سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عبده السريح: «اصبر على جار السو يا يرحل.. يا تيجى مصيبة تشيله» يشكو بائع الترمس من وقف الحال فى المنطقة بسبب وجود وزارة الداخلية ومقر «الحرية والعدالة»
مكانه لا يتبدّل، ووقفته كما هى منذ أربعة أعوام، جاءت ثورة وسقط نظام ولم يزل يتمركز وسط جحافل الأمن المركزى، يقف أمام عربته الخشبية، بملابس رثة يفصل بين طرفى السلطة «حزبها الحاكم وقبضتها الحديدية»، على ناصية شارع منصور يقبع عم «عبده» بائع الترمس، تفصله خطوات عن مقر حزب الحرية والعدالة الذى شهد قبل شهور تدشين حملة دعم الدكتور محمد مرسى رئيساً للجمهورية، فيما يقبع المبنى الحديدى لوزارة الداخلية على يساره. يومياً يأتى صاحب ال52 سنة من منزله المتواضع بالسيدة زينب، لا تزعجه نداءات اقتحام الداخلية ولا تهمه استعدادات رجالها المستمرة، فباله لا ينشغل سوى بزاد الأولاد السبعة، فهم زينته فى الحياة الدنيا، يرش الماء فوق بضاعته الراكدة. الشوارع المحيطة بالمكان تعيق المارة من الوصول. تلمح عيناه الأسوار الخرسانية المتراصة أمام مبنى لاظوغلى، فيخرج آهة من جوف تملأه النار «الجدار ده عار، يعنى إيه وزارة الداخلية مش قادرة تحمى نفسها»، يشكو عم «عبده» ضعف قوته وقلة حيلته بعدما صارت الأسعار فى السماء، فيما ينحدر به الحال «المعادلة صعبة أوى، يعنى الترمس اللى كان ب3 جنيهات قبل الثورة دلوقتى ب6 جنيه، والحمص أبو 5 جنيه، بقى الطاق طاقين»، فى الوقت الذى تسبب فيه ذلك المبنى الصلد فى إيقاف تجارته الزائلة: «طبعا ماحدش بيهوب ناحية الوزارة دلوقتى.. كله خايف يتقبض عليه». يروى ابن الحى الشعبى حكايته مع الثورة التى يفتخر بها «أنا مشارك فيها من أول يوم، وكانت ماشية كويسة قبل ما تقلب فوضى». يسكت برهة قبل أن يقول: «بصراحة طالما مالهاش ريس تبقى باظت»، قبل أن يستشهد بثورة يوليو 52: «لما قامت كان ليها ناس كبيرة بيتحركوا بيها، لكن ثورتنا قايمة على الجعانين اللى مالهمش ضهر.. الله يرحمك يا عبدالناصر، كان راجل الغلابة والمساكين»، فيما اغرورقت عيناه بالدموع وهو يقول بصوت متهدج «البلد دى بتاعة الأغنياء لكن إحنا ع الهامش». مصر المحروسة قديماً، تحوّلت إلى مهدومة فى عقل البائع الجائل، لا يخشى الرصاص أو حتى الغازات ولا حتى الأنباء التى تترد على مسامعه بشأن اقتحام المبنى المحصّنة جدرانه: «أنا كده ميت وكده ميت، واحنا محسوبين أموات»، قبل أن يبتسم ساخراً: «البلد واقعة.. إحنا بس اللى عايشين الوهم»، مؤكداً أن الأمل فى «كمال الجنزورى»: «ده البنى آدم الوحيد اللى ارتحتله من بعد الثورة.. راجل دكتور.. كمبيوتر.. خبرة.. راجل هيصحى البلد». بعد الثورة لازمت أحداث العنف أماكن وجود عم «عبده»: «طول عمرى باشتغل عند وزارة الصحة أو مجلس الشعب وهنا طبعاً»، غير أنه لا يعبأ بتلك الأحداث، معتبراً أن دوامها صار قدراً، فقد صارت الدولة حسب رؤيته «بوليسية مهمتها حماية النظام والإقطاع والجماعة اللى ماسكين عصب البلد فى الاقتصاد، أما عشان تحمينى أنا، ده شىء من رابع المستحيلات». الرجل الذى تحمّس لجماعة الإخوان المسلمين قبل أشهر معدودات صار ناقماً عليها، صار يتحدث عنهم بمسحة كوميدية، مدللاً على شعوره بالمثل الشعبى المشهور «الجار السو يا يرحل يا تجيله مصيبة تشيله». أخبار متعلقة «رمضان» البواب «لو يوم عدى علينا من غير ما نشم غاز.. بنبقى خرمانين» طلعت مطالباًب«حزب الرغيف» بقالى شهر مامسكتش 100 جنيه كره "أحمد " الشرطة و الجيش و الثوار بعد حرق "الكشك" 3 مرات 4 مدارس أثرية تغرق فى محيط الداخلية «أموت أنا.. والداخلية تعيش»