قرارات الرئيس خارطة طريق للعاملين فى الميديا والصحافة    أين هم الآن «معتصمو رابعة والنهضة» ؟    وزير الرى يتفقد مجرى نهر النيل فى 6 محافظات لمتابعة إزالة الحشائش    سؤال صلاح.. وبيليه فلسطين!!    من يوقف جنون نتنياهو؟    بتروجت يمنح الزمالك أولوية التعاقد مع حامد حمدان فى يناير بشروط    تشكيل البنك الأهلي لمواجهة غزل المحلة في الدوري    القبض على السائق المتسبب فى حادث الشاطبى    إنسانية اللا طمأنينة    محمود عصمت: شراكة "أميا باور" نموذج يحتذى به في مشروعات الطاقة    الأمن الغذائى    عبد الصادق الشوربجي: زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا تعكس تقدير الرئيس لدور الصحافة المصرية    ضبط 300 ألف بيضة فاسدة تحتوي على دود وحشرات في الغربية    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يطلق استمارة المشاركة في مسابقات الدورة العاشرة    بسنت شوقي تجرب "حمام الثلج" لأول مرة: "مستحيل أعمله في مكان أحلى من الساحل"    «الصحة» تنظم زيارة لمستشار الرئيس الكولومبي لتفقد منشآت طبية    بدء اختبارات المرشحين للعمل بالأردن في مجالات اللحام وتصنيع وتركيب هياكل معدنية    بحوزته كمية كبيرة من البودرة.. سقوط «الخفاش» في قبضة مباحث بنها بالقليوبية    بروتوكول تعاون بين البنك الأهلي المصري وشركة "بيرنس كوميونتي"    الداخلية تكشف ملابسات واقعة التعدي على صاحب محل بشبرا الخيمة    البورصة تتلقى طلب قيد شركتى جيوس للمقاولات واعمل بيزنس للتدريب    محافظ بورسعيد يستقبل الطفلة فرح ويعد بفتح حساب التضامن فى اسرع وقت    زلزال بقوة 3.7 ريختر يضرب عاصمة مدغشقر ويثير قلق السلطات    الجوازات والهجرة تواصل تقديم خدماتها للمترددين عليها    تفاصيل انتهاء المدة المحددة للتظلم على نتيجة الثانوية العامة 2025.. فيديو    حبس المتهم بإلقاء ماء نار على طليقته فى الوراق    قطع المياه فى مدينة نبروه بالدقهلية غدا لمدة 12 ساعة لإصلاح تسريب بالمنطقة    فلوريان فيرتز يتوّج بجائزة أفضل لاعب ألماني لعام 2025    "كيف وأين ولماذا مات؟!".. محمد صلاح يهز عرش الاتحاد الأوروبي بتساؤلات جريئة حول استشهاد بيليه فلسطين.. صحف العالم تحتفي بشجاعة "الفرعون" فى مواجهة يويفا.. و800 شهيد حصيلة جرائم الإبادة الإسرائيلية بحق الرياضيين    مصادر إسرائيلية: ترامب يضغط لمنع احتلال قطاع غزة والتوصل إلى صفقة    تفاصيل لقاء أشرف زكى مع شعبة الإخراج بنقابة المهن التمثيلية.. صور    فى انطلاق ملتقى "أهل مصر".. 8 ورش إبداعية استكمالا لمسيرة دعم وتمكين المرأة    الإمارات ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    إصابة 6 أشخاص بينهم طفلة بإطلاق نار جماعى فى بالتيمور الأمريكية    التعليم العالى: براءة اختراع جديدة لمعهد تيودور بلهارس فى إنتاج بروتينات علاجية    الصحة: حملة "100 يوم صحة" قدّمت 38.3 مليون خدمة طبية مجانية خلال 25 يومًا    تحرير 125 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات خلال 24 ساعة    النصر السعودي يتعاقد مع مارتينيز مدافع برشلونة    بيلد: النصر يتوصل لاتفاق مع كينجسلي كومان.. وعرض جديد لبايرن    كهرباء الإسماعيلية يتعاقد مع لاعب الزمالك السابق    السيسي يوافق على صرف البدل النقدي المقترح من الحكومة للصحفيين    موعد إجازة المولد النبوي 2025 وأبرز مظاهر الاحتفال في مصر    لست قادرا على الزواج ماذا افعل؟.. يسري جبر يجيب    حكم قضاء المرأة الصلاة التي بدأ نزول الحيض في أول وقتها.. المفتي السابق يوضح    ملتقى المرأة بالجامع الأزهر: تجربة المدينة المنورة في العهد النبوي نموذجا يحتذى به في جهود النهوض بالأمة    أمين الفتوى يوضح حكم الصلاة أو الصيام عن المتوفى غير الملتزم وطرق إيصال الثواب له    ميكروباص يصدم 9 أشخاص على طريق كورنيش الإسكندرية (صور)    محاولة تفجير فاشلة.. محاكمة المتهمين في قضية «خلية المطرية