أنا فتاة عندي 23 سنة مخلّصة كلية هندسة، وعندي مشكلة فظيعة إني مش اجتماعية خالص، وماعنديش ثقة في نفسي خالص، رغم إني الحمد لله على قدر من الجمال -كما يقول الناس- بس أنا دايما باحس إني فاشلة، وإن كل حاجة ضدي، أو بمعنى أصح متشائمة جدا، وخصوصا من موضوع عدم الكلام، حتى لمّا كنت في الجامعة كنت دايما ما باكلمش حد من الولاد بدافع الكسوف. حتى لما بييجي حد يكلِّمني باحس إن وشِّي بيحمرّ، وباحس إني مرتبكة جدا، بجد تعبت من الطبع ده، وحاسَّة إني مختلفة عن بقية زميلاتي، وخصوصا إن مجتمعنا أصبح مفتوح ومش عايز اللي كده، وطبعا ده مأثَّر عليَّ نفسيا؛ لأني مش قادرة أتخطب، أو الناس تعرفني من سكوتي الدائم، يا ريت تفيدوني.
Dodo dedo أولا أطلب منكِ يا صديقتي العزيزة الهدوء وعدم الانفعال؛ فهي ليست بالمشكلة الفظيعة، ولكنها مشكلة يمكن علاجها والتغلّب عليها بشيء من التفكير، فهي مشكلة تعانيها ويعانيها من بنات جيلك الكثيرات، وكثير منهن تمكّنَّ من التغلب عليها مع الوقت..
وقبل أن نخوض في الحديث عن أي شيء لا بد علينا أن نفرّق في تشخيص مشكلتك بين كونك شخصا خجولا أو كونك انطوائية وغير اجتماعية؛ فالخجل في الأغلب الأعم يكون من أبناء الجنس الآخر -بني آدم- فتحمرّ وجنتاكِ من أي نظرة، ويقشعر بدنك من أي كلمة، وتتلعثم العبارات داخل فمّك بمجرد أن يوجِّه أحدهم الحديث إليك.
أما الانطوائية فهي أكثر عمومية من الخجل؛ لأنها تشمل الناس جميعا، ويكون من الصعب عليكِ أن تكوّني صداقات بشكل سلس بل تستغرقي أياما وربما شهورا في إزالة جبال الثلج الموجودة بينك وبين كل من تتعرفين عليه حتى يصبحوا أصدقاءك.
ولكن من الواضح مِن حديثك أن المشكلة هنا مشكلة خجل تقتصر على الأولاد فحسب، ويزكّي قلقك هذا خوفك من أن يتسبّب ذاك الخجل من عرقلة خطبتك.
يجب عليك أولا أن تعرفي أن الخجل هو شيء جميل، ومن مقومات أنوثة أي امرأة قبل الشكل والمظهر وأسلوب الكلام، فهو شيء تفتخر به الأمهات بأن بناتهن ما زال بهن رائحة الخجل الذي اختفى من نفوس كثير من فتيات هذا الجيل، فعليكِ أن تفتخري بهذا، ولا تبتئسي منه.
ولكن.. قليل من التوازن مطلوب، قليل من الوسطية مطلوبة، التطرّف في أي شيء دائما ما يكون له نتائج سلبية، وأعني لا مانع من تبادل أطراف الحديث مع الجنس الآخر، طالما كان في سياق محترم، وفي غير الموضوعات الشخصية، وفي أماكن عامة، لن يحدث شيء، لن يتوقّف العالم لحظتها، لن تتجمّد الدنيا عند هذه اللحظة، لن ينتقص من خجلك شيء أن تتحدّثي إلى أيّ من بني آدم.
أما مسألة الخطوبة والزواج؛ فأعتقد أنكِ بالنضج الكافي والوعي اللازم؛ بحيث تكوني موقنة أن هذه الأمور إنما هي منذ بدايتها وحتى نهايتها يُحرّكها القدر الذي كتب أحداثه الله عز وجل، وكثيرات هنّ من جاءهن عرسانهن بينما هن جالسات في بيوتهن لا يفارقنها قيد أنملة، وكثيرات هن من قضين عمرهن كله في العمل وخارج المنزل، ولم يتزوّجن حتى فاتهن قطار الزواج؛ بكل أنواعه الفرنساوي والإسباني والتوربيني، إنه القدر يا عزيزتي، قدر مسجّل فيه وقت الزواج وشخصية الزوج، وأنتِ تنفّذين أحداث هذا الكتاب ولا تصنعينه.. أُكرّر تنفذينه ولا تصنعينه، وبالتالي لا تُلقي بالا لهذه الأشياء فهي كلها مجرّد أسباب، بينما النتائج مدوّنة في الدفتر الإلهي لا يعلمها إلا هو.
أخيرا وليس آخرا، أطلب منكِ أن تنفتحي على العالم محتمية بفلتر الدين والأخلاق الذي يمنع عنك كل ما يتنافى معه ولا يتَّسق وإياه.
وفّقكِ الله إلى ما يُحبّه ويرضاه،،،، لو عايز تفضفض لنا دوس هنا
