سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فى الذكرى ال 30 لاعتقالات "سبتمبر" ..القشة التى قصمت ظهر "السادات"
1536معتقلاً أشهرهم فؤاد سراج الدين و «هيكل» و «التلمسانى».. وأصغرهم عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد عبد القدوس
السادات في مجلس الشعب كتب - أحمد السكرى: الأحد , 04 سيبتمبر 2011 19:29 تمر اليوم الذكرى ال 30 لاعتقالات سبتمبر 1981 الشهيرة التى قام بها الرئيس محمد انور السادات والتى وصفها البعض بأنها كانت بداية النهاية لعصر السادات ، وبالفعل لم يكد يمر شهر على تلك الاعتقالات التى طالت ما يقرب من 1536 من رموز المعارضة السياسية فى مصر الى جانب عدد من الكتاب والصحفيين ورجال الدين ، حتى لقى السادات حتفه على يد «خالد الاسلامبولى» فى حادث المنصة والذى يعد أبلغ رد على مجموعة القرارات الاصلاحية التى شملت الى جانب الاعتقالات تحديد اقامة البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والغاء اصدار الصحف المعارضة . ففي قرار واحد، تم اعتقال جميع فئات الشعب وجميع مثقفيه، من مختلف الاتجاهات، وكل الطوائف، دون ترك معارض واحد. وبرر «السادات» حملة الاعتقالات وقتها بعدم إعطاء إسرائيل ذريعة للتنصل من تنفيذ تعهداتها بالانسحاب من سيناء ، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها «مناحم بيجن» قال للرئيس السادات كيف نضمن استمرار مصر في الالتزام بالسلام معنا بينما هناك معارضة شديدة له داخل البلاد؟ ووصف موسى صبري في جريدة «الأخبار» على أنها قرارات لضرب الفتنة. الخطاب الأخير وعقب حملة الاعتقالات وقف «السادات» فى مجلس الشعب والقى بيان الى الامة ، وقال ان هناك فئة من الشعب تحاول إحداث الفتنة الطائفية ، وأن الحكومة حاولت نصح تلك الفئة أكثر من مرة ، وأن الآونة الأخيرة شهدت أحداثا هددت وحدة الوطن واستغلتها تلك الفئة وسلكت سبيل العنف وتهديد الآمنين ، أو حاولت تصعيد الأحداث ، الأمر الذي استلزم إعمال المادة 74 من الدستور المصري والتي تنص علي أن «لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر، ويوجه بياناً إلي الشعب ويجري الاستفتاء علي ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يوماً من اتخاذها». جاء في القرار حظر استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية ، والتحفظ على بعض الاشخاص المشاركين في «تهديد سلامة الوطن باستغلال الأحداث الجارية ، التحفظ على أموال بعض الهيئات والمنظمات والجمعيات التي فعلت الشيء نفسه ، حل جمعيات مشهرة إذا هددت سلامة الوطن ، إلغاء التراخيص الممنوحة بإصدار بعض الصحف والمطبوعات مع التحفظ على أموالها ومقارها ، نقل بعض أعضاء هيئة التدريس والجامعات والمعاهد العليا الذين قامت « دلائل جدية علي أنهم مارسوا نشاطاً له تأثير ضار في تكوين الرأي العام، أو تربية الشباب أو هدد الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو سلامة الوطن» ، نقلهم إلي الوظائف التي يحددها الوزير ، وكذا نقل بعض الصحفيين وغيرهم من العاملين في المؤسسات