إزالة 3 حالات تعد على الأراضي الزراعية خلال عيد الأضحى في البحيرة    مستشار وزير الخارجية الأوكراني: روسيا احتلت 450 كيلومترًا خلال مايو 2025.. رقم قياسي    "التعاون الخليجي" يرحب بقرار "العمل الدولية" رفع صفة فلسطين إلى "دولة مراقب غير عضو"    رئيس وزراء باكستان يُهنئ السيسي بعيد الأضحى المبارك    "خياران أمام داري بعد عودة ديانج".. أرقام قصمان لاعبي الأهلي والصفقات الجديدة في كأس العالم للأندية    يتبقى التوقيع.. ريان نوري يجتاز الفحص الطبي مع مانشستر سيتي    أهم أخبار السعودية اليوم السبت 7 يونيو 2025..حجاج بيت الله الحرام يرمون الجمرات الثلاث في أول أيام التشريق    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 في شمال سيناء.. بالاسم ورقم الجلوس    ثقافة الفيوم تحتفل بذكرى ميلادها "هدى شعراوي.. امرأة لا ينساها التاريخ".. صور    لمن يعانى من مرض النقرس.. التزم بهذه النصائح فى العيد    تعرف على أفضل الطرق لفك اللحمة بعد تجميدها فى الثلاجة    رئيس جامعة المنوفية يتفقد معهد الأورام ويهنئ الأطباء والعاملين بعيد الأضحى    لليوم الثاني.. أهالى الأقصر يذبحون الأضاحى لتوزيعها علي الأسر الاكثر احتياجا فى عيد الأضحى    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    «إيبارشية إسنا وأرمنت» تعلن إخماد الحريق المحدود ب كنيسة السيدة العذراء في الأقصر    الأمم المتحدة: 71 ألف طفل بغزة سيعانون قريبا من سوء تغذية يهدد حياتهم    بعد تخطي إعلان زيزو 40 مليون مشاهدة في 24 ساعة.. الشركة المنفذة تكشف سبب استخدام ال«ai»    إعلام إسرائيلي يدعي عثور الجيش على جثة يعتقد أنها ل محمد السنوار    فرنسا تدعو إسرائيل للانسحاب سريعا من كامل الأراضي اللبنانية    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب اليونان    إعلام إسرائيلي: يحتمل وجود جثامين لمحتجزين إسرائيليين بمحيط المستشفى الأوروبي    مجدي البدوي: تضافر الجهود النقابية المصرية والإفريقية للدفاع عن فلسطين| خاص    الخرفان أولًا والعجول آخرًا.. تدرّج في الطلب بسبب تفاوت الأسعار    رونالدو يعلن موقفه من المشاركة في كأس العالم للأندية    مها الصغير: أتعرض عليا التمثيل ورفضت    اتحاد تنس الطاولة يناقش مستقبل اللعبة مع مدربي الأندية    البابا تواضروس الثاني يعيّن الأنبا ريويس أسقفًا عامًا لإيبارشية ملبورن    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    ضبط 156 شيكارة دقيق بلدي مدعم وتحرير 311 مخالفة فى الدقهلية    الداخلية ترسم البسمة على وجوه الأيتام احتفالا بعيد الأضحى| فيديو    الأحوال المدنية: استمرار عمل القوافل الخدمية المتنقلة بالمحافظات| صور    لبنان.. حريق في منطقة البداوي بطرابلس يلتهم 4 حافلات    تعرف على الإجازات الرسمية المتبقية فى مصر حتى نهاية عام 2025    وزارة النقل: الأتوبيس الترددى يعمل طوال أيام العيد فى هذه المواعيد    المالية: صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو المقبل    بشرى تتألق بإطلالة صيفية أنيقة في أحدث جلسة تصوير لها| صور    رسميًا.. غلق المتحف المصري الكبير في هذا الموعد استعدادًا للافتتاح الرسمي    محمد سلماوي: صومعتي