القرار الذي أصدرته النيابة العامة أمس الأول، والذي يقضي بأحقية المواطن العادي بضبط الخارجين علي القانون والقبض عليهم وتسليمهم لأقرب قسم شرطة مثله في ذلك مثل رجل الجيش ورجل الشرطة لا أراه أكثر من عود كبريت يتم إلقاؤه علي زجاجة بنزين، أو زجاجة بنزين يتم إلقاؤها علي بلد مولعة أصلا فلا يزيدها إلاّ اشتعالا وتأجيجا.. إذ كيف سيستسلم المجرم الخارج علي القانون لأي محاولة من أي مواطن للإمساك به، وكيف سيمتثل له في سكون وضراعة حتي يتم تسليمه لأقرب قسم شرطة ؟ إذا كان البيه الضابط بجلالة قدره وبسلاحه وعتاده وكفاءته القتالية والجسمانية - في أحيان كثيرة - لا يقدر عليه ويقع ضحية له.. فكيف سيقدر عليه المواطن البسيط المسالم الذي لا يمتلك لا السلاح ولا العتاد ولا أي مهارة أخري ؟ ومع فرض أن هناك مواطنا متهورا صدّق كلام النائب العام وأراد أن ينفذه بحذافيره وقبض علي المجرم.. ماذا سيكون رد فعل المجرم الخارج علي القانون إزاء هذا المواطن إلاّ المقاومة بكل ما أوتي من قوة، وبطبيعة الحال لن يخلو الأمر من البطح أو الذبح أو إحداث عاهة مستديمة ( وطبعا كلنا عارفين مين الفاعل ومين المفعول به ) أمّا إذا عكسنا الوضع فالنتائج ستكون أسوأ بكثير.. ألا يمكن أن يعتبر البلطجي أوالمجرم الخارج علي القانون أن الموضوع هو شغلته الجديدة وسبوبته اللي جت له علي كفوف الراحة، فيتحرّش قولا وفعلا بأي مواطن شريف مسالم بحجة إنه شاكك فيه.. ومفيش مانع في هذه الحالة أن يستعين بزملاء المهنة من المجرمين والبلطجية وهات يا ضرب في المواطن الشريف المسالم لغاية مايبان له صاحب أو يدفع المعلوم.. وتتحول العملية كلها إلي أداة إرهاب وإبتزاز جديدة في الشارع المصري باسم القانون، ليتحول إلي مسرح لواقع دموي جديد سيفرض نفسه علي الجميع حكاما ومحكومين.. فهل كان ينقصنا مثل ذلك القرار الغريب والذي أراه غير حكيم بالمرّة ؟ أرجو من النائب العام استدراك الأمر وتصحيح القرار الذي أصدره ليصبح مقصورا فقط علي رجال الجيش ورجال الشرطة.. فهم فقط المؤهلون لمثل تلك المهام الصعبة، وأدعو الله سبحانه وتعالي أن ينفخ في صورتهم حتي يستطيعوا استعادة الأمن في مصر من جديد، وكفانا ما عانيناه منذ أكثر من عامين من انفلات أمني.. وكان آخرها العرض الكبير الذي تم بنجاح باهر في القاهرة وبورسعيد، واستطاع أبطال العرض الخرافي أن يحبسوا أنفاس الشعب عن آخره مرّة وهو يشاهد بأم العين وطنه محترقا بأيدي أبنائه، ومرّة وهو ينتظر تحركا سريعا من الأجهزة الأمنية المختصة فلا يري شيئا.. حتي الصبية الصغار كانوا يتحركون ويحرقون براحتهم ولم نر أي مواجهة لهم، وكأن ما يحدث جاي عالكيف.. (ولواحنا فاهمين غلط قولوا لنا الصح إيه)..