تنسيقية شباب الأحزاب: إقبال ملحوظ للمرأة على التصويت بانتخابات النواب في المنيا    ضبط شخص لنقله ناخبين لحثهم على التصويت لصالح مرشح بدائرة حوش عيسى بالبحيرة    الهيئة الوطنية للانتخابات تجدد تحذيرها من أي خروقات خلال الانتخابات    تفاصيل السيارة المصرية الكهربائية بمعرض البحوث: سرعتها 70 كم وب200 ألف جنيه    وزير التعليم العالي يعلن نتائج مبادرة «تحالف وتنمية» وتوقيع اتفاقيات التحالفات الفائزة    مصر تتابع مع البنك الدولي إعداد الاستراتيجية الوطنية للاستثمار الأجنبي المباشر    محافظ المنوفية يسلم 45 كرسي متحرك ومساعدات مالية وعينية لذوي الهمم    أكسيوس: ترامب يخطط لتعيين جنرال أمريكي لقيادة قوة الأمن الخاصة بغزة    الخارجية السورية: إلغاء قانون قيصر يمثل انتصارا    القاهرة الإخبارية: الأمطار والبرد يفاقمان الأزمة الإنسانية في غزة.. وفاة طفلة وغرق آلاف الخيام    أكسيوس: ترامب يخطط لتعيين جنرال أمريكي لقيادة قوة الاستقرار الدولية في غزة    ليفربول يرفض إقامة حفل وداع لمحمد صلاح ويحدد موقفه من انتقاله    منتخب مصر يخوض تدريبا صباحيا استعدادا لأمم أفريقيا    صحيفة.. 24 ساعة تحسم مستقبل صلاح مع ليفربول    ضبط سيدة لتوجيهها الناخبين للتصويت لصالح مرشحين بدائرة الأهرام بالجيزة    وزارة الداخلية تحبط محاولة سيدتين توزيع أموال بمحيط لجان دير مواس    ضربات أمنية لضبط الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    سقوط طفل من الطابق الخامس ببورسعيد.. وجهود طبية مكثفة لإنقاذ حياته    ضبط شخص ظهر في فيديو يحمل سلاحًا ناريًا بالغربية    أحمد مراد يعتذر: استخدمت كلمة رسول بصيغة عامة.. ولم يكن في نيتي المقارنة أو توجيه إساءة تتعلق بالمقدسات الدينية    مباحثات مصرية - يونانية لتنفيذ برامج سياحية مشتركة    الصحة: للعام الثالث على التوالي مصر تحافظ على خلوها الكامل من الحصبة والحصبة الألمانية    سعر كرتونه البيض الأبيض والأحمر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025 فى أسواق المنيا    وزارة البيئة تنجح فى الإمساك بتمساح مصرف قرية الزوامل بمحافظة الشرقية    القوات الروسية تسيطر على بلدة بخاركيف    وزير الخارجية يؤكد الرفض القاطع لأي دعوات تستهدف تهجير الفلسطينيين أو تغيير الوضعية الجغرافية لغزة    53 مترشحًا يتنافسون على 3 مقاعد فردية فى دوائر أسوان المعاد الاقتراع بها    سباليتي: أداء يوفنتوس أمام بافوس كان محرجا في الشوط الأول    «الصحة» تعلن نجاح مصر في القضاء على الحصبة والحصبة الألمانية للعام الثالث على التوالي    شوبير: الأهلي ينجز صفقة يزن النعيمات ويقترب من تجديد عقد حسين الشحات    التراث العربي: إدراج الكشري في قائمة اليونسكو خطوة مبهجة تعزز الهوية الثقافية المصرية    اليوم.. الكنيسة القبطية تحتفي بيوم الصحافة والإعلام في المقر البابوي بالعباسية    الجامعة البريطانية توقع بروتوكول تعاون مع ولفرهامبتون البريطانية    الليلة.. حفل ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2025    إغلاق مطار بغداد موقتًا أمام الرحلات الجوية بسبب كثافة الضباب    «أسامة ربيع»: نستهدف تحقيق طفرة في جهود توطين الصناعة البحرية    قرارات النيابة في واقعة اتهام فرد أمن بالتحرش بأطفال بمدرسة شهيرة بالتجمع    يوسف القعيد: نجيب محفوظ كان منظمًا بشكل صارم وصاحب رسالة وتفانٍ في إيصالها    قافلة طبية لجامعة بنها بمدرسة برقطا توقع الكشف على 237 حالة    تايلاند تعلن عن أول قتلى مدنيين عقب تجدد الصراع الحدودي مع كمبوديا    إعتماد تعديل المخطط التفصيلي ل 6 