تمنحني هدوءا يساعدني على الكتابة    الصناعة: حجز 1800 قطعة أرض في 20 محافظة إلكترونيا متاح حتى منتصف يونيو    "الزراعة": إزالة 20 حالة تعد في المهد بعدد من المحافظات    مرسال: اتحاد العمال يرسخ مكانته الدولية في مؤتمر جنيف| خاص    الأحزاب تستغل إجازات العيد للتواصل مع الشارع ووضع اللمسات الأخيرة على قوائم المرشحين    وكيل صحة أسيوط يتفقد سير العمل بالمستشفيات والمركز الإقليمي لنقل الدم خلال إجازة عيد الأضحى    البحيرة.. عيادة متنقلة أمام النادي الاجتماعي بدمنهور لتقديم خدماتها المجانية خلال العيد    شعبة الدواجن تعلن هبوط أسعار الفراخ البيضاء 25% وتؤكد انخفاض الهالك    "دفعها للإدمان وحملت منه".. تفاصيل بلاغ من سيدة ضد والدها في الوراق    عواد: أنا وصبحي نخدم الزمالك.. وسيناريو ركلات الترجيح كان متفقا عليه    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    السيسي يقود أحدث إنجازات الدولة في تطوير التعليم الجامعي    إصابة 8 أشخاص نتيجة انقلاب «ميكروباص» بطريق أسيوط- الفيوم الغربي    دعاء يوم القر مستجاب للرزق والإنجاب والزواج.. ردده الآن    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحي    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس لجنة الإسكان ب "الوفد" يقدم مشروعاً متكاملاً لتنمية مصر
نشر في الوفد يوم 28 - 06 - 2012

تنشر «الوفد» مشروعاً وفدياً تنموياً لتطوير مصر على عدة أصعدة ومضاعفة الموارد التى تحصلها الدولة سنوياً بما يضمن انعكاس ذلك على دخل الفرد، وذلك باستغلال الإمكانيات المتاحة لمصر، وعلى رأسها منخفض القطارة، فضلاً عن وضع أفكار جديدة أمام المسئولين لتطوير جنوب مصر، وتحسين ظروف المعيشة فى محافظات الصعيد.
المشروع أعده المهندس عصام أبو علم، رئيس لجنة الإسكان بحزب الوفد، وفيما يلى تفاصيل المشروع:
كان عددنا 2.5 مليون نسمة عام 1805 فكان رحم أمنا مصر يكفينا، حتى عام 1900 كنا عشرة ملايين نسمة بعد أن أضفنا للمعمور المصرى مدن القناة، فكان هذا ميلاداً طبيعياً لأبناء يخرجون من رحم أمهم.
وفى عام 1952 أصبح عدد السكان 22 مليوناً، وشعرنا بالضيق فصادرنا الأرض وأعدنا توزيعها، والحقيقة أننا كنا نوزع الانكماش والفقر، ومنذ ذلك التاريخ تشدقنا بالثورة الصناعية وفورات من كل نوع، وأبينا إلا أن نعيش عالة نقطع فى رحم أمنا ونتداعى عليه، فأصبحنا الآن 85 مليون نسمة نعيش فى مساحة 4٪ من مساحة مصر.
والآن قامت ثورتنا أو قامت قيامتنا، فإما أن نعمر أرضنا أو على مصر السلام، فكثير مما يسبب لنا المتاعب مثل المناطق العشوائية ما هى إلا كنز لنا ولأصحابها لتصحيح استعمالات الأراضى كما سيرد بيانه بالدراسة.
وهناك منطقة الساحل الشمالى وهى سهل ساحلى مستوى السطح فى نطاق عرضى من غرب الإسكندرية حتى هضبة السلوم وبعمق من 25 - 40 كم، بها مقومات عمرانية هائلة من عدد الوحدات السكنية المتميزة على الشريط الساحلى المملوكة والتى تلائم المستثمرين وكبار الإداريين والمهندسين، وهذه منشأة بالفعل ويكن استعمالها من اليوم فى منظومة التعمير، والمنطقة بها طريق ساحلى بمواصفات دولية وفيها خط سكة حديد يمكن ازدواجه، كما يمر بها طريق وادى النطرون - العلمين وسط الصحراء.
كل هذه الاستثمارات والأموال الكثيرة جعلت الساحل الشمالى مؤهلاً لإقامة مشروعات صناعية ومدن سكنية، وعلى عمق 20 كم، لتكون هذه السلسلة من المدن محوراً عمرانياً متميزاً لقربه وارتباطه بالدلتا، لجذب الكثافات السكانية العالية بالغربية والمنوفية وكفر الشيخ وحتى الدقهلية فضلاً عن الإسكندرية والقاهرة.
إن هذا المشروع الجاهز أغلبه والمستعد للانطلاق فوراً بأقل التكاليف داخل منظومة تنمية مصر ليس فقط مشروعاً صناعياً سكنياً ولكنه المشروع الاقتصادى المتكامل الذى يتوفر فيه أيضاً مقومات الزراعة بكميات هائلة، حيث يوجد جنوبه منخفض القطارة الذى يعد هبة عظيمة للمصريين لتصحيح أوضاعهم الاقتصادية بتوظيفه كمسطح تخزين لمياه النيل.
إن هذا المنخفض يمكن أن يشكل بحيرة عذبة كبيرة تستزرع حولها كمية هائلة من الأراضي.. فإذا علمنا أن مياه النيل تتسرب غرباً إلى منخفض القطارة وآثارها موجودة فى القاع مؤكدة، كما أن الماء موجود إلى الغرب منه أيضاً بمشروع النهر العظيم فى ليبيا، كما أن الصحراء الغربية بها خمس واحات كبرى هي: سيوة القريبة منه والبحرية والفرافرة والخارجة والداخلة، كلها بها ماء عذب، ومعنى ذلك أنه عند ملء المنخفض بالمياه العذبة سوف تكون نسبة الفاقد فى التربة أقل ما يمكن.
وسيتم ملء المنخفض بالماء بطريقتين وربما ثلاثة.. الأولي: قناة تبدأ من ترعة النصر تمر بوادى النطرون الذى يمكن أن يصبح بحيرة عذبة هو الآخر تستصلح الأراضى حولها بتكلفة قليلة جداً كمرحلة أولى ثم تستمر القناة غرباً لتجد لها طريقاً بين مرتفعات هضبة الرويسات حتى تصل إلى منخفض القطارة فتتشكل بحيرة 8 آلاف كم2 يمكن الزراعة شرقها وجنوبها لملايين الأفدنة وإقامة الكثير من التجمعات السكنية الزراعية تتكامل مع المنطقة المقترحة شمالها السكنية الصناعية مما يجعلهما معاً منطقة حيوية اقتصادية متوازنة تعمل إيجاباً على خفض الكثافات السكانية المهولة فى الدلتا والقاهرة والإسكندرية لقربها منهم جميعاً.
أما الطريقة الثانية لملء المنخفض بالماء فيقترح خط آخر للصرف المغطى يتصل مباشرة بغرب الدلتا لسحب المياه الجوفية إلى المنخفض.. عموماً فإن هذا المشروع العمرانى الميسر أصبح ضرورة ملحة للخروج من الدلتا ومتصل بها عضوياً مما يشجع المواطنين على استكشاف تفاصيل هذه المنطقة والعودة، ولقربه أيضاً من البحر الأبيض المتوسط وجنوب أوروبا حيث يمكن إنشاء موانئ للتصدير شمال المناطق الصناعية والسكنية المقترحة.
وعلى مراحل وفى المستقبل سوف يتصل هذا المشروع بمشروع توشكى عبر الواحات الذى صرفنا عليه مليارات الجنيهات وبدأ بالفعل ليكون لدينا فرع جديد للنيل يكون هبة المصريين، ويكون لمصر عمق استراتيجى نوزع عليه استثماراتنا بدلاً من تكديسها فى الوادى والدلتا.
