■ بقلم: د. محمد العربي يعدّ الأزهر الشريف منارةً للعلم والمعرفة، وحصنًا حصينًا ضد الفكر المتطرف والإرهابى. وفى عالم يتسم بالتحولات الجذرية والتحديات المتنوعة، يأتى دور المؤسسة الدينية الكبرى، وهى الأزهر الشريف، لتشكيل وعى المجتمع وتوجيهه نحو تعزيز قيم التسامح والسلام، وتحصينه ضد دخائل الأفكار الشاذة والمنحرفة. ويتمثل دور الأزهر فى مواجهة هذه الأفكار المتطرفة والفتاوى الشاذة فى عدة محاور رئيسة، وهى: الدعوة إلى الاعتدال والوسطية، ونشر تعاليم الدين الإسلامى الوسطى الصحيح بما يتوافق ومقتضيات العصر، وكذلك تصحيح المفاهيم المغلوطة والأفكار المنحرفة والفتاوى الشاذة التى يروّج لها المتطرفون، إضافةً إلى تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان بما يؤكد على تنمية الوعى بأهمية التعايش السلمى والتفاهم المتبادل بين كافة شرائح المجتمع. وكان النص القرآنى الخالد هو الحاكم لهذه المحاور، بل وانطلقت منه أيضًا، وهو قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى * وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا * إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ * إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾. وهذا الدور الفعّال للأزهر الشريف فى الحوار العالمى حول قضايا السلام والتعايش الدينى والثقافى يعمل على تعزيز التفاهم والحوار بين كافة الأطياف والمذاهب والديانات، مما يجعله قوة مؤثرة فى مواجهة التطرف والإرهاب والفتاوى المنحرفة والدخيلة والشاذة، بصفته الحارس الأصيل لحِمى الفكر الإسلامى المعتدل، وتفنيد الأفكار المتطرفة وتقديم البدائل الصحيحة. ويؤكد ذلك أن دور الأزهر الشريف لا يقف عند الجانب الدينى فقط، بل يشمل الأبعاد التعليمية والثقافية والاجتماعية، ويصوغها جميعًا فى قالب متماسك، محيطًا إياها بسياج متين من نصوص الشريعة ومقاصدها الراقية، التى تمكّن المجتمع فى نهاية المطاف من مواجهة كل ما من شأنه تهديد الوعى وزعزعة الاستقرار الاجتماعى والثقافى لبنية المجتمع ووحدته.