كما هو معروف فان النرويج واحدة من أرقي الدول الاوربية, وفيها جاليات عربية عديدة اكبرها الجالية العراقية التي ازداد أفرادها بشكل متصاعد منذ الاحتلال الامريكي للعراق. ولان هذه الدولة الاسكندنافية متقدمة فقد اختارت لها الحكومة العراقية الحالية سيدة عراقية لتكون سفيرة لبلادها هناك لتعكس الوجه الحضاري لبلاد ما بين النهرين والمساواة بين الرجل والمرأة بعد ان ظلت المرأة العراقية محرومة من تولي منصب السفير أو العمل في السفارات العراقية في الخارج طوال عشرات السنين! ولكن, وآه من هذه اللكن, فالجالية العراقية في اوسلو عاصمة النرويج تتحدث باستغراب عن السيدة السفيرة وهي من التركمان. فهي ترفض استئجار بيت للسكن فيه أسوة بأي سفير, ولذلك قررت السكن في أرقي الفنادق في أوسلو وهو فندق "جراند هوتيل" الذي يبعد عن القصر الملكي بسبعمائة متر وعن البرلمان النرويجي بمائة وخمسين متر فقط, وماتزال تسكن فيه منذ عدة أشهر. وهو فندق الملوك والرؤساء والأمراء والوفود الرفيعة, وسبق ان نزل فيه الرئيس الامريكي الاسبق بيل كلنتون ورئيس جنوب افريقيا السابق نيلسون مانديلا والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وغيرهم من الزعماء. ويعتبر من أغلي الفنادق اذ ان اسعاره تشبه اسعار مدينة المليارديرية والقمار لاس فيجاس في الولاياتالمتحدة. وطبعاً فان السفيرة لا تسكن في غرفة وإنما في جناح كامل في هذا الفندق علي نفقة الشعب العراقي في الوقت الذي يموت فيه الوف العراقيين جوعا وفقرا ورعباً. والموضوع ليس شخصياً فانا لا أعرف السفيرة ولم أسمع باسمها من قبل, ولكنه قضية عامة تتصل بالفساد الحكومي في العراق المحتل الذي أهله ليصبح الدولة الاولي في الفساد في العالم حسب التقارير الدولية وفي مقدمتها تقرير منظمة الشفافية الدولية. وتقول الجالية العراقية ان السفيرة ترفض إستقبال العراقيين المقيمين في النرويج وترفض مقابلتهم أوحتي السماح لهم برؤية مكتبها الفخم داخل الفندق, وهي ترفض ايضاً مقابلة وجهاء الجالية العراقية ومثقفيها أو حضور نشاطاتهم ومهرجاناتهم, وفي نفس الوقت ترفض أستقبال جميع ممثلي الأحزاب والحركات السياسية النرويجية. ويقال ان سبب عدم إستقبالها لأحد هو لانها لا تتكلم اللغة العربية وانما التركمانية والايرانية والانجليزية! تصوروا سفيرة لبلد عربي لا تعرف اللغة العربية وفوق ذلك فان زوجها ايراني الجنسية! والذين يزورون لندن وباريس وروما وعواصم اوربية اخري يجدون في الاسواق والمطاعم لافتات صغيرة مكتوباً عليها بالحروف العربية "نحن نتحدث اللغة العربية". ولذلك "يشنع" المواطنون العراقيون علي السفيرة بانها علقت علي باب الفندق لافتة تقول "نحن لا نتحدث اللغة العربية"! وما يفسر سر قوة هذه السفيرة انها كانت من ضمن الذين تدربوا في الولاياتالمتحدة أواخر عام 2002 تحت إشراف وكالة المخابرات الأميركية "سي أي آيه" ووزارة الدفاع "البنتاجون" ليكونوا عيوناً للوكالة في العراق المحتل أسوة ببعض الوزراء والسفراء والقادة والساسة وبعض المحافظين الذين يحكمون العراق اليوم. ولهذا فهي مفروضة علي العراق وشعبه وتتعامل مع الجالية العراقية من خلال بعض موظفي السفارة الذين حولتهم الي خدم! وأكثر من ذلك فهي أقسمت علي عدم دخول مبني السفارة العراقية في اوسلو الا بعد ان يتم ترميمه وتجديد ديكوراته بملايين الدولارات ليليق بمستواها! وهي أول سفيرة في العالم لا تدخل الي سفارتها الا لغرض الاطلاع علي مراحل الترميم والتجديد. لقد كان الدبلوماسيون العراقيون في وزارة الخارجية العراقية يتحدثون سراً وعلناً عن فساد السفراء الاكراد الذين عينهم هوشيار زيباري وزير الخارجية, وقيامهم برفع العلم الكردي علي السفارات بدلاً من العلم العراقي ومنحهم الجوازات العراقية الدبلوماسية لالوف الاكراد الاتراك والسوريين واللبنانيين والايرانيين. الا ان السفيرة التركمانية تفوقت علي علي هؤلاء السفراء الاكراد, فكل علاقاتها تنحصر بالسفارتين التركية بحكم تركمانيتها والايرانية بحكم جنسية زوجها! .. وكم ذا "بالعراق" من مضحكات.. ولكنه ضحك كالبكا. كاتب المقال: كاتب عراقي