رجال القضاء سواء فى نادى قضاة مصر أو أندية قضاة الأقاليم لا يزالون يحاولون الحل بالطرق الودِّية التصعيد الدولى مستمرّ.. واعتصام القضاة وأعضاء النيابة نقطة فى بحر ما سنفعله
لسنا فى حاجة إلى من يكتب لنا قوانيننا.. نحن أكثر دراية منهم
بينما تزداد حدة الأزمة بين السلطة القضائية ونظيرتيها التشريعية والتنفيذية، يزداد الحمل الثقيل الذى لا يزال يحمله على أكتافه منذ أكثر من ستة أشهر متواصلة، وتتضاعف مسؤوليته تجاه جموع القضاة وأعضاء النيابة العامة الذين اختاروه ليكون الممثل المنتخب الوحيد لهم والمنوط به الدفاع عنهم، وتحت وطأة احتدام الأزمة يواصل العمل من أجل الخروج من النفق المظلم والعبور بسفينة السلطة القضائية إلى بر الأمان، بينما يواجه من ناحية أخرى اعتداءات معارضيه على شخصه التى لا تنتهى، والتى لا يواليها اهتماما كبيرا لانشغاله بأزمة القضاء المصرى التى يراها الأهم والأخطر، رئيس مجلس إدارة نادى قضاة مصر المستشار أحمد الزند التقته «الدستور الأصلي» وكان لها معه هذا الحوار.
■ كيف ترى أبعاد أزمة السلطة القضائية؟
- للأسف الأزمة تزداد يومًا بعد يوم، والقضاة يواجهون حالة من العدوان والهجوم الحادّ الذى لا ينتهى من قِبَل بعض الأطراف التى يبدو أنها تصرّ على خلق أزمة مع السلطة القضائية ورجالها، وترغب بشدة فى استمرار تلك الأزمة، بل وتصمم على اتساع الفجوة بين السلطة القضائية وباقى سلطات الدولة، وبدلا من أن يحاول الجميع البحث عن حلول سريعة لتلك الأزمة يزيدها البعض حدة بتصرفات غير منطقية، ما يدفع القضاة وأعضاء النيابة العامة بطبيعة الأمر للبحث عن حلول لأزمتهم، يلجئون خلالها إلى الحلول السلمية التى لم تؤتِ بأى ثمار أو نتائج حتى الآن، لنتجه إلى التصعيد بكل السبل المشروعة التى تكفل لنا حقنا فى استقلال القضاء وحمايته.
■ وهل الاعتصام سبيل كافٍ لحل الأزمة؟
- اعتصام القضاة وأعضاء النيابة العامة لا يخرج عن كونه نقطة فى بحر التصعيد ضد من يريدون فرض سيطرتهم عنوة على القضاة والنيل من استقلال السلطة القضائية، وسوف يستمر حتى يتم رد العدوان الغاشم عن السلطة القضائية، وتعود الأمور إلى نصابها الطبيعى، والاعتصام يسير جنبا إلى جنب مع عديد من الخطوات الأخرى التى يتخذها نادى قضاة مصر بالتعاون مع أندية قضاة الأقاليم واللجان القانونية المختلفة التابعة لنادى القضاة وأعضاء النيابة العامة من أجل حل الأزمة، بعض هذه الخطوات تصعيدى والآخر سلمى يقف عند حد الحوار مع الأطراف المختلفة للتوصل لحل ينهى الأزمة الراهنة.
