كالعادة.. استخدمت أمريكا كل نفوذها، ومارست كل الضغوط لمناصرة إسرائيل ومنع حصول فلسطين علي العضوية الكاملة لمنظمة »اليونسكو« لكن دول العالم وجهت صفعة لواشنطون وتل أبيب، ورفضت كل الضغوط ووقفت إلي جانب الحق والعدل، وحسمت الأمر لصالح فلسطين. عقب الهزيمة الأمريكية في معركة »اليونسكو« سارعت واشنطون بمهاجمة القرار باعتبار أنه سيلحق الضرر بعملية السلام!! وهي أول من يدرك أن ما تسميه ب»عملية السلام« قد ماتت وشبعت موتا بسبب الانحياز الأمريكي والصلف الإسرائيلي، وأن »العملية« لم تكن إلا شراء للوقت حتي تنتهي إسرائيل من فرض الأمر الواقع وتهويد القدس وتغطية الضفة الغربية ب»المستعمرات« التي نسميها خطأ ب»المستوطنات«. الأسباب الحقيقية للغضب الأمريكي كثيرة.. فالهزيمة في معركة »اليونسكو« تفتح الباب أمام هزيمة أخري في المعركة الأساسية حول عضوية فلسطين الكاملة في الأممالمتحدة. الآن تعرف واشنطون ان انحسار النفوذ الأمريكي يتزايد، وأن فلسطين لديها الفرصة لتحصل في مجلس الأمن علي الأصوات المؤيدة المطلوبة، وأن واشنطون لن يكون أمامها سوي استخدام »الفيتو« لمنع الفلسطينيين من الحصول علي حقهم المشروع في إقامة دولتهم المستقلة، وأن الأمر سيكون »فضيحة« أمريكية بكل المقاييس سوف تدفع أمريكا ثمنها من مصداقيتها ومن مصالحها في المنطقة العربية، ومن مشاعر الكراهية لسياستها المنحازة لإسرائيل. تصويت فرنسا لمصلحة فلسطين في معركة »اليونسكو« كان صدمة لأمريكا، وتصويت الدول الأعضاء في مجلس الأمن (الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب افريقيا والجابون ونيجيريا ولبنان) يعني ان الأصوات المطلوبة في المجلس قد اكتملت، وأن فضيحة استخدام الفيتو الأمريكي قادمة، وان العالم لن يتعامل مع العرب بعد الآن كما كان يتعامل قبل ربيع الثورات وانتصار الشعوب وانكسار الأنظمة التي سلمت إرادتها لأمريكا وتركت لها القرار! تقول أمريكا إنها ستعاقب »اليونسكو« بالتوقف عن سداد نصيبها في ميزانية المؤسسة الدولية وهو حوالي سبعين مليون دولار فقط. انها بذلك تقدم الفرصة كاملة للدول العربية لكي تخلص المنظمة الدولية من الابتزاز الأمريكي وتسد احتياجاتها المالية علي الفور.. أم ان لحكامنا العرب رأيا آخر؟!