الصحفية القومية وبعض العاملين في اتحاد الإذاعة والتليفزيون والمجلس الأعلى للثقافة الذين قامت دلائل جدية علي أنهم مارسوا العمل نفسه. السادات يوحد المعارضة المصرية خلف القضبان وصنف «السادات» المعتقلين فى خطابه الشهير كالآتى 469جماعة تكفير وهجرة ، 235جماعات إسلامية ، 100تطرف ديني من الإخوان المسلمين وأعضاء جمعيات دينية إسلامية وأئمة مساجد متطرفين، 259 مثيري شغب وتعصب واعتداءات متبادلة مسلمين ومسيحيين ، 107قيادات مسيحية متعصبة ومتطرفة ، 240 مثيري شغب ومجرمين من أصحاب السوابق الجنائية ، 57 متهمين بحوادث الزاوية الحمراء ، 36 من الأحزاب التي أسماها المناهضة «المعارضة» منهم 16 حزب التجمع ، 7 من حزب العمل، 3 الوفد ، إضافة إلي 12 مضبوطين بتهمة التخابر مع السوفييت . اعتقالات سبتمبر فى عيون معاصريها يقول محمد حسنين هيكل في كتابه «خريف الغضب» « إن عملية الانقضاض بدأت فجر يوم 3 سبتمبر عقب عودة السادات من واشنطن، وكان الانقضاض من خلال حملة اعتقالات واسعة شملت 3 آلاف شخص ، وكانت بعض الاعتقالات بين صفوف الشباب من الطلبة وأعضاء الجماعات الدينية سهلة نسبيا، ولكن اعتقالات الساسة والمثقفين وعدد من القيادات الدينية من المسلمين والمسيحيين ، جرى تخطيطها بعمليات شبه عسكرية. وتروى «صافيناز كاظم» الكاتبة الصحفية ملابسات اعتقالها بأنها كانت ضمن هجمة حاشدة على كل مثقفى مصر فى محاولة من «السادات» ليثبت لمن يريد أن يثبت لهم أن مركزه قوى وبإمكانه إخراس كل مصر من دون أن تهتز له شعرة . وتستنكر «صافيناز كاظم» لغة الوعيد التى تضمنها خطاب السادات وكلمة لن أرحم التى رددها ولم يستطع أحد التكهن بأبعاد»لن ترحم» التى قد تبدأ بالسجن مدى الحياة وحتى الاعدام لتهم لم نعرفها !! انتهى الخطاب وقد أدركنا أننا وقعنا في يد المجهول. منعت عنا كل الحقوق، فلا زيارات، ولا طعام إلا طعام السجن غير المناسب للاستهلاك الآدمي، وبالطبع لا صحف ولا رسائل ، جلسنا مبهوتات، المسلمات والمسيحيات والعلمانيات، والسادات يخترع حكاية فتنة طائفية تهدد البلاد وهو لن يقف أمامها مكتوف اليدين، وأن ديمقراطيته لها أنياب! . عرفنا - الكلام ماذال على لسان صافيناز كاظم - أن عدد المعتقلين بلغ 1500 وأنه تضمن فؤاد سراج الدين «القطب الوفدي، ومحمد حسنين هيكل الكاتب السياسي الشهير، وفتحي رضوان وزير تعليم في عهد عبدالناصر، والشيخ أحمد المحلاوي الداعية الإسلامي الشهير بالإسكندرية... و... وأسماء أبعد ما تكون عن إثارة أي فتنة، ناهيك عن «فتنة طائفية» أوصلنا الغموض والمعاملة المتعسفة، إلى توقع أي شيء حتى القتل غيلة داخل السجن، إن لم يصدر قرار بإعدام جماعي يروي به السادات غليله المتشوق لإبادتنا». يا عزيزى كلنا معتقلون!! حملة الاعتقالات لم تترك عدواً ولا ولياً ولا صاحب مذهب أو رأى الا وطرقت بابه ،مثقفون وكتاب ورجال دين وسياسيون على أختلاف انتماءاتهم ماركسيين ليبراليين شيوعيين اسلاميين ،و قام السادات بعزل البابا شنودة من منصبه كبابا لكنيسة الإسكندرية وكبطريرك للكرازة المرقسية وتعيين خمسة من الاساقفة مكانه ، وكان