■ ولكن محاولات الحل الودى لم تسفر عن شىء منذ اندلاع الأزمة، فلماذا تستمرون بها؟
- رجال القضاء سواء فى نادى قضاة مصر أو أندية قضاة الأقاليم لا يزالون يحاولون حل الأزمة بالطرق الودية ويسعون إليها ويرحبون بها، ويطرقون جميع أبواب الحوار، لأن الحل السلمى الودى أفضل كثيرا من اللجوء إلى ممارسة الضغوط، كما أن القضاة وأعضاء النيابة العامة لا يحبون المشكلات ولا يرغبون فى إثارة الأزمات، ولكن هذا لا يعنى بأى حال أنهم سوف يقفون مكتوفى الأيدى أمام محاولات الاعتداء عليهم أو النَّيل من استقلاليتهم، بل إنهم يسلكون طرقا أخرى أيضا للوصول إلى حل، فإذا جاء الحل بالطرق الودية فأهلا به، وإذا لم يأتِ فإننا على استعداد لخوض المعارك من أجل حل أزمة السلطة القضائية وانتزاع استقلال القضاء المصرى، وأعود وأكرر وأحذّر الجميع من غضبة رجال القضاء، فإن أحدًا لن يستطيع تحملها أو الوقوف أمامها، لا سيما وأن قضاة مصر وأعضاء النيابة العامة تحملوا كثيرًا وكثيرًا مما تنوء بحمله الجبال طوال الشهور الماضية منذ أن بدأ الاعتداء على قضاة مصر.
■ نسمع من وقت إلى آخر عن حدوث بعض الخلافات فى صفوف القضاة كتلك التى حدثت مع مجلس القضاء الأعلى، فما تعليقك؟
- عندما نتحدث عن القضاة وأعضاء النيابة العامة فإننا نتحدث عما لا يقل عن 14 ألف رجل قضاء، كل منهم له رأيه ورؤيته ووجهة نظره فى ما يحدث، وفى كيفية حل الأزمة التى تواجهنا منذ شهور طويلة، ومن الطبيعى أن يحدث اختلاف بينهم، فإذا حدثت أى خلافات بين القضاة تحت أى اسم فإنها فى النهاية تعود إلى اختلاف وجهات النظر الذى يُعَدّ أمرًا طبيعيًّا بل ومحمودًا، ويدلل على أن الجميع يفكر فى اتجاهات كثيرة ومختلفة من أجل حل الأزمة الراهنة، والأمر المؤكد فى النهاية أن شيوخ القضاء المصرى وشباب القضاة وأعضاء النيابة العامة يجمعهم هدف واحد، ويعملون على حد سواء من أجل إنجازه، ومستعدون لبذل كل غالٍ ونفيس من أجل تحقيق هدفهم فى الترسيخ للعدالة التى لن تُقام إلا باستقلال السلطة القضائية والحفاظ على هيبتها وحمايتها.
■ ماذا عن الخطوات الدولية لحل الأزمة؟
- الخطوات الدولية التى تَوَافَقَ القضاة على السير فيها مستمرة وتسير بشكل جيد، لأن نادى قضاة مصر على تواصل دائم مع اتحاد القضاة الدولى، ورئيس الاتحاد المستشار الدكتور جيرارد رايسنر يتابع الوضع من كَثَب، ويعمل على إنهاء تقريره عن حالة القضاء المصرى وما تتعرض له السلطة القضائية من انتهاكات واعتداءات على أيدى السلطتين التنفيذية والتشريعية، كما أن نادى القضاة بالتعاون مع اللجان القانونية المختلفة يواصل العمل فى النقاط القانونية الواجب الانتهاء منها فى ما يتعلق بالتصعيد القانونى دوليا، وسوف تشهد الفترة المقبلة عديدًا من المفاجآت والإجراءات التى يتخذها النادى لحل الأزمة عن طريق القضاء الدولى، مثل اللجوء إلى المحاكم الدولية، وسيتم الإعلان تفصيليا عن كل خطوة فى وقتها، وأطمئن الجميع بأن موقف القضاء المصرى سليم وقوى، وأن الجميع سيقف إلى جانبنا ويؤيدنا.
