والعودة إلي الحديث عن الاستقالات التي تقدم بها عدد من القياديين الاصلاحيين في جماعة الاخوان المسلمين، احتجاجا علي الممارسات الاستبدادية للمرشد العام، تفرض علينا العودة إلي تاريخ الجماعة الحافل بالذين كانوا يعتنقون العقائد شديدة التطرف، ويفرضون علي كل من ينتمي للجماعة الالتزام التام بالطاعة العمياء لكل ما يكلف به.. ويعتبرون أي فكر، أو فعل، أو قول يخالف ما يؤمنون به، شذوذا وتمردا.. ويعاملون المخالفين لهم معاملة الصابئين الذين كفروا بالدين وأهانوا رموزه. والدكتور محمد بديع، المرشد العام الحالي للجماعة، ونائبه الدكتور محمود عزت، من الذين ينتمون الي مدرسة »سيد قطب« أشد متطرفي الاخوان، وأكثرهم التزاما بالديكتاتورية والعنف والدموية.. وقد بدأ الاثنان في أوائل العام الماضي تنفيذ السيناريو الذي قاما بإعداده للخلاص من رموز التيار الاصلاحي، الذين يسببون لهما وجع الدماغ، بما يثيرونه من اعتراضات.. وكانت الخطوة الأولي اقصاء الدكتور محمد حبيب، النائب السابق للمرشد، وبعدها ابعاد الدكتور عبدالمنعم ابوالفتوح، عضو مكتب الارشاد الذي لم يكن يؤمن بقداسة محمد بديع وعصمته!! قامت ثورة 52 يناير.. وخرجت قيادات الجماعة إلي النور بعد سنوات عاشوها داخل الشقوق والجحور.. وبدأ قادتهم يلعنون العهد السابق، ويعلنون ايمانهم بالديمقراطية، والحرية، والدولة المدنية، والمواطنة، ومشاركة الاخر.. فالتف حولهم كثيرون من الشبان الذين سرعان ما اكتشفوا ان ما كان يردده اولئك القادة في العلن شيء، وما يمارسونه داخل الجماعة شيء آخر!! ان الذين يراقبون ما يجري الان من صراعات وخلافات داخل الجماعة، يتساءلون عما ستكون عليه هذه القيادة إذا حكمت مصر، اذا كانت لا تعترف إلا بالاستبداد والديكتاتورية في تعاملها حتي مع المؤمنين بها؟!