يمنى الحماقي: التعويمات المتكررة تسببت في إفقار الطبقة المتوسطة    استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم    تعرف على أسعار ومميزات السيارة اليابانية سوزوكي سياز 2024 Suzuki Ciaz    «القاهرة الإخبارية»: قصف مدفعي للاحتلال على المناطق الشرقية لمدينة دير البلح    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    «الإفتاء» توضح مناسك الحج بالتفصيل.. تبدأ بالإحرام    كولر: حظوظ الترجي أكبر من الأهلي    موعد مباراة جنوى وبولونيا في الدوري الإيطالي    «غزة 2035».. خطة نتنياهو وواشنطن لهدم وإعادة بناء القطاع    أسعار الدواجن واللحوم اليوم 24 مايو    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 24 مايو 2024    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    بعد انكسار الموجة الحارة.. تعرف على حالة الطقس اليوم    نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 برقم الجلوس الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني محافظة جنوب الوادي    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    مصرع شخص فى مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالفيوم    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 24 مايو في محافظات مصر    هشام ماجد: أرفض المقارنة بين مسلسلي «أشغال شقة» و«اللعبة»    عودة الروح ل«مسار آل البيت»| مشروع تراثي سياحي يضاهي شارع المعز    غير مريح للبشر، اكتشاف كوكب جديد "قريب من الأرض"    ألمانيا: سنعتقل نتنياهو    فلسطين.. اندلاع اشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال خلال اقتحام مخيم بلاطة    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    أوقاف الفيوم تنظم أمسية دينية فى حب رسول الله    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    عائشة بن أحمد تكشف سر العزوبية: أنا ست جبانة بهرب من الحب.. خايفة اتوجع    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    تمنحهم رعاية شبه أسرية| حضن كبير للأيتام في «البيوت الصغيرة»    كسر محبس مياه فى منطقة كعابيش بفيصل وانقطاع الخدمة عن بعض المناطق    إصابة 5 أشخاص إثر حادث اصطدام سيارة بسور محطة مترو فيصل    «حبيبة» و«جنات» ناجيتان من حادث معدية أبو غالب: «2 سواقين زقوا الميكروباص في الميه»    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    متحدث الوزراء: المجلس الوطني للتعليم والابتكار سيضم رجال أعمال    الزمالك ضد فيوتشر.. أول قرار لجوزيه جوميز بعد المباراة    منتخب مصر يخسر من المغرب فى ربع نهائى بطولة أفريقيا للساق الواحدة    تشييع جثمان شقيق مدحت صالح من مسجد الحصرى بعد صلاة الجمعة    أصداء «رسالة الغفران» في لوحات عصر النهضة| «النعيم والجحيم».. رؤية المبدع المسلم وصلت أوروبا    الهندية كانى كسروتى تدعم غزة فى مهرجان كان ب شق بطيخة على هيئة حقيبة    بركات: مواجهة الترجي ليست سهلة.. ونثق في بديل معلول    السفير رياض منصور: الموقف المصري مشرف وشجاع.. ويقف مع فلسطين ظالمة ومظلومة    بوتين يصل إلى بيلاروس في زيارة رسمية تستغرق يومين    يوم الجمعة، تعرف على أهمية وفضل الجمعة في حياة المسلمين    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    شعبة الأدوية: التسعيرة الجبرية في مصر تعوق التصدير.. المستورد يلتزم بسعر بلد المنشأ    الصحة العالمية تحذر من حيل شركات التبغ لاستهداف الشباب.. ما القصة؟    وفد قطري يزور اتحاد القبائل العربية لبحث التعاون المشترك    سعر الدولار مقابل الجنيه بعد قرار البنك المركزي تثبيت أسعار الفائدة    إخفاء وإتلاف أدلة، مفاجأة في تحقيقات تسمم العشرات بمطعم برجر شهير بالسعودية    إصابة فتاة إثر تناولها مادة سامة بقنا    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    "قمة اليد والدوري المصري".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    حظك اليوم برج الجدي الجمعة 24-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الحصول على العضوية الكاملة تتوقف على الفيتو الأمريكي    لمستخدمي الآيفون.. 6 نصائح للحفاظ على الهواتف والبطاريات في ظل الموجة الحارة    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    في إطار تنامي التعاون.. «جاد»: زيادة عدد المنح الروسية لمصر إلى 310    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر الثورة ودوائر السياسة الخارجية (2/2)
نشر في المصريون يوم 03 - 05 - 2011

انتهينا في المقال السابق على أن نجاح الدولة المصرية الجديدة مرهون بحسن تعامل النخبة الحاكمة مع ثلاث دوائر تم ترتيبهم حسب الأهمية: الدائرة المحلية والدائرة الدولية وقد سبق الحديث عنهما، واليوم نخصصه للدائرة الإقليمية.