مدن بمحافظتي الشرقية والقليوبية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    «الوطنية للانتخابات» تعلن تخصيص الخط الساخن 19826 لتلقي الشكاوى    تقييم مرموش أمام ريال مدريد من الصحف الإنجليزية    ثلاث مباريات في افتتاح الجولة ال15 لمسابقة دوري المحترفين    بتكلفة 68 مليون جنيه، رئيس جامعة القاهرة يفتتح مشروعات تطوير قصر العيني    طرق الوقاية من الحوداث أثناء سقوط الأمطار    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    حالة الطقس في السعودية اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    DC تطرح أول بوستر رسمي لفيلم Supergirl    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    التحضير لجزء ثانٍ من مسلسل «ورد وشوكولاتة»    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    التعادل السلبي يحسم موقعة باريس سان جيرمان وأتلتيك بلباو    "الصحة" تكشف عن الفيروس الأكثر انتشارا بين المواطنين حاليا    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    حاسوب القرآن.. طالب بكلية الطب يذهل لجنة التحكيم في مسابقة بورسعيد الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعتقالات سبتمبر.. خريف رئيس
نشر في الدستور الأصلي يوم 04 - 09 - 2014

الطريق إلى المنصة بدأ من قرارات سبتمبر.. ففى الساعة الثانية من صباح الخميس 3 سبتمبر 1981 شنت مباحث أمن الدولة حملة واسعة للقبض على النشطاء المعارضين للرئيس الراحل أنور السادات، وداهمت منازلهم.
شملت الاعتقالات التى استمرت طوال الشهر قائمة من أبرز الشخصيات السياسية والثقافية والقانونية المعروفة من التيارات الفكرية والحزبية المختلفة كافة.
قال عنها الكاتب محمد حسنين هيكل -الذى كان على رأس الذين تم اعتقالهم- فى كتابه «خريف الغضب»: «عملية الانقضاض بدأت فجر يوم 3 سبتمبر عقب عودة السادات من واشنطن، وكان الانقضاض من خلال حملة اعتقالات واسعة شملت 3 آلاف شخص، وكان بعض الاعتقالات بين صفوف الشباب من الطلبة وأعضاء الجماعات الدينية سهلة نسبيا، لكن اعتقالات الساسة والمثقفين وعدد من القيادات الدينية من المسلمين والمسيحيين، جرى تخطيطها بعمليات شبه عسكرية».
ورأى الكاتب جوزيف فينكلستون فى كتابه «السادات.. وهم التحدى» أن الاعتقالات الواسعة التى قام بها السادات ضد خصومه من كل القطاعات أعطت انطباعا بأنه يفقد السيطرة على الموقف بصورة أكبر من تشديد قبضته، وتعتبر بداية النهاية لعصر السادات، حيث لم يمر شهر على تلك الاعتقالات التى طالت ما لا يقل عن 1536 من رموز المعارضة السياسية فى مصر، إلى جانب عدد من الكتاب والصحفيين ورجال الدين، حتى لقى السادات حتفه على يد خالد الإسلامبولى ورفاقه فى حادثة المنصة.
شنت مباحث أمن الدولة حملة واسعة للقبض على النشطاء المعارضين للرئيس الراحل أنور السادات
معركة الأقلام الجاهزة
يحكى مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين الأسبق، وقائع ما جرى قائلا: «كنت قد انتقلت إلى دار الهلال من فترة بسيطة، وأتذكر أننى كنت قد ذهبت مع السادات فى أول رحلة لى للخارج كرئيس تحرير لمجلة (المصور)، وكانت هذه الرحلة للولايات المتحدة، وهى الرحلة التى سبقت الاعتقالات مباشرة.
وأتذكر أنه فى بلير هاوس (القصر الذى كان السادات ينزل فيه ضيفا لدى إدارة الرئيس رونالد ريجان) أفصح لنا السادات للمرة الأولى عن أنه سوف يعيد الأمور إلى نصابها، وأنه لن يترك أحدا يتلاعب بمصير البلاد. وكنت أول مرة أناقشه فيها.. وحدث خلاف ضخم بيننا لدرجة أنه دق على الطاولة التى أمامه بعنف وارتفع صوته فى المناقشة.
