الجيش الأمريكي: جماعة الحوثي أطلقت صواريخ على سفينتين في البحر الأحمر    الشرطة الألمانية تفض بالقوة اعتصاما داعما لفلسطين في برلين    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    مجلس جامعة كولومبيا يصوت على قرار للتحقيق مع الإدارة بعد استدعاء الشرطة لطلبة متضامنين مع غزة    4 أيام متواصلة.. تعرف على عطلة شم النسيم وعيد العمال والإجازات الرسمية حتى نهاية 2024    اليوم.. جلسة محاكمة مرتضى منصور بتهمة سب وقذف عمرو أديب    للحماية من حرارة الصيف.. 5 نصائح مهمة من وزارة الصحة    تحذير دولي من خطورة الإصابة بالملاريا.. بلغت أعلى مستوياتها    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    د. محمد كمال الجيزاوى يكتب: الطلاب الوافدون وأبناؤنا فى الخارج    د. هشام عبدالحكم يكتب: جامعة وصحة ومحليات    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    واشنطن تعلن عن مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 6 مليارات دولار    استشهاد شابين فلسطينيين في اشتباكات مع الاحتلال بمحيط حاجز سالم قرب جنين    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير.. بوست على الفيسبوك أثار الجدل    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    عاد لينتقم، خالد بيبو: أنا جامد يا كابتن سيد واحنا بنكسب في الملعب مش بنخبي كور    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    2.4 مليار دولار.. صندوق النقد الدولي: شرائح قرض مصر في هذه المواعيد    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    محمد هلب: السيارات الكهربائية بمثابة مشروع قومى لمصر    شعبة البن تفجر مفاجأة مدوية عن أسعاره المثيرة للجدل    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    الأمن العام يضبط المتهم بقتل مزارع في أسيوط    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    أرقام مميزة للأهلي بعد تأهله لنهائي دوري أبطال أفريقيا    وسام أبو علي يدخل تاريخ الأهلي الأفريقي في ليلة التأهل للنهائي    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.محمد بديع.. هل يكون مرشد عصر توريث الرئاسة ؟!

يتمسك بشعار «الإسلام هو الحل» ويعتبره برنامجا عمليا لحل مشاكل الأمة ويرفض أي فصل بين الدين والسياسة
د.محمد بديع
يراه البعض رجلا عقائدي لا يتحدث إلا بالقرآن والأحاديث النبوية متواضعا لدرجة الزهد وهو ما جعل الكثير من المحللين يؤكدون أن توليه قيادة جماعة الإخوان المسلمىن سيعود بها للعمل الدعوى، إلا أن الدكتور محمد بديع عبد المجيد -66 عامًا - نجح فى الفترة الأخيرة فى إثبات أنه يمتلك صفات العديد من مرشدى الجماعة السابقين فلديه مسحة من عمر التلمسانى «يتحلى بالهدوء والحذر والمرونة فى الوقت ذاته»، وعمق مصطفى مشهور وحزم المستشار مأمون الهضيبى، بينما يشارك عاكف فى الفطرة النقية وصفاء القلب والحرص على الأخوة قبل الجماعة . ليصبح بديع الذى يلقى بيعته غدا كأول مرشد للإخوان يأتى عن طريق الانتخابات ويخلف مرشدا حيا، وكذلك أول مرشد فى تاريخ الجماعة لم يلق الإمام البنا مؤسس الجماعة.. ثامن قائد فى تاريخهايجمع بين هدوء عمر التلمسانى وعمق مصطفى مشهور وحزم مأمون الهضيبى وعفوية مهدى عاكف
السبت القادم يقف بديع أمام مهدي عاكف وأعضاء مكتب الإرشاد ليبايعه الجميع علي منصب المرشد الثامن في تاريخ الجماعة، ويلقي خطابا يكشف به عن آليات الجماعة في الفترة القادمة، بعدما حملت آراء العديد من المحللين في الآونة الأخيرة وعقب طرح اسمه لتولي هذا المنصب تكهنات بعودة الجماعة للحفاظ علي التنظيم الداخلي للجماعة والانكفاء علي ذاتها ورجوع الجماعة لما قبل السبعينيات والبعد عن المشاركة في الحياة السياسية، وهو ما ينفيه بديع وعدد من قيادات الجماعة التي تؤكد أن بديع سيكون امتدادًا لمهدي عاكف فستحمل تصريحاته نفس العفوية والشفافية إلا أنها قد تكون أكثر حذرا حتي لا تجلب علي الجماعة أي صداع .
