بعد أن عززت مصر تواجدها في العراق وبات أمرا حتميا في ظل الظروف التي لا تخفي علي أحد وآخرها التفجيرات الأخيرة التي خلفت وراءها ما يقرب من 150 قتيلا و200 جريح وبعد عودة السفير المصري إلي بغداد بعد غيابه منذ اغتيال السفير إيهاب الشريف كان لابد من تفسير الإصرار المصري علي حتمية هذا التواجد في ظل الوضع الراهن وهو ما حاولت روزاليوسف معرفته من سفير مصر الأسبق في العراق د.فاروق رياض مبروك.. وإلي نص الحوار: * في البداية فسر لنا حتمية التواجد المصري في العراق ذي الأوضاع الساخنة والسيئة أمنيا؟ - لم يكن مقبولا أن تترك الدول العربية وعلي رأسهم مصر العراق لقمة سائغة لفم قوي إقليمية تسعي إلي مصالح خاصة. * من هي هذه القوي؟ - إيران وإسرائيل.. فهما أكثر المستفيدين من غزو العراق فإسرائيل هدفها تفكيك شتي الدول العربية أما إيران فاستفادت من الغزو الأمريكي للعراق حيث انهارت القوة التي صمدت أمام اطماعها كما أصبحت إيران القوة الأولي بعد القوات المحتلة داخل العراق نفسه وجنوب العراق الشاهد الأول علي ذلك حيث حولته إيران إلي مقاطعة فارسية تتداول العملة الإيرانية كما أعادت تشكيل الهوية الثقافية لبلاد الجنوب وذلك عن طريق القنوات الفضائية والإذاعات والصحف الفارسية وذلك كله في فترة لا تساوي في حساب الزمن شيئاً في إطار سياسة عامة للدولة دون النظر إلي الطرف الذي تتعاون معه وهو ما يفسر تداخها بشكل مريب مع طوائف سنية متشددة للغاية في العراق. * عد بنا إلي تفسير حتمية التواجد المصري؟ - التواجد المصري بمثابة عودة الأمور إلي نصابها الحقيقي وتواجد مصر في العراق وضع طبيعي لمساعدة العراق وأيضا للحفاظ علي الأمن القومي العربي والمصري بشكل خاص فمن الخطأ أن نظن أن تفكك العراق وانهياره غير ضار بالأمن المصري. * هل سينجح الدور المصري الساعي إلي توحد الصف العراقي والنهوض بالعراق إلي مكانته الطبيعية؟ - مصر هي أفضل من يقوم بجميع الأدوار الإيجابية في العراق بما تتمتع به من ثقة لدي جميع الطوائف العراقية وعدم معاناتها من أية مشكلات مع أي طرف في العراق وفي هذا الشأن كان القرار المصري بعودة السفير المصري إلي بغداد مرة أخري بمثابة الداعم للدول العربية الأخري للإقدام علي مثل هذا القرار. * سلمنا بحتمية التواجد المصري.. لكن ألا تشعر بالقلق من التفجيرات الأخيرة وعادت إلي اذهانك حادثة اغتيال الشريف؟ - التواجد المصري حتمي.. آه بدون مخاطر.. لا ومن يظن عدم الخطورة فهو مخطئ وعليه تم اتخاذ عديد من الإجراءات التي يمكنها وقاية أمن البعثة وحماية أفرادها والجالية المصرية بشكل عام أن كان لا توجد دولة في العالم مستقرة أو غير مستقرة تتمتع بالأمن بدرجة مائة بالمائة ولكن هذا هو الثمن المفروض علي مصر في سبيل مهمتها القومية العربية والمصرية. * برأيك من اللاعبون الأساسيون في التفجيرات العراقية وضرب الاستقرار العراقي؟ - هناك شق سياسي وهو النظام الطائفي الذي خلقته قوات الاحتلال عندما دعمت الحكم الطائفي ونظام توزيع الحكم علي الطائفة بنسب مختلفة أما الشق الثاني والأخطر في الأمر فهو وجود قوي خارجية وداخلية يهمها ضرب استقرار العراق وأن يظل هشا وضعيفا وهي إيران وإسرائيل كما ذكرت أما فيما يتعلق بالتفجيرات فخاضعة للتحقيقات ومازال الجناة مجهولين حتي لو تأكد الجميع أن هذه التفجيرات لمصلحة الأجندة الإيرانية في العراق والخليج عموما وأيضا في الصالح الإسرائيلي. * كيف ينهض العراق ويتبوأ مكانته مرة أخري؟ - باختصار شديد لن ينهض العراق إلا بعد الارتباط العربي العراقي مرة أخري وحصول وفاق وطني بين جميع الطوائف ثم إعادة أجهزة الدولة بما فيها أجهزة الأمن والقوات المسلحة بعيداً عن العصابات والميليشيات ويأتي بعد ذلك تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين. * هل تتوقع فعلا خروج أمريكا من العراق؟ - أولا لابد من إعادة بناء القوات العراقية قبل خروج القوات الأمريكية وذلك منعا لحدوث حرب أهلية عراقية فيما بعد ثانيا فأنه من الخطأ أن نتخيل أن الولاياتالمتحدة بعد انفاقها المليارات علي حربها في العراق ستخرج منها بالمعني الذي يتمناه العرب والعراق فهي لن تخرج سوي من مستنقع الشارع العراقي وستدفع القوات العراقية بدلا منها علي أن تتفرغ هي للتمركز في قواعد عسكرية تغطي جميع البلاد العراقية ووقتئذ ستخلق الولاياتالمتحدة الصيغة القانونية لهذا التواجد كما سيكون هناك اتفاق ستعرضه علي الحكومة العراقية لتمرير هذا التواجد وتبريره.