حارس إسبانيول على أعتاب برشلونة.. وشتيجن في طريقه للخروج    مستشفى الأطفال بجامعة أسيوط تنظم حفلًا ترفيهيًا بعيد الأضحى    في أسبوعان فقط.. تامر حسني يجني 30 مليون مشاهدة بكليب "ملكة جمال الكون"    أبرزهم إريكسن.. مانشستر يونايتد يعلن رحيل 10 لاعبين    حاكم ولاية كاليفورنيا يلوّح مجددًا بمقاضاة ترامب    العثور على 10 جثامين يشتبه أنهم مهاجرين غير شرعيين على شاطئ مطروح    بعد ارتفاع عيار 21 .. تعرف علي سعر الذهب اليوم في مصر بالتعاملات المسائية    مع اقتراب موعد زفافه.. ما لا تعرفه عن حفيد الزعيم عادل إمام    أحمد سعد يتألق في حفل العيد ببورتو العلمين.. ويستعد لجولة غنائية    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يحيل ممرض للتحقيق بسبب روشتة علاج خارجية    إحالة العاملين بالوحدة المحلية لقرية البغدادي بالأقصر للتحقيق لتدني مستوى النظافة    وكيل الشباب والرياضة بالقليوبية يشهد احتفالات مبادرة «العيد أحلى»    الصحة: حملات وقائية على المنشآت السياحية وأماكن تقديم الطعام خلال العيد بمطروح    رونالدو يحتفل بتتويج البرتغال بكأس الأمم الأوروبية مع جورجينا.. صورة    إقامة سرادق عزاء لشهيد الشهامة على مساحة 1 فدان فى مسقط رأسه بالدقهلية    الاحتلال يواصل هدم المنازل في مخيم طولكرم تزامنا مع مواصلة عدوانه لليوم ال134 تواليا    العاهل الأردني: إطلاق مبادرات العقبة للاقتصاد الأزرق والمركز العالمي لدعم المحيطات    تسريبات : شجار عنيف اندلع بالأيدي بين إيلون ماسك ووزير الخزانة الأمريكي في البيت الأبيض    حضور جماهيري كبير في احتفالات عيد الأضحى بثقافة الشرقية    بعد رفضه الكشف على مُسِنّة ووفاتها.. تفاصيل إغلاق وتشميع عيادة «طبيب قنا» (فيديو وصور)    في رابع أيام عيد الأضحى.. طريقة عمل دبابيس الفراخ بصوص ساور كريم    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين فى حادث بالدقهلية    آخر موعد لتقديم الأضحية.. وسبب تسمية أيام التشريق    حزب العدل: انتهينا من قائمة مرشحينا للفردي بانتخابات مجلس الشيوخ    33 يومًا من الزهد الروحي.. رحلة صوم الرسل في الكنيسة القبطية    الدوائر الانتخابية لمجلس الشيوخ الفردي والقائمة بعد نشرها بالجريدة الرسمية    موعد إجازة رأس السنة الهجرية.. تعرف على خريطة الإجازات حتى نهاية 2025    مواعيد عمل المتاحف والمواقع الأثرية في عيد الأضحى 2025    ما حكم صيام الإثنين والخميس إذا وافقا أحد أيام التشريق؟.. عالم أزهري يوضح    من الشهر المقبل.. تفاصيل زيادة الأجور للموطفين في الحكومة    الأمين العام لحلف "الناتو" يدعو إلى زيادة قدرات الحلف الدفاعية الجوية والصاروخية بنسبة 400%    في عيد الأضحى.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول الكرشة؟    اعتماد كامل لعيادات الأطفال أبو الريش من هيئة الاعتماد والرقابة الصحية    التحالف الوطنى بالقليوبية يوزع أكثر من 2000 طقم ملابس عيد على الأطفال والأسر    تزامناً مع ترؤس "جبران" الوفد الثلاثي لمؤتمر العمل الدولي بجنيف.. 8 حيثيات تؤكد امتثال مصر للمعايير الدولية    دار الإفتاء تنصح شخص يعاني من الكسل في العبادة    حقبة تشابي ألونسو.. ريال مدريد يبدأ استعداداته لكأس العالم للأندية 2025    الجامعات المصرية تتألق رياضيا.. حصد 11 ميدالية ببطولة العالم للسباحة.. نتائج مميزة في الدورة العربية الثالثة للألعاب الشاطئية.. وانطلاق أول دوري للرياضات الإلكترونية    متحدث حزب شاس الإسرائيلي: سنصوت يوم الأربعاء لصالح حل الكنيست    ارتفاع كميات القمح الموردة لصوامع وشون الشرقية    ياسمين صبري تساعدك في التعرف على الرجل التوكسيك    غرق طفلة وإصابة شقيقتها ووالدتها إثر انهيار سقف ترعة في العدوة بالمنيا    ترامب يتعثر على درج الطائرة الرئاسية.. وروبيو يتبع خطاه    د.عبد الراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "13 " .. حقيقة الموت بين الفلسفة والروحانية الإسلامية    الحكومة تبحث إقرار زيادة جديدة في أسعار شرائح الكهرباء سبتمبر المقبل    دعاء الخروج من مكة.. أفضل كلمات يقولها الحاج في وداع الكعبة    توتر بين عائلة العندليب و«موازين» بعد إعلان حفل بتقنية الهولوجرام    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بمبادرة الكشف المبكر عن السرطان    حظك اليوم الأثنين 9 يونيو 2025 وتوقعات الأبراج    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 9-6-2025 صباحًا للمستهلك    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    وداع بطعم الدموع.. الحجاج يطوفون حول الكعبة بقلوب خاشعة    استعدادا لامتحان الثانوية 2025.. جدول الاختبار لطلبة النظام الجديد    إصابه قائد موتوسيكل ومصرع أخر إثر إصطدامه به في المنوفية    6 مواجهات في تصفيات كأس العالم.. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    «بخلاف كون اللقاء وديا».. ريبيرو يكشف سبب عدم الدفع بتشكيل أساسي ضد باتشوكا    «عايز يضيف».. ريبيرو يتحدث عن انضمام زيزو إلى الأهلي    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الثقافة الجنسية" على الفضائيات الدينية... من هبة قطب إلى القرضاوي
نشر في مصراوي يوم 02 - 08 - 2017

يكاد النسيان أن يطوي "عالم الدين" الذي يتدفق الدم إلى وجهه، وينضح العرق من كل مسام جلده غزيرا، حين يأتي على ذكر أمر يخص ثقافة الجنس وممارسته، مستجيبا لسؤال مباغت من أحد المتحلقين حوله، وينصتون في إمعان إلى عظته، ويلملمون كل ما يجود به لسانه من تأويلات وتفسيرات وسرد حكايات وإسداء نصائح وإرشادت عن العقيدة والعبادات والمعاملات.
لا يعني هذا أن كل منتجي الخطاب أو الرسالة الدينية كانوا في الماضي يقطرون حياء في مواقف كهذه، لكن عيش أغلبهم في مجتمعات محافظة مغلقة أوصد نوافذ عدة أمامهم للحديث البراح والمستريح في هذا الشأن، وجعل الطلب عليه شحيحا لدى أناس يعتبرون الجنس سرا دفينا، وهم إن تجاذبوا أطراف الحديث حوله في التجمعات الذكورية فلا يحتاجون في حديثهم هذا رأي الدين إنما إطلاق العنان للخيال في عرض مظاهر الفحولة، وإن تناولته الإناث في جلساتهن الخاصة فمن قبيل المباهاة بالقدرة على الغواية واصطياد الرجال وإمتاعهم.
