طوال سنوات مضت، ظل اسمه يتردد في الأذهان، يظهر كشبح من خلال عبارات تأبى على الطمس أعلى جدران القاهرة، وأشرطة مباريات كرة القدم التي تحمل جزءًا من روحه، فيما يتندر أولئك الجالسون على مقاهي وسط البلد عن ذلك الذي أفنى عمره في الدعاية لأعماله، بينما بات (...)
مكانه ثابت لا يتغير، يتوسط حديقة غنّاء، تُظلله الأشجار، كرسي من الخيزران، يجلس عليه شخص واحد فقط، هو رب الأسرة وعائلها، معروف بين أهل قريته ''شبرا النملة'' بالحاج ''على''، علىُ هو على الجميع، هيبته لا تنكسر، وساعة خلوته لا يتجرأ أن يقاطعه فيها أحدا، (...)
اسمه خالد فى التاريخ، تارة يتهمونه بالاستبداد، ومرات يصفونه بالسياسى المحنك، يقترن اسمه بانطلاق شرارة ثورة 19، ويلصقون به محاولة وأد ثورة يناير، «محمد محمود» صاحب وزارة القبضة الحديدية، كما يلقبونه، اقترن فى أذهان ثوار يناير باستبداد الداخلية فى (...)
40 عاماً مرت على حرب الكرامة، التى حقق فيها المصريون نصراً كبيراً فى أكتوبر 1973، تبدلت الأمواج، وانزوى الأبطال فى الخلفية، أو بالأحرى لم يخرجوا منها، ظلوا فيها سنوات، تقريبا منذ العبور حتى وقتنا هذا، لم يحظ أى منهم بالتكريم الذى يليق ببطولاته، ورغم (...)
من فلاح إلى مجند.. هكذا اكتسب «جمعة» لقبا جديدا، سلّم متعلقاته الشخصية، وتسلم مِخلته، ووزعته القوات المسلحة على منطقة الإسماعيلية، حيث الجيش الثانى الميدانى، داخل فرق الصاعقة تلقى الشاب الصغير تدريباته، وما إن سلم نفسه لوحدته حتى أتاه نداء الحرب فى (...)
ليلة ممطرة فى شتاء 1943، داخل شارع صغير بكفر شميس، بحى الأربعين فى السويس، كانت «فاطمة سعيد» تضع صغيرها عبدالمنعم، لكن القدر لم يمهله إلا أسبوعا وغادر الحياة، بعد عامين وتحديدا فى 21 فبراير 1945 كان المنزل ذاته يستقبل مولودا جديدا يحمل الاسم نفسه (...)
بخطى واثقة وقلوب تهفو إلى آفاق المستقبل، يدخلون عالمهم الجديد، منتقلين من ضيق الفصول إلى رحابة المدرج، تهيمن على أفئدتهم رؤى الاعتماد على النفس وبهجة اقتحام دنيا مغايرة، هكذا حال طلاب الجامعات الجدد، مع بداية كل موسم دراسى، غير أن أجواء ملبدة (...)
الجميع يركض للحاق بآخر عربات المترو بمحطة «الشهداء» تحت الأرض، حالة من الشحن انتابت المارة فوقها، فالباقى من الزمن نصف ساعة، يلعن أحدهم رئيسه فى العمل الذى رفض مغادرته مبكرا، وتدعو أخرى ألا يوقفها سيل «الأكمنة» فى طريقها لمنزلها البعيد بمدينة (...)
على طارة الأوتوبيس، انكفأ «سيد ميهوب» بوجهه، أدار محرك السيارة التابعة لإحدى شركات التكييف بمدينة السادس من أكتوبر، التى يعمل عليها سائقاً، وما هى إلا دقائق، حتى صعد الركاب، أثارت انتباههم صورة كبيرة للرئيس السابق محمد مرسى معلقة خلف كابينة عم (...)
قلوب مُنكسرة، عيون زائغة مُحتقنة بالدموع، 4 جدران تأوى أجساداً متهالكة تخشى على أولادها من أى سوء، عقول منهكة، وجوه شقراء سُحب منها «إكسير الحياة»، على أبواب العيد يتذكّرون كيف هربوا من جحيم بلدهم الأول سوريا، واطمأنوا فى بلدهم الثانى مصر، قبل أن (...)
زيارتها أضحت طقسا ثابتا، على الأقل فى الأعياد والمناسبات، داخل حديقة الحيوان لا يتوقف المشهد على أسرة بأطفالها، بل يشمل أيضاً مجموعات الصبية والحبيبة، واقع الحديقة اختلف منذ أن أقحموها فى السياسة، حين أصبح محيطها مجلسا لاعتصام الإخوان فى ميدان (...)
الخامسة فجراً، كوبرى الفنجرى يعج بالسيارات كأنها ساعة الذروة، الجميع فى اتجاه ميدان رابعة العدوية لأداء صلاة العيد، الأطفال يحملون البالونات، فيما ينتشى ذووهم ملوحين بعلامات النصر من النوافذ وهم يكبرون: «يا الله انصر مرسى واللى معاه»، من أمام استاد (...)
