بعد اشتباكات عنيفة دامت لأيام وشهدت كرا وفرا من كلا الطرفين تمكنت مجموعات الجيش الحر من السيطرة على الجامع الأموي الكبير في إطار ما أسمته عملية تحرير الجامع الأموي في حلب. بدأت العملية في صباح يوم 10 أكتوبر وانتهت مساء 13 أكتوبر بسقوط شخصين على الأقل من جانب الجيش الحر وجرح العشرات وعدد غير معروف من القتلى والجرحى في صفوف جيش النظام وحرق وتدمير أجزاء واسعة من هذا المعلم التاريخي ونهب محتوياته، وذلك وفقا لما ورد بوكالة الأناضول للأنباء. وكانت مجموعات من الجيش الحر قد قامت سابقا بالسيطرة على الطرق المؤدية إلى الجامع تمهيدا لبدء معركة السيطرة عليه حيث أقدمت كتائب تابعة للواء التوحيد على الهجوم على الجامع في محاولة لدحر قوات النظام المتمركزة هناك والمتمثلة بعدد كبير من المسلحين والقناصة. في اليوم الأول من المعركة تمكن الجيش الحر من الدخول إلى قلب الجامع والسيطرة على أجزاء رئيسية فيه، غير أن نقص الذخيرة منعه من الاستمرار في المعركة وسمح لقوات النظام بالتقدم والسيطرة مرة أخرى على الجامع وإحكام سيطرتها عليه، وفي هذه المرة قامت قوات النظام بنصب المتاريس وتكثيف وجودها استعدادا لمعركة ضارية في الجامع ومحيطه. وكما كان متوقعا فإن انسحاب الجيش الحر من الجامع لم يكن حقيقيا إذ تبين فيما بعد أن عناصر الجيش الحر انسحبوا من قلب الجامع ليتمركزوا من جديد في محيطه وفي الشوارع المؤدية له متسببين بقطع الإمداد عن الجيش النظامي المتمركز في الجامع، وليعملوا على إعادة ترتيب صفوفهم وإمداد عناصرهم بالذخيرة. وبعد مرور ساعات بدأ الجيش الحر بتوجيه ضرباته إلى عناصر الجيش النظامي المتمركزة في الجامع من جديد محاولا السيطرة على الجامع للمرة الثانية خلال ثلاثة أيام من المعركة. ومع اشتداد المواجهات أرسل النظام طائراته لتقصف عناصر الجيش الحر المتمركزين في محيط الجامع لدفعهم إلى الانسحاب والتقهقر، غير أن مجموعات الجيش الحر استمرت بالتقدم ببطء، ومع اقتراب سيطرتهم على الجامع قامت عناصر النظام الموجودة في الجامع بحرق أجزاء من الجامع وتمزيق المصاحف وبعثرتها، إضافة إلى كسر الحاوية الزجاجية التي كانت تضم أثر الرسول صلى الله عليه وسلم وسرقة محتوياتها، ليقوموا بعدها بمحاولة الفرار من الجامع وليدخل الجيش الحر الجامع معلنا سيطرته عليه. وما إن تم إعلان سيطرة الجيش الحر على الجامع والحديث عن حجم الخراب الحاصل فيه حتى بدأ كلا الطرفين بتبادل الاتهامات حول حقيقية التدمير الذي جرى في هذا الأثر التاريخي ومسئولية كل طرف عن الحريق الذي اندلع فيه؛ حيث حمّل النظام المسئولية لما أسماهم عناصر إرهابية هاجمت الجامع واعتدت على ما فيه. أما لواء التوحيد فقد قام بإصدار بيانا قال فيه إنه أوعز إلى الكتائب المتمركزة في محيط الجامع بعدم التقدم لحين انسحاب قوات النظام من المسجد، غير أن قوات النظام -حسب ما جاء في البيان- قررت الانسحاب من الجامع بحدود الساعة الرابعة عصرا تاركة وراءها الدمار والخراب. يعد الجامع الأموي الكبير واحدا من أكبر الجوامع في مدينة حلب وأقدمها، بُني في العصر الأموي في عهد الملك سليمان بن عبد الملك، بتصميم يشبه إلى حد كبير في مخططه وطرازه الجامع الأُموي في دمشق، يطلق عليه أيضا إسم جامع زكريا بسبب دفن قطعة من جسد النبي زكريا عليه السلام فيه، كما يوجد في الجامع بقية من أثر الرسول صلى الله عليه وسلم تتمثل بقطعة من ضرسه وبعض خصل شعره.