هل هناك تناقض بين التيار الإسلامي والتيار القومي وهل هناك صراع بينهما؟ هذا ما تجيب عنه الدراسة التالية للدكتور إدريس جنداري تحت عنوان إشكالية العلاقة بين العروبة والإسلام. سوء التفاهم هذا يرجع إلي بدايات التأسيس الأولي حيث كان لكل تيار فكري سياسي منطلقاته ورهاناته الخاصة, فإذا انتصر التيار الإسلامي لفكرة الجامعة الإسلامية التي طرحها التيار السلفي خلال مرحلة عصر النهضة حيث يسبق الإسلام العروبة بدرجة, فإن التيار القومي كان يتجه لبلورة تجربة الدولة القومية حيث تسبق العروبة الإسلام بدرجة, وقد تعمق سوء التفاهم هذا أكثر حينما حضرت العلمانية بمفهومها الفرنسي الأتاتوركي كمنطلق أيديولوجي لتأصيل تجربة فكرية وسياسية, كان الهدف منها الفصل بين العروبة والإسلام, كرد فعل علي سياسة التتريك التي مارسها العثمانيون. لقد جمعت بين التيارين منذ ظهورهما علاقة صراع خاصة عندما وصل التيار القومي البعثي إلي السلطة في مصر وسوريا والعراق وذلك ما جسدته العلاقة المتوترة بين جماعة الإخوان المسلمين والنظامين القوميين في مصر وسوريا حيث كان الصراع بين مشروعين متناقضين في منطلقاتهما ورهاناتهما. وهكذا اقتصر تعامل القوميين مع الإسلام من منظور إقصائي معتبرين أن العروبة أساس الوحدة بين العرب( بمسلميهم ومسيحييهم) أما الإسلام فهو دين يتجاوز العرب إلي الفرس والأتراك, وفي المقابل تعامل الإسلاميون مع العروبة بنفس المنهجية, حيث اعتبروا أن العروبة انتماء قومي ضيق بينما الإسلام انتماء حضاري أوسع. لقد نفذت مؤامرات كثيرة سواء في الماضي البعيد أو القريب لفصل العروبة عن الإسلام فمن جهة حاول الفرس خلال العهد العباسي وكذلك الأتراك خلال المرحلة العثمانية اقصاء المكون العربي بينما حاول العلمانيون إقصاء المكون الاسلامي معتبرين أن العروبة مكونا حضاريا مستقلا بذاته. وتؤكد الدراسة ان تجارب التاريخ أثبتت أن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل وظل الإسلام مرتبطا بالعروبة ليس من خلال اللغة فقط ولكن كذلك من خلال الفكر الإسلامي الذي تشكل عبر القرون الماضية وهذا ما يطمئننا علي مصير هذه العلاقة المتشابكة بين العروبة والإسلام مستقبلا. لأن أي مشروع فكري سياسي يسعي إلي الفصل بين المكونين سيكون مصيره الفشل الذريع.