توقعت مصادر واسعة الاطلاع في بيروت تزايد الضغوط السياسية على سورية وحلفائها في لبنان مع العد التنازلي لموعد الجلسة ال 18 لانتخاب رئيس للجمهورية في 22 الجاري، وخصوصاً ان الموعد المحدد يأتي بعد مناخ دولي وعربي ومحلي حاسم في تغليب خيار انتخاب قائد الجيش، العماد ميشال سليمان كمرشح توافقي لرئاسة الجمهورية. ورأت المصادرعينها ان الزيارات المرتقبة للامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لدمشق، في الاسبوع المقبل، بعدما شارك في قمة شرم الشيخ بين الرئيس المصري حسني مبارك وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، ستكون بمثابة مؤشر ل «اتجاهات الريح» في لبنان، لانها ستعكس «النيات السورية» بعد اشتراط القاهرةوالرياض تطبيع علاقتهما بدمشق تسهيلها للحل في لبنان. وتوقفت دوائر مراقبة في العاصمة اللبنانية أمام مجموعة محطات من شأنها تحويل موعد انتخابات الرئيس في 22 الجاري «مفترقاً حقيقياً» بين امكان استمرار الحوار ب «مكبرات الصوت» وعن بعد بين قمتي دمشق وشرم الشيخ لامرار الاستحقاق الرئاسي في لبنان، وبين التسليم ب «الفراغ الرئاسي» المرشح لأن يطول إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية و«ترتيب» الادارة الجديدة لملفاتها، ورصدت الدوائر عينها ابرز تلك المحطات على النحو الاتي : ٭ تحرك عمرو موسى في اتجاه دمشق لوضعها في لقاء الرئيس مبارك والملك عبدالله واستكشاف امكان دعمها المبادرة العربية، وفقاً لتفسير عمرو موسى عينه. ٭ الجولة الثانية من التحرك العربي الذي كان بدأه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لشرح وجهة النظر اللبنانية الداعية الى تولي العرب مسؤولية تصويب العلاقة اللبنانية السورية. * مصير زيارة رئيس البرلمان نبيه بري «المعلقة» الى الرياضوالقاهرة بعدما كان اعلن انه ينتظر تحديد موعد لها بعدما ابدى رغبة بذلك، وهو كان زار دمشق والتقى الرئيس بشار الاسد. * احتمال قيام الاتحاد الاوروبي بتحرك داعم للمبارة العربية، وعلى النحو الذي يسمح بانتخاب رئيس للجمهورية، كانت مهدت له المواقف التي اطلقها وزير الخارجية الفرنسية برناد كوشنير اخيراً. وثمة من يتحدث في بيروت، على هذا الصعيد، عن تنسيق اميركي اوروبي، ستتولى ترجمة جوانب منه وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس خلال زيارتها المرتقبة للمنطقة، تحضيراً لمجيء جورج بوش في اطار السعي لتحقيق اندفاعة على مستوى عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائليين. واللافت أنه في موازاة هذه الحركة في المدار الاقليمي الدولي للازمة المتمادية في بيروت، تسعى الأطراف في الداخل الى تحصين «تموضعها» وسط محاولة طرفي الصراع تسجيل تقدم ب «النقاط»، على غرار الارتياح الذي ساد أوساط الأكثرية البرلمانية ب «افتراق» نائب رئيس الحكومة السابق ميشال المر عن حليفه العماد ميشال عون، الذي يشكل رأس حربة «مسيحي المعارضة». في هذا الوقت أكد رئيس الحكومة أنه سيستأنف جولته العربية ويزور عدداً آخر من الدول قريبا، مشيرا الى انه لقي كل دعم وتأييد خلال جولته الماضية حيث التقى عددا من الرؤساء والملوك لتعزيز صمود لبنان، ولافتاً الى ان المسؤولين العرب الذين التقاهم «أبدوا اقتناعهم بضرورة تصحيح العلاقات اللبنانية - السورية، وبأن السوريين هم سبب المشكلة في لبنان بعدم انتخاب رئيسا للجمهورية». وشدد السنيورة أمام زواره على أنه «كان دائما يدعو الى التلاقي في حين كان غيره يدعو الى الطلاق»، مشيرا الى ان «جلسات الحوار السابقة اقرت ضرورة انتخاب رئيسا للجمهورية وأن الحكومة تسلم الامانة الى الرئيس الجديد ومجلس النواب». وكانت مصادر متابعة في بيروت كشفت ان رئيس الحكومة عاد من جولته العربية الأخيرة بانطباع يؤشر الى تصاعد وتيرة التوتر في الازمة العربية - العربية والعربية - الايرانية في ظل عدم تغيير دمشق سلوكها في لبنان، مشيرة الى ان دولا أبلغت الى السنيورة انها لا يمكن ان تسمح بتحويل لبنان ورقة مساومة في يد دمشق وطهران. وكان الرئيس بري تبنى اقتراح الوزير السابق سليمان فرنجية بإعلان استعداده للسير في انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية فورا، على أن يتم في الجلسة نفسها إقرار قانون الانتخابات النيابية المعروف بقانون العام 1960م وبالتالي التخلي عن مطلب تشكيل حكومة وحدة وطنية والانتقال تلقائيا من الآن وحتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة الى صفوف المعارضة. وأعلن بري لصحيفة «السفير» أنه طلب خلال اجتماعه الاخير بالرئيس أمين الجميل الإتيان بتعهد خطي مكتوب من فريق الأكثرية بالموافقة على قانون الستين بتقسيماته المعروفة «وبعد ذلك نسامحكم بالحكومة». وسأل: «ماذا يريد الرافضون لقانون الستين؟ هل يريدون ترسيخ الشيخ سعد الحريري رئيسا لأكبر كتلة نيابية استنادا الى قانون غازي كنعان كأمر واقع في آخر لحظة، مراهنين على أنه سيكون بمقدورهم الاكتساح في الشمال وعكار وبيروت فيضمنون في جيبتهم 46 نائبا قبل أن تبدأ الانتخابات؟»، وقال: «انهم لا يفكرون في مصلحة البلد، بل في حصصهم، وخير دليل الحملة التي قاموا بها ضد دعوتي للحوار، وخاصة من جانب «تيار المستقبل»، والأسباب واضحة وأبرزها التهرب من مناقشة قانون الانتخاب والسعي الى قتل الوقت بقدر ما يستطيعون من أجل الوصول الى الانتخابات وفرض قانون غازي كنعان الذي كانوا يشتمونه وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها حوله». وبدا بري يائسا من امكان عقد جلسات الحوار في الموعد الذي كان يريده لها في الثامن عشر من الجاري، قال ان جلسة انتخاب رئيس الجمهورية قائمة في 22 الجاري واذا لم نتوصل الى اتفاق سيتم تأجيلها. وجدد قول أنه لمس خلال زيارته لدمشق كل تجاوب من القيادة السورية، وقال ان دمشق تريد الحل ولا تريد التعطيل، وأكد أنه ماض في قرار الجولة العربية التي ستشمل السعودية ومصر. وفيما رفض مصدر قيادي في «حزب الله» التعليق على الأمر، قال مصدر في كتلة العماد ميشال عون «اننا نقبل بالسير بقانون الستين بتقسيماته التقليدية التاريخية من دون دخول جنة الحكم (الحكومة) على ان تجرى الانتخابات خلال 3 اشهر من الآن وبإشراف حكومة انتقالية حيادية». وقال النائب مصطفى علوش (من كتلة النائب سعد الحريري) ردا على تبني الرئيس بري ما أعلنه فرنجية : «ليست المرة الأولى التي تعلن طروحات ويتم التراجع عن كثير من المواقف التي سبقت، ولكن بالنسبة الى هذا الموقف، يجب ان تجتمع قوى 14 مارس وترسه قبل الإجابة بشكل واضح عليه. اما عن قانون الستين الذي طرح فهناك تعليقات متعددة عليه وقد أعلن غبطة البطريرك مار نصر الله بطرس صفير انه لا يؤيد هذا القانون بشكل كامل وطرح مسألة العودة الى القضاء ولكن ليس بالتركيبة التي كانت موجودة في العام 60 وفي كل الاحوال فإن المسألة يجب درسها بعناية من قوى الأكثرية قبل الإجابة عليها، لكن هناك أيضا أفرقاء آخرين في قوى 8 مارس مثل العماد ميشال عون او «حزب الله» يجب ان يعلنوا في شكل واضح موقفهم من هذا الطرح». واتّهم علوش فريق 8 مارس بانه يطرح دائماً شروطاً جديدة «ما يعني ان المحور السوري - الايراني يريد الفراغ حتى الانتخابات الاميركية». وكان السجال الكلامي استمرّ بوتيرة تصاعدية على خط عين التينة (مقر رئيس البرلمان) - السرايا الكبيرة (مقر رئيس الحكومة) على خلفية رفض السنيورة دعوة بري «شيخ المعارضين» الى الحوار . فقد ردّ مصدر حكومي ليل الخميس على وصف بري الرئيس السنيورة اياه «مغتصب للسلطة»، فقال: «تناسى الرئيس بري ان دوره في الحوار كان طبيعياً حين كان رئيساً للبرلمان وكان الأخيريعمل، ولكن بعدما عطّل المجلس ووضع المفتاح في جيبه انتقل من دور شيخ البرلمانيين الى دور شيخ المعطّلين وتالياً شيخ المعارضين، وما تغيّر بين الأمس واليوم هو انه فقد صفة الحياد وتحول طرفاً في الازمة». وذكر المصدر ان «نقاط الحوار الأساسية اتفق عليها اللبنانيون وهناك أمور للتنفيذ، وما يحاول رئيس المجلس القيام به الآن هو اضفاء شرعية على تعطيل المؤسسات بالقول انه يريد الحوار». ولفت هجوم المعاون السياسي للأمين العام ل «حزب الله» حسين خليل على السنيورة «وفريق السلطة لهجومهما على الرئيس بري»، ملاحظاً انها «ليست المرة الأولى التي يعطل فيها هذا الفريق اي مسعى للحل بأمر خارجي». وأضاف: «الرئيس بري ليس شيخ المعارضين بل هو شيخ اللبنانيين في هذا الطرح الذي كان يدعو اليه سواء في طاولتي الحوار او التشاور». واعتبر ان «من يعرف الحقيقة ويعرف ان الرئيس السنيورة لا يملك قراره تهون عليه المسألة، واعتقد ان الذين اوعزوا الى السنيورة وفريق الموالاة بالتعطيل هم اسيادهم». وقال: «هناك خوف رسمي من الرئيس بري ان يصل بمبادرته مع اللبنانيين الى حل معين ينقذ البلاد، ويطيب المناخ للسنيورة ان يبقى في هذا الموقع ويجول على كل بلدان العالم ويسرق موقع رئاسة الجمهورية فضلاً عن الاستئثار بالسلطة وغيرها».