الإرهابية»    سلامة الغذاء: حملات رقابية ميدانية استهدفت 333 منشأة غذائية الأسبوع الماضي    وزير الري يتابع حالة المنظومة المائية بالمحافظات وموقف إيراد نهر النيل    جيش الاحتلال يعلن اعتقال 70 فلسطينيا في الضفة الغربية    فران جارسيا يربح رهان ألونسو ويثبت أقدامه في ريال مدريد    في هذا الموعد.. علي الحجار يحيي حفلًا غنائيًا في مهرجان القلعة للموسيقى والغناء    مقتل 6 جنود لبنانيين بانفجار ذخائر أثناء محاولة تفكيكها في جنوب لبنان    حظك اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 10 أغسطس 2025    «لا أريد آراء».. ريبيرو ينفعل بعد رسالة حول تراجع الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رغيد الصلح يكتب :الوحدة والتنوع في النظام الإقليمي العربي
نشر في الوفد يوم 19 - 04 - 2013


رغيد الصلح
تضمن التقرير الذي قدمته “اللجنة المستقلة لإصلاح جامعة الدول العربية وتطويرها” إلى الامانة العامة للجامعة ملاحظات ومقترحات مهمة منها ما يتعلق بالالتباس بين - المشاعر القومية الجارفة -
وبين “ضرورات التعاون بين دول مستقلة وذات سيادة” . ورأى التقرير أن هذا الالتباس “أضر بالعمل العربي المشترك وبتطور الجامعة منظمةً إقليميةً فاعلةً” . فهل تنطبق هذه الملاحظة على واقعنا الراهن؟ هل هناك بالفعل مشاعر قومية جارفة في أيامنا هذه تؤثر سلباً في العمل الجماعي العربي وفي تجلياته المؤسسية؟
تنطبق هذه الصورة إلى حد بعيد على مراحل فائتة من التاريخ العربي الحديث، خاصة مرحلة الخمسينات من القرن الماضي حيث كانت الحركة القومية العربية في حالة صعود، وحين كان النظام الإقليمي العربي يعيش مراحله التكوينية . ففي تلك المرحلة كان الاعتقاد السائد لدى الكثير من العرب وغير العرب مثل المؤرخ البريطاني آرنولد توينبي أن “الوحدة العربية آتية قريباً” ولقد تحولت هذه التوقعات إلى أساس لتقييم العديد من السياسات والمواقف العربية . وهكذا لما نشأت جامعة الدول العربية، رأى الكثيرون أن الهدف من هذه المبادرة هو احتواء وإحباط مشروع الدولة العربية الواحدة، وليس التعجيل في قيامها وتهيئة الظروف لتحقيقها . استطراداً، ظن أولئك أن بريطانيا هي التي وقفت وراء تأسيس الجامعة لأنها أرادت منع تحقيق الهدف الوحدوي العربي .
وتعمقت هذه المشاعر بعد الدور المحوري والمأساوي الذي أسند إلى الجامعة خلال حرب فلسطين عام ،1948 وبعد أن قام الكيان الصهيوني على أنقاض حلم التحرر الوطني الفلسطيني . كما تعمقت هذه المشاعر أيضاً بعد عقد من الزمن من قيام الجامعة عام ،1945 عندما طرح مشروع الوحدة المصرية-السورية فجرف كل تفكير بالمشاريع التعاضدية أو الاتحادية . وهكذا عندما دعت بعض القيادات العربية مثل الحكومة السورية بشخص رئيسها الدكتور ناظم القدسي أو الحكومة العراقية بشخص الدكتور فاضل الجمالي، خلال عامي 1951 و1954 على التوالي إلى تعزيز النظام الإقليمي العربي من خلال مشاريع اتحادية وتدرجية الطابع، لم تلق هذه الدعوة ترحيباً واسعاً لدى الوحدويين العرب المتحمسين . لبثت المشاعر القومية العربية التي أطلقها مشروع وحدة مصر وسوريا تهيمن على مسرح السياسة العربية، حيث كان الاعتقاد منتشراً بأن المد الوحدوي العربي، كما قال أكرم الحوراني، أحد قادة هذا التيار آنذاك، سوف يحقق أهدافه الشاملة خلال زمن قصير .
لم تتغير هذه التوقعات المتفائلة إلا بعد الانفصال بين مصر وسوريا وتحول العراق إلى دولة تناوئ المشروع الوحدوي العربي، ما شكل بداية نكسات متتالية للمد القومي الجارف لم تنقطع حتى يومنا هذا . وما كان ينطبق على الأوضاع العربية خلال النصف الأول من القرن المنصرم لم يعد قائماً اليوم . وإذا كانت هناك مشاعر قومية جارفة من هذا النوع فإنها على الارجح ليست مشاعر قومية عربية وإنما مشاعر غير عربية لجماعات إثنية ودينية موجودة في الدول العربية وهي ترتدي طابعاً قومياً أو في بعض الأحيان طابعاً دينياً ما فوق القومي .