وقلت له حينها: أخشى أن يتسع الموضوع، فعبد الناصر بدأ بالإخوان ولم تكن لديه معلومات صحيحة وكاملة عن التنظيم السرى ولا حتى معلومات عن التنظيم العام للجماعة.. والمطلوب أن تكون لديك معايير وضوابط حتى لا تتسع هذه العملية.
واتهمنى السادات حينها بأننى أريد أن أمسك العصا من المنتصف.. وأن يحبنى الجميع، بعد ذلك، فى سبتمبر وبعد أن خطب فى ميت أبو الكوم.. دعانا لكى نجلس إلى جواره فى بيته هناك وطلب من كل الحاضرين أن يكتب كل واحد فينا أسماء من يريد اعتقالهم، كما طلب منى بالتحديد أن أشن حملة صحفية ضد محمد حسنين هيكل، فقلت له يا (ريس) موسى صبرى لديه تاريخ وصراع مع هيكل، ولكنى إذا فعلت أنا ذلك فلن يصدقنى أحد.
وكان منصور حسن وزير الإعلام موجودا إلى جوارنا، وكان ضد التصعيد وضد عدد من الإجراءات الاستثنائية التى بدأت فى هذا التوقيت فى نقابة المحامين.
مساء اليوم نفسه قال السادات لنا: اجلسوا مع النبوى إسماعيل (نائب رئس الوزراء ووزير الداخلية) لكى يتحدث كل واحد عن خصومه.. لكى يكونوا ضمن المتحفظ عليهم، وقالوا لى من هذه الليلة: لا بدَّ أن تكتب قائمة بخصومك فى الصحافة، فقلت لهم: لا يوجد لى أعداء.. فقال لى النبوى: لديك صحفى اسمه ماجد عطية.. اكتب اسمه، فقلت له هو محرر اقتصادى (يسارى على خفيف) ولا توجد ضغائن تجاهه.
وعرفت فى هذه الليلة أن عديدا من القيادات الصحفية كتبوا أسماء خصومهم الشخصيين، وكان بعضهم لا يعادى السادات أو يقصده الرئيس فى هذه الاعتقالات أو الوقف عن العمل. وقالوا فى مكتب النبوى أن عبد الله عبد البارى (رئيس مجلس إدارة الأهرام فى هذا التوقيت) أبلغ عن العديد من الصحفيين منهم محمد سلماوى لوجود خصومة شخصية بين الاثنين وتم نقله فعليا مع غيره إلى وظيفة إدارية.
وتوسعت العملية للقدر الذى حذرت منه فى بلير هاوس وكانت فترة عصيبة جدا.. حيث تم زج عشرات الصحفيين ومئات السياسيين ورجال الدين كبار السن إلى المعتقل».
الصحف بالوكالة

انطلقت أقلام تهاجم المعتقلين وتدافع عن قرار السادات، وكان فى مقدمتهم موسى صبرى فى «الأخبار»، الذى ركز على أنها قرارات لضرب الفتنة، وسمتها «الأهرام» ثورة العمل الداخلى. أما عبد الله عبد البارى فقد كان ربيب نعمة هيكل فى «الأهرام»، لكنه قاد الهجوم عليه فى أحداث سبتمبر.. ولم يكن لديه مانع فى تنفيذ توجيهات السادات كاملة.
محسن محمد، رئيس تحرير جريدة «الجمهورية»، وصف اعتقالات سبتمبر بأنها «ثورة سبتمبر».. ويمكن الرجوع إلى مانشيت «الجمهورية» فى يومى 5 و6 سبتمبر 1981. بل إنه شبهها بالثورة العرابية التى كانت تحل ذكراها المئوية فى تلك الأيام. عن هذا يقول مكرم محمد أحمد: «ربما يكون محسن محمد قد أخذ تعليمات ميت أبو الكوم بمأخذ الجد أكثر منا».
ورأى بعض المحللين أن السادات أراد عندما أصدر أوامره باعتقال كل النخبة السياسية والحزبية والصحفية والفكرية والدينية المعارضة له، أن يضع خصومه جميعا فى سلة واحدة داخل السجن وخلف أسواره بدعوى حماية الوحدة الوطنية، وتأمين المجتمع فى انتظار استكمال الانسحاب الإسرائيلى من شبه جزيرة سيناء تنفيذا لمعاهدة السلام التى وقعها مع مناحم بيجن، رئيس الوزراء الإسرائيلى الراحل، عام 1979 فى كامب ديفيد، برعاية الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر.
وقف السادات فى مجلس الشعب وألقى بيانا إلى الأمة، وقال إن هناك فئة من الشعب تحاول إحداث الفتنة الطائفية، وإن الحكومة حاولت نصح تلك الفئة أكثر من مرة، وأن الآونة الأخيرة شهدت أحداثا هددت وحدة الوطن واستغلتها تلك الفئة وسلكت سبيل العنف وتهديد الآمنين، أو حاولت تصعيد الأحداث، الأمر الذى استلزم إعمال المادة 74 من الدستور المصرى والتى تنص على أن «لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستورى أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر، ويوجه بيانا إلى الشعب ويجرى الاستفتاء على ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يوما من اتخاذها».
وصنَّف السادات المعتقلين فى خطابه كالآتى: 469 جماعة تكفير وهجرة، 235 جماعة إسلامية، 100 تطرف دينى من الإخوان المسلمين وأعضاء جمعيات دينية إسلامية وأئمة مساجد متطرفين، 259 مثيرا للشغب وتعصبا واعتداء متبادلا مسلمين ومسيحيين، 107 قيادات مسيحية متعصبة ومتطرفة، 240 مثيرا للشغب ومجرما من أصحاب السوابق الجنائية، 57 متهما فى حوادث الزاوية الحمراء، 36 من الأحزاب (التى سماها المناهضة)، منهم 16 حزب التجمع، 7 من حزب العمل، 3 «الوفد»، إضافة إلى 12 بتهمة التخابر مع السوفييت.
رواية النبوى: لجنة رباعية اتخذت قرارات الاعتقال

عن قرار اعتقالات سبتمبر يقول وزير الداخلية الأسبق النبوى إسماعيل: «كان اجتماعا عاجلا يضم 4 أشخاص أسهموا فى اتخاذ القرار. كنت أنا والنائب مبارك والمشير أبو غزالة وطبعا الرئيس السادات، وناقشنا مخطط تحويل مصر إلى دولة خمينية، وكانت إيران تدعم هذه الجماعات المتطرفة، وتهدف على الجانب الآخر لإشعال نيران الفتنة الطائفية فى مصر، وركب الموجة الجماعات الإسلامية والشيوعيون، رغم الهوة السحيقة فى الأيديولوجية، ولم يكن نهاية المخطط اغتيال السادات، وهم اعترفوا بذلك، وتزامن ذلك مع تقرير أمنى يشير إلى تلكؤ إسرائيل فى الانسحاب.
فقال السادات: لازم نحد من المعارضة لعملية السلام. فأثير رأى من أحد الجالسين فى الاجتماع، حول تنفيذ القانون تنفيذا حازما وحاسما، وعدم السماح بالتجاوز عن أى فعل، فرد السادات: هذا كان ممكنا لو أن الوقت مبكر، ولكنه ضيق الآن. فثار رأى آخر يشير إلى عودة العمل بقانون الطوارئ، وكان أيامها قد توقف التعامل به، فرد السادات: نحن أوقفنا العمل به منذ عام، لو عاد مرة ثانية الناس سوف تثور ونصبح فى مشكلة؟ واستمع السادات للجميع، ثم قال: أنا سوف أستخدم حقى، الذى أعطاه لى الدستور، فى المادة 74، وهى المادة التى استخدمتها فى أحداث يناير (الشغب).

فتحفظ النائب حسنى مبارك، فقال له السادات: (ده تحفظ مش اعتقال، ويوم 25 أبريل مع خروج آخر جندى إسرائيلى من مصر سيتم الإفراج عن الجميع، وبعد كده يعترضوا زى ما هما عايزين، ساعتها البلد بقت ملكنا)، وبعد جدل أصر السادات على رأيه، وقال: هذا هو الحل الوحيد.. وجاءت مرحلة اختيار الأسماء التى اشتركت فيها جميع الأجهزة الأمنية، داخل وخارج وزارة الداخلية، وتضمنت القائمة 1536 شخصا، وكان ممكنا أن تكون أكثر من ذلك. كان من بينهم 900 شخص تقريبا من الجماعات المتطرفة، ومجموعة من أئمة المساجد المتعصبين الذين يقفون ضد السلام، ويشعلون الفتنة الطائفية، ومجموعة أخرى من القساوسة عددهم نحو 200 شخص، بالإضافة إلى نحو 250 من المجرمين الجنائيين، أما المثقفون والسياسيون فلم يتعد عددهم نحو 40 أو 50 شخصا.