لكن ثورة الاتصال الرهيبة نقلت ما كانت مجتمعاتنا تتهامس به عن الجنس إلى مجال مفتوح بلا حدود ولا سدود للتداول بجرأة بالغة، ورغبة محمومة في تحطيم "التابو" المتعلق به، وفضح المسكوت عنه في كل ما يخصه. فقد أتاحت الفضائيات والمواقع الإلكترونية، التي تتناسل بلا هوادة، لكثيرين، رجالا ونساء، أن يطرحوا ما عَنَّ وطاب لهم من أسئلة عن الجنس بلا خجل، مستترين خلف أسماء مستعارة أو ناقصة لا تدل على هوية المتكلم أو عنوانه. ولم يكن هناك مفر أمام علماء الدين وفقهائه من الاستجابة لهذا التحدي، الذي خلقته أسئلة واستفسارات واستفهامات موجهة إليهم، شأنهم في هذا شأن الأطباء والإخصائيين النفسيين والاجتماعيين.
وعلى الوجه الآخر أصبح لدى منتجي الرأي الديني والفتوى وسيلة توفر لهم اتصالا غير مباشر بجمهورهم العريض، حيث يتلقون الأسئلة حول الجنس ويجيبون عليها، عبر الأثير، الأمر الذي يحميهم من أي خجل قد يترتب على علاقة "الوجه للوجه"، ولديهم في الوقت نفسه ثلاثة أسباب ظاهرة تجعلهم يقبلون على الخوض في هذا الموضوع، يمكن ذكرها على النحو التالي:
1 مبرر فقهي: ينطلق من أنه "لا حياء في الدين" ويحيل إلى أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يتحدث عن الأمور التي تخص المعاشرة والنكاح مع أصحابه إن سألوه عنها، وكان يحيل ما تريد النساء أن يستفهمن عنه في هذا الشأن إلى زوجته السيدة عائشة، التي نقلت إليهن الرأي الديني الصائب، ومن هنا جاء الإسناد دوما إلى حديث منسوب للرسول يقول: "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء" قاصدا بها أم المؤمنين عائشة.
2 مبرر إنساني: فالسؤال عن الجنس والانشغال به مسالة لا مفر منها لأنه غريزة طبيعية، ولولا هذا ما حافظ الإنسان على وجوده في الحياة. والدين مصدر أصيل للمعرفة عند الأغلبية الكاسحة من البشر، لاسيما في بلاد الشرق، ولأن مساره يجمع بين الروحي والمادي، وبين الدنيوي والأخروى، فإن الإجابات على أسئلة الجنس من خلال الدين تصبح أكثر إقناعا للقاعدة العريضة، أو بمعنى أدق أكثر طمأنينة لنفوسهم، حين يرومون الالتزام ب"الحلال" والابتعاد عن "الحرام".
3 مبرر تجاري: فالفضائيات ليست مشروعا رساليا خاصا، لاسيما المملوكة لأفراد، إذ يسعى أصحابها إلى الربح، أو على الأقل تغطية نفقاتها من دون زيادة ولا نقصان، ومن ثم فإن الإعلانات التجارية تشكل أهمية قصوى بالنسبة لها. ويحتاج جلب أكبر عدد من الإعلانات إلى برامج جاذبة للجمهور، حتى يمكن لمنتجي السلع والخدمات أن يطرحوا إعلاناتهم فيها وهم مطمئنون إلى أنها ستصل قاعدة شعبية عريضة، وذلك وفق قاعدة "العرض والطلب" الراسخة. وبالطبع فلا يوجد ما هو أكثر جاذبية من الحديث في الجنس. ويمتد هذا المبرر التجاري إلى مقدمي البرامج أو ضيوفها أيضا، إذ إن الحديث عن الجنس يفتح بابا وسيعا للشهرة، التي يسعى إليها كثير من شيوخ الدين، الأمر الذي يدل عليه افتعالهم لمشكلات عويصة أحيانا، أو انخراطهم في أي جدل يحظى بإقبال اجتماعي عميق وواسع النطاق.
