محافظ الغربية يستقبل المهنئين ب عيد الأضحى    رسميا.. اعتماد فلسطين عضو مراقب بمنظمة العمل الدولية    تحالف الأحزاب عن القائمة الوطنية ل انتخابات مجلس الشيوخ: اجتهادية    أول أيام العيد.. سعر الذهب اليوم الجمعة 6-6-2025 في مصر الآن    جبر الخواطر.. محافظ القليوبية يشارك الأيتام فرحة عيد الأضحى ويقدم لهم الهدايا    سعر كيلو السكر فى السوبر ماركت اليوم الجمعة    المناخ يهدد المواشي.. فهل يصبح الأضحى بلا أضحية؟    «السياحة» تُشكّل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى والمخالفات خلال عيد الأضحى    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    من الصداقة إلى العداء: كيف انهارت علاقة ترامب وماسك في أسبوع واحد؟    نيوم السعودي يستهدف ضم الجزائري رياض محرز فى الميركاتو الصيفى    ناصر.. روبن هود الزمالك الذي حارب النسيان    حجاج بيت الله الحرام يؤدون طواف الإفاضة في أجواء إيمانية    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    "الطفطف" ينشر البهجة بين زوار الحديقة الدولية فى أول أيام العيد    "بيصبح علينا العيد".. أغنية جديدة لوزارة الداخلية في عيد الأضحى    تعرف على ورش المهرجان القومي للمسرح بدورته ال 18 في الإسكندرية    خاف من نظرات عينيه وبكى بسبب أدائه.. هكذا تحدث يوسف شاهين عن المليجى    محافظ الدقهلية يزور دار المساعى للأيتام بالمنصورة: "جئنا نشارككم فرحة العيد"    رسائل تهنئة عيد الأضحى 2025 مكتوبة وجديدة للأهل والأصدقاء    وفاه الملحن الشاب محمد كرارة وحالة من الحزن بين زملائه ومحبيه    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    نائب وزير الصحة يواصل جولة تفقدية لعدد من منشآت الرعاية الأساسية بالقاهرة    «لو مبتكلش اللحمة»..طريقة عمل فتة مصرية بالفراخ    حبس المتهم بقتل شاب يوم وقفة عيد الأضحى بقرية قرنفيل في القليوبية    فى أول أيام عيد الأضحى.. إقبال متوسط على شواطئ الإسكندرية    نانسي نور تغني لزوجها تامر عاشور في برنامج "معكم منى الشاذلي"|فيديو    تركي آل الشيخ يطرح البرومو الدعائي لفيلم "The seven Dogs"    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    إيطاليا تلتقي النرويج في مباراة حاسمة بتصفيات كأس العالم 2026    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    ماذا يحث عند تناول الأطفال لحم الضأن؟    «وداعًا للحموضة بعد الفتة».. 6 مكونات في الصلصة تضمن هضمًا مريحًا    مقترح ويتكوف| حماس تبدي مرونة.. وإسرائيل تواصل التصعيد    أحمد العوضى يحتفل بعيد الأضحى مع أهل منطقته في عين شمس ويذبح الأضحية    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    محافظ الشرقية يلتقط صور تذكارية مع الاطفال بمسجد الزراعة بعد أداء صلاة العيد    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    80 ألف فلسطيني يؤدون صلاة العيد في المسجد الأقصى    الونش: الزمالك قادر على تحقيق بطولات بأي عناصر موجودة في الملعب    إقبال ملحوظ على مجازر القاهرة في أول أيام عيد الأضحى المبارك    سرايا القدس تعلن تفجير آلية عسكرية إسرائيلية بعبوة شديدة الانفجار في خان يونس    خطيب عيد الأضحى من مسجد مصر الكبير: حب الوطن من أعظم مقاصد الإيمان    بالصور.. محافظ الجيزة يقدّم التهنئة لأطفال دار رعاية الأورمان بالجيزة    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    فرحة العيد تملأ مسجد عمرو بن العاص.. تكبيرات وبهجة فى قلب القاهرة التاريخية    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    الرئيس السيسي يشهد صلاة عيد الأضحى من مسجد مصر بالعاصمة الإدارية| صور    الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على الانتقادات    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    «3 لاعبين استكملوا مباراة بيراميدز رغم الإصابة».. طبيب الزمالك يكشف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليهود في الأدب المصري ... حنين أم رفض؟
نشر في نقطة ضوء يوم 19 - 12 - 2016

لم ينقطع وجود اليهود بشراً وديناً وطقوساً عن الأدب المصري الذي طرح هذه المسألة بنسبٍ متفاوتة وطرائق مختلفة. عند نجيب محفوظ، ارتبطت صورة يهود مصر بالمسرّة واللذة الجسدية، فيما احتل اليهود في أدب إحسان عبدالقدوس موقعاً عريضاً نسبياً، دفع الباحث رشاد عبدالله الشامي (مختص بالدراسات الإسرائيلية) إلى أن يقدم، قبل ربع قرن، كتاباً في عنوان «صورة المرأة اليهودية في أدب إحسان عبدالقدوس». وثمة أعمال نثرية مبكرة حول القضية ذاتها لتوفيق الحكيم وإبراهيم عبدالقادر المازني، إضافة إلى أبيات شعرية لأحمد شوقي وحافظ إبراهيم. لكنّ الوجود اليهودي عاد في الآونة الأخيرة ليشكّل ظاهرة في الأدب المصري لا ينبغي أن تمضي من دون رصد وتحليل. واللافت أن السرد الجديد تخلص من تأثير قيام إسرائيل وحروبها ضد العرب، على أدب المصريين في الفترة المترواحة بين 1948 و1979، خصوصاً في أعمال يوسف القعيد وجمال الغيطاني وفؤاد حجازي وغيرهم.