على رأس الذين تم اعتقالهم الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل, جراء اختلافه حول ما بعد حرب أكتوبر 1973م و التعامل مع النتائج السياسية لحرب أكتوبر، وكان فؤاد باشا سراج الدين رئيس حزب الوفد على رأس الذين ألقي القبض عليهم وقد شبهه السادات بالملك الفرنسي لويس السادس عشر ، وقال «السادات» إن ثورة يوليو أخطأت عندما لم تعدمه ، ومن الوجوه المعتقلة مصطفى بكري رئيس تحرير جريدة الأسبوع ، وحمدين صباحي رئيس تحرير جريدة الكرامة ، حيث لعبا دورا رافضا لمعاهدة كامب ديفيد ، والقيادي الإخواني وعضو مكتب الإرشاد الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح ، ويرجع اعتقاله لحواره مع السادات عام 1978 حيث فاجأ أبو الفتوح- و كان وقتها رئيس اتحاد طلاب الجامعات المصرية- الرئيس السادات بأن قال له انه مثله مثل كل الشباب يسمع من الرئيس أننا نعيش في بلد العلم و الإيمان, لكن الواقع يؤكد عكس ذلك, و هو ما أدى لغضب السادات بصورة كبيرة، ومن بين الكتاب المعتقلين صافي ناز كاظم وفريدة النقاش . أيضا تضمنت القائمة فتحي رضوان، الشيخ المحلاوي، نوال السعداوي، فريدة النقاش، وشاهنده مقلد، و الدكتورة أمينة رشيد، حفيدة اسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء في العهد الملكي، وأستاذة الأدب الفرنسي بكلية الآداب جامعة القاهرة، والمعروفة بفكرها الماركسي ، إلى جانب د. عواطف عبدالرحمن الأستاذة بكلية الإعلام ، د. لطيفة الزيات، ومن كلية الآداب المنقولين لمؤسسات حكومية الدكتور عبد المحسن طه بدر، ود. عبد المنعم تليمة المفكر اليسارى ود. جابر عصفور ود. سيد البحراوي ود. صبري المتولي ود. حسن حنفي. ومحمد عبد القدوس وعمر التلمسانى مرشد جماعة الاخوان المسلمين والشيخ عبدالحميد كشك وحلمى مراد والمفكر القبطى ميلاد حنا . بداية ونهاية ورغم وعد السادات باخراج هذه القائمة من المعتقل عقب تنفيذ إسرائيل لوعدها بالانسحاب ، الا أن الأزمة تصاعدت وأدت الى اغتيال السادات في السادس من أكتوبر سنة 1981 أي بعد 33 يوما من الاعتقالات،وظهر جليا وقتها بعد إذاعة الخطاب الشهير أن حملة الاعتقالات وقرارات العزل السياسى التى اتخذها الرئيس انور السادات تنبأت بأن نهايته وشيكة. ورغم استلام الرئيس السابق محمد حسنى مبارك من سابقه على أثر اغتياله الا انه غاب عنه الاتعاظ من نهاية السادات واصر فى أواخر أيامه على المضى قدماً فى سياسة «العند» ولا سيما ما شهدته الانتخابات التشريعية فى نهاية 2011 من تجاوزات وانتهاكات وتزوير صارخ ثم الاصرار على تجاهل مطالب الشعب فى تحقيق حد أدنى من الديمقراطية وحقوق الرأى الى جانب المناورات الواضحة لتمرير ملف التوريث لنجله جمال مبارك ، الأمر الذى أدى فى النهاية للاطاحة به وقيام ثورة 25 يناير الشعبية التى أطاحت برموز الفساد ، والآن بعد مرور ثلاثين عاما ً على أحداث سبتمبر تتزامن مع نهاية حقبة سوداء فى تاريخ مصر الحديث بنهاية حكم «مبارك « على من يتولى رئاسة مصر بعد ذلك أن يدرك أن الشعب المصرى تخبو جذوته ولكن لا تنطفئ شعلته أبداً.