تستأثر جولة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري باهتمام الحكومة اللبنانية وفريق الأكثرية النيابية في بيروت على اعتبار أن هذا الفريق يرى فيها التفافا على جولة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الهادفة إلى تحقيق اجتماع وزاري عربي أو قمة عربية مصغرة للنظر في الأزمة اللبنانية بعد «التعنت السوري». وتقول أوساط بري إن زيارة رئيس مجلس النواب اللبناني إلى قطر تندرج في إطار التسويق للمبادرة التي أطلقتها المعارضة اللبنانية على لسان أكثر من قطب فيها، والقائلة بحكومة حيادية تؤسس لانتخابات نيابية مبكرة. وأضافت المصادر أن هذا المشروع يطرحه القطبان المعارضان العماد ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر وحسن نصر الله الأمين العام لحزب الله منذ اندلاع الأزمة اللبنانية، فضلا عن طرح جديد يقول بتعيين العماد ميشال سليمان لترؤس مثل هذه الحكومة على اعتبار أنه الرجل الوحيد الذي حظي بتوافق اللبنانيين. وتشير الأوساط إلى أن «هذا ما يفسر الحديث المتنامي عن قانون الانتخابات في لبنان شكلا ومضمونا، مع الملاحظة أيضا أن هذا الملف أصبح مادة سجالية تؤسس لمزيد من الانقسام اللبناني». وتضيف المصادر أن «سوريا ليست بعيدة عن هذا الطرح على اعتبار أنها تعرف جيدا أن مثل هذا الحل في حال تحقيقه سيصب حتما في مصلحتها، وهذا ما يفسر أيضا حركة إعادة الأوضاع التي تشهدها الكتل النيابية الكبرى في ظل إعلان زعيم المعارضة المسيحية النائب ميشال عون أن ثلاثة أو أربعة نواب من فريق الأكثرية سينضمون إلى كتلته الحالية، وأنه سيتم الإعلان عن التفاصيل في الوقت المناسب بحجة أمن هؤلاء النواب». وبالعودة إلى الملفات التي يحملها معه بري في جولته العربية، تكشف الأوساط أن العلاقات السورية السعودية ودور لبنان في تقريب وجهات النظر بينهما يشكلان عاملا أساسيا في المضمون، إذ أنه يرى أن أوراق الحل باتت خارج لبنان بالكامل، بل إنها مقسومة بالتساوي بين هذين الدولتين العربيتين، مع الإشارة إلى أن كل واحدة منهما تعلن حربها السياسية على الأخرى من خلال الملفات السياسية اللبنانية العالقة. وتشير الأوساط إلى أن نجاح بري في تسويق هذه النظرية للحل، أي حكومة حيادية وانتخابات مبكرة، من شأنه أن يعيد خلط الأوراق في الداخل وتحويل الأزمة عن مسارها الطبيعي، وتركيزها على قانون الانتخابات النيابية الذي يشكل مادة خلافية دسمة لاسيما في ما يتعلق بتقسيمات العاصمة بيروت الإدارية. وأوضحت الأوساط أن هذا يأتي في ظل قناعة راسخة لدى الجميع بأن أي مساس بقانون عام 2000 المعروف في لبنان بقانون غازي كنعان من شأنه أن يسقط هيمنة تيار المستقبل عن هذه الدائرة، وبالتالي عن عاصمة القرار السياسي، بما يعني الالتفاف على الأكثرية النيابية من الباب الخلفي، وبالتالي إسقاط زعامة النائب سعد الحريري السنية، وهذا ما لن يرضى به فريق 14 باعتباره المتضرر الوحيد من هذا الحل. والأمور على بساطتها تبدو في الواقع أكثر تعقيدا، إذ أن الخلاف السني الشيعي المستفحل في المنطقة العربية، بدأ يلقي بظلاله الثقيلة على لبنان، وبات بحد ذاته يشكل أزمة إقليمية تحتاج إلى علاج سريع باعتبار أن الساحة اللبنانية، وهي الأكثر هشاشة نظرا للتطورات المتسارعة باتت أرضا خصبة لإطلاق شرارة العنف المذهبي في المنطقة برمتها. وقد دفع ذلك بالمصادر ذاتها إلى تأكيد أهمية قراءة الصراع الذي تحول من صراع لبناني داخلي إلى صراع عربي عربي يقوده كل من بري لمصلحة سوريا والسنيورة لمصلحة عرب الاعتدال، بما يؤشر إلى مرحلة ساخنة يدرك اللبنانيون خطورتها ولا يعملون على تفاديها، بل على العكس.