السلام عليكم بعد أن قرأت العديد مش المشكلات المطروحة وارتاحت نفسي لردكم عليها أتتني الجرأة أن أعرض مشكلتي التي طالما حبستها في نفسي سنوات ولا يعلم بها إلا الله عز وجل.. أكملت دراستي في إحدى الكليات العملية ولطموحي الكبير دخلت مباشرة في مرحلة استكمال الدراسة إلى أن وفقني الله عز وجل في الحصول على الماجستير.. طيلة هذه الفترة كانت حياتي خالية من أي ارتباط عاطفي باستثناء بعض المرات التي أحسست فيها بميل ناحية أشخاص تعاملت معهم لكني سرعان ما كنت أضبط مشاعري حتى لا تخونني لأني كنت خائفة من أي علاقة يتلاعب بي صاحبها فتدمر حياتي، وبالرغم من سيطرتي الزائدة على كل مشاعري كنت أحس بكبت داخلي كأي فتاة تحلم بفارس أحلامها الذي يغمرها بحبه واهتمامه.. نعود مرة أخرى للدراسة قبل بدئي في دراسة الدكتوراه التي طالما حلمت بها أتتني فرصة للسفر لإحدى دول الخليج للعمل بها، ولأن وضعنا المادي لم يكن على ما يرام أردت السفر لأعين أبي وأشاركه في تحمل المسئولية وأستطيع استكمال دراستي التي كانت شغلي الشاغل وليطمئن قلبي قبل أن أقدم أوراقي لأي مكان ذهبت لإجراء اختبار لفيروسات الكبد الذي أعلم أنه سبب للمنع من السفر وكانت الطامة الكبرى أني مريضة بفيروس سي.. تزلزلت الأرض تحت قدمي وفقدت توازني وأغلقت الأبواب على نفسي، والكل من حولي لا يدري ما بي، ظللت أتحمل وحدي همي ولا أحد يشاركني فيه لأني أعرف جيدا صدمة أهلي عندما يعلمون، ولكني وأنا في بحر أحزاني هذا شعرت أن هناك أملا لا أدري من أين سيأتي ولكني كنت أعلم أن الله لن يخذلني أبدا، استعدت توازني ورضيت بقضاء الله وقدره وصبرت على ما بي من ابتلاء ابتغاء مرضاة الله وصارحت أبي أني أريد استكمال دراستي ولا أفكر في السفر، اقتنع أبي وبنفسه طلب مني عدم التفكير في السفر إلا بعد ارتباطي بشخص نسافر سويا.. عدت مرة أخرى للدراسة وساعدني أبي بكل ما يستطيع وخلال مشواري مع الدراسة تعرفت بشخص كنت أعتبره مثل أخي لكن سرعان ما تحولت مشاعري تجاهه وأحسست أنه حب عمري المنتظر، وبادلني نفس الشعور ولكن بِصمت، إلى أن اعترف لي بحبه ورغبته في الارتباط بي وفهمت من كلامه بنيته الأكيدة في السفر عن قريب وأنه ينوي أن نسافر سويا بعد الارتباط؛ لأنه لن يوافق على أن يبتعد عن زوجته.. أصابني إحباط وخيبة أمل وأن حبي الوحيد لابد أن مصيره الهلاك فأنا لم أقوَ أن أعترف له بمرضي.. هذا السر الذي لا يعلمه إلا الله فما كان مني إلا أن انسحبت من حياته بإبداء مبررات وهمية وقبلت كلامه لي بأني تخليت عنه ولم أحافظ على حبه لي ويعلم الله مرارة الكأس الذي كنت أتجرعه.. واصلت حياتي بعد سفره ولكن بقلب مذبوح.. ركّزت كل اهتمامي في دراستي إلى أن وفّقني الله عز وجل وحصلت على الدكتوراه في وقت قياسي بتوفيق شهد له الجميع.. أحسست بفرحة غامرة وتناسيت ما بي من مرض، ولكن سرعان ما ذابت الفرحة في سعيي للحصول على عمل وفي الوقت نفسه تسارع كل من يعرفني لإيجاد فرصة شغل لي بالخارج وأنا أتحجج بكلام وهمي عند الرفض، فلا أحد يعلم ما بي.. حمدت الله على قضائه وتمنيت أن يعوضني الله بفرصة عمل في مصر ولكني خائفة عند تقديم للعمل