4 مبرر اجتماعي: فالمجتمعات العربية تعاني من زيادة معدل العنوسة وتأخر سن الزواج لأسباب اقتصادية في الغالب الأعم، وكذلك ارتفاع نسب الذين يعانون من العجز الجنسي نتيجة إدمان المخدرات. ويحدث هذا في ظل انفتاح تام على العالم من خلال السفر الدائم للسياحة والتسوق والبعثات التعليمية وكذلك الإنترنت والفضائيات التي حولت العالم برمته إلى "حجرة صغيرة". وهذا الأمر خلق وضعا ضاغطا بشدة على أعصاب المجتمع، مما أدى إلى وقوع انفجارات جنسية متوالية تتراوح بين التحرش والاغتصاب والبحث عن طرق تحايلية مشرعنة لتصريف الطاقة الجنسية الحبيسة كالزواج العرفي وزواج المسيار، وطرق أخرى غير مشرعنة مثل البغاء.
وهذا الوضع الاجتماعي الصعب يفتح بابا لتدخل الدين من زاويتين، الأولى هي خوف علماء الدين من الانحلال واعتباره ترجمة لفشل مهمتهم في الحياة، والثاني هي سعي الناس أنفسهم إلى ما يرطب ضمائرهم أو يرضيها من ناحية التفكير في الجنس أو محاولة إشباعه، حيث يحتاجون إلى من يرسم لهم الحدود التفصيلية والفرعية بين "اللمم" و"الحرام". وحتى لو كان كل هذا "بَيِّن" ولا يحتاج إلى نقاش وجدل، فإن أغلب الناس، لاسيما في حال الاستهواء، يصبحون بحاجة ماسة إلى رأي شخص يثقون فيه، أو يستعملونه أداة لترضية أنفسهم، أو تعزيز وجهتهم أو قرارهم الذي اتخذوه بالفعل، ولذا يلجؤون إلى منتجي الخطاب الديني، لعل لديهم الفتوى والسلوى.
لكل هذا وجدنا بعض الفضائيات تخصص برامج كاملة للحديث عن القضايا الجنسية، مثل تلك التي تقدمها المصرية الشهيرة د. هبة قطب، وهي إن لم تكن عالمة دين، فإن جزءا من جرأة طرحها ودخولها إلى مناطق غير مأهولة في الحديث عن الجنس راجع إلى إسناد ديني يؤكد أن ما تفعله ليس حراما ولا مكروها إنما هو ضروري وواجب. وهناك برامج دينية تخصص حلقات للحديث في هذه المسألة، ولعل من أولها وأشهرها تلك الحلقة الشهيرة في برنامج "الشريعة والحياة" على قناة "الجزيرة" وقت أن كان يقدمها أحمد منصور واستضاف فيها الشيخ يوسف القرضاوي وتحدث باستفاضة وتفصيل ومن دون حواجز ولا خطوط حمراء عن "الممارسة الجنسية الشرعية". وعلى القنوات الدينية الشهيرة مثل "الناس" و"الحافظ" و"الرحمة" و"الرسالة" و"اقرأ" وغيرها طالما يستقبل الشيوخ أسئلة واستفسارات من المشاهدين حول الجنس، ويجيبون عنها بإحالات إلى تأويل لآيات والاستعانة بأحاديث أو آراء للفقهاء القدامي أو قصص وحكايات تراثية. وهناك أيضا مواقع دينية على الإنترنت تتلقى أسئلة مفتوحة من المتابعين ويأتي الشيوخ ليجيبوا عليها، ثم يقوم الشباب بنقل هذه الإجابات على مدوناتهم الخاصة، وعلى المنتديات، واتسع الأمر بعد انطلاق مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر".
وأمام إلحاح المشاهدين على طرح الأسئلة في لهفة وبكل ثبات ورباطة جأش، لم يعد هناك أي سبيل أمام علماء الدين وفقهائه سوى تقديم الإجابات لهم بكل ثبات أيضا. وهكذا بدأت حواجز الخجل تنهار شيئا فشيئا، عند منتجي الخطاب والفتوى الدينية، تحت لافتة عريضة تقول "لا حياء في الدين ولا في العلم".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.