وتذهب بعض قيادات الجماعة للقول بأن شخصية مرشد الجماعة لا تؤثر في استراتيجية الجماعة إلا في بعض الأمور القليلة التي خصته بها اللوائح فالجماعة تعمل وفق نظام المؤسسة والمرشد لا يديرها بشخصه ولكن من خلال هيئاتها.
لم يعرف لبديع مواقف سياسية محددة رغم عضويته بمكتب الإرشاد منذ عام 1993 إلا أنه خلال الفترة الأخيرة كشف عن نهج مخالف دائما لجميع التوقعات التي تعكس رؤيته الانفتاحية علي المجتمع ونظرته السياسية لعدد من القضايا، وذلك خلال لقاءاته التنظيمية بأعضاء الجماعة في محاولة لامتصاص ما يعرف بأزمة انتخابات مكتب الإرشاد، حيث كشف بديع عن العديد من آرائه فقد أعلن رفضه لسياسات النظام المصري حول القضايا الإقليمية ومنها إقامة الجدار الفولاذي بين مصر وقطاع غزة، وتساءل: لماذا لم تقم مصر هذا الجدار علي باقي حدودها؟، وطالب الشعب المصري بإعلان غضبته ولو من خلال «الفيس بوك ».
ويبدو أن ما قيل عن عاكف قبيل توليه منصب المرشد العام للجماعة من كون موقف القيادة حمله لتبني العديد من المواقف التي لم تكن متوقعة منه في كونه رجلا ينتمي للتيار المحافظ سينطبق كذلك علي الدكتور بديع، فمن يعرف الدكتور بديع عن قرب يقتنع أن حرصه علي الدعوة وعلي الجماعة لا يكون من خلال الانكفاء وأطروحات جيله من أعضاء تنظيم 65، ولكن من خلال نظرية الانفتاح الحذر التي يتميز بها عن غيره من جيله وهذا ما تعكسه تصريحاته عندما يقول «من قال إننا سنتقوقع علي أنفسنا.. وعلي من يقول هذا أن يسأل عن أعضاء مكتب الإرشاد وما قاموا به من أعمال سياسية واجتماعية من خلال نقاباتهم المهنية، وهذه النماذج ستقدم الكثير خلال الفترة القادمة فانتظروا عملها قبل أن تحكموا عليها».
وحول المشاركة في الانتخابات القادمة والتي يتوقع المحللون تقليص مشاركة الجماعة بها في ظل النهج المتوقع من القطبيين الجدد يأتي بديع لينسف تلك التوقعات قائلا: «الإخوان ليسوا بالفصيل الهين أو البسيط أو القليل ونحن سنشارك في جميع الفعاليات السياسية التي تشهدها البلاد بما فيها الانتخابات البرلمانية القادمة فهذا دورنا وحقنا ودور كل مصري وعلي النظام الحاكم السماح لكل المصريين مسلمين ومسيحيين بالمشاركة في الانتخابات بحرية ودون قيود دستورية حتي يحسن الجميع اختيار مسئوليه وذلك من أجل مصلحة البلاد».
ورأي بديع ليس وليد اليوم ولكنه مسجل له في تصريحاته خلال انتخابات 2005 فهو يري أن خوض الانتخابات أمر واجب لمحاربة الفساد «الإخوان لم يبتغوا من ترشيحهم لمجلس الشعب منصبًا أو جاهًا ولكن تمت المشاركة في الانتخابات البرلمانية من أجل إنقاذ الوطن مما يعيشه من فساد وتيه»، حيث يري بديع أن محاربة الفساد أمر واجب علي كل مسلم، وشدد علي ذلك بقوله «إن الإخوان سيتصدون بكل قوة للفساد الذي استشري في مختلف مناحي الحياة مهما كلفهم ذلك من متاعب».