وبالتداخل وبالدراسات المتعمقة لهذا المشروع سوف نجد حلاً لمشكلة الإطماء خلف جسم السد العالى الذى سوف يملأه فى 200 عام مع المشروع العظيم المقدم من الأستاذ الدكتور إبراهيم مصطفى كامل لنقل الطمى من خلف جسم السد.. ويمكن أن يتكامل مع مشروع ممر التنمية المقدم من الأستاذ الدكتور فاروق الباز.
هذا كله عن الوجه البحرى ومصر الغربية والواحات وسلة غذاء مصر ومستقبل أولادنا وأحفادنا ومياهنا الجوفية والسطحية، أما عن حصتنا من مياه النيل فيمكن زيادتها بالتعاون الاقتصادى والمساعات مع دول حوض النيل طالما أن مشروعاتنا منتجة ومربحة.
أما عن الصعيد ومصر الشرقية فعندما تنظر لهما على الخريطة الإدارية لمصر سوف ترى توقف الزمن من عصر محمد على باشا عندما كان سكان مصر 2.5 مليون نسمة فى أول عهده و3.5 ملايين نسمة فى أواخر عهده «موسوعة مصر الحديثة المجلد الثالث - البيئة الجغرافية ص 47» حدود محافظات الصعيد مرتبطة بالأراضى الزراعية شرقاً وغرباً.
هذا قد يكون مقبولاً وقتها لقلة عدد السكان والاعتماد على الزراعة وتركز الصناعات العسكرية واليدوية فى القاهرة والإسكندرية.
أما وقد تغيرت مفاهيم الصناعة ووصل عددنا الآن 85 مليون نسمة وأصبح لدينا أهم ممر بحرى فى العالم وهو قناة السويس مروراً بالبحر الأحمر فإن توسع هذه المحافظات شرقاً لتكون محافظات ساحلية أمر بديهي.
ولكن ثمة أسئلة تطرح نفسها لتغير هذا الواقع من أجل مصر وأول التساؤلات:
كيف تترك مصر الشرقية لمحافظة واحدة هى محافظة البحر الأحمر بمساحة دولة وبسواحل تمتد لمسافة 1000 كم، وبها ما بها من ثروات تحت إدارة جهاز إدارى عقيم كهذا.. إنها ظاهرة شاذة أعتقد أنها لا تحدث إلا فى مصر.. كيف يمكن لمثل هذا الجهاز الإدارى البسيط والفاشل فى كثير من المحافظات أو حتى جهاز التعمير المحلى أن يعملا أو أى منهما على تعميرها واستغلال هذا الموقع الفريد على طريق التجارة العالمية الذى يكافئ موقع قناة السويس بل أفضل؟
الذى حدث أن هذه المحافظة هى بوابة دخول المخدرات إلى مصر «80٪ من المخدرات تأتى من سواحل البحر الأحمر».
كيف نترك هذه المنطقة دون تنمية صناعية حقيقية وخلافه تتناسب مع موقعها على البحر الأحمر من الشرق واتصالها العضوى مع محافظات الصعيد من الغرب عبر شبكة كثيفة من الأودية وبالتالى صلاحيتها كطرق قمنا بإنشاء بعضها؟
أليس من الواجب أن تمتد محافظات الصعيد شرقاً وتتوسع وتتنافس فى الإنتاج واستغلال موارد الصحراء الشرقية لجذب وتوزيع الكثافات السكانية العالية بها وتوزيع عبء تنمية هذه المنطقة على أكبر عدد ممكن من السكان والنظم الإدارية المستحدثة بدلاً من هجرة السكان بسبب قلة الموارد؟
يجب توسيع محافظات الصعيد شرقاً وغرباً حتى البحر الأحمر وأن تقيم موانئ وشواطئ على الساحل، بالإضافة إلى صناعات فى العمق بالتعاون مع رؤوس الأموال والخبرات العربية والأجنبية.. وإنقاذاً للصعيد كنز رجال مصر وبناتها ومعقل اللغة والهوية المصرية ورواسى شدتها وبأسها.. أهل الصبر والمثابرة وعمق مصر الحصين.. إنهم الأجدر والأقدر على قهر هذه الصحراء وترويضها واستخراج كنوزها.. كفى ظلماً لهم.