والدائرة الإقليمية أحد أهم محاور دوائر التحرك على صعيد السياسة الخارجية المصرية، ودول الجوار الجغرافي بحكم الموقع كإثيوبيا وإمكاناتها على تشكيل تهديد لمصر في منابع النيل، وبحكم التاريخ وتنازع الدور الإقليمي (كإيران وتركيا) وبحكم الأمر الواقع (كإسرائيل).
وهنا نجتهد في بناء نموذج يحاكي الواقع المتعين ليس في دراسة السياسات والعلاقات باعتبارها علاقات ثنائية أو حتى متعددة ولكن في محاولة التقاط "صورة بانورامية مجمعة"، صورة حية تتحرك فيها مختلف الأطراف وتتبدل الرؤى والاختيارات بحيث يؤثر كل منها في الآخر؛ حيث دراسة سياسات معينة تستدعي إلى الذهن ومن ثَمّ إلى التحليل بقية السياسات وعلاقات أطرافها، وهذا أصدق ما يكون تعبيرا عن الواقع، وتتعدد الاحتمالات بحسب التغيير في كل عنصر من عناصر المعادلات الحاكمة.
ولا يمكن لأي دور مصري مؤثر أن يتحرك بعيدا عن التنسيق مع السعودية وسوريا فكما يعلمنا التاريخ أن محور القاهرة الحجاز الشام ما التئم إلا وتغير وجه المنطقة وارتفعت مقاومتها واستعصت على الاحتواء.
يقول المستشار طارق البشري: "ونحن نعلم من التاريخ أن ما من دولة مستقلة في هذه المنطقة التي توجد بها مصر إلا وقامت قاعدة استقرارها على مثلث مصر والشام والحجاز، وأن ما من دولة مستقلة في هذه الأركان إلا وسعت للتواجد في الركنين الآخرين وأن هذا السعي كان لاستكمال العناصر الأساسية للوجود المستقل الفعال، وكان هذا استجابة لمقتضيات الجغرافيا السياسية التي جعلتها منطقة ذات أمن ومصير واحد إزاء الأخطار الخارجية".
ومن ثم فمنطقة الخليج أحد مناطق تجليات الدور المصري، أو مناطق "وضع الأقدام"، على اعتبار أنه من المفترض أن تكون سياسات الدولة الجديدة في مصر هي:
- مقاومة الهيمنة الأمريكية ونمطها في الحياة
- استمرار الصراع مع إسرائيل ولو بأشكال مختلفة
- مقاومة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بكل صوره.
هناك دائرتان تحيطان بالدولة المصرية كل منهما تشكل مثلث متساوي الأضلاع:
المثلث الأول: مصر والسعودية والعراق (أعمدة استقرار الدائرة العربية)
المثلث الثاني: مصر وإيران وتركيا (أعمدة استقرار الدائرة "الشرق أوسطية").
وكلاهما تشكل دوائر تفاعلات وحركة للدولة المصرية إن سلبا أو إيجابا، وكلاهما تشكلان مناطق نفوذ للولايات المتحدة (العراق) أو مناطق احتواء (إيران) أو مناطق تحالف استراتيجي (تركيا) أو منطقة مصالح لا يمكن التفاوض بشأنها (السعودية).
وتقتضي الدراسة العلمية لمجمل علاقات الأطراف مع الدولة المصرية افتراض حالتين لكل طرف: الأولى تعاونية والأخرى صراعية، وكذلك دراسة علاقات الأطراف بعضها ببعض من نفس المنظور.
يمكن البدء بمثلث أعمدة الاستقرار في العالم العربي حيث تشكل الدولة المصرية الحلقة الأولى فيه فإذا أخذت العلاقة شكل التعاون مع النظام السعودي نكون بإزاء طرفين آخرين هما: العراق وسوريا (مع الأخذ في الاعتبار أن الأول خارج دائرة المنافسة، والثاني نظام في طور الأفول أي أن كلاهما في حالة إعادة تشكل الدور وإن طال أمدها).
لكن أيضا بموازاة المثلث العربي لا يمكن إغفال المثلث "الشرق أوسطي" لتماس القضايا وتقاطعها ووجهة نظر الطرف الآخر الذي يملك ويطرح سياسات كونية "الولايات المتحدة" وتابعتها إسرائيل، حيث تقدم الولايات المتحدة تصورات تفصيلية لصياغة حاضر ومستقبل المنطقة وإعادة ترتيبها سواء عبر إمكانياتها الذاتية وقدراتها الخاصة أو عبر طرف ثالث، إسرائيل أو تركيا، وبذلك نفهم سرّ التحالف التركي الإسرائيلي.
وعلى مسار المثلث العربي ربما كان أهم أهداف الولايات المتحدة وقواتها الرابضة في الخليج هو ضبط نمو الأطراف الفاعلة وتحديد معالم سياستها الخارجية وتشكيل مجمل تفاعلاتها والضغط على الدول العاصية أو المارقة من وجهة نظرها.