يطلب مني تحليل فيروسات فبالرغم من تناولي للعلاج إلا أن الأجسام المضادة علمت أنها تستمر بالدم حتى بعد العلاج والذي زاد من عذابي هو أن هناك أشخاصا يتقدمون للارتباط بي وأغلبهم مراكز محترمة ولكنهم راغبين في السفر وعرفت منهم رغبتهم في اصطحابي بعد الارتباط فأصر على الرفض وأبي لا يقتنع بمبرراتي.. ففي البداية كانت الدراسة حجتي أما الآن فأي حجة أقولها لا يقتنع بها أحد، أبي مريض وأعلم أني لو أخبرته بالحقيقة ممكن أن أقضي عليه.. العمر يمر بي سريعا وأنا لم أحقق شيئا، فلم أحصل على عمل ولم أرتبط كل هذا بسبب سري الذي لا يعلمه بعد الله إلا من يقرأ رسالتي.. أحيانا كثيرة أشعر باليأس وعدم الرغبة في مواصلة الحياة التي طالما تعبت فيها ولم أحصل على أي نتيجة وأحيانا أخرى ألوم نفسي لعدم مقدرتي على الصبر، أنا بشر قبل أي شيء.. تمنيت أن أحقق مستوى ماديا لي ولأهلي ولم أستطع.. تمنيت أن أرتبط بمن اختاره قلبي ولم أستطع.. كل هذا كان سببه سري الدفين.. أرجو أن تسامحوني على إطالتي فقد كنت في حاجة لأن أفضفض بما خبأته سنوات، حتى يهدأ قلبي الذي يعتصر ألما وحزنا ولكنه في النهاية صابر على قضاء الله.. ن يا من طوت بين أحشائها ألمين.. ألم المرض وألم كتمانه.. لم عذبت نفسك كل هذا العذاب.. يا صديقتنا المجتهدة الرقيقة الحالمة العاقلة خانك عقلك هذه المرة حين حوّلت مرضك الذي شفاؤه بيد الله إلى خنجر مصوب إلى صدرك كلما اقتربت منك الفرحة والسعادة.. أولم تسمعي بقوله تعالى وأنت الصابرة المحتسبة: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}.. ربما كان لديك في أول الأمر ولفترة محدودة العذر عند صدمتك في ألا تقصي أمرك على والدك وسط ما كان يحيط به من ظروف، ولكن ما كان لك أن تخفي الأمر كل هذه السنوات دون أن تمنحي من حولك فرصة الوقوف بجوارك والبحث عن مخرج لعذاباتك التي لا تنتهي. عموما فإن الحديث عما كان عليك أن تفعليه لا طائل منه، وعلينا أن نبحث معا عن باب للأمل في الحياة يخرجنا من كل هذا الضيق.. وبداية لابد وأن تعلمي أن لكل إنسان بلاءه الذي يتقرب من خلاله إلى الله إذا صبر وشكر، وليس للإنسان حيلة في هذا فأنت لم تصيبي نفسك بل هي إرادة الله وكما يقول المعصوم صلى الله عليه وسلم: "عجب لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له".. فلا يجب أن نتعامل مع هذا الخير ليصبح شرا يحيط بنا ويدمر حياتنا.. من هنا فلا تنزعجي بل عليك أن تخبري المقربين لك عن هذا السر الذي طويته في قلبك، وعليك إلا تظني أن السفر خارج البلاد هو نهاية الحياة وبإمكانك إذا تقدم لك إنسان ترتضيه زوجا لك أن تخبريه أنك لا ترغبين في السفر وليس لك القدرة على ذلك وبإمكانك إذا وثقت فيه أن تخبريه بما أنت عليه وليس في هذا سبة أو نقيصة، فكثير منا يتحرك ويسير وهو لا يدري أن المرض ينمو بداخله وكثيرون منا مرضى وهم لا يعلمون. فاستبشري بما هو قادم بعد كل هذا الصبر وهذه الإرادة فالذي منحك الصبر وحده قادر على شفائك وقادر على أن يرسل لك الزوج الذي يسعد بك ويسعده وجودك معه في أي مكان. إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون...