السلام عليكم.. كل التحية والتقدير لموقعكم الرائع.. فجزاكم الله خيرا على ما تقدمونه لنا.. أنا ابني في الصف الثالث الابتدائي، هو جسمه كبير وطويل بسم الله ما شاء الله، وجدته وهو مكسوف مني بيقول لي: "أنا باحلم أحلام مش كويسة"، قلت له: "إزاي؟!!"، قال لي: "يعني باشوف نفسي وأنا باشرب سجائر، وبابوس البنات"، وهو متضايق جدا؛ لأن الأحلام بتتكرر بشكل يومي عنده، فلا أعرف هل هذه علامات البلوغ؛ ولكنه ما زال صغيرا من ناحية السن؛ لكن من ناحية الجسم الناس بيفتكروا إنه في صف سادس أو أول متوسط.. أتمنى الإفادة وكيف أتعامل معه في هذا السن.. وجزاكم الله خيرا. ssoss سيدتي الفاضلة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بداية دعينا نحدد المشكلة في نقاط نتناولها تفصيلا بإذن الله؛ حتى نعرف ما هو السبب وراء هذه الأحلام، ثم نعرف بعد ذلك ماذا علينا أن نفعل.. ولنتكلم أولا عن الأسباب المحتملة: 1- معرفة الطفل لبعض الأمور الجنسية، والتي نتصور أن الأطفال بمنأى عنها وحتى سن البلوغ وما قبلها بعام مثلا؛ لكن في الواقع لقد أصبح الأطفال يعرفون الكثير عن هذه الأمور؛ نظرا لمشاهدة الأفلام أو الجلوس على الكمبيوتر في غياب الأم والأب، وقدرتهم على التنقل بين القنوات التلفزيونية وتصفح الإنترنت؛ حتى إن كان البيت محافظا ومدققا ومراقبا فقد يعرف الأطفال الكثير عن الأمور الجنسية من الزملاء في المدرسة أو النادي. فالأطفال مبكرا حتى في سن الحضانة قد يتكلم بعضهم عن رغبته في الارتباط بزميلته فلانة، وإن كان هذا الحوار بريئا بالطبع، وقد لا يحمل أي مدلولا جنسيا، ولا يتخطى الرغبة في أن يفعل مثل الكبار؛ إلا أنه مع التطور السني وحتى ما قبل البلوغ قد يشعر الطفل بالرغبة، وبعض الأطفال يمارسون العادة السرية، وإن كانت ممارستها في الأطفال إلى حد كبير تعني نوعا من الإثارة الذاتية، ولا تمثل نشاطا جنسيا موجها للآخرين؛ لكن بعض الأطفال وقبل البلوغ قد يتطرق خيالهم أثناء ممارسة العادة السرية لأشخاص غير مميزين أو أشخاص بعينهم؛ إذن نستطيع أن نقول إن النمو الجنسي لا يحدث فجأة بين يوم وليلة؛ إنما هو ركام من الخبرات المبكرة التي أشارت بعض نظريات علم النفس أنها تبدأ منذ الطفولة المبكرة؛ حينما تكون طاقة الجنس أو المتعة متركزة في الفم، وهو ما يتم إشباعه بالرضاعة، ثم تأتي المراحل الأخرى -بحسب نظرية فرويد- وهي المرحلة الشرجية والقضيبة، ثم مرحلة الكمون، ثم المرحلة التناسلية التي تتزامن مع البلوغ؛ حينما يتطور الجنس إلى المعنى الكامل لمفهوم العلاقة بالآخر. وما يهمني هنا لمناقشة حالة طفلك هي مرحلة الكمون والمرحلة التناسلية؛ فمرحلة الكمون تتزامن مع دخول المدرسة، وتبقى هكذا وحتى البلوغ؛ حيث يتحول اهتمام الطفل من التركيز على المتعة في مراحل النمو السابقة إلى الاهتمام بأنني إنسان كفء، ويمتحدني