أنا بنت عندي 26 سنة، متزوجة من 3 سنوات، بس ماعنديش أولاد، ومافكّرتش في الموضوع ده؛ بس المشكلة في حالة الاكتئاب اللي أنا وصلت لها؛ لأني مش لاقية شغل، كنت باشتغل من وأنا في 3 ثانوي ولغاية سنة ونص فاتوا، وحصل حادثة لأمي واضطريت أسيب الشغل عشان أكون معاها، وبعد ما خفّت هي رجعت شغلها، وأنا مش لاقية شغل ولا لاقية أصحاب؛ لأنهم كلهم بيشتغلوا، ومش فاضيين، وماقدرش أشتغل في أماكن تطوعية؛ لأني ماعنديش استعداد أشتغل دون مقابل؛ لأن نزولي فعلا مكلف؛ عشان أنا فعلا متربية على الدلع، ومن سكان منطقة راقية جدا، ومدارس أجنبي. بس لما اتجوزت -عن حب- اخترت الشخص مش المال، زوجي كان جاري، ومن نفس مستوايا بس يتيم؛ فعمل نفسه بنفسه، وطبعا لا عربية ولا حد نعتمد عليه؛ يعني لازم نكون مخليين بالنا من مصاريفنا، وبعد سنة ونص قاعدة في البيت اكتأبت؛ لدرجة إني واثقة إني مقصرة في حقه؛ لأني ممكن لأيام ماقومش من مكاني، ولا حتى أستحمى، وباعمل الأكل وأرجع مكاني، باحس إني ماليش لازمة في الدنيا، وأنا لو مُت ماحدش هيحسّ؛ لأن كلهم بيشتغلوا، وعندهم حياتهم وأنا تليفوني مابيرنش بالشهور، آخر مرة خرجت كانت من شهر.
كل اللي أنا عايزاه أشتغل أي حاجة، والمرتب مش فارق؛ بس يكون مغطي ثمن التاكسي، ومش لاقية؛ مع العلم إني خريجة إرشاد سياحي، وباتكلم لغتين بطلاقة، وخبيرة كمبيوتر؛ لأن أكبر فترة لشغلي كانت في شركات كمبيوتر، وجوزي كمان مهندس كمبيوتر، وحسنة المظهر -زي ما بيقولوا- وماسبتش إعلان في جرنال إلا وبعت له، ولشركات التوظيف اللي على النت، وعمري ما جالي تليفون؛ لدرجة إني شكيت إن رقمي كاتباه غلط، وبعت لكل الشركات الكبيرة والصغيرة.. أنا عارفة إنكم مش شركة توظيف؛ بس تعبت من القعدة وقربت أتجنن، ومابانامش خالص، ولو نمت بانام فوق ال12 ساعة، ومش باكون عايزة أصحى، وبدأت أكره جوزي وأمي؛ لأن ظروفهم هي اللي وصّلتني لكده؛ بس والله من ورا قلبي.
أنا تعبانة أوي ومخنوقة ووحيدة أوي، وخايفة أغلط؛ لأن حتى الصلاة اللي كنت متعودة عليها مابقيتش باصلي بالشهور؛ لأني مابقومش من مكاني، ولا باسمع الأذان؛ برغم إن المسجد تحت البيت، ومابقيتش عايزة أقعد في وسط ناس بتتكلم؛ لأاني باحس بصداع، وباحس إني عايزة أكون لوحدي وأمسك كتاب وأقرأ، أو أقرأ كل جرايد اليوم من كل الدنيا وبالثلاث لغات اللي أعرفهم؛ لحد ما بقيت ولا قناة الجزيرة ومذيعي البي بي سي.
مع العلم إن أنا إخواتي متجوزين وعايشين بره مصر، وآخر مرة نزلوا من سنتين أو أكتر، ووالدي وأمي منفصلين، وهو عايش بره، ومانزلش بقاله أكتر من السنة، وماعنديش خالات قريبين، وجوزي أساسا يتيم؛ يعني اتلمّ اليتامى على بعض، وماعندناش عيلة، ده أنا باكره أول يوم في العيد؛ لأن كل الناس عند أهلهم، وإحنا في البيت ماعندناش حد نروح له.