وبينما كان التيار القومي العربي الذي كان يحمل المشاعر الوحدوية الجارفة التي يتحدث عنها التقرير يشكل في الماضي ما يمكن وصفه “بالكتلة الحاسمة” أو التاريخية التي تقود الجماهير العربية، فإن الموقف تجاه مسألة العلاقات العربية-العربية ومشاريع التوحيد والأقلمة العربية يتجاذبه في أيامنا هذه تياران رئيسيان:
الأول هو التيار العروبي الذي يضم بدوره فريقين رئيسيين: فريق القوميين العرب من ناصريين وبعثيين وقوميين مستقلين من الذين لا يزالون يطالبون بدولة الوحدة العربية، وفريق “الإقليميين” العرب، إن صح التعبير، وهم الذين يسعون إلى تحقيق التكتل العربي الفاعل الذي يضم الدول العربية المستقلة والمفتوح على شتى الاحتمالات في المستقبل سواء كان المزيد من التكتل أو الأقل منه .
الثاني، التيار اللاعروبي، وهو تيار لا يعدّ العروبة والرابطة العربية مرجعية فكرية أو سياسية له، ومن ثم فإنه غير معني بتطوير النظام الإقليمي العربي وإصلاح أوضاع جامعته العربية . ويضم هذا التيار بدوره فريقين رئيسيين: واحداً قد لا يسعى إلى تطوير علاقة بلده بالدول العربية الأخرى، ولكن في إطار هياكل دولية وإقليمية غير عربية (عقائدية-دينية، اقتصادية، ثقافية-فرعية أو أممية) . وفريقاً معادياً للعروبة يسهم في تكوين تحالفات إقليمية مناهضة للعرب وضارة بمصالحهم .
قد تكون الدعوة العروبية هي الأوسع انتشاراً بين المواطنين، وقد تكون هذه الدعوة، كما يؤكد البعض، مكبوتة تنتظر الظروف المناسبة لكي تخرج إلى العلن، ولكن ظاهر الأمور يدل على أن التيار اللاعروبي هو أكثر فاعلية واندفاعاً في المنطقة العربية اليوم، والأعلى صوتاً والأوفر قدرات . ومن هنا فإنه لا يسع الذين يرغبون في إصلاح النظام الإقليمي العربي أن يحمّلوا حمالي الدعوة العروبية القسط الكبير من مسؤولية الوضع العربي الراهن وكأنهم لا يزالون في ذروة نفوذهم المعنوي والسياسي .
أما الالتباس بين الدعوات العربية وبين أصحابها، فالأرجح أنه لا توجد التباسات واسعة بين هؤلاء الفرقاء، وأنهم يعرفون ما يريدونه ويسعون إلى تحقيقه . فدعاة قيام الدولة العربية الواحدة لا يغيب عنهم هدفهم . ودعاة التكتل الإقليمي العربي يعرفون متطلبات العمل على تحويل النظام الإقليمي العربي إلى تكتل فاعل . فالتجارب الإقليمية باتت جزءاً من تراث عالمي في العلاقات الدولية، وباتت دروسها معروفة في علم وأحاديث السياسة العربية . من يسعى إلى التأكد من هذه الحقيقة يكفيه أن يراجع مشاريع الإصلاح الكثيرة التي قدمتها الدول العربية نفسها للنهوض بالجامعة العربية وبمؤسسات العمل العربي المشترك .
كما أن فرقاء التيار اللاعروبيين يفوقون العروبيين لناحية وضوح هدفهم وتنوع أساليبهم، والتزامهم الحاسم بالسعي إلى تحقيق تلك الأهداف سواء خارج الجامعة أو حتى داخلها . ولقد أتقن الكثيرون من هؤلاء فن المساهمة في صنع القرارات ودفنها في مقبرة النسيان والإهمال . إلا أنه في مطلق الأحوال ليس من الجائز المساواة بين اللاعروبيين “السلبيين”، أي الذين لا يستمدون أفكارهم وسياساتهم من مرجعية عربية، وبين اللاعروبيين “الإيجابيين” والفاعلين الذي يستلهمون العديد من مواقفهم وسياساتهم وأفكارهم من العداء للعروبة وللعرب . هذا الفريق الأخير مصاب بالأرابوفوبيا لأسباب كثيرة لا مجال لشرحها الآن ولكنها موجودة .
لقد كانت اللجنة المستقلة لإصلاح الجامعة على حق عندما رأت أن إصلاح النظام الإقليمي العربي يقتضي التوصل إلى رؤية شاملة تعيد للفكرة العربية ألقها، وتمكن الفرقاء الثلاثة الأوائل من غير المعادين لهذه الفكرة، من الاتفاق على نظرة واستراتيجية وأهداف مشتركة بقصد النهوض بالأوضاع العربية . إن وضع هذه الفكرة في إطارها الإنساني وتأكيد الارتقاء بالمنظومة العربية ينطوي على حرص على هذا التنوع وليس على الوحدة فقط، ما يشكل بوابة مناسبة لولوج مثل هذا التفاهم، كما أشارت اللجنة .
نقلا عن صحيفة الخليج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.