الآخرون، وأستطيع أن أعمل في جماعة مع زملائي، كما أن هذه المرحلة يكون قد اكتمل فيها نمو الضمير ومشاعر الذنب التي تحدث عند اقتراف الأخطاء، أو حتى مجرد التفكير فيها، وهذا ما يؤدي إلى ما يشعر به طفلك من الحرج والضيق حيال هذه الأحلام، وهذا يشير إلى أن لديه ضمير يقظ هو نتاج تربية سليمة أدرك من خلالها الصح والخطأ، ويقاوم ما يشعر به في عالم الواقع سواء كان رغبة في تقليد الكبار فقط من شرب السجائر وتقبيل البنات؛ كعلامة على أنه نضج مثلا، أو ربما ينتج ذلك من رغبة حقيقية في التدخين؛ نظرا لأنه تعرض مبكرا لاستنشاق دخان السجائر من أي من المحيطين به، أو ربما جربها بالفعل.. كذلك فكرة تقبيل البنات قد تنتج عن رغبة حقيقية أي يصاحبها عاطفة، وليست فكرة مرتبطة بتقليد الكبار فقط، وكل ما يشعر به الطفل ويرفضه ضميره يتم كبته في العقل الباطن ويظهر في الأحلام.. فالأحلام مرآة تعكس كل ما يشعر به المرء ويرفضه العقل الواعي، والمرحلة التناسلية تلك التي تتزامن مع البلوغ، والتي سأحدثك عنها في النقطة التالية. 2- السبب الثاني المحتمل.. هو أن ما يحدث إذا ما ربطناه بطول القامة -كما ذكرت- قد يشير إلى علامات البلوغ المبكر، والبلوغ المبكر يعني ظهور علامات البلوغ قبل سن 9 سنوات؛ حينما نتكلم عن الذكور، وهنا تكون هناك علامات كالقذف أثناء النوم، ونمو حجم الخصيتين والعضو الذكري، وظهور شعر الوجه، وبداية ظهور حب الشباب، وتغيير الصوت.. فهل لاحظت أي من هذه العلامات؟ وعلى أي حال فيمكنك أن تعرضي طفلك على طبيب متخصص في الغدد وتتحدثي إليه في مسألة الطول ولا حرج أن تحدثيه عما ذكرته عن موضوع الأحلام وهو سيحدد لك إذا كان طفلك بحاجة لعمل تحاليل تساهم في تحديد ما إذا كانت الحالة بلوغ مبكر أم لا. لكن ماذا نفعل الآن سواء كان الأمر بلوغا مبكرا أو نتاج معلومات جنسية عرفها الطفل بشكل أو بآخر ونتج عنها ركام من الخبرات الجنسية التي تؤثر على تفكيره ويقاومها ضميره وتظهر في الأحلام.. لن يختلف الأمر كثيرا من الناحية النفسية، أما الناحية الطبية الخاصة بالغدد وما سيشير إليه طبيب الغدد هي ما سنضيفه لعلاج المشكلة، إذا ثبت أنها حالة بلوغ مبكر؛ لكن في الحالتين نحن نتكلم عن التربية الجنسية بالطبع كعلاج ووقاية في نفس الوقت. وماذا نقصد بالتربية الجنسية؟ نقصد بها كل ما نفعله من سلوك وأقوال ليعرف الطفل ما نود أن نعرفه إياه، وما يناسب سنه عن الجنس في بيئة أسرية مثقفة ومتدينة؛ حتى لا يتلوث تفكير الطفل بأي معلومات لا نعلم مصدرها.. وسأوضح لك بعض الخطوات المهمة في التربية الجنسية: 1- للتربية الجنسية شروط.. أهمها: أن من يقوم بها يكون على خبرة ودراية كافية بالجنس من الناحية العلمية والدينية، فالمعلومات لن تُقدّم للطفل من خلال خبرات شخصية؛ ولكن تُقدّم على أنها موضوع يخص العلم والدين والحديث، يتطرق