* إلى أى مدى تم التأكد وتحرى الدقة فى أثناء إعداد قوائم الأسماء؟

المفروض أنه فيه دقة وتحرٍّ، ولكن لا يسلم الأمر من أسماء كده ولا كده، ليست لها علاقة بالأمر. وتم الاعتراض على بعض الأسماء، أنا عن نفسى اعترضت على اعتقال أشخاص، مثل عمر التلمسانى والشيخ كشك وبعض السياسيين».
قائمة المعتقلين.. من كل لون!

تضمنت قائمة المعتقلين: الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، وعمر التلمسانى مرشد جماعة الإخوان المسلمين، والزعيم الوفدى فؤاد سراج الدين، حمدين صباحى مؤسس التيار الشعبى، وعبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية، ويرجع اعتقاله إلى حواره مع السادات عام 1978 حيث فاجأ أبو الفتوح -وكان وقتها رئيس اتحاد طلاب الجامعات المصرية- الرئيس الراحل بأن قال له إنه مثله مثل كل الشباب يسمع من الرئيس إننا نعيش فى بلد العلم والإيمان، لكن الواقع يؤكد عكس ذلك، وهو ما أدى إلى غضب السادات بصورة كبيرة.
ومن بين الكتاب المعتقلين صافى ناز كاظم وفريدة النقاش ومصطفى بكرى وفتحى رضوان والشيخ المحلاوى ونوال السعداوى، وشاهندة مقلد، والدكتورة أمينة رشيد حفيدة إسماعيل صدقى باشا رئيس الوزراء فى العهد الملكى، وأستاذة الأدب الفرنسى بكلية الآداب جامعة القاهرة والمعروفة بفكرها الماركسى، إلى جانب د.عواطف عبد الرحمن الأستاذة بكلية الإعلام، ود. لطيفة الزيات، ومن كلية الآداب المنقولون إلى مؤسسات حكومية الدكتور عبد المحسن طه بدر، ود.عبد المنعم تليمة المفكر اليسارى، ود.جابر عصفور، ود.سيد البحراوى، ود.صبرى المتولى، ود.حسن حنفى، ومحمد عبد القدوس، والشيخ عبد الحميد كشك، وحلمى مراد، والمفكر القبطى ميلاد حنا، إلى جانب الاعتقالات تحديد إقامة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية بوادى النطرون، وتعيين 5 من الأساقفة مكانه، وإلغاء إصدار الصحف المعارضة، كما أكد الكاتب هيثم أبو خليل فى كتابه «إخوان إصلاحيون» أنه حين جاءت اعتقالات سبتمبر الشهيرة عام 1981 سافر الشاطر والكثير من القياديين الإخوان هربا من ملاحقة نظام السادات لهم.
هيكل وصفيحة العسل الأسود!

نحت محمد حسنين هيكل تعبير «زوار الفجر»، لكنه لم يتصور أن يكون أحد ضحاياه.. على أن ذلك هو ما حدث.
كانت الساعة نحو الساعة الثانية بعد منتصف الليل عندما قرع «زوار الفجر» بيته فى الإسكندرية بعد أن أضيف إلى قائمة المعتقلين فى «هوجة» سبتمبر 1981 التى سبقت اغتيال أنور السادات بنحو الشهر.
من خلف الباب قال لهم ابنه أحمد متصورا أن الأمر بسيط: «تعالوا الصبح بابا نايم».. لكنهم أصروا.. فاستيقظ هيكل وفتح الباب ليجد ضابطين من مباحث أمن الدولة يطلبان منه المجىء معهما.
قال لهما فى أول ردة فعل له: «أنا الذى تكلمت عن زوار الفجر فلماذا لا تنتظران طلوع الشمس؟».. لكنهما طلبا منه تحضير حقيبة صغيرة مع ترديدهما الجملة الشهيرة التى تتكرر عادة فى هذه المناسبات: «الحكاية بسيطة».