كعادة المليونيات الحاشدة، احتل مجموعة من الباعة الجائلين أرصفة المنطقة الراقية، إلا أن نوعية السلع اختلفت عن تجمعات التحرير، الكتب الدينية والتمر والذرة والمياه المعدنية، فيما يبحث المدخنون عن سجائرهم فلا يجدون لها سبيلاً، عربة فول يتحلق حولها عشرات (...)
«محميون فى مبارك».. هكذا عاشوا سنوات الرغد فى عصره، بحكم جيرتهم له ليس أكثر، فلم تشهد منطقتهم مظاهرة أو اعتصاما أو حتى تجمهر أكثر من عشرة أشخاص، اندلعت ثورة وتوالت الأيام ليصل محمد مرسى إلى كرسى الحكم بين الكبار فى حى مصر الجديدة، المعروف بهدوئه، (...)
توجهت قوة من ضباط قسم شرطة مصر الجديدة إلى العقارات المحيطة بقر الاتحادية ونبهت على حراس هذه العقارات بعد تأجير الشقق والأسطح خلال الفترة الحالية وحتى انتهاء مظاهرات 30 يونيو. وقال محمود الأسوانى، حارس عقار، أنه حضر إليه ضباط من قسم مصر الجديدة، (...)
بجسد نحيل ووجه طفولى صار خصماً لنظام، لم يجد اسمه وسط خانات حاملى بطاقة الرقم القومى، غير أنه صار متهماً بقلب نظام الحكم..دقت الساعة ومعها رفعت المساجد أذان فجر يوم جديد، فى الوقت الذى انكفأ فيه «عبدالرحمن» بوجهه على كتاب «الفيزياء»، لم يشغل باله (...)
أنت الآن فى حى التونسى بمصر القديمة.. حيث الممرات الضيقة وشوارع لا يتعدى اتساع أكبرها 3 أمتار.. البيوت متلاصقة وبسيطة والجيران على معرفة جيدة ببعضهم البعض.. ما إن تطأ قدماك المكان حتى تتنامى إلى مسامعك أصوات مصدرها الورش التى تملأ الحى البسيط.
فى (...)
وكأنهم رفاق مسيرة واحدة، فالجميع يحبونه، يعرفونه عن قرب، كل واحد فيهم، يتذكر موقفاً شخصياً جمعه به، لا يختلف كثيراً شعور عم عزيز طباخه الدائم، عن شعور بولس الأنبا بيشوى، سكرتيره الخاص، فكلاهما يصفه ب«حبيب القلب».
ولا تختلف رسمات وجه عم جرجس المسئول (...)
لا وجع يُضاهى وجع الضرس، ذلك الذى كان يؤلم ويؤرق نوم «أحمد حماد»، صاحب البشرة الخمرية، كان وقتها فى سوهاج حيث مولد نشأته، هرع إلى طبيب الأسنان للتخلص من ذلك الألم المزعج، فبادره الطبيب بالسؤال: «حضرتك شغال إيه»، ليُجيبه الشاب صاحب ال 33 عاماً: «عندى (...)
مكانه لا يتبدّل، ووقفته كما هى منذ أربعة أعوام، جاءت ثورة وسقط نظام ولم يزل يتمركز وسط جحافل الأمن المركزى، يقف أمام عربته الخشبية، بملابس رثة يفصل بين طرفى السلطة «حزبها الحاكم وقبضتها الحديدية»، على ناصية شارع منصور يقبع عم «عبده» بائع الترمس، (...)
مدخل رخامى، وبناية متأنقة، أدوارها الخمسة الشاهقة، تسر الناظرين، وبهوها الواسع يتردد فيه الصوت فور خروجه من الأفواه، ممر ضيّق يربط بين البنايتين، إحداهما فى الجهة الشرقية والأخرى فى الغربية، لكن بوابة واحدة تطل على شارع «فهمى» هى سبيلك الوحيدة (...)
جلس على تلك الأريكة داخل بيته الكائن بشارع الشيخ ريحان، قتله كدّ يوم كامل من العمل داخل محل قطع الغيار، هى مهنته الوحيدة التى ورثها أباً عن جد، صدره الملىء بالغازات المسيلة للدموع؛ منعه من تدخين تلك السيجارة التى كان يقبض عليها بين أصابعه.. دقت (...)
نقيضان يجمعهما «محيط» واحد، بأجواء متباينة، هنا مبنى بالجنود مُحصن، وآخر عبثت به الأيادى، الأول جدرانه مطلية، يكسوه رخام فاخر، والآخر التهمته النيران ونُهبت محتوياته، مصعد كهربائى على الطراز الأوروبى، يغنى زائره عن مشقة الصعود والهبوط، تفوح منه (...)
جدران تكشف عن جدران، قنينات زجاجية استخدمها الطلاب فى حصة الكيمياء تحطمت فُتاتاً، مراوح سقف انصهرت من قيظ السخونة الشديد، «تُخت» خشبية متفحمة وأخرى حديدية ليس لها أى معالم، سلم دائرى كبير مصنوع من الخشب محمول على قضيبين حديديين كانا مُعلقين عالياً (...)