وزير التعليم: تقديم كل سبل الدعم للمدارس والمعلمين بأسيوط    جامعة الفيوم تقدم العرض المسرحي"ليه لا " لمناهضة العنف ضد المرأة    خبراء التوكاتسو اليابانيون في زيارة لمدارس دمياط لتقييم تجربة التعليم المبتكر (صور)    الاتحاد الأوروبي يفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن حزمة العقوبات ال19 ضد روسيا    الحكم يُلغي مباراة الأهلي وبيراميدز مواليد 2007 بعد اعتراضات على ركلة جزاء    لماذا استبعد الأهلي إبراهيم عادل من حساباته في الشتاء ؟ اعرف التفاصيل    تأجيل محاكمة 7 متهمين في خلية مدينة نصر لجلسة 4 يناير المقبل    يسرا خلال جلسة حوارية : بدايتي كانت صعبة وأفلامى الأولى تأخر عرضها وتعلمت المهنة من الكبار    خلال اجتماع اليوم .. رئيس الوزراء يتابع جهود تعظيم الاستفادة سياحيًا من مسار العائلة المقدسة    هيئة الدواء تحذر من "المرض الصامت": هشاشة العظام تهددك دون أعراض واضحة    ليست الأولى.. تسلسل زمني ل محاولة اغتيال ترامب (لماذا تتكرر؟)    بعد تهنئة إسرائيل له.. من هو الرئيس البوليفي الجديد رودريغو باز؟    الأمين العام الجديد للشيوخ يجتمع بالعاملين لبحث أليات العمل    محافظ البحيرة ورئيس جامعة دمنهور يستقبلان طلاب الجامعة الأهلية    لا تهاجموا صلاح.. انظروا ماذا يفعل مدرب ليفربول    طلب عاجل من توروب في الاهلي    حزن وبكاء خلال تشييع جثمان مدرب حراس المرمى بنادى الرباط ببورسعيد.. صور    الذكاء الاصطناعي أم الضمير.. من يحكم العالم؟    الداخلية تواصل جهودها لتحقيق الأمن ومواجهة أشكال الخروج على القانون    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمصنع إسفنج فى الشرقية دون إصابات.. صور    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة غرب الإسكندرية لتيسير حركة المرور    مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي    قرار وزارى بإعادة تنظيم التقويم التربوى لمرحلة الشهادة الإعدادية    راغب علامة ل "اليوم السابع": أغنياتى تصلح لكل زمان.. أتمنى يجمعنى حفل غنائى مع عمرو دياب.. وأحضر لعمل يوثق مسيرتى الفنية وكواليس تذاع لأول مرة على مدار أكثر من 30 سنة    بروفة ريهام عبد الحكيم على أنغام الموجي استعدادًا لمهرجان الموسيقى العربية    "بين ثنايا الحقيقة" على مسرح السامر ضمن ملتقى شباب المخرجين    ياسر الزابيري بطل كأس العالم للشباب مرشح للانتقال إلى أتلتيكو مدريد    طارق العشري: زعلت على نفسي بعد رحيلي من فاركو    مدبولي: الحكومة تعمل على مواصلة تكثيف الجهود لتعزيز قدرات الدولة في مجال زيادة الاستثمارات في مراكز البيانات    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    وزير الخارجية: نقدر جهود الدكتور مجدي يعقوب في تسخير العلم والخبرة لخدمة الفئات الأكثر احتياجا داخل مصر وخارجها    مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته    احمي نفسك بهذه الخطوات.. لماذا يقع برج السرطان ضحية للتلاعب؟    اغلاق مزلقان التوفيقية في سمالوط بالمنيا لمدة يومين للصيانة    وزير الصحة يترأس الاجتماع الدوري للجنة التنسيقية لمنظومة التأمين الصحي الشامل    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    وزير الصحة يطلق جائزة مصر للتميز الحكومي للقطاع الصحي    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    المنظمات الأهلية الفلسطينية: الوضع كارثي والاحتلال يعرقل إدخال المساعدات لغزة    اتصالان هاتفيان لوزير الخارجية مع وزيري خارجية فرنسا والدنمارك    مواقف محرجة على السجادة الحمراء.. حين تتحول الأناقة إلى لحظة لا تُنسى    علي هامش مهرجان الجونة .. إلهام شاهين تحتفل بمرور 50 عامًا على مشوار يسرا الفني .. صور    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    تأجيل محاكمة 3 متهمين بالتنظيم الثلاثي المسلح لسماع أقوال شاهد الإثبات الأول    باكستان: الهدف الأساسى من اتفاق وقف إطلاق النار مع أفغانستان القضاء على الإرهاب    موانئ البحر الأحمر: تصدير 49 الف طن فوسفات عبر ميناء سفاجا    سعر الأرز الأبيض والشعير للمستهلك اليوم الإثنين 20اكتوبر 2025 فى المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-10-2025 في محافظة الأقصر    روح الفريق بين الانهيار والانتصار    ضبط 3 أشخاص بالمنيا تخصصوا في النصب على أصحاب البطاقات الائتمانية    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    دار الإفتاء توضح حكم تصفح الهاتف أثناء خطبة الجمعة    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. الجدل يشتعل حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في مهرجان الجونة    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزعيم في المنفى: "مالطا" عدن.. سيشل.. جبل طارق"
نشر في الوفد يوم 21 - 04 - 2015

فى 1919 اعتقلت السلطة العسكرية سعد زغلول باشا وأصحابه الثلاثة: محمد محمود باشا وإسماعيل صدقى باشا وحمد الباسل باشا، نفتهم إلي مالطة لأنهم أبوا إلا أن يستمروا فى حركتهم الوطنية بعد ما أنذرتهم الحكومة البر يطانية بالسوء على يد الجنرال وطسون إن لم يوقفوا هذه الحركة ويلزموا الهدوء والسكينة.
