تعودنا نحن الصحفيين ان نستقبل الباحثين والمخترعين وأصحاب الافكار الجديدة أو المختلفة، واحيانا نسعي نحن اليهم، فبيننا وبينهم شيء مشترك، هم يزعمون أنهم توصلوا الي حلول لمشاكل أو أضافوا جديدا في مجال ما، أو ابتكروا أجهزة أو طرقا تعالج أو تسهل معالجة امر من أمور حياتنا.. ونحن تواقون الي الاخذ بكل ما يفيد في تحسين احوالنا، في اي جانب من جوانبها.. فنحن الذين تتجمع لدينا هموم حياتنا كلها.. ويتمني كل منا ان يرتبط اسمه بما يخلص الوطن من أي منها، ان لم يكن كلها. ومع تراكم خبرتنا وتجاربنا، وخوفنا من ان نخدع، وننساق وراء اوهام، او حلول كاذبة او غير واقعية، او قديمة أو مدعاة، تضر بمصداقيتنا، وتسيء إلي مكانتنا واسمائنا.. فاننا نبذل جهدا فكريا وبحثيا مضنيا، قبل ان نكتب عن نتائج بحث، أو ابتكار. ورغم ان الباحث حاصل علي بحثه علي درجة اكاديمية، ماجستير أو دكتوراة.. او انه استاذ قام ببحثه علي رأس فريق علمي.. أو انه حاصل علي براءة اختراع من اكاديمية البحث العلمي.. فاننا لا نأخذ ما يقدمه لنا مسلمين بصوابه وجدواه.. ابدا.. اننا نسأل ونسأل ونسأل، حتي »نهري« الواحد منهم بالاسئلة.. نطالبه بكل ما لديه من مستندات لصالح بحثه أو اختراعه، نبحث عن أي شخص أو جهة ذات صلة، حتي نتيقن اننا ايضا عرفنا ما يناقضه، وارتاح عقلنا وضميرنا الي اننا عندما نتبناه، نكون محقين.. فنكتب عنه. يوم النشر يأتي الباحث أو المخترع، أو يتصل فرحا فخورا بأن بحثه أو اختراعه صار معلوما للناس.. ونتلقي نحن اتصالات أو رسائل تطلب المزيد من المعلومات.. لكن الباحث أو المبتكر لا يلبث ان يأتينا أو يتصل بنا منزعجا ماذا حدث؟.. طلع لي عفريت، ويفسر: سارت الامور سيرا جيدا، لكن عند حلقة من حلقات التعامل مع البحث أو الاختراع.. ظهر العفريت.. أهدر كل مسوغات البحث أو الاختراع.. وعطل المراكب السايرة.. وطبعا يستنجد بنا ان ننقذ بحثه أو اختراعه.. وطبعا نطالبه بالمزيد من المستندات.. ونحاول ان نخفف الصراع بين الطرفين، ونسوق كل ما هو منطقي لكي تسير الامور.. لكن يعود إلينا الباحث أو المخترع قانطا: قال لي بمنتهي الاستهانة: »أعلي ما في خيلك اركبه«.. نعتبره يتحدانا.. نخاطب اكبر مسئول في جهازه أو زيارته لكن المسئول الكبير مشغول ومش ناقص وجع دماغ.. ولديه ميل فطري لان يستسهل الاخذ بوجهة نظر رجله.. أو اهمال الامر بالمرة.. وهكذا لايجد الباحث أو المخترع غير القعود والاحباط.. ونضطر نحن الي إغلاق الملف. ويأتينا باحث أو مخترع آخر، وتتكرر نفس المقدمات.. ونصل لنفس النهاية: العفريت ظهر.. ولا فائدة.. ونتساءل: لماذا تتوالد وتتكاثر في بلادنا العفاريت.. والي متي ينتصرون.. ويحرمون الوطن من ثمرات عقول مبدعيه!؟. أيها الباحثون: التزموا بأساليب العلماء استخدم بعض الاساتذة كلمات »السرقة« والاخفاء، في بيان اسباب خلافهم مع مركز البحوث الزراعية، ورغم انني متحمس لانجاز أحدهم، فانني أربأ بهم ان يلجأوا لأوصاف غير لائقة بهم، تعمق الخلاف ولا تحله، الرجاء ايضا لزملائي الصحفيين والاعلاميين.