والطريق إلى الإجابة عن كل التساؤلات السابقة يبدأ بخطوة مهمة وهى الأخذ بالنظم المحلية الحديثة فهى ما يحفز الأفراد والجماعات على المبادرة والمواطنة، وهى المرحلة التى حرقناها فى نشأة دولتنا الحديثة فى عهد محمد على باشا، وهى الحلقة المفقودة وحجر العثرة فى سبيل تقدمنا للأمام لم تستكمل ودائماً تتحطم عليها طموحاتنا.
وعودة إلى مصر ما بعد الملكية وثورة 1952 كان عدد السكان 22 مليون نسمة يعتمدون على الزراعة، فأقامت جمهورية يوليو دولة مركزية وأخذت فى نظامها المحلى النظام الفرنسي، الذى لا يصلح لمصر للأسباب الآتية:
أولاً: السكان فى مصر محشورون فقط فى مساحة 4٪ من أراضى مصر وهذا عيب شديد غير موجود بفرنسا المنبسط فيها السكان على الأرض.
ثانياً: مصر دولة نامية تتحول من المجتمع الزراعى المركز فى الوادى والدلتا إلى سيناء وإلى صحراواتها الشرقية والغربية الشاسعتين المطلوب تنميتها كمستعمرات بطرق لا مركزية مناسبة لإقامة دولة حديثة.
وهنا يطل السؤال المهم: كيف يطبق قانون بناء موحد على منطقة حضرية مثل الزمالك أو جاردن سيتى مثلاً، كذلك على الريف أو المناطق الصحراوية أو الواحات، هذا ما يعوق التنمية هنا أو هناك أو فى كليهما؟
هذه النظم المحلية الفاشلة هى السبب فى المناطق العشوائية المعروفة والمناطق الرمادية مثل فيصل والهرم وغيره.
والحل بعد أن نقلنا لبلدنا وبعشوائية وعلى غير هدى نظماً لم نفحص ملائمتها لنا جيداً وكنا نعدل فيها وفى قوانينها بتعسف حتى كنا نضع الشيء ونقيضه فى نفس الوقت، فيكون أصل القانون الموضوع بفقه معين قائم ثم نضيف عليه فروعاً بفقه مغاير تماماً.
فلا يستقيم الأصل ولا الفرع ولا الروح ولا النص، حتى وصلت قوانين النظم المحلية فى 50 سنة «إلى عشرين قانوناً بمعدل قانون كل عامين ونصف العام».. حتى الوزارة التى تجمع الوحدات المحلية.
العلاقة بين الوزير والمحافظين ملتبسة مع علاقتهم برئيس الوزراء الذى كما هو رئيس الحكومة المركزية هو رئيس مجلس المحافظين المحليين وفى نفس الوقت الذى يعين المحافظين هو رئيس الجمهورية؟.. فكيف تستقيم الأمور بهذا الشكل؟!.. لا ندري.
المهم والمطلوب
أولاً: ورد بالمادة 161 بدستور 1971 العبارة «ويجوز إنشاء وحدات إدارية أخري» مثل المجلس الأعلى لمدينة الأقصر.
يضاف إليها أن تنشأ بقانون يحدد لها الاختصاصات على سبيل الحصر ولمدة زمنية محددة يتم فى نهايتها دعوة الناخبين لاختيار هيئة ممثلة لهم تعد مشروع قانون يحدد الاختصاصات التى سوف تكون الوحدة الإدارية والمجلس المنتخب هما أصحاب الحق الأصيل فى مباشرتها، ثم يعرض على البرلمان.
