هل ضغطت الشركات القائمة لتأجيل إصدار الرخصة؟! لصالح من يحرم وزير الاتصالات شركة مملوكة للدولة من أرباح بالملايين؟ سياسة تجاهل الشبهات تثبت وجود فساد يبدو أن نفوذ رجال الأعمال يتصاعد بسرعة وبقوة في أكثر من اتجاه وأخشي أن أقول إن الأخبار التي تتسرب حول هذا النفوذ تثير شبهات قوية حول تواطؤ وخضوع السلطة التنفيذية ممثلة في بعض الوزراء لهذا النفوذ. الخطير أن هذا النفوذ يتمكن من استصدار قرارات وزارية أو دفع وزراء لعرقلة وتعطيل قرارات، وفي الحالتين ينتهي الأمر، سواء في حالة صدور قرارات أو تعطيل قرارات، ينتهي الأمر بحرمان مؤسسات مملوكة للدولة وللشعب بطبيعة الحال من أرباح مؤكد بمئات الملايين من الجنيهات سنويا لتذهب هذه الأرباح إلي خزائن بعض رجال الأعمال أو الشركات الخاصة ربما وحرمان الشعب المصري منها. تعطيل رخصة الشبكة الرابعة أحد النماذج الصارخة لهذا النفوذ يتجسد بكل وضوح في مجال الاتصالات وبالتحديد في مجال النشاط المتعلق بشبكات الهاتف المحمول. القصة بدأت منذ فترة طويلة، عندما أتمت الشركة المصرية للاتصالات دراسة حول إنشاء الشبكة الرابعة للهواتف المحمولة. الدراسة أكدت حاجة السوق المصرية الملحة لمثل هذه الشبكة، ودراسات الجدوي الاقتصادية انتهت إلي نتائج إيجابية للغاية تكشف عن أرباح مؤكدة لهذه الشبكة الرابعة تبلغ مئات الملايين من الجنيهات سنويا. والأهم ان الشركة المصرية للاتصالات المملوكة للدولة - أي المملوكة للشعب - سوف تحصل علي هذه الأرباح عندما تتم الموافقة رسميا علي منح الترخيص للشركة الوطنية المملوكة للدولة والتي تقدمت للجهات المعنية (وزير الاتصالات) بكل الدراسات والمستندات المطلوبة للحصول علي هذه الرخصة. وتابع الشعب المصري المسلسل الهزلي المتعلق بهذا الموضوع علي مدي أكثر من عام، فالمسئولون بالشركة المصرية للاتصالات يطلقون التصريحات بقرب إطلاق الشبكة الرابعة للهاتف المحمول، وتمر الأسابيع والشهور دون أن تتحقق هذه التصريحات. وتشككت الجماهير أول الأمر في قدرة الشركة المصرية للاتصالات علي إنجاز هذه الشبكة، غير أن المسئولين بالشركة كانوا يواصلون إطلاق التصريحات التي تؤكد قدرة الشركة علي بدء النشاط فورا عندما تحصل علي «الترخيص» الذي يمكنها من مزاولة هذا النشاط. وبدأت الهمسات تتكاثر حول «الجهة» التي تعرقل حصول الشركة المملوكة للدولة علي «الترخيص» المطلوب والذي يملك وزير الاتصالات سلطة إصداره؟! الخلافات الشخصية؟ 1- بدأت التسريبات بأحاديث عن خلافات بين وزير الاتصالات ورئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للاتصالات.. ولو صحت هذه التسريبات فمعني هذا ببساطة ان وزير الاتصالات يتحمل المسئولية كاملة عن تعطيل منح الترخيص للشركة المملوكة للدولة؟! فلا يمكن لعاقل ان يتصور تعطيل نشاط يدر مئات الملايين من الجنيهات سنويا تدخل خزينة الدولة لان الوزير المختص علي خلاف مع رئيس مجلس إدارة شركة؟! فلو أن الخلاف بين رئيس مجلس إدارة الشركة وبين وزير الاتصالات يتعلق بأمور فنية أو إجرائية فالتصرف الطبيعي يتطلب من وزير الاتصالات دعوة رئيس مجلس إدارة الشركة للقاء يحضره فنيون متخصصون لمناقشة وجهات النظر المختلفة والتوصل إلي حل تكون نتيجته إصدار الوزير «الرخصة» المطلوبة فورا. أما إذا كانت الخلافات شخصية فهذا الخلط بين الأمور الشخصية والمصلحة العامة خلط غير مقبول، ولو أن الأمر تم علي هذا النحو فمعني هذا ان وزير الاتصالات يتصرف بطريقة معيبة ولا تتناسب مع أهمية وحساسية المنصب الذي يشغله. ضغوط وإغراءات رجال الأعمال 2- الاحتمال الثاني - وهو الأخطر - حسب التسريبات ان شركات المحمول الثلاث رأت أن صدور الرخصة للشركة المصرية للاتصالات سوف يفتح الباب لمنافسة قد تؤدي إلي تقليل أرباح هذه الشركات وحصول الشركة الجديدة المملوكة للدولة علي بعض هذه الأرباح. وهنا تكاتفت هذه الشركات الثلاث ومارست ضغطا عنيفا، وفي رواية أخري قدمت إغراءات قادرة علي التغلب علي أي مقاومة؟! وفي رواية ثالثة ان هذه الشركات مزجت بين الضغوط والإغراءات. المهم - حسب التسريبات - أن الشركات الثلاث نجحت في إجبار أو إغراء وزير الاتصالات ليؤجل موافقته علي إصدار الترخيص الذي طلبته الشركة المصرية للاتصالات حتي تضمن الشركات الثلاث الاستمرار في جني مئات الملايين من الجنيهات سنويا من أموال المواطنين المصريين. وسواء وصفنا موقف وزير الاتصالات بأنه «تأجيل» أو «تعطيل» فالنتيجة واحدة وهي حرمان شركة مملوكة للدولة - أي للشعب - من أرباح سنوية تصل إلي عدة ملايين من الجنيهات، ستدخل آخر الأمر إلي الخزانة العامة للدولة. كيف نزيل الشبهات؟ هذه هي التسريبات التي يتم تداولها علي نطاق واسع. والتي تثير تساؤلات كثيرة إجاباتها كلها تصب في اتجاه واحد وهو وجود شبهات فساد قوية. ولا شك ان مثل هذه الشبهات لا تزيلها أو يخفف منها لجوء الوزير إلي تجاهل هذه التسريبات التي تستقر في إدراك المواطنين باعتبارها حقائق إذا استمرت حالة التجاهل. بل إن الشبهات - في هذه الحالة - ستكون مشروعة وأيضا سوف يمتد تأثيرها ومجالها ليصل إلي رئيس الوزراء بل وإلي السلطة التنفيذية بكل قياداتها باعتبار أن رئيس الوزراء علم بما يثار من شبهات ولم يتحرك لبيان الحقائق. الحل - يا سيادة وزير الاتصالات في تصرف عملي يزيل هذه الشبهات. وهذا الحل يتطلب مواجهة شجاعة وأمينة لجلاء موقفك. ويحقق هذا الهدف حوار تليفزيوني تواجه فيه هذه التساؤلات وترد عليها بالوثائق والإجابات المنطقية. علي ان يشارك في اللقاء رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للاتصالات ليدافع عن وجهة نظره. وبهذا الأسلوب وحده يمكن أن يواجه وزير الاتصالات ومعه رئيس الوزراء الشكوك القوية التي أثارتها التسريبات المفسرة لتأخر إصداره «رخصة» شبكة المحمول الرابعة للشركة المصرية للاتصالات.