى أولادى وأحفادى وكل من حولى، شكرا أمى وأتعهد أمام الله وروحك سأكون كما تطلبين منى وتتمنين لي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.