أنا تعبانة ووحيدة ومخنوقة، وبابكي وأنا باكتب لكم بدل ما أتجنن.. أنا آسفة على الإطالة؛ بس أنتم اللي قلتم لو عاوز تفضفض أبعت لنا.
gmanar
أختي العزيزة: في الحقيقة بعد قراءة مستفيضة لرسالتك أجد أن المشكلة الأساسية ليست مشكلة العمل، وإيجاد فرصة عمل.. المشكلة الأساسية تكمن في ضعف إيمانك بالمولى عز وجل، وقلة قربك منه سبحانه، وهذا يجعلك في الحالة التي أنت فيها؛ فأنت في محنة واختبار، وبدلا من اللجوء له سبحانه ليصرف عنك ما أنت فيه، تقنطين من رحمته، ولا تحمدينه على النعم التي أنعم عليك بها؛ فأنت ولله الحمد لديك والدة ووالد؛ حتى وإن كنت لا تعيشين معهما؛ إلا أنهما موجودان، وأنت -ولله الحمد- تُجيدين أكثر من لغة، ولله الحمد لديك زوج لا يزال يتحملك؛ برغم تقصيرك في حقه، وبرغم كل ما تفعلينه معه، ومشكلتك هي أنك لا تجدين مَن يضرب رقم هاتفك للسؤال عنك، وأنك تريدين العمل!!
لماذا لا تنظرين حولك لتجدي المرضى على أسِرّة المرض كل ما يبتغونه في الحياة قطرة دم أو بعض الأكسجين الذي يمنحهم الحياة، أطفال لا حول لهم ولا قوة، يعانون أمراض السرطان، وأسر فقيرة لا تجد قوت يومها، ومع ذلك تعيش في سلام وفي سعادة؛ لأنهم يحمدون المولى عز وجل؛ ولأنهم يتضرعون إليه، وهم على ثقة تامة أنه سيقف إلى جوارهم، وسوف يواسيهم في مِحَنهم، وحتى إن لم يفرحوا في الدنيا؛ فهم يُمنّون أنفسهم بجنة الخلد التي هي أعظم مائة مرة من أجمل مناطق العالم وأروعها.
أفيقي يا عزيزتي من غفلتك قبل أن يفوت الأوان؛ فماذا لو وافتك المنية وأنت لا تصلين، ولا تطيعين زوجك، ولا تقومين بحقوقه عليك؟! ماذا ستقولين لله عند الحساب؟ أنك كنت مكتئبة لعدم وجود عمل؟!!
أعتقد أن عليك أن تفكري في أن الموت يأتي بغتة، ولا يطرق الباب مسبقا، ولقد قال تعالى في كتابه لعزيز عن مثل حالتك: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا، قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}.. تمعّني في معنى هذه الآية جيداً؛ لتجدي ما تبحثين عنه؛ لتجدي السعادة.. عليك أن تبحثي عنها؛ لتخرجي من الحالة النفسية التي وضعت نفسك فيها، يجب أن تختاري طريقك؛ فلم تُخلقي فقط لتعملي في وظيفة مرموقة؛ بل خلقك سبحانه لعبادته أولاً، وقبل أي شيء ليكن شغلك الشاغل، ووظيفتك التي تبحثين عنها هي الوصول للجنة، هي الارتقاء بالروح قبل الجسد، هي إرضاء زوجك؛ فأنت زوجة قبل أن تكوني موظفة، أين واجبات وظيفتك كزوجة؟ كيف تريدين الالتزام بوظيفة، وأنت مقصرة في وظيفتك الأساسية؟!
الحل بين يديك، ولكنك لا ترينه.. إنه الشيطان من يتلاعب بك، ويستدرجك ويسوقك لكي تخسري كل شيء، هو السبب في هذه الحالة التي أنت فيها، استعيذي بالله من الشيطان، وتوبي إليه، واستغفريه؛ فكثرة الاستغفار تزيل الهموم وتفرج الكروب، وتفتح أبواب الرزق، وعليك بقراءة سورة الواقعة باستمرار؛ فمن قرأ الواقعة لم يمسه فقر ما كان حيا لا في علم ولا في مال ولا في دين؛ فالفقر الأكبر ليس فقر المال؛ بل إنه فقر الدين والعلم.
دعواتي لك بالهداية، وبأن تستطيعي التغلب على ما أنت فيه بإيمانك بالمولى عز وجل، وأن تصبحي إنسانة جديدة في أقرب وقت ممكن إن شاء الله؛ لتجدي ضالتك وتسعدي في حياتك وآخرتك.