ويشدد علي رفضه لمبدأ الصفقات مع الحكومة، لكنه لا يرفض التفاهم معها، ويؤكد أنه «لا توجد صفقات علي حساب مبادئ وقيم بل أهداف كل طرف والحفاظ علي البلد، فلا نهدف للحوار مع الحكومة وحدها التي تمثل حزبا واحدا، لكن نريد حوارا مع جميع القوي التي تشكل الخريطة السياسية في مصر وتحتاجها البلد».
ويتمسك بديع مثل غيره من قيادات الجماعة بشعار «الإسلام هو الحل» الذي يعتبره الكثير من المحللين ورجال السياسية وكذلك القوي الوطنية نوعا من التمييز إلا أن لبديع وجهة نظر أخري، فهو يري أن الشعار يتضمن برنامجًا عمليًا لحل مشاكل الأمة، وأن من يحاول أن يفصل السياسة عن الدين يبتغي من وراء ذلك ألا يفضح أمرهم وتبقي السياسة أسيرة أوْحالِ المفسدين، ورغم قلة التصريحات السياسية لبديع وأعلن في أحد حواراته عن موافقته ترشيح جمال مبارك لرئاسة الجمهورية ولكن بشرط إتاحة الفرصة أمام انتخابات حرة ونزيهة ..بينما يرفض في الوقت ذاته تولي مسئولية المرأة والقبطي لرئاسة الدولة، مؤكدا في الوقت ذاته أنه يرحب بالدولة الإسلامية وليست الدينية رافضا دعوات فصل الجانب الدعوي عن السياسي داخل الجماعة.
ويري المرشد الجديد أن الجماعة الإسلامية مثل القائد الذي يجب أن يقوم بأعباء دينية بجانب قيادته مثلما كان الرسول «صلي الله عليه وسلم» يفعل في الدولة الإسلامية الأولي، فكان قائد الدولة والمنفذ لأحكام القضاء وكان يقود الجيش.
وعندما يوضح رؤيته عن الديمقراطية فيقول: إذا اختار الناس شيئا غير شرعي لا يصلح تنفيذه، فإذا كانت هناك مخالفة للشرع فلا يمكن إعمالها.
ويرفض بديع ترك العمل السياسي والتفرغ للدعوي؛ لأنه يري أن هذا يتماشي مع خطة النظام لتجميد الإخوان والقضاء عليها نهائيا، مؤكدا أن الجماعة لن تسعي في الفترة القادمة للتقديم لحزب سياسي أو جمعية خيرية قائلا: «الدين الإسلامي يتناول مظاهر الحياة جميعا وتخرج من القرآن والسنة وهناك ناس يتخصصون في العمل السياسي وآخرون في العمل الدعوي وغيره، ولكن من يطرح هذا الأمر ليس علي علم بالواقع المصري فهل هناك فرصة لتقديم الجماعة لحزب سياسي؟. انظروا إلي حزب الوسط الذي أعلن في العديد من المرات تبرأه من جماعة الإخوان، ورغم ذلك لم يحصل علي الترخيص منذ أكثر من 12 عامًا فكيف بهذه الاقتراحات التي لا يمكن تطبيقها في أرض الواقع، وعلي من يطرح ذلك أن يطالب النظام الحاكم بخلق المناخ السياسي المناسب وإطلاق الحريات وتطبيق الديمقراطية حتي نستطيع أن نتحرك في جميع المجالات، ولكننا اليوم في وقت تحل فيه الجمعيات الخيرية ونوادي أعضاء هيئة التدريس فأين المناخ الحر؟.. ولكن الإخوان جماعة لخدمة مصر وكل ما نراه في مصلحة الوطن فسنقوم به»، ولكن في الوقت ذاته يؤكد أن المرأة لا تصلح لقيادة الدولة وكذا القبطي بناء علي رأي فقهي.
ويبدأ بديع عمله كمرشد جديد للجماعة يوم السبت المقبل وأمامه العديد من الملفات المطالب بحسمها، ومنها تعديل جميع لوائح الجماعة التي حملت في الآونة الأخيرة الكثير من الطعون والتشكيك فيها، وكذلك محاولة استرضاء الدكتور محمد حبيب النائب الأول السابق للجماعة ويطرح بديع في ذلك رؤية خاصة، حيث يؤكد أن كل من خرج من قيادة الجماعة عليه التفرغ لإجراء بحوث لتطوير أداء الجماعة وطرح مشروعات استراتيجية لعملها خلال السنوات المقبلة.