ولما ذاع نبأ وصولهم إلى الجزيرة هرع إليهم المنفيون فيها من قبل من أسرى الأتراك والمصريين ورحبوا بهم وعرضوا عليهم أن يكونوا فى خدمتهم فشكروهم على عواطفهم.,فى أول يوم نزل فيه سعد باشا مع أصحابه جزيرة مالطة أرسل البرقية الخالدة الآتية إلى مستر لويد جورج رئيس الحكومة الانجليزية فى ذلك الوقت:
«ان شرف الممالك يقدر بمقدار احترام ساستها ورجالها للمعاهدات السياسية التى يبرمونها، والتصريحات الرسمية التى يفوه بها رجال تلك الحكومة الرسميون وإذا كانت انجلترا فى معاهدة لندن عام 1840 ضمنت استقلال مصر. كما أقسمت المرحومة الملكة فيكتوريا والبرلمان بالتاج والشرف عام 1882، إن الاحتلال لن يكون إلا وقتيا.
وأعلن جلادستون عام 1887: «آن أوان الجلاء عن مصر» ولما كنتم جنابكم الرئيس الممثل لحكومة جلالة ملك بريطانيا والمدافع عن كرامة بلاده وشرف الأمة الانجليزية الحرة. فإنى أطالب جناب الرئيس المبجل برفع الحماية التى أعلنتها حكومتكم على بلادنا قسرا لمقتضيات الحرب وجلاء الجنود البريطانية عن وادى النيل احتراما للمعاهدات والتصريحات التى ذكرناها وصيانة لشرف أمة أنت على رأس حكومتها وليأذن جناب الرئيس بأن أذكر أن سياسة العنف والإرهاق التى اتبعت معنا لا تزيدنا نحن والمصريين كافة إلا تمسكا بمطالبنا وثباتا فى موقفنا وأنه خير لانجلترا أن تكون لمصر صديقة وهناك نستطيع أن نقطع على أنفسنا عهدا بأن نصون مصالحكم فى بلادنا ونروج تجارتكم.
ولقد كان لهذه البرقية تأثيرها فى نفوس كثير من النواب الأحرار الإنجليز حتى أن أحدهم خطب فى مجلس العموم فقال «أتعلمون من هو زغلول فى مصر، هو هذا الجالس فينا (مشيرا إلى رئيس مجلس النواب الإنجليزي) وهل لو قبض على هذا الرئيس لأنه يطالب بحق لنا أجمعنا عليه نلام أن نحن غضبنا ؟ إنما يمحو المصريون بقومتهم عارا لحقناه بهم وهو القبض على زغلول وأصحابه وما كان أجدرنا بأن نصغي إليهم ونحفل بمطالبهم».
وقد وضع الزعيم الخالد الذكر لنفسه ولأصحابه المنفيين معه فى مالطة برنامجا لحياتهم اليومية فخصص بعض ساعات النهار للدرس والمذاكرة وخصص ساعات أخرى للمطالعة والمحادثة وخصص ما بقى من ساعات اليوم للرياضة والمسامرة ولقد التقى سعادة (حمد الباسل) باشا فى مالطة برجل ألماني من أسري الحرب وكان قد عرفه فى الفيوم وتلقى عليه دروسا فى اللغة الإنجليزية فلما عرف ذلك المغفور له سعد باشا أخذ يتلقي منه دروس تلك اللغة.

