الحرس الثوري الإيراني يعلن اعتقال "جاسوس للموساد" في خراسان الشمالية    عراقجي: إيران صمدت أمام "الضغوط القصوى" لحرمانها من حقوقها النووية    إيران تنتقد دعم بعض الدول الأوروبية لإسرائيل وتطالب بإدانة صريحة للهجمات    السودان: تصاعد الأزمة الإنسانية وتآكل سيطرة المليشيا في دارفور    المأساة الإنسانية في غزة تتفاقم وسط تصعيد دموي وضغوط دولية متزايدة (تقرير)    بمشاركة مرموش.. مانشستر سيتي يهزم يوفنتوس بخماسية في مونديال الأندية    ملخص أهداف مباراة العين والوداد في كأس العالم للأندية    مانشستر سيتي يكتسح «السيدة العجوز» ويتأهل بالعلامة الكاملة    بمشاركة ربيعة.. العين يهزم الوداد في قمة عربية بكأس العالم للأندية    مصرع سيدة وإصابة آخر في تصادم سيارة ملاكي مع نصف نقل بالجيزة    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    السياحة: عودة جميع الحجاج المصريين بسلام إلى مصر بعد انتهاء الموسم بنجاح    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مكتب نتنياهو: مستعدون للدخول فى مفاوضات بشأن حرب غزة.. اعتراض صاروخ باليستى أطلقه الحوثيون تجاه إسرائيل.. وترامب: وقعنا اتفاقا مع الصين    عراقجي: لم نتخذ قرارا ببدء مفاوضات مع الولايات المتحدة    الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة ستمنح 30 مليون دولار لمؤسسة غزة الإنسانية    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 27 يونيو 2025    متحدث البترول: إمداد الغاز لكل القطاعات الصناعية والمنزلية بانتظام    تنويه مهم من محافظة الجيزة بشأن تنسيق القبول بالثانوية العامة ومدارس التعليم الفني    السيدة انتصار السيسى تهنئ الشعب المصرى والأمة الإسلامية بالعام الهجرى الجديد    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 والقنوات الناقلة    جلسة منتظرة بين الخطيب وريبيرو لحسم ملف صفقات الأهلي (تفاصيل)    البرتغال تفوز علي منتخب مصر لشباب اليد 30 -26 .. والفراعنة يودعون بطولة العالم من ربع النهائي    بعد واقعة نجل ميدو.. تعرف علي المواد التي يحاكم بها الأطفال وفقا للقانون؟    إصابة 12 شخصا إثر سقوط سيارة ميكروباص فى أحد المصارف بدمياط    تحذير بشأن حالة الطقس اليوم فى القاهرة والمحافظات : «ارتفاع مفاجئ»    الإنقاذ النهرى تكثف جهودها لانتشال جثمان طفل غرق بأسيوط    ارتفاع جديد في درجات الحرارة.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الأيام المقبلة    ضبط قضايا إتجار غير مشروع فى النقد الأجنبى بقيمة 4 مليون جنية    وزير السياحة والآثار الفلسطينى: نُعدّ لليوم التالي في غزة رغم استمرار القصف    مصطفى قمر يتألق فى حفل غنائى كامل العدد ومى فاروق والعمروسى بين الجمهور    مفتى الجمهورية: الشعب المصرى متدين فى أقواله وأفعاله وسلوكه    لأصحاب برج العقرب.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من يونيو 2025    سعر الذهب اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 فى محلات الصاغة    رمضان 2026 أقرب مما تتخيل.. هذا هو موعده المتوقع فلكيًا    صحة دمياط تقدم الخدمة الطبية ل1112 مواطنًا فى قافلة طبية بعزبة جابر    مفتى الجمهورية: صناعة المستقبل أحد الدروس المستفادة من الهجرة النبوية    نقل الكهرباء : تشغيل المحول رقم (1) بمحطة زهراء المعادي    ممدوح موسى عن «ابتدينا» ل عمرو دياب: «ده مش اسم غنوة دي مرحلة جديدة بيبدئها الهضبة»    محافظ القليوبية يتابع رصف طريق مساكن الرملة ببنها والانتهاء منه خلال أيام    «سيطرة واضحة».. لماذا تفوقت فرق البرازيل في كأس العالم للأندية؟    