رئيس قسم العلوم السياسية - جامعة بورسعيد لا شك ان المصلحة العليا لمصر بعد اندلاع ثورة 52 يناير 1102م تقتضي اعادة النظر في دوائر السياسة الخارجية المصرية وبصفة خاصة الدائرة العربية، والدائرة الافريقية، والدائرة الاسلامية، ودائرة عدم الانحياز.. وفي خضم هذه الدوائر الاربع فإن علاقات مصر بدول الجوار المتمثلة في ايران وتركيا وأثيوبيا، لاسباب مختلفة، تقتضي ان تكون لها الأولوية في الحركة السياسية للحكومة المصرية.. وفي المقابل فإن التقليص التدريجي للعلاقات المصرية الاسرائيلية، يصبح مهمة قومية لصانع القرار باعتبار ان ذلك مطلب شعبي واسع النطاق عبرت عنه جموع الشعب عندما ذهبوا الي مقر السفارة الصهيونية في الجيزة أمام كوبري الجامعة مطالبين بطرد السفير الصهيوني. وبوقف ان لم يكن قطع هذه العلاقات. كما أن الرشاوي التي تسعي الولاياتالمتحدة لتقديمها لدول الثورات متمثلة في دعم ما، أو اسقاط رمزي لبعض الديون، وفي المقدمة مصر، وكذلك دول اوروبية، وايضا بعض الدول العربية الخليجية.. تقدم بغرض استمرار سياسات نظام الحكم السابق الذي اسقطه الشعب المصري في المقدمة. كما أنها محاولات للالتفاف حول الثورة المصرية بالاساس باعتبارها رمانة الميزان في المنطقة العربية بكل تأكيد. في هذا السياق، فإن إعادة العلاقات بين مصر وايران بعد قطيعة غير مبررة لمدة 23 سنة متصلة، وهو الأمر الذي لم يحدث بين بلدين في اي منطقة في العالم خلال القرن العشرين وحتي الآن هي ضرورة لا غني عنها باعتبار ان ذلك يمثل اهمية كبيرة للبلدين في آن واحد.. فالعلاقات الدولية تقوم علي مبدأ المصلحة المتبادلة والمنافع المشتركة، وأكاد أري الضرورات تتمثل فيما يلي: 1- ليس من المنطقي استمرار علاقات مصر واسرائيل وهي العدو المركزي وستظل الي ان تزول وفقا لمعطيات جغرافية وقراءة تاريخية، في نفس الوقت تستمر القطيعة بين مصر وإيران. 2- ليس من المنطقي استمرار علاقات دول الخليج مع ايران الي حد ان اكبر شريك تجاري لايران هو دولة الامارات العربية المتحدة بحجم تبادل تجاري يصل الي 21 مليار دولار سنويا في حين ان ايران متهمة بأنها استولت علي ثلاث جزر اماراتية هي »أبوموسي وطنب الصغري وطنب الكبري«. في حين ان العلاقات بين مصر وإيران تستمر مقطوعة دون سبب.. وكان الاولي ان تقطع العلاقات بين ايرانوالامارات علي خلفية احتلال الاولي لجزر الثانية، وبهدف تحرير هذه الجزر إن كانت محتلة فعلا حسب التقدير الاماراتي!!. الامر الذي يقود الي غموض استمرار قطع العلاقات بين مصر وايران. 3- ان استمرار قيم الثورة الايرانية التي قامت في 9791 والي الان، بمرجعية الامام الخوميني مفجر الثورة في نفس الوقت الذي سقط نظام مبارك المعادي لايران دون مبرر الا خضوعه للضغط الامريكي والصهيوني وعدد من دول الخليج.. وظهور نظام جديد بعد نجاح ثورة 52 يناير 1102 وله قيم الحرية والاستقلال، الامر الذي يقود الي ضرورة تلاقي الثورتين معا والان وبسرعة لاستدراك ما فات واستثمارا للفرص المتاحة وتعويضا من أجل تحقيق امال الشعبيين.. ولذلك يصبح من غير المنطقي ان تستمر القطيعة رغم اللحظة التاريخية في اندلاع ثورة يناير العظيمة في مصر، واستمرار ثورة ايران العظيمة ايضا من 9791 حتي الآن بقيمها الثورية ولا يمكن نسيان ان أول نظام حكم أن ثورة مصدق عام 3591 في ايران، كان نظام ثورة يوليو في مصر. ولكن من اسف فشل ثورة مصدق بفعل المخابرات الامريكية، التي لو كانت قد نجحت مع نجاح ثورة مصر لتغيرت موازين القوي مبكرا ولرأينا سيناريوهات مختلفة. ومن ثم فإن عدم استثمار فرصة الثورتين، هو اهدار للحظة تاريخية حاسمة، وصفتها أمام الرئيس أحمدي نجادي في لقائه مع الوفد الشعبي المصري في طهران يوم 1/6/1102م بأنها ستكون »جريمة سياسية« اذا ما لم تستغل لصالح الشعبين. 4- إن إعادة العلاقات الدبلوماسية هي مقدمة لدعم مجالات التعاون الاقتصادي »استثمارات ايرانية« وسياحة تصل الي مليون ايراني سنويا، وتبادل تجاري ضخم في نشاطات مختلفة منها القمح بدلا من استيراده من دول القمح المسرطن، أو الذي تصاحبه شروط سياسية.. وبالتالي كما قال الرئيس نجاد، ان كل امكانيات ايران ستكون في خدمة الشعب المصري بعد ثورة 52 يناير واتوقع الخير من وراء دعم هذه العلاقات وانعكاسات ذلك علي الخريطة السياسية والاستراتيجية في المنطقة وقضايا المنطقة وفي المقدمة الصراع العربي الصهيوني. وختاما لقد ذهبت ضمن وفد شعبي لزيارة ايران، رمزا لثورة 52 يناير التي يتطلع من خلالها الشعب المصري لفتح العلاقات مع دول الجوار ومنها ايران وعدت مساء الخميس 2/6 وأنا اكثر تفاؤلا بالمستقبل في ظل ثورتنا الشعبية العظيمة، والله الشاهد.