أودعت حكمة جنح الاقتصادية في القاهرة، أمس الأربعاء، حيثيات حكمها بإدانة المتهمة المعروفة إعلاميًا باسم «سوزي الأردنية» في القضية التي وُجهت إليها بتهم تتعلق بنشر محتوى يخدش الحياء العام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن ما اقترفته لا يدخل في نطاق حرية التعبير بل يمثل خروجًا صريحًا على القيم الأخلاقية والاجتماعية التي يحميها القانون. حيثيات حكم سوزي الأردنية بتهمة نشر محتوى خادش للحياء وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن أوراق الدعوى تضمنت أدلة ثابتة ومتكاملة تؤكد ارتكاب المتهمة الأفعال المسندة إليها، مشيرة إلى أن مقاطع الفيديو والصور التي بثتها عبر منصات التواصل كانت تحمل إيحاءات جنسية صريحة ومشاهد من شأنها التحريض على الفجور. وأكدت أن هذه الأفعال «تتجاوز حدود حرية الرأي أو الإبداع، وتشكل اعتداءً على النظام العام والآداب العامة في المجتمع المصري». وأوضحت الحيثيات أن المحكمة استندت في حكمها إلى ما ورد في تقرير الأدلة الرقمية الذي أعدته الأجهزة المختصة، والذي أثبت أن الحسابات التي تم نشر المحتوى من خلالها تعود للمتهمة ذاتها، وأنها قامت بإدارة هذه الصفحات بشكل مباشر بهدف جذب المتابعين وتحقيق مكاسب مادية عبر الإعلانات والمشاهدات. تفاصيل إدانة سوزي الأردنية وأضافت المحكمة أن الاعترافات التي أدلت بها المتهمة في التحقيقات، وما جاء في أقوال الشهود، والتقارير الفنية، شكّلت جميعها «سلسلة مترابطة من الأدلة اليقينية التي لا يرقى إليها الشك»، لافتة إلى أن القانون المصري لا يجيز استخدام المنصات الرقمية كوسيلة للترويج لسلوكيات تتنافى مع قيم المجتمع. ورأت المحكمة أن المتهمة، بصفتها شخصية عامة يتابعها عدد كبير من المستخدمين داخل مصر وخارجها، تتحمل مسؤولية مضاعفة عن المحتوى الذي تقدّمه، إذ إن تأثيره لا يقف عند حدود النشر الشخصي بل يمتد إلى تكوين الرأي العام، الأمر الذي يجعل سلوكها محل مساءلة قانونية وأخلاقية. وأكدت الحيثيات أن الحكم جاء تأسيسًا على المواد (178) من قانون العقوبات، و(25) و(27) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والتي تُجرّم نشر أو إذاعة أو عرض مواد إباحية أو خادشة للحياء العام عبر الوسائل الإلكترونية. نص حيثيات قضية سوزي الأردنية وشددت المحكمة على أن «حرية الرأي والتعبير، وإن كانت من الحقوق الدستورية المكفولة، إلا أنها ليست مطلقة، وإنما تقف عند حدود النظام العام والقيم التي يقوم عليها المجتمع المصري»، مشيرة إلى أن ما ارتكبته المتهمة «يمس صورة المرأة العربية ويسيء إلى الذوق العام». وأضافت المحكمة أن الهدف من العقوبة ليس التنكيل بالمتهمة، وإنما الردع العام والحفاظ على السلوك الاجتماعي المنضبط، مؤكدة أن «العدالة لا تنفصل عن الأخلاق، وأن المجتمع الذي يهون فيه الحياء، ينهار فيه النظام القيمي الذي يمثل أساس وجوده». وانتهت المحكمة إلى أن ما قدمته «سوزي الأردنية» من محتوى يُعد فعلًا مجرّمًا قانونًا، يستوجب العقاب، إذ توافرت فيه أركان الجريمة المادية والمعنوية، ولم يثبت للمحكمة أي شبهة دفع بالبراءة أو حسن النية، وبناء على ذلك، أصدرت حكمها بالإدانة مع تغريمها ماليًا وإلزامها بمحو جميع المواد محل الجريمة من على حساباتها الرسمية. وجاء في ختام الحيثيات أن المحكمة «تأمل أن يكون هذا الحكم رسالة واضحة لكل من يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، بأن الحرية لا تعني الانفلات، وأن القانون سيبقى حارسًا لقيم المجتمع وأخلاقه العامة».