محافظ كفر الشيخ: تسهيل إجراءات تقنين الأراضي لتيسير الأمور على المواطنين    «مش عاجبك متخرجش».. محمود حجازي يعلق على انزعاج المشاهير من المعجبين (فيديو)    لفقدان الوزن.. تعرف على فوائد المشروم المذهلة    مدير التأمين الصحي بالقليوبية: برامج تدريبية متخصصة لرفع كفاءة الكوادر الطبية    نقطة دم تساوي حياة.. وكيل صحة البحيرة يدعو المواطنين للمشاركة في حملة التبرع بالدم    محمد رمضان يحيي حفلا بالساحل الشمالي يوليو المقبل    الباركود كشفها.. التحقيق مع طالبة ثانوية عامة بالأقصر بعد تسريبها امتحان الفيزياء    أم تنهي حياة صغيرها بحبل غسيل في العمرانية وتتخلص من حياتها قفزًا في النيل (قصة كاملة)    10 فئات محرومة من إجازة رأس السنة الهجرية (تعرف عليها)    تسليم 16 عقد عمل لذوي الهمم بالقاهرة    محافظ الجيزة يتفقد مستشفى الحوامدية العام للوقوف على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    هل يُستَحبُّ شرعًا الصوم في شهر الله المحرم.. الإفتاء توضح    السبت المقبل .. المنيا تحتفل باليوم العالمي للتبرع بالدم 2025    جولة مفاجئة إلى جمعية منشأة القصاصين للإصلاح الزراعي بالإسماعيلية    نساء الهجرة.. بطولات في الظل دعمت مشروعًا غيّر وجه التاريخ    محافظ أسوان يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد النصر    انتصار السيسي تهنئ المصريين والأمة الإسلامية بمناسبة رأس السنة الهجرية    دنيا عبدالعزيز تنعى عماد محرم: "حبيبنا وصديقنا الجدع"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركيا والعالم العربي من إرث المغالابة إلي آفاق المشاركة
نشر في المصريون يوم 21 - 07 - 2010

سادت العلاقات التركية العربية حالة من التأزم في أعقاب الحكومات الأتاتوركية العلمانية المتعاقبة الكارهة للعرب ولفترة قيادة تركيا للعالم العربي والإسلامي كدولة خلافة
إلا أن الحضور التركي المتنامي في الفضاء العربي والمساعي لترميم التصدعات التي نتجت عن الجفاء بين العالم العربي وتركيا في حقبة سقوط الخلافة العثمانية عام 1924 والذي بدأت معالمه تظهر في حرب غزه الأخيرة مرورا بالاحتقان في العلاقات التركية الإسرائلية نهاية بخطاب رجب طيب أردوغان بعد أحداث الاعتداء علي أسطول الحرية المتجه إلي قطاع غزه الذي وصف الاعتداء الإسرائلي بأنه عمل دنئ ومعلنا أن العلاقات مع إسرائيل لن تعود إلي سابق عهدها أبدا.
يطرح كثير من المستجدات في واقع العلاقات التركية العربية ويشير إلي مخاض جديد في العلاقات الاستراتيجية مع العالم العربي الإسلامي يغاير علاقة الاحتضان في كنف دولة الخلافة وعلاقة الانفصام في أعقاب الحكوات العلمانية الأتاتوركية
يمكن النظر إلي العودة تركيا إلي العالم العربي والإسلامي علي أنها محاولة لاستعادة الوعي الحضاري لمكانتها التاريخية يعيد لها الثقة بالنفس ويحفظ لها هويتها من أن تكون خيال ظل للنموذج الغربي في أعقاب اللحاق بركب الحداثة الغربية
وعودة الوعي الحضاري والحفاظ علي الهوية كان هو مسار النهضة لمجتمعات مثل المجتمع الياباني في القرن التاسع عشرالذي أرسل البعثات التعلمية إلي أوربا إلا أنه أعلن أن من أهم مبادئ النهضة هو الحفاظ علي الهوية اليابناية والمجتمع الألماني الذي استفاد من الموروث البروتستناني في عصر الإصلاح الديني حتي أصبح هناك حديث عن علمانية ألمانية أطلق عليها العلمانية المؤمنة .
وقد شهد تاريخ التأزم محاولات للقطيعة من الجانبين التركي والعربي فعلي الجانب التركي أعلن الكماليون الأتراك الإنسلاخ من الموروث الإسلامي والعربي بغية اللحاق بالحداثة الغربية الغربية باعتبار أن هذا الموروث الديني يمثل إعاقة معرفية للتحديث والنهضة وكان حزب الاتحاد والترقي في تركيا أن ذاك قد قاد محالة تتريك المجتمع التركي من أجل قومية تركية خالصة .
واكب هذا محاولات عربية سارت في نفس مسار الانفصال فنشأ تيار عربي تأثر بفكرة القومية الغربية سعي إلي التحرر من السيادة التركية علي المجتمعات العربية في ظل نظام الخلافة معتبرا أن الخلافة العثمانية ما هي إلي لون من ألوان الاستعمار يصتبغ بصبغة دينية وهو ما يوجب مناهضته وتجسد هذا التيار في صور متعددة منها الثورية كالثورة العربية للشريف حسين بجانب اسهامات فكرية حاولت اثبات عدم مشروعية قيام الخلافة الإسلامية من الأساس مما يسوغ استقلال مصر عنها مثل مساهمة علي عبد الرازق في كتابه (الإسلام وأصول الحكم ) وأحزاب سياسية علمانية مثل حزب الأمة الذي تبني أفكار المصري الليبرالي أحمد لطفي السيد والذي تحول فيما بعد إلي حزب الأحرار الدستوريين.