ثانياً: يتم تصميم أربعة أنظمة محلية كما هى معروفة لدى خبراء الإدارة العامة والنظم المحلية وهي: المجلس/ العمدة القوي، والمجلس/ العمدة الضعيف، والمجلس المدير، اللجنة.
النظام الأول يشبه النظام الرئاسى والثانى يشبه النظام البرلماني، والثالث يشبه شركة الأعمال حيث يكون المدير محترف ويمكن عزله عندما لا يحقق الأهداف المكلف بها، أما النظام الرابع يقوم على توزيع الاختصاصات على أعضاء المجلس المحلى أنفسهم ويباشرونها بأنفسهم ولهم رئيس منهم.. ويمكن فى مصر استبدال لفظ العمدة بالمحافظ أو خلافه.
هذه الأنماط الأربعة يمكن التوعية بها عن طريق أربع حلقات تليفزيونية درامية وبكافة وسائل النشر والإنترنت، ثم تطرح للاستفتاء عليها فى جميع المحافظات والمدن والقرى مع انتخابات المجالس المحلية القادمة.
ثالثاً: الأخذ بعين الاعتبار المواد من 136 إلى 149 الواردة بمشروع دستور 1954 لأنها مواد جيدة الصياغة يمكن مناقشتها وإدخال المناسب عليها لتحقيق خطة التنمية الشاملة طبقاً لمستحدثات ومستجدات العصر.
وبعد نتائج الاستفتاء المحلى يكون هناك تنوع بين وحدة محلية وأخرى وسوف يلغى إشراف بعضهم على بعض وسوف تتفرغ الحكومة المركزية للتوجيه والتدخل المقنن، كما يجرى فى المجتمعات ذات النظم المحلية المتطورة الحية.
وهذه فرصة حقيقية لإعادة توظيف جيش العاملين الهائل بالدولة الذى يمكن قسمته بين الموظفين المركزيين والمحليين، لأنه جيش متعطل يكفى لإدارة دولتين فى وقت واحد.
المال
وإذا كنا قد تحدثنا عن ضلعين مهمين فى هذه الدراسة وهما المشروعات والنظم المحلية.. فالضلع الثالث والأهم هو المال.. وأول ما نعنيه بالمال الثروات الطبيعية المستخدمة فى المشروعات هى خام الحديد وخام الأسمنت والرخام والجرانيت والزلط والرمل وخامات السيراميك، وغيره الكثير، من الخيرات الموجودة لدينا، التى تتبخر عوائدها فى الصناديق والحسابات الخاصة.. هذه الثروات التى كانت محمية فى دستور 1923 فلا يجوز التصرف فيها إلا بقوانين وتدخل جميعها فى الموازنة العامة والحساب الختامي، كما حماها مشروع دستور 1954 بالمواد من 156 إلى 159 وكذلك المادة 174 وكذلك المواد من 176 إلى 178.
وكما تعلمون فإن مشروع دستور 1954 لم يطبق واستبدل بإعلان دستورى استفتى عليه بطريقة ال 99.99٪ هذه أموال المصريين مغتصبة بغير حساب.
هذا أول شيء فى التمويل، حماية الثروات الموجودة وضبط أسعارها، لأن أى ارتفاع فى أسعار مواد البناء يؤثر سلباً على قدرتنا على التعمير، فكما تعلمون وصل سعر طن حديد التسليح إلى 10 آلاف و500 جنيه دون مبرر، فى حين أن المستورد منه كان أرخص بكثير ولكن منع الاستيراد.. كذلك الأسمنت يباع بثلاثة أضعاف سعر تكلفته ودون مبرر أيضاً.
إن تكلفة المواد الخام فى بعض المشروعات قد تزيد على النصف أو تنقص، أليست هذه الموارد الطبيعية تمويل موجود بالفعل.
يجب ضبط هذا الجانب من التمويل وهى المواد الخام عن طريق المواد التى أشرت إليها بمشروع دستور 1954 أى منذ أكثر من نصف قرن مع تحديثها.
