رئيس جامعة العريش يدعو طلاب الثانوية العامة للالتحاق بالجامعة    شركات التكنولوجيا المالية تستعرض تجاربها الناجحة بالسوق المصرية    رئيس "إسكان النواب": تصريحات الرئيس السيسي بشأن الإيجار القديم تؤكد أنه سيصدق على القانون    إعلام فلسطيني: ارتقاء 6 شهداء في قصف للاحتلال استهدف مخيم النصيرات    الصين تدعم بقوة عمل اليونسكو    وسط ارتفاع وفيات المجاعة في غزة.. حماس ترد على مقترح وقف إطلاق النار    علي معلول ينضم للصفاقسي التونسي لمدة 3 مواسم    إحالة 5 من العاملين بإحدى المدارس الابتدائية بالقاهرة للتأديبية    بالفيديو.. حمزة نمرة يطرح 3 أغنيات من ألبومه الجديد "قرار شخصي"    الحبُ للحبيبِ الأوَّلِ    أحمد سعد يتصدر تريند يوتيوب في مصر والدول العربية بأغاني "بيستهبل"    برشلونة يعلن ضم ماركوس راشفورد.. ويرتدي رقم كرويف وهنري    مدرب خيتافي: كنت أراهن على نجاح إبراهيم عادل في الدوري الإسباني    حزب إرادة جيل يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى ثورة 23 يوليو    البابا تواضروس يستقبل مجموعة خدام من كنيستنا في نيوكاسل    علي معلول يوقع على عقود انضمامه إلى ناديه الجديد    «أجبرتها على التراجع».. مروحية إيرانية تتصدى لمدمرة أمريكية في المياه الإقليمية    أوكرانيا وروسيا تستعدان لإجراء محادثات سلام في تركيا    الكنيست يوافق على قرار لفرض السيادة الإسرائيلية في الضفة وغور الأردن    مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي.. كليات ومعاهد تقبل مجموع 50% فقط في 2024    خلال استقبال مساعد وزير الصحة.. محافظ أسوان: التأمين الشامل ساهم في تطوير الصروح الطبية    بالأسماء.. رئيس أمناء جامعة بنها الأهلية يُصدر 9 قرارات بتعيين قيادات جامعية جديدة    منهم برج الدلو والحوت.. الأبراج الأكثر حظًا في الحياة العاطفية في شهر أغسطس 2025    متحدث الوزراء يكشف السبب الرئيسي وراء تأجيل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    وزير الدفاع يكرم أصحاب الإنجازات الرياضية من أبناء القوات المسلحة (تفاصيل)    ماذا يحدث لجسمك عند تناول السلمون نيئًا؟    من الارتفاع إلى الهبوط.. قراءة في أداء سهم "بنيان" في ثاني يوم تداول بالبورصة    القاهرة والرياض تبحثان مستجدات الأوضاع بالبحر الأحمر    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    بعد تراجع 408.. تعرف على أسعار جميع سيارات بيجو موديل 2026 بمصر    أهم أخبار السعودية اليوم الأربعاء.. وفد اقتصادي يزور سوريا    برلين تمهد الطريق أمام تصدير مقاتلات يوروفايتر لتركيا    «اتصرف غلط».. نجم الأهلي السابق يعلق على أزمة وسام أبو علي ويختار أفضل بديل    فسخ العقود وإنذارات للمتأخرين.. ماذا يحدث في تقنين أراضي أملاك الدولة بقنا؟    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    "المطورين العقاريين" تطالب بحوار عاجل بشأن قرار إلغاء تخصيص الأراضي    رضا البحراوي يمازح طلاب الثانوية العامة    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    على شاطئ البحر.. أحدث ظهور للفنانة بشرى والجمهور يعلق    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    ضبط 30 متهما في قضايا سرقات بالقاهرة    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    "الأعلى للإعلام" يُوقف مها الصغير ويحيلها للنيابة بتهمة التعدي على الملكية الفكرية    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    طريقة عمل المكرونة بالبشاميل، بطريقة المحلات وطعم مميز    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد نقابات جنوب إفريقيا    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    حريق يلتهم مطعما شهيرا بكرداسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهالى «كلوت بك».. شاهد على «معركة الفتح»
«سعد بصلة» قال لهم: «أنا معاكم».. فرد عليه الإخوان برصاصة حية فصلت قدمه
نشر في الوطن يوم 20 - 08 - 2013

على طارة الأوتوبيس، انكفأ «سيد ميهوب» بوجهه، أدار محرك السيارة التابعة لإحدى شركات التكييف بمدينة السادس من أكتوبر، التى يعمل عليها سائقاً، وما هى إلا دقائق، حتى صعد الركاب، أثارت انتباههم صورة كبيرة للرئيس السابق محمد مرسى معلقة خلف كابينة عم «سيد»، ليبدأ الجدال بين الطرفين، قال له أحد الموظفين: «على فكرة يا عم سيد اللى بتعمله ده مخالف لقوانين الشركة، ولو حد عرف ممكن تمشى خالص»، لم يلتفت «سيد» إلى حديثهم، لأنه مؤمن تماماً بما يفعل، فلا أحد يستطيع منعه من تأييد «مرسى». قبل فض اعتصام رابعة العدوية بساعات قليلة، ذهب «سيد ميهوب» بالموتوسيكل إلى الميدان الذى يحوى بين أركانه أنصار الشرعية، من أجل هدف واحد هو رؤية الحدث بعينيه، عاملته قوات الجيش المكلّفة بحماية الميدان بكل احترام وتقدير -حسب روايته- دخل ثم هتف كجميع المرابطين فى الميدان «مرسى مرسى انت رئيسى»، ثم غادر الاعتصام، على ناصية شارع كلوت بك، وقف «ميهوب» بالقرب من الفاترينة التى يمتلكها أقارب زوجته، يرقب بعينيه كل ما يحدث إلى جوار مسجد الفتح فى رمسيس، جاءه اثنان منهم، تحدث معهما عرف من لهجتهما أنهما ليسا مصريين، سألهما فردا عليه: «إحنا من فلسطين» قبل انصرافهما قال لهما: «إحنا معاكم على فكرة.. ربنا يوفقكم».. كان ذلك صباح الجمعة 16 أغسطس.
