نقيضان يجمعهما «محيط» واحد، بأجواء متباينة، هنا مبنى بالجنود مُحصن، وآخر عبثت به الأيادى، الأول جدرانه مطلية، يكسوه رخام فاخر، والآخر التهمته النيران ونُهبت محتوياته، مصعد كهربائى على الطراز الأوروبى، يغنى زائره عن مشقة الصعود والهبوط، تفوح منه الرائحة الذكية، أصص الزرع والأزهار تُحيطه.. هنا «مبنى وزارة الداخلية» المكان الأكثر أمانا فى مصر، رغم كل ما يحيطه من اضطرابات.. زيارة المكان لها طقسها الخاص، الذى يبدأ بتصريح ثم تفتيش ثم مرافقة من أحد العاملين للزائر حتى يفرغ من زيارته. الوزارة التى كانت محورا لكل تحركات الثوار وهدفا لمظاهراتهم التى انطلقت منذ تنحى مبارك، لم يصبها بعض من كل ما أصاب محيطها، يبدو داخلها قطعة مفصولة عن المحيط، والدمار، الذى حل بالمنطقة التى تحوى فى جبناتها الجهاز الأمنى، لم يطل المبنى المخيف.. يشتعل محيط الوزارة وينصهر لتبقى «هيبة الدولة» فى أوج قوتها، ليس مهماً أن تُنتهك حرمات مبان أو تغلق محال أو حتى تحترق منابر العلم.. المهم أن يظل المبنى الخرسانى شامخا.. ليحق القول الثورى لكن بتصرف: «نموت.. نموت.. نموت.. عشان وزارة الداخلية تعيش». أعد الملف: أحمد الشمسى وأحمد الليثى