كما تحمل ملفات بديع توزيع ملفات الجماعة علي أعضاء مكتب الإرشاد، وكذلك تعيين النائب الأول وتسمية النائب الثالث والذي يكون من خارج القطر المصري وفق لائحة التنظيم الدولي للجماعة.
كما تحمل أوراق بديع أمورا مهمة وهي معالجة الأزمة التي شهدتها الجماعة في الآونة الأخيرة وإن كان بدأ ذلك بالفعل من خلال نزوله للصف وتوضيح العديد من الأمور والوعد بتصليح الأمور ومعالجة الأخطاء.
وإذا كانت ملفات الأمور الداخلية للجماعة تطغي علي مهام بديع في الأيام الأولي فإن ملف الانتخابات البرلمانية والتحالفات السياسية وموقف الجماعة من ترشيح نساء هذه المرة من عدمه وموقف الجماعة من عملية التوريث والانتخابات الرئاسية وكذلك مواقفهم حيال القضية الفلسطينية ستشغل الكثير من وقته وتركيزه.
ويعتبر بديع من أشد المخلصين للتنظيم الذي يعتبره محضنا تربويًّا للجماعة كفل لها الاستمرارية طيلة هذا الوقت، وأثبت أن خطابه العام مغرق في الدعوية فيقول: إننا نتعبَّد لله بالالتزام بالشوري، ونظُم الجماعة، والثقة في القيادة، مع النصيحة الواجبة لأئمة المسلمين وعامَّتهم؛ بشرائطها الشرعية وآدابها، فهذا منهج بديع في التعامل والذي انعكس بشكل واضح من خلال توليه لقسم التربية في الجماعة ووضع المناهج منذ أكثر من عشر سنوات نظرا لاهتمامه بهذا الجانب الذي تعلمه من سيد قطب - علي حسب تعبيره- ويعد قسم التربية من أخطر وأهم الأقسام في الجماعة.
ويلجأ دائما بديع للأسلوب الدعوي في التوجيه حتي في التحليل والتفسير العلمي للعديد من القضايا العلمية حتي أطلق عليه البعض «مصطفي محمود الإخوان» حيث يجيد ربط الدلائل العلمية بآيات القرآن الكريم ولعله ضرب مثلا في ذلك خلال أزمة إنفلونزا الطيور والخنازير التي قدم تفسيرها في مقال له تحت عنوان «خذوا العبرة من إنفلونزا الطيور، قال فيه «أرأيتم كيف سلط الله - عز وجل - كائنًا متناهيًا في الصغر ليحطم كبرياء وغرور هذا الإنسان الجاحد الكنود؟! وهو ما فيه تحذير لكل من حارب دين الله وبارزه بالمعاصي، وظن أن الدنيا قد دانت له؟
كانت مأثورات سيد قطب حاضرة دائما في ذهن بديع ومجالا خصبًا للاستعانة بها دائما، ففي العديد من المقالات استخدم تلك التقديمة في مقالاته قائلا»: «هذه خواطر ملكت علي نفسي في ظروف صعبة وساخنة» قال عنها الأستاذ سيد قطب رحمه الله: «إن هذا القرآن نزل في جو ساخن ولا يفهم إلا في مثل هذا الجو الساخن الذي نزل فيه».
