يواصل الكاتب عمار على حسن سرد أحداث الحلقة العاشرة من روايته «آخر ضوء».
انحسر النور عن الزنزانة، وبدت السطور أكثر غموضًا. كان ما قرأته طيلة الساعات التى أعقبت حديثى مع «أبوشوشة» يحكى عن أيام بائسة لطفل تعصره ظروف قاسية، وغلام بارع فى كتم أشواقه إلى (...)
يواصل الكاتب عمار على حسن سرد أحداث الحلقة الثامنة من روايته «آخر ضوء».
كنا قد سرنا نحو خمسمائة متر على الأقل، وسمعنا نداء من أحد مساعدى الضباط، فأمرنا الضابط، الذى يسوقنا، أن نتوقف، ففعلنا. ولما وصل المساعد يلهث مال على الضباط، وهمس فى أذنه، بينما (...)
يواصل الكاتب عمار على حسن سرد أحداث الجزء الرابع من رواية «آخر ضوء».
لم أكن أفعل ما أفعله كى أرضيها أو ألفت انتباهها، لكن كان يروق لى أن ترى فعلى، بعد أن تسمع قولى، لتدرك، على الأقل، أننى لا أدور فى فراغ مثل بعض زملائنا الذين يتسكعون على سلالم (...)
غُربة
فى الميدان الذى يتوسط مدينتى، التى بدورها تتوسط بلدنا، وهو قلب العالم على كل حال، كنت واقفًا حين رأيت الأرض ترتفع على مهل، ثم تسرع، وتصير مُعلَّقة فى الهواء. لم أدْرِ وقتها ماذا علىَّ أن أفعل كى أعود إلى بيتى، فإن قفزت فلن أبلغ طرف الأرض، وإن (...)
كنا نضحك حين كنا نرى «مُعوض» يمشى على مهل أمام جاموسته ليس بينه وبينها سوى رسن غير متين، وأيام من العشرة الحسنة والتفاهم. كان ضحكنا لأنه لنا مثل صارخ على الانقطاع عن الدنيا بأكملها، فى سبيل المسافة القصيرة بين بيته الخفيض، وحقله الضيق.
تذكرته وأنا (...)
صحف
كلما كتبوا شيئًا ردوه إليهم، حتى كلت أقلامهم فصدأت، وضاعت الحروف من رؤوسهم، فجلسوا صامتين، بينما المطابع تلح فى طلب ما لديهم.
مر الوقت وهم على حالهم، فصدرت الصحف فى اليوم التالى بيضاء، لا شىء فيها، فأدرك الناس الرسالة وتسابقوا إلى باعة الجرائد، (...)
كلما رفعوا اللافتة ليعلقوها على جدار يراه القادمون من الشارع الطويل سقطت على الأرض. حين تمكنوا بعد تعب شديد من نصبها، فوجئوا باختفاء الصورة المرسومة والكلمات المكتوبة تحتها. تلفتوا حولهم فرأوا الألوان والحروف تدهسها أقدام العابرين وإطارات السيارات (...)
أتي علينا زمن يكتب فيه أناس أضعافا مضاعفة لما يقرأون، ويتيهون بامتناعهم عن القراءة أو ضآلتها علي ما عداهم من الكُتَّاب، متوهمين أن البديهة وحدها، أو الموهبة منفردة، بوسعها أن تكون كافية شافية كي تصنع كاتبا يدوم.
أفهم أن تعطي الفطرة السليمة، والقريحة (...)
أتي علينا زمن يكتب فيه أناس أضعافا مضاعفة لما يقرأون، ويتيهون بامتناعهم عن القراءة أو ضآلتها علي ما عداهم من الكُتَّاب، متوهمين أن البديهة وحدها، أو الموهبة منفردة، بوسعها أن تكون كافية شافية كي تصنع كاتبا يدوم.
أفهم أن تعطي الفطرة السليمة، والقريحة (...)
ذات صباح بارد من شهر أكتوبر 1973 أدخلت نفسي المدرسة، ليخرجني أبي منها بعد خمس سنوات، فيعيدني أحد المدرسين إليها، برغبة مني، ولو أن عزيمته تراخت في إرجاعي، أو استسلمت أنا لضغط أبي، وكان ذا جبروت علينا، لتغير مسار حياتي تمامًا، فلم أزد عن أن أكون (...)
ذات صباح بارد من شهر أكتوبر 1973 أدخلت نفسي المدرسة، ليخرجني أبي منها بعد خمس سنوات، فيعيدني أحد المدرسين إليها، برغبة مني، ولو أن عزيمته تراخت في إرجاعي، أو استسلمت أنا لضغط أبي، وكان ذا جبروت علينا، لتغير مسار حياتي تمامًا، فلم أزد عن أن أكون (...)
تحتاج رواية الكاتب المصري محمد موافي «حكاية فخراني» (دار الشروق- القاهرة) إلى يقظة تامة من قارئها، حتى يستطيع أن يستخلص الحكاية الذائبة في بحر مديد من لغة عميقة، تلفت إلى ذاتها، بحيث تنهل من قاموس ثري، وتصنع صوراً تستحق التوقف عندها، ولا تكل ولا تمل (...)
