وليد فكري ومحمد جبر "قتلوا ابني.. أخدوه مني.. يا ريته كان مات في أوضته.. إنما في السجن؟! هو ده الإسلام بتاعهم؟ هو ده الريس مرسي والإسلام اللي بيقولوا عليه؟!" هكذا كانت تدوي في المشرحة صرخات السيدة عواطف والدة شهيد جديد للإهمال والتقصير الرسميين وهو الشاب حسن شعبان (35 سنة) والذي وافته المنية في سجن الغربنيات ببرج العرب بمحافظة الإسكندرية، حيث كان محبوسًا احتياطيًّا على ذمة تحقيقات النيابة في وقائع اشتباكات الأمن مع المتظاهرين يوم الجمعة 8 من فبراير 2013 في محيط قسم سيدي جابر. كانت قوات الأمن المركزي في اليوم المذكور قد قامت بشن حملة اعتقالات عشوائية في منطقة الاشتباكات ومحيطها طالت بعض المارة ممن لم يشاركوا في الأحداث، ومنهم حسن شعبان الذي كان عائدًا إلى منزله بعد توجهه لإحدى الصيدليات الكبرى في منطقة سموحة، حيث يعمل زوج أخته الذي كان يساعده في الحصول على علاجه مرتفع الثمن لمرضيّ القلب والسكر اللذين كانا يعانيهما بشكل بالغ مما اضطره لترك عمله نظرًا لتردي حالته الصحية. ووفقًا لشهود عيان فإن المذكور كان قد فقد توازنه بسبب تأثير الغاز المسيل للدموع -خاصة مع حالته سالفة الذكر- ولم تجدِ استجداءاته نفعًا مع أفراد الأمن المركزي الذين اعتدوا عليه بالضرب قبل حمله إلى المدرعة التي قامت بنقل المعتقلين إلى قسم سيدي جابر ومنه لقسم برج العرب، ثم تم نقلهم في الصباح إلى سجن الغربنيات بأمر النيابة. وجدير بالذكر أن بين ما قام الأمن بمصادرته ما كان يحمل معه من أدويته التي اشتراها توًا. وبالمخالفة للمنصوص عليه بقانون الاجراءات الجنائية فإن الفقيد -وفقًا للمحامين المدّعين عنه- لم يخضع لكشف طبي فور وصوله إلى السجن، كما لم يتم إخطار أهل المعتقل بمكان وجوده حتى أن والدته بحثت عنه لمدة يومين أو ثلاثة في المستشفيات والمشرحة حتى علمت باعتقاله عبر بعض النشطاء. وتعرضت والدته لتعنت إدارة السجن في إدخال الدواء له رغم خطورة ذلك على حياته، بحجة عدم وجود ثلاجات لحفظ الأدوية (!!) ووفقًا لها فقد تم طردها من السجن وعدم إتاحة الوقت الكافي لها للاطمئنان على ابنها الذي وجدته يعاني غيبوبة وعلمت بتكرر فقدانه الوعي من ثلاث لأربع مرات يوميًا. وبصعوبة بالغة حصلت والدة المتهم بتاريخ 13 فبراير على أمر من النيابة بتوقيع الكشف الطبي عليه؛ لإتاحة العلاج له ونقله -حال تأكُّد تطلُّب حالته لذلك- إلى المستشفى؛ ولكن تعذر تنفيذ الأمر يومها لإضراب أفراد الشرطة، مما اضطرها إلى حمل الأمر لمأمور السجن بنفسها في صباح اليوم التالي، حيث علمت -بعد مراوغة طويلة- بوفاة نجلها في الليلة السابقة. تم إرسال جثمان الفقيد إلى المشرحة لتوقيع الفحص المبدئي. ووفقًا لشهادة د.شروق هاشم -طبيبة بشرية- والتي حضرت التشريح بنفسها، فإنه لم توجد بالجثة أية آثار عنف وإن كان الفحص قد أظهر تردي حالة القلب وامتلاء الرئة بالصديد بشكل قاتل نظرًا لضعف مناعة مريض السكر في مواجهة أمراض الشتاء. ونقلاً عن الأستاذ محمد حافظ -المحامي بالجماعة الوطنية لحقوق الإنسان- فقد تم إرسال عينات من أنسجة الجثة للفحص في المعمل المركزي بالقاهرة، بالتزامن مع قيامه مع مجموعة من المحامين الحقوقيين بإعداد بلاغ ضد 15 مسئولًا، منهم من يختصمونه بشكل مباشر، كمأمور السجن والطبيب المناوب بمستشفى السجن ورئيس نيابة سيدي جابر وغيرهم، أو من يختصمونه بشكل غير مباشر عملاً بمبدأ "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه" كرئيس الجمهورية ووزير الداخلية وغيرهم.. جدير بالذكر أن الواقعة المذكورة للتعنت الرسمي مع المتهمين الذين يعانون أمراضًا خطرة ليست الأولى، فمنذ حوالي أسبوعين أثارت مجموعة من الحقوقيين في وسائل الإعلام قضية الطفل محمود عادل (14 سنة) -المعتقل على خلفية أحداث مشابهة- والذي أصرت النيابة على تمديد حجزه رغم إصابته بسرطان العظام، مما أدى لتفويته جلستين من علاجه الكيماوي بما يهدد حياته، ولكنه كان أفضل حظًا من حسن شعبان حيث أُخلِيَ سبيله بعد ضغط إعلامي وحقوقي كبيرين.
وثائق تقرير وفاة حسن شعبان في سجن برج العرب * خمسة جد اضغط على الصورة لمشاهدة الجاليري: