بما أن تأسيسية الدستور باتت في حكم الباطلة للمرة الثانية، فالمرة الأولي لسيطرة تيار جماعة الإخوان عليها، واتباع سياسة الإقصاء لباقي التيارات والقوي السياسية، وللمرة الثانية أيضاً لنفس السبب وزيادة عليه أنها صدرت عن برلمان منحل باطل تشكيله ، فإنه بات الآن من الضرورة بأهمية، أن يتم تشكيل التأسيسية بطريقة أخري كان يجب اتباعها من البداية.. تشكيل «التأسيسية» الثالثة يجب أن يكون هذه المرة صحيحاً لا يقبل الطعن عليه أو إصابته بأي عوار، ولا يتأتي ذلك إذا تمت الطريقة التي تم اتباعها في الماضي.. فالتشكيل المراد اتباعه يجب أن يكون بعيداً تماماً عن البرلمان، والحمد لله أسقط الله هذا البرلمان الذي سيطرت عليه غالبية من «الجماعة» إلي غير رجعة، ومن هنا يجب أن يتم تشكيل تأسيسية الدستور من النخبة التي تضم كل التيارات والقوي السياسية والوطنية بعيداً عن سياسة الاقصاء أو الاستئثار كما كان في التأسيسيتين الأولي والثانية. لا يجوز أبداً أن يتم تشكيل «التأسيسية» الثالثة بنفس الطريقة التي تمت في «التأسيسيتين» الثانية والثالثة، ومن هنا وجب أن يصدر إعلان دستوري مكمل، يلغي اختصاص أو تكليف البرلمان بتشكيل التأسيسية، وتقتصر التأسيسية علي نخبة مختارة من كل تيارات القوي السياسية والوطنية، لتضع دستوراً دائماً للبلاد يتفق مع الثورة العظيمة، يحدد اختصاصات الرئيس الجديد الذي سيعلن عن اسمه يوم «الخميس» القادم، فمن غير المنطقي أن يتولي عرش مصر رئيس بدون صلاحيات أو بصلاحيات مطلقة تجعله ديكتاتوراً في نهاية المطاف. إننى أناشد المجلس العسكري ضرورة اصدار إعلان دستوري مكمل، يقضي أولاً بإلغاء تكليف البرلمان بتشكيل التأسيسية وتصحيح الوضع، فبعد التجربة المريرة في تشكيل التأسيسيتين الباطلتين، يجب أن نصحح الأوضاع، ويتم تكليف نخبة مختارة من أبناء الشعب المصري تمثل كل التيارات الوطنية لوضع الدستور الجديد.. وهذا المطلب بات ضرورة الآن، لأن الرئيس الجديد سيتولى عرش مصر يوم الخميس بعد إعلان النتيجة، ثم ان البرلمان المنحل، سيكون هناك برلمان بديل له، بعد فترة طويلة، بعد الدعوة إلي الانتخابات وإجرائها ومن هنا باتت هناك ضرورة ملحة في تشكيل التأسيسية الثالثة والتي يجب أن تكون صحيحة لا يشوبها أي بطلان أو عوار في أسرع وقت ممكن، لتحديد صلاحيات الرئيس الجديد. مصر ليست عقيمة في رجالاتها الذين لديهم القدرة الفائقة علي وضع دستور جديد، ولا يحتاج الأمر أبداً إلي برلمان يتم تكليفه بتشكيل التأسيسية ووضع الدستور، فهناك رجال وطنيون شرفاء ورجال قانون وفقهاء دستور لديهم المقدرة الفائقة علي وضع الدستور.. ولا أعتقد أن المجلس العسكري الذي يحمي الثورة المصرية، يمكن أن يضن علي المصريين برغبتهم الملحة والضرورية في وضع دستور يمثل كل أطياف المجتمع المصري بلا استثناء، وفي ظل رئيس جديد أوشك علي تولي رئاسة البلاد دون وجود صلاحيات محددة لهذا الرئيس. وهناك غرابة شديدة من الذين يجادلون الآن بشأن موقف «التأسيسية»، فتشكيل هذه اللجنة يعد في خبر كان لأنه صدر عن مجلس باطل، اضافة إلي أن قرار التشكيل لم ينشر في الجريدة الرسمية وبالتالي لم يصبح نافذاً وبذلك يكون الطريق الوحيد الدستوري والقانوني لتشكيل التأسيسية هو صدور مرسوم بقانون من المجلس العسكري، لتشكيل التأسيسية وهذا أمر بات مفروغاً منه تماماً، لكن المهم أن يتم اختيار اعضاء اللجنة من كل النخب الوطنية المشهود لها بالكفاءة والوطنية، للقيام بهذه المهمة الوطنية والقومية.. ولا أعتقد أبداً أن المجلس العسكري ساعتها سيرجح تياراً علي آخر في عملية التشكيل وأعتقد أن الأمر بات وشيكاً لاصدار تشكيل التأسيسية خاصة مع قرب وجود رئيس للبلاد. وكفانا ما حدث من مهازل شديدة عندما سيطر التيار الديني علي تشكيل التأسيسيتين الأولي والثانية، واللتين غارتا إلي غير رجعة.