«ميهوب» الشهير ب«سيد بصلة» يقف على ناصية الشارع يتابع قرار مجموعة من شباب المنطقة صد الإخوان حتى لا يدخلوا الشارع مرة أخرى، جمع شباب المنطقة الذين لا يتجاوز عددهم 10 أفراد، ولا يتجاوز عمرهم ال20 عاماً، الطوب فى جوالات تحسّباً لأى أعمال عنف تحدث، حاول «سيد بصلة» إيقافهم: «عيب يا ابنى كده.. دول مهما كان مصريين»، لم يستجب له الشباب، فقبض الرجل الأربعينى بعصى خشبية فى يده ليوقفهم بالقوة، لتأتيه كلمات من صاحب مقهى مجاور «خلّى بالك يا بصلة.. اللى بتعمله ده غلط.. الإخوان مالهمش أمان»، فى الوقت الذى خاطبه أحد مؤيدى المعزول «على فكرة يا ريس.. إحنا سمعنا إن الشارع ده زمان كان بتاع دعارة.. وفيه كنيسة»، ليرد عليهم «الناس الموجودة هنا أجدع ناس فى مصر.. وعمرنا ما نعرف حاجة اسمها مسلم ومسيحى، إحنا كلنا واحد».
جميع من فى شارع كلوت بك على أهبة الانتظار، فيما كان «سيد بصلة» يقف على ناصية الشارع إلى جوار مؤيدى «مرسى» يحاول تهدئتهم: «يا جماعة إحنا معاكم مش عليكم»، المعركة بدأت من جانب مؤيدى الرئيس المعزول، ضغطة على الزناد كانت كفيلة بإحداث حالة كر وفر بين الأهالى، العرق يتصبّب بغزارة من على جبين «سيد بصلة» الذى ما لبث أن قال لهم «أنا معاكم.. عيب اللى بتعملوه ده»، فكان جزاؤه طلقة رصاص حية، اخترقت عظام قدمه، لتُحدث فجوة، فيتهاوى على الأرض: «كنت حاسس بحاجة سخنة دخلت فى رجلى.. وبعد كده اترميت على الأرض».
كان الإخوان منظمين فى هجومهم على المنطقة، حسب «سيد بصلة»: «ضربوا فى المليان، وبعد كده ولّعوا فى المحلات بالمولوتوف»، وقع «سيد» على الأرض، ولم يجد من يعاونه أو يساعده، سوى مجموعة من شباب المنطقة الذين يصفهم الرجل الأربعينى بأنهم «زينة شباب مصر»، جاءوا ب«أزق» وهو مصنوع من الحديد وبه عجلات يستخدمه أصحاب المحلات فى جر البضاعة من هنا لهناك، لم يجدوا سواه من أجل رفع «سيد بصلة» وإسعافه، إلا أن طلقات الرصاص كانت بالمرصاد لهم، وهم يحملونه لعلاجه «اللى حصل ده كفر.. يعنى أنا مصاب وبيضربوا عليا نار بردو».. أشكال غريبة لا تحمل أياً من الصفات المصرية الخالصة، هكذا يصفهم «بصلة»: «المسلحين دول كانوا من باكستان وأفغانستان وفيهم ناس سود.. كانوا بيضربوا بمعلمة.. مايقتلوش.. لكنهم مستعدين يقتلوا أى حد يقف فى طريقهم».