■ كيف ترى إصرار مجلس الشورى على مناقشة قانون السلطة القضائية؟
- القضاة وأعضاء النيابة العامة لا يحملون أى ضغينة لا لرئيس مجلس الشورى ولا لأعضاء اللجنة التشريعية به، بل إننا أيضا نُجِلّ ونحترم كل من أعلن عن تأييده للقضاء المصرى ورجاله، ورفض القانون الذى دفع به نفر قليل لمناقشته وتحقيق أغراضهم فى التحكم فى القضاء المصرى من خلاله، وأزمتنا الحقيقية ليست مع مجلس الشورى بالكامل لكنها مع هؤلاء الذين يقدحون زناد فكرهم من أجل استمرار أزمة القضاة، وتمرير قانون ما أنزل الله به من سلطان هدفه الوحيد الاستحواذ على السلطة القضائية، ونقل ولائها من الشعب إلى الحاكم، وهو ما لم ولن نسمح به أبدا، فنحن نعلم أن شعب مصر وضع ثقته فينا، ونطمئنه أننا سنكون على قدر ثقته ولن نفرط فى حق من حقوقه تحت أى ضغط، ونؤكد أن الأزمة لا تتعلق بالقاضى وحسب، بل تمتد إلى المواطن الذى يعمل القاضى على الدفاع عنه وعن حقوقه وصيانتها من أى محاولات للعدوان أو العبث بها.
■ معنى هذا أن الأزمة مع تيار الإسلام السياسى فقط؟
- أنا لا أحب تلك التسميات، ولكن كل ما أرغب فى قوله أن القضاة لديهم أزمة مع من يحاول النيل من استقلال السلطة القضائية أو التدخل دون وجه حق فى أعماله، أيا كانت التوجهات السياسية أو الدينية لهؤلاء الذين يتدخلون فى أعمال القضاء ويرغبون فى الإجهاز عليه، وأحب أقول لمن يبذل جهدًا فى وضع مشروع لتعديل قانون السلطة القضائية ومن يبذل جهدًا أكبر فى مناقشته ويقتطع من وقته لفعل ذلك، أرجوكم وفروا مجهودكم ووقتكم لحل أزمة سد النهضة الإثيوبى الذى سيُمِيت البلاد عطشا إذا اكتمل، فهو الخطر الحقيقى على مصر الذى لا بد من مواجهته والتفكير فى كيفية صده، ولا تنشغلوا بصراعات لا داعى لها ولا طائل من ورائها، واتركوا القضاة يضعوا قانونهم بأيديهم، فهم الأحق والأجدر والأقدر منكم على ذلك، وقد أعد نادى قضاة مصر بالتعاون مع أندية قضاة الأقاليم المختلفة قانونا للسلطة القضائية يغطى كل النواحى التى يرى القضاة فيها قصورًا، ويستشعرون ضرورة تغييرها أو تعديلها، ومن الطبيعى والمنطقى بل وما تؤيده المواثيق الدولية، إقرار هذا القانون الذى وضعه القضاة بأيديهم بعد عرضه على السلطة التشريعية، بدلا من البحث عن قانون آخر وضياع الوقت فى مناقشته بينما يرفضه أصحاب الرأى الأصليون.
■ ماذا سيفعل القضاة إذا تم بالفعل تمرير أحد قوانين السلطة القضائية الذى يناقشه «الشورى» حاليًّا؟ - رجال القضاء المصرى لن يسمحوا باستمرار تلك المهزلة، ولن نسمح بتمرير قانون للسلطة القضائية لا يوافق عليه قضاة مصر، وإذا تم تمريره فلن نعترف به ولن نخضع له، أنا مندهش من إصرارهم على تمرير القانون ضد رغبتنا وبالمخالفة للدستور الذى أكد ضرورة موافقة مجلس القضاء الأعلى الممثل الشرعى للقضاة على القانون، ثم إن القضاة ليسوا فى حاجة إلى أحد ليكتب لهم قانونهم، فهم أكثر دراية بما يريدون وما يحتاج إليه قانونهم من تعديلات، فلماذا يأتى طرف لا علاقة له لا بالقضاء ولا بالقانون ليضع لنا مشروعًا هو فى الواقع لهدم السلطة القضائية لا لتعديلها؟ أقسم بالله إن الموت أفضل من الانصياع لقانون هدم السلطة القضائية الذى يرغبون فى تمريره.