تعد صناعة المفروشات من الصناعات شديدة الأهمية للاقتصاد القومي، وتتمتع تلك الصناعة في مصر بميزات تنافسية كبيرة تجعلها قادرة على النفاذ للأسواق العالمية.. مصانع كثيرة في مصر منتجة للمفروشات والستائر والوبريات تباع منتجاتها في أمريكا وأوروبا ومنطقة الشرق الأوسط والعديد من دول العالم نظراً لجودتها وأسعارها التنافسية اضافة الى التصميمات والابتكارات المحلية التي تتميز بالذوق الرفيع.. التقيت واحداً من أهم تجار المفروشات في مصر وهو رجل الأعمال الشاب محمد شطا.. يرى «شطا» أن الاقتصاد لن ينمو إلا بالصناع والصناعة المحلية أولاً. يؤكد أن مصانع كثيرة تعثرت وبعضها أغلق أبوابه لأنها لا تجد من يرعاها ويأخذ بيدها وينقذها من التعثر. يقول إن الكارثة الكبرى في الصناعة هى عدم وجود مدارس فنية متخصصة قادرة على إخراج كوادر وصناع جدد. يشدد على أن القرارات الحكومية غير المدروسة، وعدم وجود من يرعى مصالح الصناع المحليين هى السبب الرئيسي في هبوط أرقام الصادرات. مع محمد شطا عضو المجلس التصديري السابق للمفروشات كانت السطور التالية. سألت بداية محمد شطا عضو المجلس التصديري الأسبق للمفروشات.. لماذا تراجعت صناعة المفروشات ولم يحدث بها أي تطور مثل الملابس الجاهزة - مثلاً؟ - فأجاب: - بداية لابد أن تعلم أن الصناعة بمختلف قطاعاتها هي التي تقود أي اقتاد في أي بلد في العالم بما فيها الدول الصناعية الكبري للنمو.. وصناعة المفروشات في مصر تترنح لأنها لا تجد من يأخذ بيدها ويرعاها ويحفزها مثل صناعات أخري كثيرة تدعمها الدولة بكل قوة مما نتج عنه تحول عدد كبير من التصنيع الى الاستيراد، وأغلقت مصانع كثيرة لا يقل عمرها عن 25 عاماً وبها خبرات وكوادر بشرية هائلة يصعب بناؤها مرة أخرى. قاطعت «شطا» قائلاً: ولكنكم كصانع لاتزالون تتمتعون بالدعم الحكومي الى الآن في شكل حوافز تصديرية فرد قائلا: - كل دول العالم تدعم صناعها بحزمة من الحوافز الهائلة بدء من دعم المزارع في الأراضي وانتهاء بأسعار الأراضي للاستثمار الصناعي والطاقة وغيرها، أما حالنا في مصر فقد انخفض الدعم للنصف تقريباً مما يعني ذبح المصدرين، وارتفعت اسعار الاراضي للاستثمار الصناعي بالتزامن مع ارتفاع أسعار الطاقة خاصة الغاز والكهرباء وهو ما نتج عنه زيادات في اسعار النولون.. هل هذا هو الدعم الحكومي للصناع؟! هل هذا ما تسمونه دعماً في ظل التطور المذهل في الصناعة والمنافسة الضارية في الأسواق الخارجية؟! صناعة المفروشات لا تجد من يرعاها خاصة أن أمامنا فرصاً تصديرية لم ولن تتكرر مرة اخرى بعد ابتعاد المصنعين السوريين عن السوق العالمي نظراً للاحداث السيئة الدائرة حالياً هناك.. الصانع المصري يعاني وعليه اعباء شديدة وعلى الحكومة أن تعي ذلك جيداً وتربط مصالح الاقتصاد القومي بمصالح القطاع الخاص في اطار ما يسمى بالاقتصاد المزدوج القائم على مصلحة الطرفين مصلحة اقتصاد الدولة والصناعة بالقطاع الخاص. ألا ترى أنكم تلقون بالعبء الأكبر على الحكومة دون أن تقوموا وتقدموا أنتم كصانع مبادرات للتطوير وتنمية استثماراتكم وصناعتكم؟ - لا نجد من يسمعنا وينفذ مطالبنا.. كان لدينا حلم بتطوير صناعة المفروشات وتحديث الميكنة وتصنيعها محلياً في مصر وليكن في الهيئة العربية للتصنيع والانتاج الحربي، وقمت شخصياً بعمل دراسة متكاملة في هذا الموضوع وعقدت عشرات الاجتماعات وكل ما تلقيته وعوداً براقة بالتنفيذ ولم يحدث شىء للآن رغم مرور أكثر من عام على ذلك رغم أن الفكرة كانت بسيطة للغاية ولن تكلف الدولة شيئاً.. وكانت الفكرة عبارة عن تصنيع أو شراء ماكينات حديثة ونقوم بإحلالها مكان الماكينات القديمة العتيقة بأقساط علي عشر سنوات مثلاً دون فائدة على أن يتم تخصيص جزء من الدعم نسدد به الفوائد، وتكون أولوية الماكينات لأصحاب الصناعات الصغيرة والمتوسطة لخلق جيل جديد من الصناع في مجال المفروشات والستائر بسوقه الواسع الذي يتسع للمئات من المشروعات الجيدة لأن لدينا سوقاً محلياً ضخماً بالاضافة لسوق التصدير. هل يعني ما تقوله أن صناعة المفروشات في خطر وأنه من الوارد إغلاق بعض المصانع أوتعرض بعها للتعثر فنياً ومالياً؟ - إذا استمرت الحكومة في تجاهلها لحل مشاكل الصناع بالقطاع الخاص، فلا مفر من أن ينهض برفيقه القطاع العام الذي مات اكلينيكيا، فالحكومة تصدر قوانين ولوائح غير مدروسة مثل تخفيض نسب دعم الصادرات بين 25 و50٪ للمصانع بالمناطق الحرة، والمصانع بالمناطق الصناعية بجانب الزيادات الكبيرة في أسعار الطاقة والنقل وتكلفة المواد الخام في ظل ازمة الدولار.. كل هذا سيؤدي الى هبوط أكبر في عائد الصادرات وتعثر أعداد كبيرة من المصانع، بالاضافة الى كل ذلك سيتم تشريد أعداد كبيرة من العمالة الفنية التي تتمتع بالكفاءة الفنية التي يصعب تعويضها خاصة في ظل عدم وجود مدارس فنية متخصصة في الصناعة. الشيء الأخضر من ذلك أن اعداداً كبيرة من المصنعين ستتحول الى الاستيراد للابتعاد عن بيروقراطية الأجهزة الحكومية والمخاطر والمشاكل التي تلاحقهم وتحول المصنعين الى مستوردين أمر شديد الخطورة لأن الدولة ستفقد شريحة كبيرة من موارد النقد الأجنبي بالاضافة الى عدم ضخ استثمارات جديدة تفتح أبواب وفرص عمل لجيوش الشباب التي تتخرج سنوياً من المعاهد والجامعات والمدارس الفنية، وعلى الدولة ألا تتناسي أن القطاع الخاص والصناعة والصناع المصريون هم من حملوا على عاتقهم الاقتصاد المصري خلال فترات الثورة ولم تتعطل حركة الانتاج والبناء وتشغيل الشباب رغم غياب الاستقرار الأمني في ذلك الوقت ولا يعقل بعد كل ذلك أن تتخلى الدولة عن الصناع، فالصانع أصبح يسأل من أقل شخص لأكبر شخص في الجهاز الاداري والاجهزة المعنية بالدولة عن المستندات والأوراق التي لها وجود والتي ليس لها وجود.. أقول: إنه من مصلحة الاقتصاد والصناعة والحكومة وكل اطراف العملية الانتاجية ألا يتم الاعتماد على تعيين أهل الثقة على حساب أهل الخبرة والصناع المتخصصين الدارسين والذين هم أدرى الناس بمشاكل صناعاتهم وطرق حلها، ولذا لابد من استشارة الصناع والاستماع لهم والجلوس معهم لأنهم أصحاب الشأن وطرف أساسي في التنمية. هل ترى أن المنتج المصري قادر على المنافسة خارجياً في ظل المنافسة والتطور الرهيب في الصناعات المثيلة بدول اخرى مثل الصين وباكستان والهند وبنجلاديش وغيرها؟ - الصناعة المصرية في كل قطاعاتها قادرة على المنافسة بدليل انك تجد سلعاً مصرية كثيرة غذائية وهندسية وغيرها تباع في أكبر السلاسل العالمية، ولكن النجاح المستمر والمنافسة المستمرة في حاجة الى تطوير وتحديث مستمر.. لابد من الاهتمام بالزراعة والسياحة والاهتمام بمصانع الغزول والفلاح وعلى الدولة أن تبتكر أساليب جديدة للترويج والتسويق وتحديث معلوماتها ولتكن هناك شراكة مع شركات اجنبية ذات خبرات عالية للتسويق والترويج للمنتجات.. لابد من انشاء مدينة صناعية متخصصة للمفروشات على أن تكون مجهزة بالمرافق والخدمات وملحق بها معاهد ومدارس فنية متخصصة على أعلى مستوى، فبناء المصانع والمدن الصناعية أهم مليار مرة من منح الأراضي للمحظوظين لبناء الفيلات والقصور!