أنا عندي 22 سنة واتخرجت من كلية الآداب جامعة الإسكندرية السنة دي وكله تمام، وباشتغل وبرده تمام، وبالرغم من كده حاسة إن دماغي فاضية، وإن حاجات كتير ناقصاني.. أنا باشتغل من 8 صباحا حتى الساعة 10 مساءً، شغلتين؛ عشان مايبقاش عندي وقت فراغ، وحاسة إن عندي وقت فراغ كبير، بالرغم من إني بانام من كتر التعب، ومش باحس بحاجة لغاية تاني يوم؟ أنا مش عارفة ما لي، مع إن ماعنديش أي مشاكل في البيت ولا مادية ولا أي حاجة، كله زي الفل بس زهقانة؟؟ أعمل إيه؟ أنا عندي أصحاب واجتماعية وباتكلم وبافضفض كتير ولما أتضايق من حد باتفاهم معاه، أنا باعمل كل حاجة علشان ما اتضايقش وبرده متضايقة.. حاجة غريبة؟؟
Roro mido
اسمحي لي في البداية أن أرحب بكِ صديقتي العزيزة، وأن أرحب برسالتك معنا في باب فضفض لنا.. وأرجو أن تجدي معنا الحل الأمثل لمشكلتك وترتاحي لنصائحنا.
أعتقد أن معظم من سيقرأ مشكلتك سيظن أنكِ لست صادقة في شعورك بالفراغ، وأنكِ تهوّلين الأمر، وسيتساءلون كيف تشعرين بهذا الشعور وأنت تعملين بوظيفتين من الساعة 8 صباحًا حتى الساعة 10 مساء.. فأين إذن هو وقت الفراغ!!!
واسمحي لي أن أردّ عليهم وأصحّح لكِ وصف مشكلتك، فأنتِ لا تعانين من وقت الفراغ، ولكن تعانين من الفراغ نفسه، والفرق بين الاثنين كبير.
فوقت الفراغ هو عبارة عن المساحة الفارغة من الوقت والتي لا تجدين أي فعل لتفعليه فيها، أما الفراغ فهو الشعور بشيء ينقصك وتريدين أن تملئيه في حياتك، وأرى هنا من خلال رسالتك أن هناك بالفعل فراغًا كبيرًا في حياتك لم تملئيه بعد.
فأنتِ ذكرتِ أنك تعملين بأكثر من وظيفة ولديكِ أصدقاء ولا توجد لديك أية مشكلات مادية أو اجتماعية، ولكنِ لم ألاحظ أنكِ قد ذكرتِ موضوع الحب أو الارتباط في رسالتك.. فأنتِ لم تذكري مثلا سواء إذا كنتِ تحبين شخصًا وعلى علاقة به أم لا، أو لم تذكري إذا كنتِ مخطوبة أو متزوجة.. بمعنى أدق لم أجدك تذكرين أي شيء له علاقة بالمشاعر والقلب والعاطفة، وهذا ما أجدك تعانين من الفراغ فيه.
فليست الدنيا كلها عملا، أو علاقات صداقة، فلن تشعري بمعنى الحياة أو بملئها إلا لو دقّ قلبك بالحب، ولن تشعري بحلاوة الحياة إلا عندما يكرمك الله بالرجل المناسب الذي تتزوجينه ويملأ فراغ حياتك، ويملأ النقص العاطفي الموجود بحياتك.
وهناك شيء آخر مهم جدا وهو الهوايات أو عمل شيء تشعرين فيه بأنك مفيدة فيه فعلا، وليس مجرد تقضية أو قتل للوقت؛ فالشعور بالأهمية يمنح الإنسان قدرا كبيرا من السعادة ومن الإشباع العاطفي، وأيضا مساعدة الناس وتلبية احتياجاتهم دون مقابل مادي يمنحك قدرا كبيرا من الرضا عن الذات.
بالإضافة للتجديد الدائم في حياتك ولو بأشياء بسيطة وتغيير الروتين اليومي المرهق بأشياء ممتعة تحبينها وتشعرك بالرضا.
ما زلتِ صغيرة السن، والحياة أمامك تفتح لكِ ذراعيها، فحاولي أنتِ أيضًا أن تبادليها الأحضان والجئي لله بالدعاء ليكمل لكِ النعم ويرزقكِ بالزوج المناسب الذي يكمل لكِ فرحة الحياة وتشعرين وقتها بمعناها.. ونحن أيضًا ندعو لكِ الله بالتوفيق والنجاح، وحتى هذا الحين اشكري الله دائما على ما رزقك به فعلا من نعم كثيرة لا تعدّ ولا تُحصى ولا تركزي على ما ينقصك.
وفي النهاية نتمنى أن نكون قد ساعدناكِ ولو قليلا، ونرجو أن تطمئنينا عليكِ دائمًا.