كثيرا للصفة التشريحية للجهاز التناسلي للجنسين، وكذلك معنى العلاقة من الناحية الشرعية، وحكمة الله في أن يخلق من الأنفس أزواجا من أجل السكينة، وكيف أن هذه العلاقة سامية تهدف إلى استمرار النوع، وكيف وضع لها الشرع ضوابط فجعلها لا تكون إلا من خلال الزواج؛ وإلا فهي معصية تغضب الله. ومن شروط التربية الجنسية أيضا القدرة على إقامة الحوار الهادئ مع الطفل والقدرة على ضبط الانفعالات؛ فلا يظهر على الوجه أو حركات الجسد ما ينم عن الدهشة أو الغضب عند طرح الطفل لأي سؤال غير متوقع، أو عندما يخبرنا الطفل بأمر معين في هذا السياق؛ لأن ردود الأفعال حتى ولو كانت على مستوى لغة الجسد والإيماءات من شأنها أن تخيف الطفل، وتجعله يحجم عن الحديث مع الوالدين مهما طمأناه بصورة لفظية. ومن الشروط أيضا أن نكون على قدر من الصبر، ونعرف جيدا أن المعلومات الجنسية لا تعطى للطفل دفعة واحدة؛ بل تدريجيا وحسب سنه وإدراكه. 2- متى تبدأ التربية الجنسية؟ تبدأ مبكرا من سن الثانية في العمر، ومع تدريب الحمام؛ حينما يجلس الطفل وقد خلعنا ملابسه فلا بد من الإشارة أن ذلك يجب أن يكون بعيدا عن الآخرين، فلا يصح أن يرانا الآخرون عند خلع الملابس.. وتستمر هذه العملية التربوية مع مراحل النمو المختلفة؛ عندما يلاحظ الفرق بين الجنسين في الأعضاء التناسلية، ونفسر له معنى أن هذا ولد وهذه بنت، وكذلك ترغيب الطفل مبكرا في الإحجام عن مشاهدة أي مشاهد خارجة في الأعمال الدرامية، وأقول ترغيب وليس منع؛ لأن المنع يزيد من فضول الطفل؛ لكن الأفضل دوما أن نربط كل ما يحدث للطفل من خير بحب الله لنا، وذلك من أجل غرس مفهوم الحب لله عز وجل، وعندما يحدث أن نجد مشهدا خارجا علينا بتذكير الطفل بأن ذلك حرام أن نشاهده وهذا يغضب الله، ولنكن قدوة له في ذلك؛ بأن يرانا نغير ما نشاهده فورا ليشعر بأننا أيضا نخشى أن يغضب علينا الله الذي يحبنا وينعم علينا. وتستمر التربية الجنسية حتى نبدأ من سن الثامنة مثلا في شرح علمي لخلق الإنسان، ومفهوم التكاثر بدءا بالنباتات مثلا، ثم نتدرج لشرح الجهاز التناسلي في الجنسين، ومفهوم التزاوج في الحيوانات والإنسان، ومعنى بقاء النوع وتعمير الإنسان للأرض، ويعتمد كم المعلومات على مدى إدراك الطفل وليس السن فقط؛ فربما يدرك طفل الثامنة ما نقول إنه يعرض لطفل العاشرة.. إذن متى نشرح مسألة نسبية تقتضي وعي الأسرة بمدى استيعاب الطفل، وربما يسأل طفل السابعة أو الثامنة عن معنى كلمة الزنا.. فلا ننزعج بل نشرح له بالتدريج معنى العلاقة؛ حتى يفهم الضوابط الشرعية لها، وأن الممارسة خارج هذا الإطار هي حرام شرعا وتغضب الله. 3- مراعاة الأب والأم لتعليم الطفل ألا يدخل لغرفة النوم قبل الاستئذان، وأخذ الحذر والحيطة حتى لا يراهما الطفل أثناء العلاقة؛ كأن يستيقظ فجأة من نومه مثلا ويذهب إليهما؛ لأن ذلك يؤذي