فى عدن يبتسم للمجهول
في صبيحة ذلك اليوم الذى أذيع فيه تصريح 28 فبراير فى مصر كان المغفور له سعد باشا وصحبه جالسين فى القلعة التى اعتقلوا بها فى (عدن) يتناولون طعام الإفطار فدخل عليهم وكيل الحاكم العام وأبلغ سعدا أنه سينتقل وحده من عدن إلى جهة اخري غير معلومة وأن أمامه نصف ساعة فقط ليستعد فيها للسفر ثم يؤخذ إلى السفينة الحربية التى ستقله إلى المنفى الجديد وقد قابل سعد باشا هذا النبأ برباطة جأش عظيم بينما أثار أصحابه عدم السماح لهم بالانتقال معه إلى هذا المكان المجهول.
وبعد نصف ساعة ذهب سعد باشا إلي المرفأ ليركب السفينة ورافقه أصحابه إليها وهم يبكون وينتحبون وقد حاول رحمه الله أن يهدئ من روعهم ويزودهم بالنصائح وهو رابط الجأش حتى إذا حلت ساعة الفراق ودعهم وأنشد بصوت مؤثر: وقد يجمع الله الشتيتين بعد ما يظنان كل الظن ألا تلاقيا.
وما كاد أصحاب سعد يعودون إلي القلعة حتى أرسل الحاكم العام ينبئهم بأن الحكومة الانجليزية أذنت ان يصحب أحدهم سعدا فى منفاه الجديد فسروا لذلك ووقع اختيارهم على معالي الاستاذ (مكرم عبيد باشا ).

فى سيشل يبكيه اللقاء ولا يبكيه الفراق:
وبعد يومين أقلعت السفينة إلى ذلك المنفى المجهول ولم يعلم سعد وصحابه أنهما ذاهبان إلي (سيشل) إلا بعد أن قضيا ثلاثة أيام بين أمواج المحيط ولما وصل إلى (ماهى) عاصمة سيشل هرع الأهالي لاستقبالهما وكانوا يحيون سعد باشا باحترام إكبارا لما سمعوا من أنباء بطولته.
وكان الزعيم الخالد الذكر يقطع الوقت هناك فى التريض ومجاذبة صديقه وأنيسه أطراف الحديث ولما استكشف أن للاستاذ مكرم صوتا شجيا وجد فى إنشاده ما كان يذهب ملله ويرضى نفسه وقد أكمل دولته تعلم اللغة الانجليزية على الاستاذ مكرم فى سيشل وكان إذ ذاك يدرسها فى كتاب وضعه مستر رمزى مكدونلد عن الاشتراكية.
وبعد أيام قلائل من نقل سعد إلي سيشل أصدرت السلطات البريطانية أمرها بنقل أصحابه إلي الجزيرة نفسها وقد انهمرت الدموع من عيني سعد العظيم وهو يستقبلهم عند وصلهم إلي (ماهى) عاصمة سيشل وقال: إن الله سبحانه وتعالى لم يشأ أن أفارق هذه الحياة وانا بعيد عن أولادى.

فى جبل طارق
لم يمض وقت طويل على اجتماع سعد بأصحابه من جديد حتى قرر الانجليز نقله إلى جبل طارق ولم يسمح له باصطحاب أحد سوي تابعه الأمين (عبدالله أفندى محمود) فلما كان فى منتصف الطريق أعتلت صحته فضوعفت العناية به ولما وصل سعد إلى جبل طارق استقبله على ظهر الباخرة سكرتير الحاكم العام وبعض كبار رجال الحكومة الملكية والعسكريين استقبالا رقيقا واختاروا لإقامته منزلا رحبا ذا حديقة كبيرة فوق ربوة عالية فى نفس المكان الذي يضم مساكنهم ومعسكرات الجند والمستشفيات.
وكان أول عمل قام به سعد باشا بعد وصوله إلى جبل طارق أن أرسل الخطاب الآتي إلى الحاكم العام:
جناب حاكم جبل طارق.. أشعر بأن الواجب يفرض على أن أحيطكم علما بحالة أصدقائى الذين تركتهم فى سيشل راجيا أن تتفضلوا بتوجيه هذه الرغبة الودية إلى الحكومة الإنجليزية.. أن المناخ فى سيشل ردئ جدا بالنسبة لأبناء بلادى وجميعهم هناك يعانون كثيرا من تأثيره وان صحتهم لفى خطر. لذلك أرجو ان ينقل أصحابى من سيشل إلى مكان آخر يتفق مناخه وأحوالهم الصحية ويسهل الاتصال بطبيب واتخاذ الاحتياجات الضرورية التى هم فى أشد الحاجة إليها «.
وقبل أن ينقل سعد باشا من سيشل إلي جبل طارق أخذ معه صورة جمعت رفقاءه فى المنفي وهو يتوسطهم فكان لا يفتأ وهو فى جبل طارق ان ينظر إلى هذه الصورة ويضمها إلى قلبه وهو يقول: «هؤلاء هم اولادى فليحرسهم الله».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.