ذهب الراحل فتحي غانم إلى ما هو أبعد، حين اتخذ من إحدى القرى التي تقع على مقربة من القدس مكاناً لروايته «أحمد وداود»، فيما دارت روايتا صنع الله إبراهيم «أمريكانللي»، وعلاء الأسواني «شيكاغو» في الولايات المتحدة الأميركية، حيث نقع على شخصيات يهود، تقودنا إلى التمييز بين اليهودية والصهيونية. أما إبراهيم عبدالمجيد فكتب في روايته «طيور العنبر»، عن راشيل اليهودية التي غادرت الإسكندرية عام 1956، بعد قصة حب فاشلة. وربما لأنها كانت تنأى بنفسها عن السياسة، فلم يقع عليها، عبر النص الروائي، أي من حمولات الشك والتخوين والنبذ التي ظهرت في روايات أخرى. بل إن الرواية لم تكن تحبذ خروج اليهود من مصر أصلاً، لا سيما من الإسكندرية كمدينة كوزموبوليتية حضت كلّ مركبات المجتمع التعددي.
وإذا رصدنا المنتج الأدبي الحالي، نلاحظ أن روايات كثيرة صدرت في السنوات الأخيرة تعالج قضية الوجود اليهودي في مصر، هي: «أيام الشتات» لكمال رحيم و «سانتا تريزا» لبهاء عبدالمجيد، و «آخر يهود الإسكندرية» لمعتز فتيحة، و «حد الغواية» لعمرو عافية و «يهود الإسكندرية» لمصطفى نصر.
ركّز فتيحة مثلاً في روايته «آخر يهود الإسكندرية» على التعايش والتعددية الدينية التي كانت قائمة بين المسلمين والمسيحيين واليهود خلال أربعينات القرن العشرين، عبر قصة حب بين مسلمة ويهودي. على النقيض، دارت رواية «حدّ الغواية» حول قصة حب بين يهودية ومسلم، وهي في مضمونها تنأى عن المقولات الجاهزة والشخصيات المكرورة في الأدب المصري.
وقد أظهر كمال رحيم تعاطفاً نسبياً مع الشخصية اليهودية في روايته، متمرداً أيضاً على صورة «اليهودي» النمطية في الأدب والسينما. وتناولت «سانت تريزا» جانباً من حياة اليهود في مصر، مع المسلمين والأقباط، عبر شخصية لوكا، صاحب «أتيلييه» للملابس الذي جاء من اليونان إلى القاهرة ولم يرحل مع الذين ذهبوا إلى إسرائيل، غير أنّ العمل يصوّر حالة الضغينة بين المسيحيين واليهود، اتكاءً على الخلاف التاريخي بينهم.
أما رواية «يهود الإسكندرية» (مكتبة الدار العربية للكتاب) فتمزج التخييل بالتاريخ. ويعدّ كاتبها مصطفى نصر هو الأكثر تناولاً للموضوع في اتساعه وعمقه عبر التاريخ. تعرض الرواية شخصيات يهودية عاشت في الإسكندرية، راصدةً علاقاتها وتصوراتها وأحلامها، عبر مساحة زمنية طويلة.
تبدأ الرواية عام 1862 مع الخديوي سعيد، حاكم مصر وقتذاك، وعلاقته بحلاق الصحة اليهودي (جون)، الذي تمكن من مداواته، فقرَّبه منه، ومنحه أراضي كثيرة، فيبدأ أقرباؤه بالتآمر عليه، بل إن بعضهم راودَه حلم بأن يجعلها منطقة استثمارية، وبعضهم الآخر زادَ في حلمه، فأراد أن يجعلها وطناً بديلاً لليهود. وبالفعل أقاموا مجتمعاً خاصاً عليها، وتناسلت الأحلام منداحة في حارات يهود الإسكندرية، بل انتقلت إلى سائر مدن مصر، لتختمر فكرة قتل جون وإقامة ضريح له يصبح مزاراً لليهود من شتى أنحاء العالم. ومن ثمّ تمضي الرواية في الزمن عبر أجيال متلاحقة، نصل معها إلى الزمن المعاصر، لتظهر شخصية أنور السادات - في الجزء الثاني - الذي يتصل بأحد التجار اليهود بغية الحصول على قنابل يدوية للثوار المناهضين للإنكليز. وحين يغدو رئيساً للجمهورية في ما بعد، يلتقي بابنة ذاك التاجر (جوهرة)، التي ربطته بها علاقة طيبة، فيدعمها لتصير من أهم سيدات الأعمال، قبل أن تنزلق إلى تجارة العقارات والمخدرات... ثم تحاول استعادة قبر جون لتحويله إلى مزار سياحي يقصده كل اليهود الذين صاروا «يخرجون بالشموع ليلاً للاحتفاء به»...
تنبش الرواية في سلوكات اليهود عبر الزمن، من خلال التقاط نماذج بشرية يغلب عليها الجشع والطمع. بهذا، يعيد الكاتب مرة أخرى تكريس الأدب لصورة اليهود النمطية التي حاول بعض الأدباء التمرد عليها، وإعادة صوغها في حالة حنين، ليس إلى زمن اليهود في مصر، بل إلى مجتمع مصري منفتح، يعانق التعددية ويرفض التعصب الأعمى. لكنّ رؤية نصر التقليدية لا تحمل نزعة انتقامية من اليهود، بل تعبر عن حالة انشغال عام بالتاريخ الاجتماعي الحديث والمعاصر لمصر، الذي كان اليهود يشكلون جزءاً مهماً منه لا يمكن تجاهله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.