مشاعر الطفل، ويؤدي إلى نوع من الربكة النفسية التي يتم كبتها، وربما تظهر في شكل أعراض نفسية فيما بعد. 4- والآن فنجعل ما سبق موجها لطفلك: - عليك بقراءة الكتب عن مرحلة البلوغ من الناحية البيولوجية، وما تعنيه تغير هرمونات، وتغير شكل الجسم.. فابنك إما أنه في مرحلة ما قبل البلوغ أو كما قلنا ربما تكون حالة بلوغ مبكر، وعليك بالجلوس معه في حوار هادئ ودي، وأن تطمئنيه أن ما يحدث له أمر طبيعي ولا يغضب الله؛ لأنه يحدث في الأحلام، وأنه أمر طبيعي على أن تكوني أنت هادئة ومقتنعة بأن ما يحدث مع طفلك ليس بالأمر الخطير؛ بل هو أمر يحتاج لتفحصه والوقوف على أسبابه؛ حتى نتعامل معها بشكل تربوي سليم يضمن السلامة النفسية للطفل.. عليك أن تتحدثي إليه بهدوء وصداقة عن محتوى الأحلام؛ مثلا: كأن تبتسمي وتقولي له: "قول لي مين البنات دول؟!!"؛ حتى نعرف إذا كانوا من المحيطين به في المدرسة أو من الأقارب، ثم تلاحظي مدى علاقته بهم في عالم الواقع.. وهل يتحدث مع زملائه في هذه الأمور.. لكن احذري أسلوب المحقق؛ بل يجب أن يشعر أنك من سنه، وتتحدثين إليه كصديقة وأنصتي إليه؛ لكن يمكن أن تظهري بمظهر من يقوم بعمل آخر أثناء الحوار معه؛ كعمل في المطبخ أو تصفح الإنترنت مع التواصل البصري من آن لآخر؛ إن ذلك من شأنه أن يشعر الطفل أنك تنتبهين إليه؛ لكنك لست منزعجة مما يقول فأنت تقومين بأشياء أخرى فلا يشعر بأنك تراقبينه وتتلهفي لمعرفة المزيد؛ فذلك يجعله يسترسل ويقص لك المزيد. - تحدثي مع طفلك عن مراحل النمو والاختلاف بين الجنسين، ويمكن أن تستعيني بقصص وكتب علمية وأقراص مدمجة تشرح الفرق بين الجنسين في الصفة التشريحية. - إذا ثبت أن طفلك لديه حالة بلوغ مبكر؛ فإنك ستكملين معه الحديث عن المراهقة والمشاعر والتغيرات العاطفية التي تحدث في هذه المرحلة، وأيضا يجب أن تستعيني بالكتب لتعرفي فيما تتحدثين إليه؛ لكن في واقع الأمر أن حالات البلوغ المبكر قد تؤدي إلى بعض المشكلات النفسية؛ نظرا للتطور العاطفي والجنسي الذي يسبق نمو العقل والإدراك، وهنا ربما تحتاجين لمساعدة أخصائي نفسي ليشرح ويفسر أكثر للطفل ما يمر به من تغيرات. - وأختم لك قولي بأمر في غاية الأهمية لأنه يساعد على نمو الشخصية ويصرف التفكير عن الأمور الجنسية ويساعد على الصحة النفسية، وأقصد هنا ممارسة رياضة يحبها الطفل، ويرتبط بها ويفضل أن تكون رياضة جماعية؛ لأن روح الفريق تبعد الإنسان عن مفهوم المتعة الذاتية، وتساعد على النمو من خلال تأثير الجماعة الذي يساعد دوما على تهذيب السلوك، كما يمكن صرف تفكيره أيضا عن هذه الأمور باهتمامات أخرى؛ كإعطائه دورات في الكمبيوتر أو تعلم الرسم على الزجاج أو دروس الموسيقى مع الالتحاق بأحد دور تحفيظ القرآن ويا حبذا لو شجعناه على الدخول في مسابقات فيما يقوم به من أنشطة. وفقك الله وبارك لك في ولدك.