داخل مستشفى الهلال بالقرب من شارع رمسيس، يرقد «سيد بصلة» ينظر إلى أطفاله «فاطمة - رحمة»، قبل أن يُشير إلى «عبدالرحمن» الابن الأكبر له، فيكشف الشاب الذى لم يتجاوز عمره ال18 عاماً عن علامات إصابات الخرطوش التى ملأت وجهه وعينيه «بس الحمد لله ربنا ستر.. ونجّا أبويا من الموت»، فهذا كل ما يطغى على تفكيره الآن، بينما عرف «بصلة» الإخوان على حقيقتهم «بعد اللى عملوه ده فقدوا كل ذرة تعاطف معاهم.. أنا كنت واحد منهم.. كانوا هيقتلونى.. فما بالك باللى ضدهم من البداية». داخل أحد البيوت المتواضعة فى شارع باب البحر، بمنطقة كلوت بك، يجلس رمضان كمال، كاشفاً عن جسده، وبه آثار حبات الخرطوش التى لسعت جسده واخترقته وقت الأحداث، لا يمكنه أن ينسى ذلك المشهد: «كنا بنقول لهم لا إله إلا الله عشان نهديهم.. يردوا علينا يا خونة ويا كفرة»، الشاب العشرينى لم يحتج الذهاب إلى الطبيب لإخراج البلى الحديدى من جسده، مستعيناً ب«سكينة» و«إبرة» لعلاج نفسه، قبل أن يدافع عن أهل المنطقة: «إحنا كنا بندافع عن منطقتنا»، مؤكداً «ماحدش فينا كان شايل سلاح.. كنا بنحدفهم بالطوب وبس».
فى ذلك الوقت من العام كان «منعم عبدالعزيز» يجهز بضاعته استعداداً لموسم يجلب له الرزق من وسع، وسط بهجة دخول المدارس وشراء طلابها مستلزمات الدراسة، فيما كانت مشاهد إمساك النار بأوراق الكشاكيل والأدوات المكتبية بالمخازن التى تدعم شارع الفجالة الشهير، بمثابة طعنة فى قلب الشاب الثلاثينى، وهو يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه وسط لهيب النيران.. مرتدياً «فانلة حمالات» بيضاء تحوّل لونها بفعل الحرائق، يحمل «منعم» ألواحاً خشبية من داخل مخزن صغير التهمت النار معظم محتوياته حتى انهار سقفه: «أنا كان عندى بضاعة ب180 ألف جنيه.. ربعها راح فى الغم ده»، يقولها وهو يستجمع قواه، فى الوقت الذى يشير فيه أحد الصبيان التابعين له إلى التلفيات التى لحقت بباقى البضاعة «اللى مالحقتهوش النار.. راح بسبب الميه بتاعة المطافى.. حسبى الله ونعم الوكيل».. يصف الشاب الذى يعيش بمحافظة المنوفية نفسه بأنه «ضد الإخوان»، فيما يقول بعد لحظات صمت «كنت متعاطف معاهم جداً يوم فض الاعتصام.. بس بعد اللى شفته، مات كل تضامن معاهم».
يحكى صاحب الجسد النحيف عن الهجوم الكاسح على الشارع الذى يحوى مصدر رزقه: «كانوا شايلين كل اللى يخطر على البال من النبلة للأسلحة الآلية والرشاشات»، مضيفاً أن أنصار الرئيس المعزول افتعلوا المشكلات مع سكان الشارع لإجبارهم على السماح لهم بالاختباء، فيما كانت معارضة الأهالى سبباً فى اندلاع الأحداث.كمن احتل بياض عينيه الدم، جلس «محمود مصطفى» على قطعة حديدية محترقة لجزء من سيارته التى يبيع أعلاها «خراطيش السجائر»، والتى تفحمت جراء أحداث العنف التى شهدها الشارع الذى سُمى باسم الطبيب كلوت بك مؤسس مدرسة طب قصر العينى على أيام محمد على، بذهول يقول الرجل الخمسينى: «دى إنجازات الجيش والشرطة»، متهماً الدولة بالتقصير فى الدفاع عن مواطنيها قِبل من سماهم إرهابيين، سارداً تفاصيل اليوم بحلق تملؤه المرارة: «بعد صلاة الجمعة بدأ الشيوخ يدخلوا عندنا وكل شوية يستعطفونا.. اللى شايل مصحف محروق ويقولنا شوفوا السيسى واللى بيشتم فى الجيش وإحنا قلنا لهم إحنا مالناش دعوة غير بأكل العيش وكام ساعة وبدأت المعركة»، البداية كانت ب«المولوتوف»، حسب «مصطفى» الذى ترتسم على وجهه مشاهد الرعب: «كأننا فى حرب.. دخلوا علينا زى التتار وماسكين رشاشات آلى»، أكثر ما أثار خياله وسط المأساة هو وجود بعض البلطجية الذين راحوا ينهبون السجائر «مش فاهم أنا شيوخ إيه اللى يمشى معاهم عيال بتسرق»، بعد أكثر من 36 ساعة من الحريق الذى حوّل المنطقة إلى أشبه بمخلفات الحروب من بيوت مهدمة وسيارات محترقة، لم يسأل أحد من المسئولين فى أصحاب الخسائر، لذلك يقول الرجل الذى يغلى الغضب فى شريانه «ماليش علاقة، ولا بسيسى ولا بمرسى.. لا عمرى اشتركت فى مظاهرة ولا اعتصام.. رئيسى هو لقمة عيشى».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.