وكانت معرفة بديع لجماعة الإخوان المسلمين في أوائل شبابه عن طريق كتب سيد قطب، ففي مدينة المحلة الكبري ولد الدكتور بديع عام 1943 .. وتعرف علي جماعة الإخوان عام 1959 عندما كان طالبا في كلية الطب البيطري وكانت كتب سيد قطب ملاذه في تلك الفترة حتي انضم لما يعرف بتنظيم 65 ليلقي القبض عليه عام 1965 وهو مازال شابًا صغيرا ويحكم عليه بالسجن لمدة 15 سنة كاملة ذاق فيها بحسب شهادته ألوان العذاب في السجن الحربي ليصبح بذلك أحد الشهود علي تعذيب الإخوان في سجون عبد الناصر، ويختلف بديع عن غيره ممن يعرفون بأعضاء تنظيم عام 1965، وعن سيد قطب يقول بديع إن الإخوان لم يتعاملوا في يوم من الأيام مع المجتمعات علي أنها مجتمعات جاهلية «فالإخوان وهم في السجون ومع من ظلموهم كانوا يحسنون إليهم ولم يحملوا ضغينة لهم وذكر أن سيد قطب عندما أخذ لتنفيذ حكم الإعدام كان يسلم ويضحك في وجه الجنود وحكي بديع قصة قائلا: عندما تم تعينه معيدا بجامعة أسيوط في 1965 وزار بعدها قطب في السجن سأله قطب عن أحوال البلد فرد عليه بديع إن التعصب والغضب بين المسلمين والأقباط يملأ المكان فرد عليه قطب إنه لابد أن يقنع المسلمين بأن إصلاح حال أنفسهم والحرص علي سلوك الرسول مع جيرانه حتي من اليهود الذين كانوا يؤذونه هو المخرج».
ويقول: لو كان سيد قطب حيا وقال له أحد أنت أخطات لكان اعترف بخطئه وهذا من طبيعته لأنه كان يبحث عن تربية الإنسان بالعقيدة الصحيحة وزرع أسس الدين في أعماقه ويعتبر دائما أن النجاح في بناء العقيدة الإسلامية الصحيحة تتلاشي معه أي أخطاء ومن يربي علي غير هذا يصعب إصلاحه.
عرف الدكتور محمد بديع داخل الصف الإخواني باحتوائه لجميع آراء التيارات داخل الجماعة كما أنه من قلائل قيادات تنظيم 65 أو ما يعرف بالقطبيين الذين يرفعون شعار «الباب يفوت جمل والدعوة تنفي خبثها» لكل من يخالفها الرأي والرؤي ولكن بديع يرفع شعار «لا أحب أن يبعد عنا أخ وعلينا أن نقدم النصيحة» وهو نفس الأسلوب الذي استخدمه لتوجيه فئة شباب المدونين من الجماعة والذين لاقوا نقدا لاذعا من كبار قيادات الجماعة وطالبهم بعدم التشهير بالجماعة عبر الفيس بوك مؤكدا أن هذا ليس نوعا من الديكتاتورية ولا حرمانًا من حقوقهم في التعبير عن الرأي ولكن عملا بقول النبي صلي الله عليه وسلم «من نصح أخاه علي الملأ فقد شابه».
ولم يتوقف بديع عند هذا الأمر فاقتحم تلك الوسائل فأصبح لديه عضوية علي الفيس بوك كما أجري العديد من الحوارات مع الشباب عبر المواقع الإلكترونية، ورغم إشراف بديع علي قسم التربية لفترة طويلة فإنه اعترف مؤخرا عن أن مناهج وأساليب التربية لدي جماعة الإخوان المسلمين تحتاج إلي تعديل وتصحيح وأوضح أن القضية ليست في المناهج فقط، ولكن في المربي أيضا الذي أصبح خبراته محدودة ولا يملك الوسائل المساعدة ومنها المعسكرات التي تربينا عليها والتي تعالج أهواء النفس البشرية.
روحانية بديع كانت تظهر في العديد من المناسبات فهو حافظ جيدا للشعر والإنشاد الديني وكان ينشد العديد منها في المناسبات المختلفة ومنها أنشودة «حاسب نفسك» التي يقول فيها «حاسب نفسك أول بأول ..افرض دائما حسن النية علي ما يبان لك منه دليل -اسأل نفسك -حاسب قلبك -ربك عالم سرك كله».