صافح ابنه باليد.. لم يقبله.. فقد أراد أن يتجنب اللحظات الإنسانية العاطفية الصعبة.. وما إن خرج من الباب حتى اكتشف أن البيت محاصر من كتيبة شرطة مدججة بأسلحة رشاشة.. وما إن خرج من الشارع حتى وجد شاحنتين عسكريتين تسدان الطريق.
هنا قال للمسؤولين عن اعتقاله: «لماذا كل هذا العرض (العسكرى)؟ لو اتصلتم بى بالتليفون وطلبتم اعتقالى لأتيت فورا حتى لو كنت فى لندن أو باريس».
فى أول يومين ذهب مع باقى المعتقلين إلى سجن الاستئناف، وهناك وجد نفسه مع بعض شباب الجماعات الإسلامية فدخل فى حوار معهم من أول لحظة. وفى اليوم التالى ألقوا به فى سجن مزرعة طرة.. فى الزنزانة رقم «14».. كان فيها وحده.. ترك حاجياته خارجها.. وأخذ فقط «فوطة» وفرشاة ومعجون أسنان، وجلس على كومة من خمس مراتب.
بعد ساعة فتح السجان الباب ودخل وهو يقول له: «قراونتك»؟.. فرد: «ماعنديش قروانة».. فكرر الشاويش الكلمة.. وكرر هيكل الإجابة.. فقال الشاويش وقد نفد صبره: «آهه.. عشان تاخد جرايتك».
كان معه صفيحة عسل أسود وثلاثة أرغفة، وقال: «فطارك وغداك وعشاك حتاخدهم ولا لأ».. أجاب: «لا».. فقال الشاويش: «مش هتاخدهم هابلغ».. وأغلق الباب ومشى.
جلس أربع أو خمس ساعات بمفرده، ثم جاء ضابط وصفه هيكل بأنه «ظريف»، قال له: «يا أستاذ هيكل ربنا معاك».. رد هيكل: «الله يحفظك».. ثم أضاف: «هو أنا قاعد فى حبس انفرادى؟».. نفى الضابط قائلا: «لا، فى زنزانة جنبك تحب تروح تشوف فيها إيه؟».
ذهب هيكل إلى الزنزانة ليجد فيها عمر التلمسانى (مرشد الإخوان)، وكمال أحمد (عضو مجلس الشعب عن الإسكندرية فى ما بعد) وإبراهيم طلعت (محام وقطب وفدى).. كانت الزنزانة ممتلئة عن آخرها، فقال: «هارجع الزنزانة الأولى، بس شوفوا حد يتطوع ويقعد معايا».
تطوع إبراهيم طلعت وكمال أحمد، وانضم إليهما بعد قليل شباب من جماعة التكفير والهجرة.. جاء بهم الضابط قائلا: «بيقولوا عايزين نتناقش مع الأستاذ هيكل».. قال: «هاتوهم».. وجاؤوا.. وبعد أربع ساعات من المناقشة توقف هيكل عن الكلام.. شعر بأنه جائع.. فلم يكن قد أكل العسل الأسود.. لكنهم لم يأتوا له بطعام.. وإنما أخذوه معهم ليحضر تفتيش بيته ومكتبه ومزرعته فى برقاش. وفى المزرعة وجد هيكل أمامه طبق بيض بالسمن البلدى إلا أنه لم يستطع أكله، لكنه حمل معه خمسة أرغفة وست بيضات، وبصعوبة أقنع المأمور بدخولها الزنزانة.. وبعد تسعين يوما على هذا الحال فقد 12 كيلوجراما من وزنه.
فى الأسبوع الأول لم يسمحوا بالخروج من الزنزانة.. بعد ذلك سمحوا بربع الساعة كل يوم فى الصباح.. على دفعتين.. ثم سمحوا بربع الساعة الصبح وربع الساعة بعد الظهر.. ثم سمحوا بعد شهر بساعة صباحا وساعة بعد الظهر.. وبعد أن قتل السادات تغيرت الأمور تماما.. تحول السجن إلى مناقشات مفتوحة.
بعد اغتيال السادات سمحوا للمساجين المعتقلين بتلقى سلال غذاء.. كان يصل يوميا فى مزرعة طرة 33 سلة طعام، لكن سلة هيكل كانت تزينها وردة حمراء تذكره بوردة مكتبه التى هى أول ما يطالعه كل صباح.. كانت الوردة من زوجته ورفيقة عمره السيدة هدايت تيمور. ويقول هيكل: «إن عطر هذه الوردة له معنى عندى».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.