أما إيران فهي أحد أهم أعمدة استقرار الشرق الأوسط ويمكن تصور مشهدين:
أولهما: مشهد تعاوني (وإن كان بعيد الحدوث في ظل سيطرة الملالي) تنتهج فيه إيران سياسات وعلاقات دولية أكثر انفتاحا على دول العالم بشكل سلمي تتجاوز فيها مقولات تصدير الثورة (فالثورات لا تصدّر ولا تستورد) وتكفّ عن تحريك الأٌقليات المذهبية.
ثانيهما: مشهد صراعي يقوم على سياسات بسط النفوذ والتوسع فيما تعتبره إيران مجالها الحيوي، فمحور الصراع بين مصر وإيران سيكون في الخليج العربي وهذا الذي أثبتته زيارة عصام شرف للسعودية والكويت، وتصريحه بأن الخليج خط أحمر.
ومن ثم فإن الصراع بين "الدور الإقليمي" لأعمدة الشرق الأوسط و"الدور الكوني" للولايات المتحدة خاصة في منطقتنا هو الذي سيفرز تداعيات تؤثر على مجمل شبكة العلاقات وعلى تشكيل الدور الإقليمي للدولة المصرية.
أما تركيا فالمشهد الحاكم هو المشهد التعاوني حيث تتحرك تركيا على دور إقليمي بعرض المنطقة وطولها محاولة استثمار الأبعاد الحضارية لهويتها الإسلامية والدخول من باب التعاون مع كل الأطراف. لدرجة أنها عملت على تخفيف حدة الصراع مع إيران على جمهوريات آسيا الوسطى وقبلت بشكل من أشكال تقاسم مناطق النفوذ، وفي منطقتنا تقوم بعملية توازن مبدعة بين دورها الإقليمي ودور الولايات المتحدة الكوني.
لذلك يمكن القول أن مجمل سياسات وعلاقات الدولة المصرية تتقاطع مع كل/أغلب أهداف الولايات المتحدة ومن ثم يمكن تصور خط متصل تكون عليه كل القضايا السياسية مثل: عملية التسوية السلمية للصراع العربي الإسرائيلي وأمن الخليج وتصورات استقرار الأوضاع في العراق، وعلاقات مع الأطراف الرئيسية لبلدان الشرق الأوسط والسعودية من مجموعة دول الخليج وإيران وتركيا وإسرائيل (بحكم الأمر الواقع).
ولا يمكن للدولة المصرية أن تجاهل ضغوط الواقعين الإقليمي والدولي على حركتها ومنها التعامل مع واقع مفروض حتى وإن كان مرفوضا من حيث المبدأ ولأن كل السياسات تشتبك اشتباكا حادا مع كل العلاقات فيمكن التفكير فيها مجتمعة (كما سبق) من خلال ما نطلق عليه "مصفوفة سياسات وعلاقات الدولة المصرية في الدائرة الشرق أوسطية".
فالعلاقات مع الولايات المتحدة تستدعي إلى الذهن مناطق النفوذ والهيمنة في مجمل الشرق الأوسط والسياسات تستدعي دوائر الصراع وعلاقات الحلفاء؛ فالولايات المتحدة تتعامل مع الخليج وأمنه وبتروله باعتباره حزمة واحدة غير قابلة للتفاوض، كما أن إسرائيل وسياساتها لا يمكن فصلهما عن التصورات الأمريكية وربما لاشتراكها في خزانات تفكير Think Tankers
متقاربة أو على الأقل متقاطعة ولا يمكن فصل الوضع في العراق عن الترتيبات الإقليمية الأمنية والاقتصادية والسياسية الجديدة في الخليج، وتغير الفكر الإستراتيجي الأمريكي في الخليج بعد حرب الخليج الثانية وإدراك عدم مناعة سياسة إقامة "قوة موازنة"، ودخول الدولة المصرية على هذه التقاطعات قد يؤثر سلبا على مجمل الأهداف الإستراتيجية الأمريكية، وإن ظل جوهر الصراع بين الأطراف الثلاثة (مصر وإيران وتركيا) هو تعبير عن بعض "مقتضيات الدور الإقليمي" باعتبار أن كل منهم يرى نفسه صاحب الدور الأكبر وأن اختلفت مثلثات الطرح.
فإيران ومصر يعنيان بالدور الإقليمي دورا رئيسيا في المنطقة، وتركيا تريد أن تتحول من جسر إلى مركز سياسات، وبؤرة استقطاب وسياسات ملء فراغ.
والخلاصة تقوم على أن نجاح الدور المصري هو دخوله من باب التعاون وتبريد كل المناطق الساخنة في علاقاتها الإقليمية، حيث تواجه الدولة المصرية بشبكة كثيفة من العلاقات التي تفرز سياسات تعمل على احتواء فاعليتها وعدم التسليم من قبل مختلف الأطراف لإحداها أن يصبح قوى إقليمية كبرى Super Regional Power في رسم وتحديد شبكة العلاقات والتفاعلات الإقليمية في تلك المنطقة المتميزة من مناطق العالم والتي يطلق عليها منطقة "الشرق الأوسط".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.