ثم نأتى للشق الثانى من التمويل وهو الوفورات أو المدخرات أو رؤوس الأموال.. أقول إن المال مثل الطائر ينزل حيث الماء أو الغذاء أو الأمان، والأموال عابرة للجنسية وعابرة للقومية، إذا كان لديك مشروعات جيدة ونظم «مركزية ومحلية» سليمة وأمن مخلص جاءتك الأموال سعياً.
دائماً أضرب المثل بمشروع قناة السويس لكى أنبه أن المشروعات الكبرى لا يتم التفكير فيها بسذاجة من يريد شيئاً، ثلاجة أو سيارة أو حتى بناء فيلا، حيث يبنيها من ماله الخاص عندما يتوفر معه المال قبل البدء فى المشروع.. لو انتظرت مصر تدبير أموال إنشاء قناة السويس بمفردها لتعطيها لمقاول أجنبى يقوم بتنفيذها لحسابنا ما كانت أنشأتها حتى الآن.. ولو كانت دبرت الأموال وأنشأتها ما كان سيبعد عنا الاحتلال وأخذها منا بالتحايل على أخذ أسهم مصر فى شركة قناة السويس، لما وقعت الواقعة كانت أخف ضرراً إذ لم ندفع فى إنشائها ذهباً ولا فضة ولكن شاركنا بالأرض وبالرجال.
المحصلة، أخذت منا بعض الوقت ثم تم استردادها كاملة بالتأميم وأصبحت من أهم روافد الدخل القومى والعملات الأجنبية.
على أى حال لن نقوم بحفر قناة السويس مرة أخرى مع أن ذلك أصبح فنياً الآن أهون بكثير، كما أننا لن نكرر أخطاءنا فى مشروع قناة السويس.
وللمضى فى مشروعات التعمير المقترحة بلا تردد أقول: إنك عندما تنظر لخريطة الرى فى مصر تدهش وتخجل فى عصرنا الحالى المتوفر فيه المعدات الميكانيكية والمتفجرات من كمية مشروعات الرى الكبرى التى نفذت فى عهد محمد على باشا، عندما كان تعداد السكان ثلاثة ملايين نسمة، الكثير منهم فى الجيوش خارج مصر وتعجب كيف ودون تكنولوجيا أنجزت الرياحات الكبرى المنوفى والبحيرى والعباسى وغيرها، وتتفرع من هذه الرياحات أعداد هائلة من الترع، كذلك ترعة الإبراهيمية فى الصعيد وغيرها، وأيضاً القناطر الخيرية.
ناهيك عن الصناعة والبريد والمطابع الأميرية والترسانة البحرية صانعة الأسطول المصرى العملاق.. كل ذلك وقد تسلم مصر من المماليك بعد الحملة الفرنسية وخزينتها خاوية على عروشها تحت الصفر.
هذا ما حاولنا البحث عنه، إذا توافرت الإرادة، قمنا بتنفيذ مشروعنا الشامل لتعمير مصر الذى تأخر كثيراً.
سياسات الإسكان
ويبقى لنا أن نتكلم عن بعض سياسات الإسكان التى هى جزء من سياسة العمران التى تحمل معها الصناعة والزراعة.
إن الإسكان الأعمى الذى نقيمه فى الريف والضواحى متكدساً فوق الأرض الزراعية بعيداً عن فرص العمل وعن المصانع وعلى خريطة فاشلة لمصر ما هو إلا إيواء غير منصف للفقر والبطالة وعمل أعمي لإهدار الطاقة والثروات.
الحل لن يبدأ إلا من محطة الفرص البديلة على محاور التنمية التى اقترحناها التى إذا تم تهيئتها سوف تنطلق مبادرات الأفراد على خريطة ونظم سليمة معدة لذلك كما شرحنا بالدراسة لإقامة دولة حديثة حقيقية.