وفي عام 1965 دخل الدكتور بديع السجن عدة مرات فكانت البداية مع سنة التحاقه بجماعة الإخوان المسلمين مع كبار قيادات جماعة الإخوان بمن فيهم الأستاذ سيد قطب وزامله كل من الدكتور محمود عزت ومهدي عاكف وحكم عليه رغم حداثة علاقته بالجماعة ب15 عاما قضي منها 9 سنوات ليحصل علي عفو عام 1974 ليخرج بعدها إلي لاستكمال دراسته بكلية الطب البيطري ..وتزوج من ابن الحاج محمد الشناوي، حيث كان أحد رفقاء مصطفي مشهور في التنظيم الخاص ولهذا ربط البعض بين ذهاب بديع لبني سويف بتكليف من مشهور ليحل محل الأستاذ حسن جودة مسئول المكتب الإداري للمحافظة في ذلك الوقت وهو ما نفاه بديع وقال: «الأستاذ جودة أستاذي وأخي الكبير كما أنه كان صهر مصطفي مشهور ولم أذهب لبني سويف لأحل مكانه». في أوائل الثمانينيات مما أسهم في عدم ظهور الرجل علي الساحة في هذه الفترة، ونظرا لجهوده العلمية هناك سجله اليمنيون في موسوعة عظماء العلماء العرب واعتبرته موسوعة هيئة الاستعلامات المصرية واحداً من أعظم مائة عالم عربي.
ورجح البعض سفر بديع لليمن لتوتر علاقته بمرشد الجماعة في حينها عمر التلمساني إلا أن بديع نفي ذلك وقال: «علاقتي كانت جيدة جدا بالأستاذ عمر التلمساني الذي زارني في بيتي بالمحلة رغم صغر سني وقتها وأكن له كل الاحترام والتقدير».
كان لبديع موعد جديد مع الاعتقال فيما يعرف بقضية جمعية الدعوة الإسلامية التي أسسها حسن جودة في بني سويف إلا أن مدة الاعتقال لم تزد علي 75 يوما.
ومع عهد الرئيس مبارك كان لبديع موعد مع المحكمة العسكرية الثانية للجماعة في عهد مبارك عام 1999فيما عرفت بقضية النقابيين وحصل علي 5 سنوات قضي منها ثلاثة أرباع المدة، إلا أنه اكتسب خلال تلك الفترة شعبية بين صفوف عدد كبير من الجماعة فالقضية جمعت بين كل من مختار نوح الخارج عن الجماعة والذي كتب للدكتور بديع إهداء في مقدمة عدد من كتبه قال فيها: «هذا الرجل أحبه» وجمع أيضا المهندس محمد علي بشر والمعروف بانتمائه للتيار الإصلاحي ونجح بديع في اكتساب ثقة هؤلاء جميعا وحبهم وتقديرهم وذلك لتواضعه الجم ويروي لنا الحاج ماجد الزمر مسئول مكتب كتلة الإخوان المسلمين وأحد المحكوم عليه في قضية النقابيين عن الدكتور بديع في السجن «كان رجلا لا يأتي عليه السحر إلا ساجدا فهو رجل روحاني يسبح في علم الله ويربط العلم الشرعي بالأكاديمي والمادي ..كان يشرح لنا آيات القرآن الكريم مستخرجا منها الأدلة المادية علي وحدانية الله وهذا إعجاز علمي.. كما أنه رجل واسع الأفق ..لديه قدرة علي استيعاب الآخرين وهو ما جعل الجميع يلتف حوله ويلجأ له في الشدائد والأزمات».
ويروي لنا الزمر موقفًا طريفًا «عرف عن الدكتور بديع نقاؤه وكان يقوم بالرقية الشرعية فقد جاءه ذات مرة أحد الزائرين في السجن وطلب منه رقيته وعندما تنتهي من ذلك أخرج له من جيبه عشرة جنيهات وقال: هذه لك يا شيخنا ربنا يكرمك .. فما كان من الدكتور بديع إلا أن ضحك وشكره وأعطاها أمامه لأحد جنود السجن».
ويروي لنا أحد زملائه في كلية الطب البيطري بني سويف قائلا: «إنه رجل متواضع للغاية يقوم بإعداد كوب الشاي لنفسه لا يتأخر عن أحد في المساعدة لديه العديد من الأعمال الاجتماعية والخيرية.. وداخل الجماعة لا يبخل عن طلابه بالعمل ولا أن من يطلب منه المساعدة».فهل سيحمل لنا بديع عصر عمر التلمساني الذي أفرز عددًا من القيادات الإصلاحية وتبني الشباب ويخرج بالجماعة للمشاركة والانفتاح والدفاع عن حقها في إصلاح البلاد أم سيدخل بها لصندوق مظلم هذا ما ستكشف عنه سنوات ولايته المقبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.