هذا المقال اليوم أوجهه لمن يملك اتخاذ القرار، وأتمنى أن يتخذ قراره بعيدًا عن أى عواطف.. وهو يخص مستقبل الأرض الزراعية الجديدة التى نسعى ونحلم بزراعتها فى الصحراء الغربية - حول الواحات - وعلى امتداد نهر النيل من أسوان جنوبًا وحتى الجيزة. أقول اياكم وتفتيت هذه الأرض الجديدة. وكفى ما جرى لتدمير الزراعة القديمة عندما تم تفتيت الأرض القديمة وكفى حكاية الفدادين الخمسة.. وخمسة فدادين لأن ما كان خمسة عام، عام 1952 - سبتمبر - تم تفتيته بالتواريث.. والجدع من هؤلاء الآن.. من يملك قيراطًا أو حتى سهمًا.. بعد أن توارثت هذه الأرض أجيال وأجيال. إذ نتج عن هذه الحكاية أن أصبح مالك أى سهم أو قيراط يسعى لزراعته بالفجل والجرجير.. أو شوية درة.. أو حتى حقل أرز، ليأكل هو.. ولكن ماذا عن باقى سكان مصر. وهذا أدى إلى تفتيت الأرض وبالتالى تفتيت انتاجيتها لأن المالك هنا - وهو يروى بالغمر - يتكلف كثيرا من ماكينة الرى.. ويزرع نصيبه هذا يدويًا.. ثم يحصده يدويًا.. ولكن ماذا يحصد؟! هنا يأتى ما أطالب به، وهو بعيد تمامًا عن أى بعد اجتماعى أى تمليك صغار المزارعين فدادين خمسة، وذلك حتى نقوم برى هذه الأراضى الجديدة ريًا جماعيًا بالرى المحورى أى بالبيفوتات.. ثم يتم حصاد المحصول جماعيًا بالحصادة الميكانيكية لنقلل ما أمكن تكاليف الزراعة والحصاد. وحتى نتمكن من زراعة الأرض الجديدة بالقمح والذرة والبنجر وغيرها من الزراعة واسعة الأرض، على مدى الشوف.. وتذكروا هنا أن الدول الأكبر انتاجا للقمح والذرة فى العالم وهى كندا وأمريكا وفرنسا وأوكرانيا وروسيا والأرجنتين ما سادت العالم بهذه المنتجات إلا من خلال هذه المزارع كبيرة المساحة. واعتقد أن هذا الأسلوب هو ما اتبعته القوات المسلحة وأيضا كبار المستثمرين فى مشروع شرق العوينات مثل المستثمر الناجح الحاج محمد أبوالعينين وغيره.. وهنا يمكن أن نتفق مع المستثمرين السعوديين والإماراتيين الذين حصلوا على أرض كبيرة فى مشروع توشكى على ضرورة زراعة هذه الأراضى بالقمح والذرة والبنجر - حسب درجة جودة الأرض - لكى نقلل من استيراد القمح - ونحن للأسف أكبر مستورد للقمح فى العالم - وكذلك نقلل من استيراد الذرة سواء لاستخدامها فى انتاج الخبز المخلوط، أو للحصول على الزيت.. أما التوسع فى زراعة البنجر فهو بهدف تقليل مساحة ما نزرعه من أرض بالصعيد، بقصب السكر.. وكذلك نشجع هؤلاء على التوسع فى زراعة دوار الشمس من أجل الزيت أيضا، خصوصًا وأن مصر تستورد الآن حوالى 95٪ من احتياجاتها من زيوت الطعام. وليس فى الاتفاق - بل إلزام - هؤلاء المستثمرين بزراعة هذه المنتجات التى تعطى انتاجا كميًا كبيرًا، أى شبهة لتقييد المستثمر على انتاج منتجات بعينها.. وبالذات الزراعة التصديرية. وإذا كان الكلام عن البعد الاجتماعى فإننا يمكن أن «نملك» الشباب هذه المساحات - على الورق - بشرط أن نترك الأرض كلها قطعة واحدة لانتاج القمح والذرة وغيرهما.. ويمكن أن يعمل هؤلاء الشباب من الملاك على الورق فى هذه المشروعات.. على أن يحصلوا على حصصهم من الأرباح.. إما عينًا - أى قمح وذرة - أو ثمنا ماليًا سائلا المهم إلا نسمح بتفتيت الأرض، مهما كان السبب.. هذا إذا أردنا فعلا أن نسهم فى زيادة انتاجنا من هذه المنتجات فى الأرض الجديدة. وهذا الكلام ينطبق على أى أرض جديدة. فى توشكى وفى شرق العوينات وفى الواحات الأخرى.. وفى الأراضى الصالحة فى وادى النقرة وغيره من وديان فى محافظة أسوان، وغيرها. وكم أتمنى أن يصدر تشريع يمنع «تسقيع» هذه الأرض ثم بيعها وذلك لمدة 50 سنة على الأقل.. حتى نعبر فجوة الجوع الغذائى التى نعانى منها الآن. بل ونلزم كل مستثمر - فى هذه الأراضى - بالبعد تمامًا عن نظام الرى بالغمر، حتى ولو كانت أرضا للخضراوات.. أو أرضا بستانية للفواكه.. ولا تدعونا نفكر فى وضع تسعيرة لمياه الرى.. وكفى ما يجرى من إهدار للمياه.. فى الأراضى القديمة مع إلزام المزارعين الجدد بحصص محددة للمياه.. أى تحديد مقننات المياه الكافية لكل محصول. وكفى إهدارًا للمياه.. وكفى تفتيتا للأرض.