بقلم الكاتب و السينارست والمُعد المصري وائل مصباح المقال الرابع والخمسون تداعيات الثورة من الغباء الى الهطل السياسى إن ثورة 25 يناير أيقظت مصر بأثرها من سباتها العميق،كما استطاعت وبلا مقدمات إفراز قوى جديدة على الساحة لم يكن له وجود حقيقي ولم يكن يسمع بها أحد خلال الفترات السابقة،وهي قوى الشباب وحركات التغيير الصاعدة،وهي قوى نظن أن تأثيرها سيكون قويا خلال الفترات المقبلة على الساحة السياسية المصرية،أضف إلى ذلك أن هذه الثورة أعادت هيبة القوى الإسلامية للساحة المصرية،خاصة الإخوان المسلمين ثم السلفيين،ويحسب لهم انحيازهم إلى جانب هذه القوى الصاعدة،ومساهمتهم الفاعلة في نجاح هذه الثورة واستمرارها حتى الآن. ويجب أن نعى جيداً أن لكل ثورة ثقافة ومتطلبات مرحلية ،بالتالي لا نتصور أو نتوقع أن الثورات المعاصرة ستكون نسخة من الثورات السابقة لا من حيث القوى المحركة ولا من حيث أهداف الجماهير التي قامت بالثورة،فلا يمكن أن نستنسخ جمال عبد الناصر جديد،ولا يمكن أيضا أن نطالب من مرسى أن يتقمص شخصية أنور السادات،أبناء ثورة يوليو 52 والتي كانت في بدايتها ثورة وطنية خالصة، وهذا ما كان واضحا في مبادئ الثورة،وفيما بعد أصبح لها توجهات قومية وثورية تحررية،وقياسا على ذلك علينا التمييز بين تداعيات الثورة سواء بعيدة المدى أو التداعيات المباشرة،التداعيات الإيجابية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وتغيير الحالة العربية،ستكون بعيدة المدى وحدوثها مرتبط بطبيعة القوى الصاعدة التي ستستلم مقاليد الأمور،وليس من المبالغة القول بان الثورة المصرية وكذلك التونسية أعادتا العرب للتاريخ،فقبل الثورة كان يُضرب المثل بالعرب بالتخلف والانقسام والخضوع والإرهاب،وجاءت الثورتين لتعلنا نهاية تاريخ وبداية تاريخ جديد،تاريخ أصبح الشعب فيه سيد نفسه. أما التداعيات قصيرة المدى والمقصود بها خلال الفترة الانتقالية الفاصلة ما بين إسقاط النظام أو خروج الناس للشارع وبناء النظام على أسس جديدة،في هذه المرحلة علينا أن نكون حذرين جدا لأنها مرحلة ستتسم بعدم استقرار سياسي ينتج عنها فراغ أو ضعف امني،وهو الأمر الذي سيثير الخوف لدى إسرائيل مما قد يدفعها لاتخاذ خطوات استباقية،كإعادة نظرها بشكل علاقتها بقطاع غزة لأنها عندما انسحبت من داخل القطاع كانت تراهن على وجود نظام قوي في مصر ملتزم باتفاقية السلام وقادر على حفظ امن حدوده مع القطاع ومع إسرائيل،أما مع حدوث فراغ أمنى في سيناء وتغير نظام الحكم في مصر فهذا مدعاة لقلق إسرائيل ودافعا لتعيد حساباتها الإستراتيجية. ومن أهم تداعيات الثورة إقليميا كسر حاجز الخوف والرهبة من النظم الحاكمة في العالم العربي،فما حدث في مصر أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن العديد من النظم الحاكمة أضعف مما كنا نتخيل،وأن الجموع الحاشدة أثبتت قدرتها على مواجهة هذه النظم وتقويض أجهزتها الأمنية،ويرجع أهمية هذا الشعور أنه يجعل الآخرين يشعرون أيضا بالقدرة على مواجهة نظمهم،والاقتراب من رموز النظام وأجهزته الأمنية دون خوف أو وجل، وهي مسألة ترتبط بقدرة الثورات على الامتداد والانتقال من مجال جغرافي لآخر،ناهيك عن تأثيراتها السريعة على الدول المتجاورة،وعلينا ألا ننسى هنا أن الدول التي حدثت فيها الثورات في عالمنا العربي الآن،شملت ثلاث دول متجاورة جغرافيا،بحيث لم يستطع نظام واحد، سواء في تونس أو مصر ناهيك عن ليبيا، التوصل إلى اتفاق يحقن الدماء ويحقق التغيير،فإذا كان أكبر نظام عربي قد تهاوى على عروشه في ثمانية عشر يوما،فما بالنا بالأنظمة الأخرى الأقل تأثيرا وحجما!هذا ما يراهن عليه الأحرار في سوريا ويخشاه طاغيتهم أبرهة القرن الحادي والعشرين رغم شعاره الرسمي “شبيحة للأبد" ومعنى التشبيح هو ذات معنى البلطجة!! لا مفر من اختيار أحد البديلين للخروج من النفق المظلم،الأول هو العمل على تنمية النضج السياسي،فليس من قام بإنزال علم العدو من على سفارته بالقاهرة بطل،وليس من اخترق المواقع الالكترونية للعدو زعيم،حتى من ضرب أحمد دومة ليس فارس_من أحمد دومة هذا؟!!!!_ فليس كل من يهتف رمز،ولا كل من يضرب قائد،ولا كل من هب ودب ناشط سياسي!!!!!!!!!! والثاني هو البحث الفوري والجاد عن علاج قوى وفعال_حتى ولو مستورد_ للهطل السياسي الذي بدأت بذوره في الظهور في أوائل الثمانيات من القرن الماضي ووصفه السادات يومها بالغباء السياسي. إلى اللقاء في المقال الخامس والخمسون مع تحيات فيلسوف الثورة سينارست وائل مصباح عبد المحسن [email protected]