وفي مسار مغاير نمي توجه أخر سعي لإصلاح الخلافة بدلا من الإنسلاخ عنها
قاده بعض السياسين والمفكريين أمثال مصطفي كامل وجمال الدين الأفغاني الذي تقدم للسلطان العثماني عبد الحميد الثاني بمشروع لإحياء الخلافة يتيح الخروج من أتون المركزية الذي أصاب جنبات الخلافة بالهون والتراجع العلمي إلي لامركزية تجمع الأقطار العربية والإسلامية وتتيح قدر من الاستقلال لها إلا أن الوقت والظروف التاريخية حالت دون نجاح هذه المحاولات .
ومنطلق هذا أنه علي الرغم من مظاهر الضعف التي ضربت جنبات الخلافة العثمانية إلا أنها تظل الأمل في إحياء المجتمعات العربية وتحررها من الاستعمار وبالطبع كان للمكون الديني المتأثر بفكر أهل السنة والجماعة الأثر البالغ في تدعيم هذه الرؤية من حيث النظر إلي الخلافة علي أنها ضرورة واجبة في حق الأمة بأسرها .
إلا التساؤل الذي يطرح ذاته حول طبيعة الحضور التركي الجديد وأبعاده الاستراتيجية هل هو رغبة في انتاج جديد لنفس الدور التي قامت به تركيا من قبل كدولة للخلافة أم أنه نزعة امبرالية تصاحب كل القوي االسياسية الصاعدة من أجل التمدد والهيمنة وفرض نفوذها حفاظا علي مصالها .
المتتبع للدور التركي يرصد سعي تركيا إلي مشاركة الدول العربية من أجل التعاون البناء لا مغالبتها من أجل الهيمة عليها وهذه ينبع من سياسية العمق الاستراتيجي التي نظر لها وزير الخارجية التركي أحمد داود أغلو والتي تسعي إلي تصفير النزعات الإقليمية (أي عودتها إلي نقطة الصفر) انطلاقا من تشبيه تركيا علاقة أمن تركيا الداخلي بأمن دول الجوار بالعلاقة بين (البيوت الخشبية) المتلاصة والتي إذا نشب في احدها حريق انتقل بالطبع إلي البيوت الأخري
يعمق هذا الدور التركي الأوصار التاريخية والثقافية التي تمجمع بين تركيا والدول العربية والإسلامية
فلم تقنع السياسية التركية تجاه العالم العربي بالعلاقات الدبلوماسية التي تصاعدت في الأونه الأخيرة بل بدأت بخطوات واثقة من أجل تعميق الروابط الثقافية منها إطلاق القناة التركية الناطقة باللغة العربية بتوجيه من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردزغان وهي قناة بحسب ما جاء علي لسان المسئولين عنها لها مضمون ثقافي تهدف إلي التقارب والتعايش الفعال بين تركيا والعالم العربي وتعتبر كنافذة لكل من الجانبين للتعرف علي الأخر من الداخل ولا تحمل طابعا سياسيا يجعلها حبيسة توجهات أيدلوجية معينة هذا بجانب سلسة من المدارس التركية والجمعية والمؤسسات الخيرية يمولها رجال أعمال أتراك بتوجهات من الداعية الإسلامي (فتح الله كولن )
وهو ما يضعنا أمام سياسية زاوجت بين البراجماتية السياسية والعمق والانتماء الحضاري وهي معادلة تسعي تركيا إلي تدشينها من خلال شبكة من المصالح السياسية والاقتصادية بينها وبين الدول العربية يدعمها تواصل ثقافي وحضاري مرتكز علي الانتماء الحضاري المشترك وهي تشبه سياسية الاتحاد الأوروبي في تعميق الشراكة الأوروبية بالاستفادة من الموروث الثقافي والديني المشترك بين دول أوروبا حيث جاء في مشروع الدستور الأوروبي الدستور الأوروبي كلمات مثل الرب التراث المسيحي النادي المسيحي وهو ما جعل البعض يفسر التمنع الأوربي من انضمام تركيا إلي الاتحاد الأوروبي باعتباره نادي مسيحي وتركيا دولة مسلمة .
وهي سياسية غير مألوفة في عاملنا العربي الذي ظل وعيه السياسي يدرو في فلك أيدلوجية صلبة ذات محدودية في الاختيارات وغالبا ما تمتلك إلا الخيار العسكري أو تبعيه لا تعبأ بمورثها الديني والحضاري وتقبل التوظيف لصالح مشروعات سياسية أخري
أخيرا تظل المساعي التركية مرهونه بتقدم عربي في نفس المسار يسعي إلي استغلال هذه المساعي من أجل الخروج من حالة الاستقطاب الغربي الذي هيمن علي الواقع السياسي العربي وهو ما يعني انبعاث جديد له.
باحث في الفكر السياسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.