هذه حقيقة.. أننا نتكلم أكثر مما نعمل. وما أكثر ما تكلمنا عن سخرية سلوكنا بأننا نزرع ليأكل الحيوانات.. أكثر مما نزرع لنوفر الطعام للبشر.. واحسبوا كم من مساحة مصر نزرعها بالبرسيم.. وكم نزرع بالقمح.. حتي ولو قالوا إن زراعة البرسيم تريح الأرض بينما القمح يجهد هذه الأرض.. ولكن هذه لها حل.. وما دمنا ننتج 40٪ فقط مما نأكله من القمح ونستورد 60٪ استجابة لمافيا استيراد القمح ونقله وتشوينه. فلماذا لا نزيد مساحة الأرض التي نزرعها بالقمح. نقول ذلك والعالم دخل بالفعل في دوامة من الجفاف ضربت أكبر منتجي القمح في العالم: روسيا.. وأمريكا.. وعندما تحتدم المشاكل ويقل المعروض من القمح في الأسواق العالمية لا يهم بكم نشتريه.. ولا يهم إلا أن نوفره.. محليا!! ولكن هل ذلك ممكن.. ** أقول: هو ممكن بالفعل.. وبدون اللجوء إلي مياه النيل التي تحكمها حصة ترفض الدول شريكتنا في النيل زيادتها.. كيف؟ في مصر، في الصحراء الغربية.. حيث الواحات الكبري: سيوة والداخلة والخارجة والفرافرة.. سواء منها ما هو تابع لمحافظة الجيزة.. أو لمحافظة الوادي الجديد غرباً، أيضا في واحدة فقط منها يمكن أن نجد الحل.. ان مصر تملك خزاناً عظيماً من المياه الجوفية.. هو ما يعرف باسم: الخزان الجوفي النوبي.. وهو مخزون كبير يمثل نهراً عظيماً ولكن يجري تحت سطح الأرض.. ينبع- في الغالب- من المناطق المطيرة وسط وشمال وسط القارة الافريقية، وإن كان معظمه يأتي من تشاد، حيث بحيرتها الشهيرة.. وما حولها.. ** وهذا النهر الجوفي اختلفت الآراء في عمره الافتراضي، هذا إذا آمنا بأنه مستمر الجريان.. فإذا لم يكن كذلك فإن عمره الافتراضي يتراوح بين 200 عام و500 عام. وان كانت الآراء ترجح أنه دائم الجريان.. بدليل استمرار تدفق المياه في هذه الواحات منذ مئات السنين.. وبالذات في واحة سيوة، واحة آمون التي عرفت الزراعة في هذه المنطقة البعيدة عن النيل ومجراه. ذلك أن تدفق المياه الحلوة من هذا الخزان مستمر.. ودون تغير في مستواه ونتج عن ذلك عشرات البحيرات والبرك.. ودفع ذلك شركات تعبئة مياه الشرب في زجاجات إلي اقامة العديد من المشروعات هناك: شركات أهلية.. وشركات خاصة.. وعامة.. بل وشركات عسكرية.. وللأسف نترك الباقي اما يتبخر بسبب شدة الحرارة.. واما يعود إلي باطن الأرض. ** ويقول خبراء الزراعة وأساتذة الأراضي انه يمكننا زراعة ما بين مليون ومليون ونصف المليون فدان بما نريد من المحاصيل.. أي دون اللجوء إلي حفر قناة تسحب المياه من النيل، أو من بحيرة السد إلي هذه المناطق لزراعتها أي سنترك مياه النيل للأراضي التقليدية. هنا فإن المصلحة العليا تقضي أن نزرع هذه الأراضي بالقمح. وعلينا أن نستخدم أحدث وسائل الزراعة الحديثة من حرث الأرض إلي البذار إلي الرعاية إلي الري المحوري، أي الري بالرش.. ثم تأتي عمليات الحصاد وأيضا يجب أن تتم آليا. وعلينا أن ندرس تجارب زراع القمح الكبار من روسيا إلي أوكرانيا إلي فرنسا ثم الولاياتالمتحدة وحتي البرازيل والأرجنتين لنستفيد بالزراعة الميكانيكية أي بالإنتاج الكمي للمزارع واسعة المساحة. ولنا أن نتصور حجم إنتاج مليون فدان أو مليون ونصف المليون. وعندما أتحدث عن الزراعة الحديثة الكمية فإنما أقصد ألا نملأ هذه الأرض بالبشر لكي يأكلوا معظم الإنتاج. حتي ولو جمعنا بين حلم الخروج من الوادي وحلم توفير احتياجاتنا من القمح، وأن نأكل مما نزرع.. ** وهناك منطقة أخري واعدة يمكن زراعتها أيضا بالقمح- غير سيوة- هي منطقة شرق العوينات، التي ذهبت إليها الشركة العامة للبترول للبحث عن البترول.. فتدفقت المياه الحلوة من البئر بدلاً من البترول وتركت الشركة المنطقة وتركت المياه تتدفق وترتفع عشرات الأمتار.. في الهواء.. حقيقة قامت القوات المسلحة بزراعة مساحات منها بالقمح وغيره.. كما قام بعض المستثمرين بزراعة مساحات أخري للاستفادة من المياه المتوفرة هناك ولكن يمكن زراعة كل هذه المساحة المتاحة، بل والتوسع فيها بالقمح الذي نحتاجه.. مهما كانت تكاليف زراعته. ولكن الزراعة الكمية أي الآلية ستعطي تكلفة أقل.. تقربها من الأسعار العالمية، لأن حكومتنا الرشيدة تدعي أن تكاليف زراعة القمح عندنا أعلي من مثيلاتها في الخارج.. ** وإذا كانت تجربة منطقة الصالحية الجديدة قد فشلت بعد أن باعت الدولة أراضيها لعدد محدود من العائلات الليبية وكان من أهم أهدافها زراعة القمح والذرة.. بل وإقامة زراعة الذرة لإنتاج زيت الطعام من ناحية وإنتاج النشا.. والسكر «الجلوكوز» من ناحية أخري.. ودعونا من زراعة القمح في سيناء إلي أن نعيد الأمان إلي هذه الأرض الغالية.. هل كل هذا ممكن لنقلل من حجم استيرادنا للقمح؟!