وقالت: "أضطر إلي شراء ما يقرب من 6 أكياس إضافية عن حصتنا الشهرية من بطاقة التموين.. وبعد الزيادة الأخيرة في أسعاره اضطررت إلي ترشيد استهلاك لوازمي من باقي السلع الأساسية مثل المكرونة والأرز واللحوم والدجاج وغيرها، كي أستطيع الوفاء باحتياجات الأسرة من السكر، في ظل محدودية مصروف البيت، فالزيادة المستمرة في أسعاره تضعنا أمام أمر واقع، لأنه لا مجال للاستغناء عنه في أي منزل"، مبديةً استغرابها الشديد من سياسة الحكومة التي دائماً ما تحمل الفقراء سوء تصرفاتها وأخطاءها قائلةً في سخرية "الأغنياء يشربون الشاي بلا سكر والقهوة سادة.. والغلابة يشربون السكر بلا شاي ومفيش قهوة"، "طب إية الحل هو الارتفاع عشانا إحنا بس". وقالت صباح موسي، ربة منزل من شبرا مصر : اعتدنا مهاداة الجيران والأقارب في المناسبات الخاصة بكميات من السكر، لكن بعد أن وصل سعر الكيلو إلي 5 جنيهات، أصبحنا نوفي احتياجاتنا منه بالكاد، لدرجة إننا نطالب أطفالنا بترشيد استخدامه في الشاي والمشروبات الساخنة، التي يتناولونها. وطالب مينا جرجس، موظف، من منطقة المنيب، بزيادة دعم الدولة لحصص السكر المتاحة علي بطاقات التموين، في ظل عدم القدرة علي السيطرة علي أسعاره في الأسواق، وقال: "لا نعرف سبب الزيادة المتلاحقة في الأسعار التي تتعارض تماماً مع تصريحات المسئولين عن استفرارها في الأسواق". واتهم جرجس الدولة بأنها تركت العنان للشركات المنتجة له لاستغلال المواسم ورفع الأسعار، مثلما حدث في شهر رمضان الماضي، حيث بدأت الزيادة برفع سعر الكيلو بمقدار جنيه، ومع حلول فصل الشتاء تزداد احتياجات الأسر من السكر، بسبب كثرة تناول المشروبات الساخنة، واللازمة لرفع المناعة كما يحثنا الأطباء خلال تلك الفترة الحرجة، التي تتعرض فيها الدولة لوباء الإصابة بالأمراض الفيروسية والمعدية. علي الجانب الآخر قال إبراهيم عبدالفتاح، بائع بأحد المجمعات الاستهلاكية: إن الزيادة الأخيرة في الأسعار ترجع إلي زيادة دعم الشركة العامة لتجارة الجملة لشركات القطاع الخاص، علي حساب دعمها للمجمعات الاستهلاكية وكذلك حجم المخزون لديها، فأصبحت شركات القطاع الخاص تستولي علي حصص كبيرة من السكر، وبالتالي تحكمت في الكميات والأسعار المطروحة في الأسواق، حتي أصبح سعر الكيلو يتراوح بين 450 و500 قرش في حين ثبت سعره في المجمعات الاستهلاكية عند 350 قرشاً، مضيفاً: اكتفت الدولة بما تقدمه من دعم للمواطنين علي بطاقات التموين، وتراجعت معدلات مراقبتها علي أسعاره في السوق، رغم عدم تمتع كل المواطنين بدعم البطاقات، وهم الفئة الأكثر معاناة من الزيادات الطارئة علي الأسعار، خاصة في الأماكن التي لا تتوافر فيها المجمعات الاستهلاكية. فرغم انخفاض أسعار جميع السلع والمنتجات تأثراً بالأزمة الاقتصادية، فإن السكر ارتفع سعره بمعدل يقترب من ال 30%، الأمر الذي يتطلب التصدي وحسم هذا الخلل، السكر سلعة استراتيجية والتلاعب به هو لعب بالنار، وعلي الرغم من وضوح الرؤية، نجد أن جهاز المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وجهاز حماية المنافسة يقفان موقف المتفرج دون حراك، واكتفت وزارة التجارة والصناعة بعقد اجتماع للجنة السكر التابعة لها.. مطالبة التجار والصناع والمستوردين بعدم زيادة الأسعار، وكأن "رشيد" علي اقتناع بأن هؤلاء سوف ينفذون، ويقولون: "سمعاً وطاعة" وليسوا يزحفون بكل ما أتوا من قوي لتحقيق الأرباح. وكالعادة سيطرت لغة الاتهامات المتبادلة بين التجار والصناع والمستوردين، فالكل يلقي بالتهم علي غيره، واختلفت أسعار السكر في الأسواق حيث يباع حالياً في المجمعات بأسعار تتراوح ما بين 275 قرشاً و350 مقابل 400 و 450 قرشاً في محلات السوبر ماركت رغم رفع الجمارك عن واردات السكر وتوافر مخزون كبير لدي تجار الجملة "المستوردين" الذين قاموا بشرائه من الخارج قبل 6 أشهر أي قبل زيادة الأسعار المزعومة، حيث بلغت الكمية المستورة حتي نهاية أغسطس 2009 حوالي 306 آلاف و 259 طناً بالأسعار القديمة قبل رفعها مؤخراً، إضافة إلي كميات الإنتاج من الكميات المخزنة في مخازن المصانع وتم بيع 50% منها للتجار بالأسعار الجديدة طمعاً في تحقيق مكاسب كبيرة علي حساب المستهلك فقاموا بتخزين السكر وطرح كميات قليلة منه بالأسواق بأسعار تصل إلي 450 قرشاً للكيلو مقابل صرف 3 كيلو لكل فرد بالمجمعات بسعر 275 قرشاً للكيلو، انتهت الكمية الموجودة بسرعة كبيرة فاستغل التجار ارتفاع أسعار السوق عالمياً وقاموا تلقائياً برفع الأسعار دون مبرر لتحقيق أرباح خيالية علي حساب المستهلك، وطالب تجار التجزئة بضرورة إعلان أسعار السوق المتداولة في الأسواق لمنع أي تلاعب في الأسعار التي يعرضها تجار الجملة بعد احتكارهم كميات كبيرة من مخزون السكر. سعي رشيد من جهته لإيجاد مبرر لجشع التجار والصناع وأكد في تصريحات له أن الأسعار العالمية للسكر ارتفعت بنسبة 160% خلال الشهر الحالي، نتيجة انخفاض محصول السكر في الهند مقارنة بالأشهر الماضية، وقال: إن الحكومة تعمل علي توفير مليون و 200 ألف طن سنوياً للبطاقات التموينية التي ستغطي احتياجات 65 مليون مواطن بمعدل 2 كيلو سكر للفرد بمتوسط سعر 100 قرش حيث يصل سعر الكيلو الأول إلي 60 قرشاً والثاني 140 قرشاً، ولدينا كميات ومخزون لتلبية مختلف احتياجات البطاقات لمدة عام. ويتوقع خبراء الزراعة استمرار أزمة ارتفاع أسعار السكر حتي نهاية العام المقبل، علي أن تنفرج الأزمة في بداية عام 2011، وأكد مصدر مسئول بوزارة التجارة والصناعة، أن صانع الأزمة في الأساس هو شركات السكر الحكومية التي أرسلت خطاباً إلي وزارتي التجارة والصناعة والاستثمار تطالب فيه بزيادة الأسعار، بحجة أن الأسعار العالمية سوف ترتفع خلال الفترة المقبلة، نظراً لنقص محصول قصب السكر في كل من الهند والبرازيل، علي أن تكون تلك الزيادات بشكل تدريجي.. لافتاً إلي أن الشركات قامت بتخزين السكر لديها لإجبار التجار علي الزيادة ومن ثم تقوم هي بزيادة الأسعار. تقول مني ياسين رئيس جهاز المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية: إنه بالرغم من اعتراف القائمين علي الجهاز بوجود زيادة غير مبررة في أسعار السكر بالسوق المحلية، فإنه لا يمكن التحرك بشكل جدي بدون تقدم أي جهة بشكوي رسمية للجهاز يتم التحرك علي أساسها في التحقيقات اللازمة بشأن هذا الموضوع، واصفةً ما يتم حالياً من التجار في السوق بأنه تصرفات أشخاص يستغلون أي حجج لزيادة الأسعار، حيث إن كل واحد منهم يريد تحقيق الأرباح دون النظر إلي ما إذا كانت تلك الارتفاعات مبررة أم لا، لأنه يستغل تجاه الحكومة آليات السوق الحرة، ويدرك أنه لا أحد يستطيع ردعه بصورة كاملة، فالتجار والصناع يستغلون المواقف لإحداث أي زيادة في الأسعار، مؤكدةً أنه لا بد من إعادة هيكلة صناعة السكر في مصر، بحيث نستطيع تحقيق الاكتفاء من السكر في الأسواق دون الاعتماد علي الاستيراد حتي نبطل حجة زيادة الأسعار العالمية، بالإضافة إلي دور المستهلك الذي يكمن في ترشيد الاستهلاك لتقليل الطلب ومن ثم زيادة المعروض وبالتالي إجبار التجار علي خفض الأسعار. وأكدت سعاد الديب عضو مجلس إدارة جهاز حماية المستهلك أن الاتهامات الموجهة للجهاز غير مبررة بشكل كبير، فعلي الرغم من أنه معني بحماية المستهلك فإن القانون لم ينص علي إجراءات خاصة بزيادة الأسعار، فهذه من اختصاص الأجهزة الرقابية.. لافتة إلي أن هذا يعتبر من ضمن قصور القانون، حيث تم طرح الموضوع خلال اجتماع مجلس إدارة الجهاز الأخير، وكان رد سعيد الألفي رئيس الجهاز بأنه لا علاقة لنا بالأسعار. ونوهت الديب بوجود كميات كبيرة من السكر في مخازن الشركات والتجار، وأنه لا صحة لما يتردد حول وجود نقص في السكر بالسوق المحلية وأن تلك الأزمة الحالية مفتعلة من قبل التجار والشركات لزيادة الأسعار. وقال عبد الحميد سلامة رئيس شركة الدلتا للسكر: إن صورة أزمة السكر في مصر قد انقلبت، فبعد أن كانت المشكلة تكمن في زيادة الواردات بصورة حادة نتيجة لهبوط الأسعار العالمية، مما أدي إلي تراكم المخزون لدي الشركات المحلية المنتجة له من البنجر، توقف الآن المستوردون عن استيراده، علي إثر ارتفاع أسعاره عالمياً مقارنة بالسوق المحلية، ونستهلك حالياً في المخزون من المستورد والمنتج. وأضاف سلامة أن سعر السكر عالمياً اتخذ اتجاهاً تصاعدياً منذ بداية العام الحالي، نتيجة لعدة أسباب أهمها العجز الشديد في إنتاج الهند هذا الموسم من كل من قصب السكر والبنجر، وهي الزراعات التي تستخدم في صناعته، خاصة أن تكلفة استيراد طن السكر الخام تصل إلي 3 آلاف جنيه، وإلي أن يصل إلي المستهلك قد يبلغ سعره 3.5 جنيه، في حين أن سعر الكيلو محدد من الدولة ب 3 جنيهات بالنسبة لإنتاج الشركات التي تمتلكها وأهمها شركة السكر والصناعات التكاملية، مما سيعني أن المستورد سيتعرض للخسارة في حالة استيراده، لذلك توقفت الشركات عن الاستيراد، موضحاً أن السكر الفائض حالياً لن يغطي العجز ما بين الاستهلاك والإنتاج سوي 6 أشهر فقط، وأنه بحلول العام المقبل ستواجه مصر مشكلة في تلبية هذه الاحتياجات، خاصة أنه من المتوقع أن يواصل سعر السكر ارتفاعه في الأسواق العالمية.. مشيراً إلي أن حجم الإنتاج سنوياً يصل إلي 1.7 مليون طن في حين أن الاستهلاك يصل إلي 2.7 مليون طن سنوياً. وحتي تتجنب الدولة وجود