لم تكتف الكاتبة المصرية نهلة كرم بذكر الموت، من حيث طقوسه وأحواله وآثاره وهواجسه وفواجعه وروادعه، ففي القصة التي حملت عنوان المجموعة «الموت يريد أن أقبل اعتذاره» (العين). بل إن الموت، بغموضه وشجونه وتساؤلاته المفتوحة، يحضر بطلاً في معظم القصص (...)
حافظ الكاتب المصري سعيد نوح في مجموعته القصصية «كشك الأورام» (دار بتانة، القاهرة) والتي فازت أخيراً بجائزة ساويرس، على طريقته التي اعتدناها في السرد، حيث يكسر عبر عشرين قصة تحويها المجموعة كثيراً مما هو مألوف في تقنيات الكتابة القصصية، ويسعى وراء (...)
لن ألقاه بعد اليوم جالساً في مقهى «البستان» كواحد من أشهر علامات وسط القاهرة، وأكثر زبائن هذا المقهى الذي يرتاده المثقفون إخلاصاً للمكان والناس، فالموت غيّب الأديب المصري مكاوي سعيد بغتة، ولم يمهله كي ينهي روايته الجديدة، التي قطع فيها شوطاً لا بأس (...)
لا نعرف يقيناً الأسباب التي تجعل الذاكرة الأدبية والثقافية تُسقط في مسارها الطويل من حسبانها كتاباً، وتبقي آخرين. وهناك سؤال جوهري في هذا المقام: هل هناك ارتباط شرطي بين الموهبة والذيوع؟ أو حتى بين غزارة الإنتاج والصيت؟ ربما لا يجيب كتاب الشاعر (...)
خرج فجأة من قطعة العتمة الراقدة تحت الجدران العالية، التي تظلل بائعة الجرائد البدينة في شارع «قصر العيني»، هكذا وجدناه أمامنا واقفًا يلهث دون أن نعرف من أين أتى. ولمَّا خلص إليه الضوء الذي ينبعث من لمبات الشارع، انكسر على وجهه الحليبي المتشرب حمرة (...)
يُمثّل ما جرى في قطاع البترول والثروة المعدنية أحد أوْجه حالة الفساد المُقنن والمنظم التي جرت في مصر طوال الأربعين عامًا الماضية، وأهدرتْ الكثير من الموارد والأموال، وأضاعت على الدولة فرصًا حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية .
ومن يُمعن النظر (...)
يكاد النسيان أن يطوي "عالم الدين" الذي يتدفق الدم إلى وجهه، وينضح العرق من كل مسام جلده غزيرا، حين يأتي على ذكر أمر يخص ثقافة الجنس وممارسته، مستجيبا لسؤال مباغت من أحد المتحلقين حوله، وينصتون في إمعان إلى عظته، ويلملمون كل ما يجود به لسانه من (...)
لن يكون "فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب" وغيرها مواقع آمنة لأصحاب الآراء السياسية الحادة، خاصة أولئك الذين يسخرون من السلطة العليا، أو يردون بقوة على مزاعمها، أو يفضحون بعض خططها التي تريد تسويقها بليل لتضمن مرورها في صمت تام، وسلام عام علي أهل الحكم، (...)
مع التفاوت الطبقي المتصاعد في بلادنا، بفعل الظلم الاجتماعي، والفساد الإداري، والاستبداد السياسي، أجد نفسي في هذا المقام بحاجة ماسة إلى مراجعة بعض الأفكار الدينية التي يتم استغلالها في تبرير الوضع القائم على ما فيه من اعتوار واعتلال وسخف. ولعل الفكرة (...)
من يطالع رواية الكاتبة المصرية عزة كامل «نسب» (دار بتانة) والتي أصدرتها بعد ثلاث مجموعات قصصية لافتة، يجد نفسه مطارداً بسؤال عما دفعها إلى خوض هذه التجربة، التي تحول فيها التاريخ إلى مادة فنية، لكن حضوره كان طاغياً على مقدار المصادر التي عادت إليها، (...)
هو الوحيد فى القرية كلها الذى كان لا يعرف ما يجرى فى بيته من خلف ظهره. يمشى فى الشوارع شامخًا بأنفه، وكرشه أمامه مترًا، وطرف عينه اليمنى يحط على فوهة بندقيته الميرى المعلقة فى كتفه، بينما يلمح طرف عينه اليسرى الجالسين على المصاطب،
وعتبات البيوت (...)
لم ينقطع وجود اليهود بشراً وديناً وطقوساً عن الأدب المصري الذي طرح هذه المسألة بنسبٍ متفاوتة وطرائق مختلفة. عند نجيب محفوظ، ارتبطت صورة يهود مصر بالمسرّة واللذة الجسدية، فيما احتل اليهود في أدب إحسان عبدالقدوس موقعاً عريضاً نسبياً، دفع الباحث رشاد (...)
في رواية «شيطان صغير عابر» (المحروسة) للمصري محسن عبدالعزيز، نقابل بطلاً بذاكرةٍ لا تسعفه في استحضار وجه أمه التي غيَّبها الموت وهو صغير، غير أنّها تستدعي في المقابل تفاصيل دقيقة عن شخصيات ومواقف ومشاهد من زمن بعيد. تجتمع هذه التفاصيل لتصنع في (...)