والآن نشرح بالتفصيل بعض الخطوط العريضة لحظة الإسكان والتعمير بالإضافة لما سبق:
أولاً: يجب أن ينص فى الدستور صراحة أن المسكن حق للمواطن تؤديه له الدولة عند بلوغه سن 50 سنة بقطعة أرض معدة للبناء بسعر تكلفة المرافق له حرية التصرف فيها، أو بسكن بإيجاز 15٪ من دخله للمدى الباقى له ولزوجته من الحياة، ويمتد لأفراد أسرته حتى سن 30 سنة، وللإناث حتى الزواج ما لم يكن قد حصل على أى من قطعة أرض أو مسكن من الدولة سابقاً، كما يلزم للحصول على حقه الدستورى فى المسكن إنهاء علاقاته الإيجارية للمساكن القائمة على القوانين السابقة على القانون رقم 4 لسنة 1996.
وتسرى جميع هذه الشروط على أيتام الأب والأم وكذلك على الأرامل ذكوراً وإناثاً الذين يعولون منهم بعد 5 سنوات من صدور الدستور مع إعفاء هذه الفئات فقط من شروط بلوغ سن 50 سنة وتعد مخالفة هذه الشروط جريمة يعاقب عليها القانون.
كما يحرم من الحق الدستورى فى المسكن كل من قام بالبناء على أرض زراعية دون ترخيص.
ثانياً: ينظم القانون زيادة الضرائب العقارية على الوحدات السكنية المخلاه بموجب حصول المستأجرين على الحق الدستورى فى المسكن وتوضع عوائدها فى موارد الجهة المسئولة عن إسكانهم وكذلك رسوم رخص الهدم أو البناء.
ثالثاً: يعاد تحديد جميع كردونات المدن والقرى ويسمح بزيادة الكردون بمساحة من 10 - 20٪ من مساحة المدينة أو القرية من جهة واحدة فقط، ولا يسمح بالبناء عليها إلا وفقاً لتخطيط عمرانى معتمد يشمل معه إعادة تخطيط المدينة أو القرية الأصلية.
ولا يسمح بالبناء عليها إلا للمضارين من إعادة التخطيط، ويلزم أخذ موافقات مكتوبة وعقود وعد بالبيع من جميع ملاك الأراضى التى ستتم إضافتها للكردون على سعر تحدده الدولة للوحدة المسطحة من الأرض مع زيادة سنوية مضافة سنوياً قدرها 5٪ يلتزمون بها فى حالة البيع للدولة أو للأفراد السابق ذكرهم.
كما يسمح لملاك أراضى الامتدادات العمرانية هذه بترخيص البناء لأنفسهم فقط بنسبة لا تتجاوز 10٪ من مساحة أملاكهم.
رابعاً: يجرم البناء بدون ترخيص على الأرض الزراعية بعقوبة نزع الملكية للمنفعة العامة مع التعويض بقطعة أرض مساوية لنفس مسطح المبانى بالمدن الجديدة.
خامساً: اعتبار المناطق العشوائية شركات مساهمة للملاك بنسبة المسطحات المبنى عليها العقارات، أما بالنسبة للمبانى تقسم الوحدات بنسبة النصف للمالك والنصف للمستأجر فى حالة العلاقات الإيجارية القائمة على القوانين السابقة على القانون رقم 4 لسنة 1996 مع مراعاة معاملات تميز للأنشطة الصناعية والتجارية، وكذا معاملات تميز بالنسبة للشوارع الرئيسية ولباقى الشوارع، كما يعتبر المستأجرون طبقاً للقانون 4 لسنة 1996 حملة أسهم بنسبة 2٪ عن كل سنة متبقية من علاقاتهم الإيجارية.
ثم تطرح المنطقة العشوائية على الشركات لتحديد قيمة للسهم، ثم يخير حملة الأسهم بين إعادة التخطيط الاستثمارى أو التطوير الحكومي.
كما تتكفل الشركة المنفذة بتدبير سكن بديل للسكان أثناء التنفيذ وحتى عودتهم للمساكن الجديدة، وكذلك تعويض أصحاب الأنشطة الصناعية والتجارية بمبالغ شهرية تقوم بتحديدها الدولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.