أزمة في سعر السكر مع بداية العام الجديد، يري سلامة ضرورة بدء استيراد كميات مناسبة من السكر الخام خلال الأشهر المقبلة، وتخزينها " لتلبية الاحتياجات عند صعود الأسعار بنسبة كبيرة"، كما قال ناصحاً بأن تعطي الحكومة الضوء الأخضر للمستوردين من خلال الإعلان عن سعر السكر في السوق المحلية يغطي التكلفة، ويسمح بوجود هامش ربح لهم. وقال سلامة: إنه بالرغم من قرار وزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد بشأن إلغاء الرسوم المفروضة مؤقتاً علي واردات السكر الأبيض المكرر، فإن الأزمة التي أوجدتها الفجوة ما بين احتياجات الاستهلاك وحجم الإنتاج قد تستمر، وإن قرار الوزير لن يدفع المستوردين إلي استيراد السكر لأن سعره في السوق العالمية بدون الرسوم أعلي من سعره في السوق المحلية.. مشيراً إلي أن إنتاج المصانع في مصر بالإضافة إلي المستورد المخزون لن يكفي احتياجات الاستهلاك أكثر من 6 أشهر حتي يناير المقبل، مضيفاً أن التوقعات تشير إلي أن سعر السكر عالمياً سيواصل الصعود، خاصة أن تبعات الأزمة الاقتصادية ستبدأ في التحسن، وأن كثيراً من المزارعين في البرازيل - أكبر منتج في العالم للسكر- يتجهون إلي تصنيع الوقود الحيوي المعروف بالإيثانول من القصب وهو الخامة الأساسية للإنتاج. وأكد سلامة أن قرار الوزير جاء بعد توقف التجار عن استيراد السكر بعد الزيادات المتواصلة في أسعاره في السوق العالمية، حيث وصل الطن إلي ما يوازي ال 3 آلاف جنيه، مقابل 2800 جنيه في السوق المحلية مما يعني تكبدهم خسائر في حالة استيراده بدون إضافة 500 جنيه كرسوم، ويقف صعود الأسعار العالمية وراء الأزمة المتوقعة في السكر حيث تعاني مصر فجوة بين الاستهلاك الذي يصل إلي 2.7 مليون طن سنوياً، والإنتاج الذي يصل إلي 1.7 مليون طن، مما يعني أنها مضطرة إلي تغطية نحو مليون طن عبر الواردات. وقال حسن الفندي عضو شعبة السكر والحلوي باتحاد الصناعات: إن مصانع إنتاج الحلوي، والبونبون ستلجأ إلي رفع أسعار البيع للتجار والمستهلكين لتعويض خسائرها، خاصة أن السكر يمثل ما يزيد علي 55% من نسبة المكونات بما يحد من قدرة المصانع علي استيعاب تلك الزيادة. وأوضح أن الزيادة قد تصل في المتوسط إلي 600 - 700 جنيه في الطن ( 7 قروش للكيلو).. مبدياً قلقه من أن تتسبب في استمرار حالة الركود التي يمر بها القطاع، وأن هناك مصانع بالفعل قامت بزيادة الأسعار كمصانع المياه الغازية والحلاوة الطحينية وغيرها. ولفت الفندي إلي أن أسعار بيع السكر الخام لمصانع الحلوي غير مستقرة ومتفاوتة، وقد تصل نسبة الفارق بين شركة وأخري إلي 250 جنيه نظراً لحجم المخزون بالشركة وسياستها التسعيرية.. مؤكداً أن جميع التعاقدات التي تتم في السوق حالياً يومية، ولا توجد تعاقدات طويلة الأجل لتخوف كلا من الطرفين سواء منتج السكر الخام أو مصنع الحلوي من تحقيق أي خسائر في ظل عدم استقرار حالة البورصة، منتقداً تعامل لجنة السكر مع الأزمة.. مشيراً إلي فشلها في إلزام الشركات بالأسعار التي أعلن عنها خلال اجتماعاتها، بما أدي إلي وجود أكثر من سعر بيع في السوق.