هل قرأ رئيس وزراء مصر المحروسة التقرير الصحفي الذي نشرته مجلة «فوربس الشرق الأوسط» مؤخراً.. وأشارت فيه وبالأرقام إلي أن السعودية هي الدولة الأولي التي تضم العدد الأكبر من مليونيرات وبليونيرات المنطقة.. تليها مباشرة مصر بلدنا.. متفوقة بذلك علي الإمارات ودبي المعروفتين بثرائهما الفاحش وغناهما الشديد! هذا الإحصاء الذي قدمته مجلة «فوربس» معناه أن الذين يملكون مئات الملايين والمليارات من المصريين ليسوا كثيرين فقط.. وإنما هم أكثر عدداً من أمثالهم في دولة الإمارات.. رغم أننا لا نملك مثلها بترولاً ولا غازاً! وبعيداً عن تقرير «فوربس» ومليونيراته وبليونيراته أتساءل: هل قرأ رئيس الوزراء وفريقه الوزاري ما جاء في «مؤشر البؤس» الذي تعده «مؤسسة بلومبرج» الاقتصادية المتخصصة وتنشره كل أربع سنوات.. ووضعت فيه مصر في الترتيب السادس عالمياً بين الدول الأكثر بؤساً.. متقدمة بذلك علي تركيا وباكستان وإسبانيا! المعروف أن ذلك الترتيب جاء بناء علي وضع مصر بالنسبة لحجم البطالة والتضخم.. فهما المعدلان اللذان تعتمد عليهما الوكالة الاقتصادية في ترتيب الدول من حيث «البؤس» وهو الذي أوصلنا أيضاً إلي الترتيب السادس الآن وبنسبة 38.1٪ بعد أن كان 21.1٪ في آخر إحصاء جري إعداده قبل ثورة يناير في نهاية عاما 2010! هذان المؤشران لحجم الأثرياء في بلدنا ونسبة البؤساء فيه يدعونا للتساؤل: لماذا اتجهت الدولة لإصلاح العجز في الموازنة العامة بفرض أعباء علي الفقراء ومحدودي الدخل من خلال رفع أسعار الطاقة والكهرباء والمياه.. ولم تتوجه أولاً نحو أصحاب الثروات الذين استنزفوا موارد مصر علي مدي ثلاثين عاماً من حكم مبارك؟! هؤلاء حصلوا علي دعم في الطاقة لمشروعاتهم حقق لهم ملايين.. واستحوذوا علي مساحات من الأراضي وبالأفدنة في المدن الجديدة والمناطق الصناعية والموانئ البحرية دفعوا ثمنها ملاليم وباعوها بالمليارات! حولوا أرباحهم إلي استثمارات جديدة حتي تخرج ميزانيات شركاتهم دون أرباح ولا ضرائب، وعندما تضخمت أنشطتهم باعوا بعضها في صفقات البورصة المعفاة من الضرائب بفعل سياسات الفساد! هذا الخلل دفع صندوق النقد الدولي خلال المفاوضات الأخيرة لمنح مصر قرضاً ب 4.8 مليار دولار.. أن يطالب الصندوق حكومة بلدنا بتحصيل 650 مليار جنيه من رجال الأعمال سنوياً كمستحقات للدولة عن حجم أعمالهم وأرباحهم! لكن الحكومة التزمت الصمت والتعتيم.. لأنها علي ما يبدو قليلة الحيلة.. ولا تملك إرادة سياسية ولا رؤية اقتصادية.. ولهذا وضعت أصابعها في جيوب الفقراء وبؤساء المحروسة.. واكتفت بالملاليم التي يتبرع بها الأثرياء لغسيل ثرواتهم وضمائرهم!