(1) فى الأزمنة الغابرة عندما كانت تفكر فتاة ما فى استخراج رخصة لممارسة الدعارة كانت تتوجه لنقطة البوليس و تقول للموظف المختص ” أنا عايزه أعمل رخصة علشان أشتغل فى الوعد” ، كانت فتيات الليل يطلقن على الدعارة لقبا يتضمن فى حد ذاته مبررا لما يقوموا به ( الوعد) . (2) ” فيه حد غريب فى البلد ” .. هذا ما أشعر به كلما تجولت فى الفضاء أو على أرض الواقع ، هناك دخلاء بين الثوار هكذا يؤكد الرسميون ، وهناك أيضا دخلاء بين رجال الجيش فمن المستحيل أن يكون هناك مجند قادم من الأرياف و الصعيد بكل ما فيها من نخوة و رجولة وأدب أضف لذلك تدريب على قيم العسكرية المحترمة فى وحدته ثم يقوم بعد ذلك بتعرية فتاة و سحلها و ضربها بالشلالايت فى صدرها العارى ، مستحيل أن يقوم مصرى ريفى ابن البيوت الطيبة بسحب شخص فاقد الوعى أو ميت ليلقى به فى الزبالة ، هذة ليست أخلاق أهل مصر القادمين من مختلف ربوعها وكمان مستحيل يكون ده جيش مصر الجميل اللى شوفناه فى 25يناير. (3) أسئلة سيادة اللواء البديهية فى المؤتمر الصحفى لا تحترم عقل أحد ، يعنى عندما يوجه سؤال للصحفيين “حد يرضى أن مؤسسات الدولة تتحرق ؟ ، هو نسخة من سؤال “تحب حد يعمل مع أختك كده؟ ” ، أما سؤاله “ينفع المعتصمين يمنعوا رئيس الحكومة من الدخول لمقر عمله؟ ” ..أومال هم معتصمين ليه حضرتك ؟ حضرتك يا أفندم من المؤكد أنك ماهر جدا كرجل عسكرى و لكن كشخص مهتم بتبرئة المجلس العسكرى لم تجيد لعب دورك ، حضرتك أتحفتنا بلقطات للصبية الذين يقذفون المبانى الحكومية بالحجارة ولم تعلق على صوت طلقات البندقية الآلى فى خلفية المشهد ، حضرتك عرضت علينا لقطات لواحدة من المقبوض عليهن تروى لنا من الحبس قصة حياتها الجنسية و لم تعلق على صوت صراخ الشباب فى الخلفية الذى طغى على صوتها .. شباب من المؤكد أنهم فى حفلة تعذيب جعلتهم يصرخون كالنساء ، حضرتك ستحقق فى مشهد الفتاة المسحولة نصف عارية – كما حققت من قبل فى المدرعة التى هرست الناس و المجند الذى ألقى المصابين فى الزبالة و قناصو العيون وغيرهم – لكنك أصدرت حكمك على دار نشر ميريت (التى نشرت لمعظم كتاب مصر ومن بينهم جميع وزراء الثقافة بعد الثورة ) بإذاعة كلمات الصبى عن دار النشر الأوضة و الصالة التى يعمل بها 120شخصا (كل واحد شايل اتنين على كتفه و ماشى بيهم جوه دار النشر) ، حضرتك تهدد الصحفيين بالطرد من القاعة و تغلق باب الأسئلة فى وجوههم و تتهمهم بأنهم يقولون كلاماعند حضرتك و كلاما آخر فى صحفهم و تليفزيوناتهم .. حضرتك جايب الناس تهزأها ليه ؟.. ( طبعا كل التقدير للزملاء الذين لم يروا إهانة واحدة فى المؤتمر و انهالوا بالتصفيق بعد انتهائه). (4) المجلس مدان مدان .. مهما عرض من كليبات و مشاهد و مهما تواطىء كثيرون معه فى سبيل ذلك ، وأستعير من الزميل عمرو أديب كلماته (يا تجيبلنا اللى قتلهم .. يا إما أنت اللى قتلتهم ) ، هؤلاء الصبية المقبوض عليهم هم الزاوية التى نظر منها المجلس العسكرى إلى الصورة ، لم ينظر إليه من زاوية علماء الدين و الأطباء و الطلبة الجامعيين و المحامين و غيرهم من صفوة هذا البلد الذين قتلوا على يد جنوده بخلاف من سحلوا و أصيبوا ، حضرتك تنفى أنه هناك أوامر لفض الإعتصام و تراها شهادة براءة .. هل أفهم أن الجنود و الضباط يتحركون من تلقاء أنفسهم فى مخالفة للتعليمات العسكرية ؟ . يبقى رجعنا للنقطة نفسها .. مش ده الجيش الجميل بتاع 25 يناير. أرجوكم ارحمونا و ارحموا الجيش المصرى ، ويكفى اجتهادا فى زيادة هذة الفجوة بين أهالى مئات الشهداء و آلاف المسجونين وعشرات آلاف المصابين و مئات آلاف الصامتين الذى بدأوا يشعرون بالخوف و القلق ، ارحموا محبتنا القديمة الراسخة فى القلوب لهذا الكيان العظيم . محبة الجيش فى القلب بها الآن “حتة بتشوك” ، لا تحولوها إلى ما هو اسؤ من ذلك ، أنتم تغرقون فى بحر التعالى و التخبط و قول شىء و عمل شىء آخر ، عار قتل المصريين على يد جيشه لن يلاحقكم لوحدكم بل سيلاحقنا جميعا إلى الأبد ، وانشغالكم بالبحث عن مبررات بدلا من البحث عن حلول يهلك أعصابنا ، و الإتهامات الغامضة التى توجهونها لناس مجهولة تخاطبونهم فى تصريحاتكم بالوعيد و بالتأكيد على أن مصر لن تسقط ..هذا أمر أصبح عبثيا للغاية ..إما أنكم لا تعرفونهم فى ظل قدراتكم الأمنية و المخابراتية الهائلة و كده يبقى كفاية و ألف شكر ، إما أنكم تعرفونهم و تخافون منهم و أنتم أعلى سلطة فى البلاد و كده يبقى كفاية من غير شكرا. (5) مايحدث فى التحرير و القصر العينى و ماسبقه فى محمد محمود هو ثورة من نوع آخر ، هذا مالا يفهمه المجلس العسكرى ، هذة ليست ثورة بطموحات سياسية و لا أجندات ، هذة ثورة على العنف و القتل و الإستفزاز و فقد الأعين ، هى رد فعل و ليست ممنهجة أو منظمة ، و الخوذات التى اعتبرها سيادة اللواء دليلا على المنهجية تباع فى الميدان مثلما كانت تباع الكمامات و زجاجات الخل و اسبراى الخميرة ، الناس لا تتبع منهجا للحفاظ على أنفسها من شر الغشم و العنف . حضرتك لم تحتوى الثورة .. ماشى مش مشكلة ، الثورة فكرة و الأفكار عمرها أطول من الأشخاص. لكن حضرتك لم تحتوى الغضب و الحزن و كنت تضيف إلى أعدائك كل يوم رقما جديدا بنفس السيناريو ، مببرات لما حدث ووعد بالتحقيق و المحاكمة و علاج للمصابين على نفقة الدولة ولا يحدث شيئا من هذا .. حضرتك المصابين بيخافوا يركبوا سيارات الإسعاف من فرط ما سلمت ناسا للحكومة ،و تقرير لجنة تقصى الحقائق أدان التليفزيون و حضرتك لم تقم بشىء ، و لخصت أيام القتل و التشوية فى محمد محمود فى ضابط واحد فقط لأن الكاميرات كشفته ، و هناك عشرات الضباط المتهمين بالقتل يتلقون ترقياتهم بكل بجاحة . يا افندم ده حضرتك زعلت على المجمع العلمى زعل الأرامل و لم تفكر لثانية فى الحزن على شباب البلد حتى و إن كنتم تراهم ماتوا بالخطأ. لا تراهن حضرتك على الإعلام و النخبة و المثقفين فى هذة النار المشتعلة الآن لأن من يقف بداخلها لا أحد فينا له كلمه عليه وحاول بعضنا كثيرا لتهدئتهم و فشلوا وخاض بعضنا مغامرات لوقف الدم فتعرض للإهانة و بعض الخشونة ، كلما اقتربنا من شخص كان يصرخ فى الجميع “طب و الناس اللى ماتت” ..وبما إن حضرتك لم تساعدنا فى الإجابة عن هذا السؤال بخصوص كل من ماتوا من قبل فهى الآن مسئوليتك بالأساس وسندعم كل ما يؤدى لأن تقوم بها على أكمل وجه حماية لدمائهم . لكن فى كل الأحوال لابد أن تعرف يا سيادة المجلس العسكرى أنه ليس من الحصافة أن تبرر الجرائم بالظروف ، فحضرتك تعرف جيدا أن البعض يتلقون منكم هذة الكلمات و يعتمدونها فى حياتهم اليومية بدون تفكير مثل اتهامات العمالة و عجلة الإنتاج و غيرها ، ومن غير اللائق أن تزرع فى وجدان البعض الإعتماد على مبرر (الظروف) لأنه من الثابت علميا أن الظروف هى أول الطريق للإشتغال ب (الوعد). (6) أدعو و أرجوك أن تدعو معى يا صديقى فنحن بحاجة فقط لنور الله ليخرجنا من كل هذا الألم و الارتباك .. “اللهم فوضت إليك أمري فأرشدني إلى أحب الأمور إليك وأرضاها عندك وأحمدها عاقبة لديك إنك تفعل ما تشاء وإنك على كل شيء قدير. اللهم خِرْ لي واختر لي ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل من ذلك ياحي ياقيوم برحمتك نستعين. اللهم لا نملك لأنفسنا نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً ولا نستطيع أن نأخذ إلا ما أعطيتنا ولانتقي إلا ما وقيتنا اللهم وفقنا إلى ما تحب وترضى.اللهم ثبتنا بأمرك وأيدنا بنصرك وصلى و سلم على سيدنا محمد..