فى هذا الجو السياسى المفعم بالضباب واللارؤية لمستقبل هذا البلد الذى يتمزق وتنقطع أوصاله ويتفرق أهله إلى فرق وشيع مختلفة، فى هذا الجو السياسى الذى تتأسد فيه جماعة الإخوان وأتباعها على الوطن ، وتسعى بكل السبل والوسائل والحيل غير القانونية وغير الدستورية للسيطرة على مفاصل الدولة وإقصاء كل القوى السياسية والوطنية الأخرى،.. فى ظل هذه الأوضاع غير الطبيعية وغير المنطقية، وسيادة منطق اللامعقول واتباع سياسة الإقصاء والاستحواذ، أضم صوتى إلى الكنائس المصرية التى باتت تقلق وتزداد مخاوفها، وتستشعر أن هناك جواً أو مناخاً يسيطر عليه التوتر الطائفى خاصة عبر صناديق الاقتراع التى لا تكل «الجماعة» وأتباعها عن تأصيل هذا التوتر الطائفى. مؤخراً أعربت الكنائس المصرية عن رغبتها فى تفعيل «كوتة» للإخوة الأقباط فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، ومن حق الكنائس الثلاث فى مصر أن يعتريها القلق والخوف فى ظل إلغاء التعيين فى مجلس النواب الجديد وفقاً للدستور المشوه الذى أجرى عليه استفتاء باطل بكل المقاييس والمعايير.. وقد يرد قائل بأن «الكوتة» تتنافى مع التحول الديمقراطى، وهذا صحيح لكن لماذا لا يكون هناك استثناء فى هذه المرحلة التى سنرى فيها اختفاء التمثيل القبطى من مجلس النواب.. وهل يعقل بأى حال من الأحوال أن يكون هناك مجلس برلمانى لايتواجد فيه الإخوة الأقباط وهم جزء أصيل وأساسى من مكونات هذا الوطن الذى ننتسب إليه جميعاً وندين له بالولاء؟!!.. وكما يرى القس رفعت فتحى، أن من الأهمية ألا تقل نسبة التمثيل داخل البرلمان للإخوة الأقباط عن «10٪»، بما يعادل كما ورد فى تصريحاته المنشورة «بالوفد»، مقعدين بكل محافظة.. الغريب فى الأمر أن قانون الانتخابات الذى تتم مناقشته لم يتضمن فى مواده أى ذكر عن تمثيل الأقباط فى البرلمان، وإذا كانت الدولة تريد فعلاً تمثيلاً للأقباط فإن الفرصة الآن مواتية عن «كوتة» فى القانون الذى لم يصدر بعد، أما أن تترك الأمر هكذا بدون الانتباه لتمثيل الأقباط، على اعتبار أن الانتخابات هى الفيصل، معنى ذلك أن تمثيل الأقباط فى البرلمان سيكون منعدماً فى ظل هذه الأوضاع السياسية الغريبة التى يعلو فيها فقط صوت «الإخوان» وأتباعهم من باقى التيارات الدينية، وبالتالى لن يكون هناك تمثيل للأقباط فى البرلمان فى ظل أية هيمنة دينية على الظروف السياسية الراهنة، ومن هذا المنطلق من حق الكنائس المصرية الثلاث الكاثوليكية والأرثوذكسية، والبروتستانتينية أن تقلق وتعبر عن المخاوف من عدم تمثيلها فى البرلمان القادم.. وتبقى الفرصة إذا تم وضع كوتة فى قانون الانتخابات فهو الوحيد الأمل الباقى مع الكنائس المصرية. من الأمور المهمة أيضاً التى ناقشتها الكنائس فى ظل هذا الوضع المتردى هو الملاحظات حول الدستور الباطل، وحددت الكنائس «35» مادة بالدستور يجب أن يتم تعديلها، لما شابها من عوار، والمعروف أن الكنائس المصرية كان لها دور وطنى رائد عندما انسحبت من أعمال اللجنة التأسيسية التى طبخت الدستور لصالح جماعة الإخوان وأتباعها، وشاركت القوى الوطنية والأحزاب السياسية المعارضة فى موقفها الوطنى بشأن هذا الدستور الباطل وكذلك الاستفتاء الباطل.. والحقيقة أنه لا توجد أهداف كنسية وراء طلب تعديل مواد الدستور، وإنما الهدف هو تحقيق المصلحة الوطنية.. كما أن الكنائس تتوافق مع قوى المعارضة فى ضرورة وجود توافق مجتمعى يحقق الاستقرار للجميع بدون استثناء. والحقيقة أن كل مطالب الكنائس مشروعة وتسعى فقط إلى الاستقرار داخل الوطن، ويجب أن تراعى فى مشروع قانون الانتخابات، وألا يتم تجاهلها والا سنجد البرلمان القادم بدون أقباط وهذا غير طبيعى أو منطقى.